‬الخطاب‭ ‬الدرامي

الاثنين 2016/08/01

خصصت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الجديد”‭ ‬عددها‭ ‬‭(‬السابع‭ ‬عشر‭)‬‭ ‬بكامل‭ ‬صفحاته‭ ‬للنصوص‭ ‬المسرحية،‭ ‬فكان‭ ‬هو‭ ‬العدد‭ ‬الثاني‭ ‬الخاص‭ ‬الذي‭ ‬تكرسه‭ ‬إدارة‭ ‬تحريرها‭ ‬لجنس‭ ‬أدبي‭ ‬محدد،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬تخصيص‭ ‬العدد‭ ‬الخاص‭ ‬الأول‭ ‬‭(‬عددها‭ ‬الخامس‭)‬‭ ‬للقصة‭ ‬العربية‭ ‬القصيرة،‭ ‬وأستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقرر‭ ‬بكل‭ ‬الصدق‭ ‬والموضوعية‭ ‬‭-‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬تحيزي‭ ‬لعالم‭ ‬المسرح‭ ‬عشقي‭ ‬الأول‭-‬‭ ‬بأن‭ ‬عدد‭ ‬المسرح‭ ‬الأهم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬للدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬به‭ ‬المسرح‭ ‬‭-‬إذا‭ ‬أحسن‭ ‬توظيفه‭-‬‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬الثقافي‭ ‬والفني‭ ‬والارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬التذوق‭ ‬العام‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬التنمية‭.‬

جاء في‭ ‬افتتاحية‭ ‬العدد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهداف‭ ‬تخصيص‭ ‬العدد‭ ‬للنصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬تقصّي‭ ‬حال‭ ‬الكتابة‭ ‬المسرحية‭ ‬العربية‭ ‬حاليا،‭ ‬وبيان‭ ‬مدى‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬بعد‭ ‬قرن‭ ‬ونصف‭ ‬القرن‭ ‬من‭ ‬التأليف‭ ‬المسرحي‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لكلّ‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬وأهل‭ ‬المسرح‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خاص‭ ‬للاطّلاع‭ ‬على‭ ‬الإبداعات‭ ‬المسرحية‭ ‬الحديثة‭ ‬لنخبة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والمسرحيين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬عددا‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬وبرؤية‭ ‬نقدية‭ ‬محايدة‭ ‬قد‭ ‬نجح‭ ‬وبشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬المنشودة،‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬نرصد‭ ‬ونسجل‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تضمن‭ ‬نشر‭ ‬سبعة‭ ‬عشر‭ ‬نصا‭ ‬مسرحيا‭ ‬جديدا‭ ‬تنشر‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬لنخبة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬يمثلون‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬شقيقة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬قد‭ ‬تنوعت‭ ‬بانتمائها‭ ‬إلى‭ ‬أنماط‭ ‬وقوالب‭ ‬مختلفة،‭ ‬وإن‭ ‬غلبت‭ ‬عليها‭ ‬سمة‭ ‬‮«‬المسرحيات‭ ‬القصيرة”،‭ ‬حيث‭ ‬تضمنت‭ ‬نصوصا‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬الدرامي‭ ‬الحديث‭ ‬‭(‬مسرح‭ ‬اللامعقول‭ ‬ومسرح‭ ‬مابعد‭ ‬الحداثة‭)‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مسرحيات‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬‭(‬الممثل‭ ‬الواحد‭)‬‭ ‬والديودراما‭ ‬‭(‬المسرحيات‭ ‬الثنائية‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬تضمنها‭ ‬لبعض‭ ‬المسرحيات‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬إدراجها‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬الواقعية‭ ‬الاجتماعية”‭.‬

وحسنا‭ ‬فعلت‭ ‬إدارة‭ ‬تحرير‭ ‬المجلة‭ ‬حينما‭ ‬قررت‭ ‬تخصيص‭ ‬ملف‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬اللاحق‭ ‬يتضمن‭ ‬الرؤى‭ ‬النقدية‭ ‬لنخبة‭ ‬من‭ ‬النقاد،‭ ‬وذلك‭ ‬استكمالا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المنشودة‭ ‬ومنها‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬المتميزة،‭ ‬وتعظيم‭ ‬الفائدة‭ ‬المرجوة‭ ‬منها‭ ‬بلفت‭ ‬أنظار‭ ‬المتخصصين‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬والمخرجين‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منها،‭ ‬وكيفية‭ ‬تعظيم‭ ‬الإيجابيات‭ ‬وتلافي‭ ‬السلبيات‭ ‬عند‭ ‬المبادرة‭ ‬بتقديم‭ ‬بعضها‭ ‬على‭ ‬خشبات‭ ‬المسارح‭.‬

ويطيب‭ ‬لي‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬التناول‭ ‬النقدي‭ ‬لبعض‭ ‬النصوص‭ ‬تحديد‭ ‬تعريف‮ ‬‭ ‬‮«‬المسرحيات‭ ‬القصيرة”،‭ ‬وذلك‭ ‬لبيان‭ ‬مدى‭ ‬التزام‭ ‬كل‭ ‬مؤلف‭ ‬بهذا‭ ‬التعريف‭ ‬عند‭ ‬مشاركته‭ ‬بتقديم‭ ‬إبداعه‭ ‬المسرحي‭.‬

بداية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقرر‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬تغير‭ ‬وتطور‭ ‬الأشكال‭ ‬التعبيرية‭ ‬ضمن‭ ‬الفن‭ ‬الواحد‭ ‬أو‭ ‬الجنس‭ ‬الأدبي‭ ‬الواحد‭ ‬ظاهرة‭ ‬مستمرة‭ ‬عبر‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الآداب‭ ‬والفنون،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬الواحد”‭ ‬‭-‬وهي‭ ‬شكل‭ ‬أو‭ ‬قالب‭ ‬متطور‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬‮«‬المسرحية‭ ‬القصيرة”‭-‬‭ ‬قد‭ ‬مرت‭ ‬بمراحل‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الازدهار‭ ‬والانحسار،‭ ‬وذلك‭ ‬طبقا‭ ‬لاختلاف‭ ‬الظروف‭ ‬الأدبية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسة،‭ ‬ولكنها‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬ظلت‭ ‬عبر‭ ‬الزمان‭ ‬متواجدة‭ ‬سواء‭ ‬بالنشر‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقديمها‭ ‬على‭ ‬خشبات‭ ‬المسارح‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرق‭ ‬الهواة‭.‬

ويوضح‭ ‬الأديب‭ ‬العالمي‭ ‬رولان‭ ‬لويس‭ ‬أهم‭ ‬سمات‭ ‬تلك‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬إن‭ ‬المسرحية‭ ‬ذات‭ ‬الفصل‭ ‬الواحد‭ ‬تقدم‭ ‬قصة‭ ‬مهمة‭ ‬بإيجاز‭ ‬مع‭ ‬عرض‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬لجوانبها،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تحليل‭ ‬حدث‭ ‬درامي‭ ‬بصورة‭ ‬بارعة‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬جذوره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياق‭ ‬محكم‭ ‬الصنع،‭ ‬ولذا‭ ‬فهي‭ ‬تعتمد‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬مهمة‭ ‬أو‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬مفاجئة‭ ‬وقصيرة،‭ ‬ونستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬نستشف‭ ‬ونتعرف‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬التفاصيل‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تولد‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬كاتب‭ ‬مسرحي‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬صنعته”،‭ ‬ويتضح‭ ‬مما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬الواحد”‭ ‬‭-‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬أو‭ ‬القصيدة‭ ‬القصيرة‭-‬‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تكتب‭ ‬جيدا‭ ‬أو‭ ‬ألاّ‭ ‬تكتب‭ ‬إطلاقا‭.‬

وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬المسرحيين‭ ‬قد‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬وحدة‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة‭ ‬‭-‬وما‭ ‬تتطلبه‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الشخصيات‭ ‬والرسم‭ ‬الدقيق‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬الالتزام‭ ‬بوحدتي‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭-‬‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬كل‭ ‬من‭: ‬أنطوان‭ ‬تشيكوف،‭ ‬ج‭. ‬ب‭. ‬بريستلي،‭ ‬ج‭. ‬ل‭. ‬جالواي،‭ ‬نيل‭ ‬جرانت،‭ ‬جون‭ ‬كورني،‭ ‬أوجست‭ ‬سترندبرج،‭ ‬تنسي‭ ‬ويليامز،‭ ‬صمويل‭ ‬بيكت،‭ ‬يوجين‭ ‬يونسكو،‭ ‬وكذلك‭ ‬جون‭ ‬ميلنجتون‭ ‬سينج‭ ‬والذي‭ ‬أبدع‭ ‬في‭ ‬رائعته‭ ‬‮«‬الراكبون‭ ‬إلى‭ ‬البحر”،‭ ‬والتي‭ ‬يعدها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬أفضل‭ ‬مسرحية‭ ‬قصيرة،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬لأنها‭ ‬من‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة‭ ‬النادرة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بالتراجيديا‭ ‬الكاملة‭ ‬بكل‭ ‬معاني‭ ‬الكلمة‭.‬

ويتّضح‭ ‬ممّا‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬تقييم‭ ‬المسرحية‭ ‬ذات‭ ‬الفصل‭ ‬الواحد‭ ‬وتحديد‭ ‬قيمتها‭ ‬الفنية‭ ‬يعتمد‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬مهارة‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الموضوع‭ ‬‭(‬الموقف‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬تحديد‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬أو‭ ‬الانطلاق،‭ ‬وكذلك‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬العناصر‭ ‬الدرامية‭ ‬ووضعها‭ ‬في‭ ‬بؤرة‭ ‬حادة‭ ‬بتوظيف‭ ‬لغة‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬للوصول‭ ‬بأسرع‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬الخطاب‭ ‬الدرامي‭ ‬‭(‬الفكرة‭ ‬المركزية‭ ‬للمسرحية‭)‬‭.‬

تصنيف‭ ‬المسرحيات

تنوعت‭ ‬المسرحيات‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬الخاص‭ ‬بالمسرح‭ ‬كثيرا‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬كما‭ ‬تباينت‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬مستوياتها‭ ‬الفنية،‭ ‬كذلك‭ ‬اختلفت‭ ‬جنسيات‭ ‬كتابها‭ ‬وأعمارهم‭ ‬وتجاربهم‭ ‬وبالتالي‭ ‬ثقافاتهم‭ ‬وتوجهاتهم‭ ‬السياسية،‭ ‬وقد‭ ‬انعكست‭ ‬تلك‭ ‬الاختلافات‭ ‬بالطبع‭ ‬على‭ ‬إبداعاتهم‭ ‬المسرحية‭. ‬ويمكنني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رصد‭ ‬وتصنيف‭ ‬سريع‭ ‬لمجموعة‭ ‬النصوص‭ ‬أن‭ ‬نسجل‭ ‬الحقائق‭ ‬التالي‭:‬

أولا‭-‬‭ ‬شارك‭ ‬بتقديم‭ ‬المسرحيات‭ ‬سبعة‭ ‬عشر‭ ‬كاتبا‭ ‬يمثلون‭ ‬ثماني‭ ‬دور‭ ‬عربية‭ ‬شقيقة‭ ‬كما‭ ‬يلي‭: ‬العراق‭ ‬‭(‬خمس‭ ‬كتاب‭)‬‭: ‬عقيل‭ ‬مهدي‭ ‬‭(‬صاحب‭ ‬الأثر‭)‬،‭ ‬عواد‭ ‬علي‭ ‬‭(‬أصوات‭ ‬الغابة‭)‬،‭ ‬صباح‭ ‬الأنباري‭ ‬‭(‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن‭)‬،‭ ‬حازم‭ ‬كمال‭ ‬الدين‭ ‬‭(‬ذئب‭ ‬البوادي‭)‬،‭ ‬ناهض‭ ‬الرمضاني‭ ‬‭(‬فكرة‭)‬،‭ ‬سوريا‭ ‬‭(‬كاتبان‭)‬‭: ‬مصطفى‭ ‬تاج‭ ‬الدين‭ ‬الموسى‭ ‬‭(‬عندما‭ ‬توقف‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬القبو‭)‬،‭ ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل‭ ‬‭(‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‭)‬،‭ ‬الأردن‭ ‬‭(‬كاتب‭ ‬واحد‭)‬‭: ‬مفلح‭ ‬عدوان‭ ‬‭(‬تغريبة‭ ‬ابن‭ ‬سيرين‭)‬،‭ ‬السعودية‭ ‬‭(‬كاتبان‭)‬‭: ‬عباس‭ ‬الحايك‭ ‬‭(‬كونتينر‭)‬،‭ ‬صالح‭ ‬زمانان‭ ‬‭(‬نوستالجيا‭)‬،‭ ‬اليمن‭ ‬‭(‬كاتب‭ ‬واحد‭)‬‭: ‬وجدي‭ ‬الأهدل‭ ‬‭(‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬المطاعم‭)‬،‭ ‬مصر‭ ‬‭(‬كاتبان‭)‬‭: ‬درويش‭ ‬الأسيوطي‭ ‬‭(‬أكاذيب‭ ‬صغيرة‭)‬،‭ ‬مختار‭ ‬سعد‭ ‬شحاتة‭ ‬‭(‬كوكب‭ ‬الذكورة‭)‬،‭ ‬تونس‭ ‬‭(‬كاتبان‭)‬‭: ‬حمادي‭ ‬المزي‮ ‬‭(‬حالة‭ ‬حصار‭)‬،‭ ‬حسن‭ ‬المؤذن‭ ‬‭(‬صمت‭ ‬النوافير‭)‬،‭ ‬المغرب‭ ‬‭(‬كاتبان‭)‬‭: ‬زبير‭ ‬بن‭ ‬بوشتة‮ ‬‭ ‬‭(‬الإضاءة‭ ‬الأولى‭)‬،‭ ‬الحسن‭ ‬بنمونة‭ ‬‭(‬أناشيد‭ ‬الربيع‭ ‬والخريف‭)‬،‭ ‬وللأسف‭ ‬افتقدنا‭ ‬إبداعات‭ ‬كتاب‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭: ‬فلسطين،‭ ‬الجزائر،‭ ‬ليبيا،‭ ‬السودان،‭ ‬لبنان،‭ ‬وباقي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

ثانيا‭-‬‭ ‬كشفت‭ ‬المسرحيات‭ ‬والتعريف‭ ‬بجنسية‭ ‬كتابها‭ ‬مدى‭ ‬قسوة‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬لدول‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬والمبدعون‭ ‬به‭ ‬حاليا،‭ ‬ويكفي‭ ‬لتأكيد‭ ‬مدى‭ ‬قسوة‭ ‬الصورة‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬المبدعين‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬كتاب‭ ‬بالمهجر‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭: ‬عراقيان‭ ‬أحدهما‭ ‬مقيم‭ ‬ببلجيكا‭ ‬‭(‬حازم‭ ‬كمال‭ ‬الدين‭)‬‭ ‬وآخر‭ ‬بالأردن‭ ‬‭(‬عواد‭ ‬علي‭)‬،‭ ‬وسوريان‭ ‬مقيمان‭ ‬بتركيا‭ ‬‭(‬كل‭ ‬من‭: ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل،‭ ‬مصطفى‭ ‬تاج‭ ‬الدين‭ ‬الموسى‮ ‬‭)‬‭!‬،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تضاف‭ ‬معلومات‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬مبدع‭ ‬من‭ ‬المؤلفين‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬وإبداعاته‭ ‬الأخرى‭ ‬تعظيما‭ ‬للفائدة‭.‬

ثالثا‭-‬‭ ‬تميزت‭ ‬مجموعة‭ ‬النصوص‭ ‬المنشورة‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬بتناسبها‭ ‬ومواءمتها‭ ‬مع‭ ‬لغة‭ ‬العصر‭ ‬وسرعة‭ ‬إيقاعه،‭ ‬وكذلك‭ ‬بتأثر‭ ‬أغلبها‭ ‬بثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وبالشعارات‭ ‬والمطالب‭ ‬العادلة‭ ‬التي‭ ‬رفعتها‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة،‭ ‬وقد‭ ‬تضمن‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منها‭ ‬انتقادات‭ ‬لأساليب‭ ‬القمع‭ ‬الفكري‭ ‬بالدول‭ ‬البوليسية‭ ‬والتنديد‭ ‬بالسياسات‭ ‬الاستبدادية‭ ‬وأساليب‭ ‬التجسس‭ ‬على‭ ‬نوايا‭ ‬الناس‭ ‬وحرياتهم،‭ ‬وكذلك‭ ‬تضمنت‭ ‬المطالبة‭ ‬بإغلاق‭ ‬المعتقلات‭ ‬ومنح‭ ‬مساحات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الحرية،‭ ‬وأيضا‭ ‬لم‭ ‬تَخلُ‭ ‬أغلبها‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬نقد‭ ‬فرعي‭ ‬أو‭ ‬جانبي‭ ‬لبعض‭ ‬مشكلات‭ ‬أخرى‭ ‬سواء‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭.‬

رابعا‭-‬‭ ‬تضمنت‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬‭-‬السبعة‭ ‬عشر‭-‬‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬‭-‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭-‬‭ ‬وبالتحديد‭ ‬خمسة‭ ‬نصوص‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬تغريبة‭ ‬ابن‭ ‬سيرين”‭ ‬للكاتب‭ ‬الأردني‭ ‬مفلح‭ ‬عدوان،‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬توقف‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬القبو‮»‬،‭ ‬للكاتب‭ ‬السوري‭ ‬مصطفى‭ ‬تاج‭ ‬الدين‭ ‬الموسى،‭ ‬‮«‬أناشيد‭ ‬الربيع‭ ‬والخريف”‭ ‬للكاتب‭ ‬المغربي‭ ‬الحسن‭ ‬بنمونة،‮ ‬‭ ‬‮«‬فكرة”‭ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬ناهض‭ ‬الرمضاني،‭ ‬‮«‬نوستالجيا”‭ ‬للكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬صالح‭ ‬زمانان”،‭ ‬وذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬نصين‭ ‬آخرين‭ ‬يقتربان‭ ‬في‭ ‬طبيعتها‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬الإضاة‭ ‬الأولى”‭ ‬للكاتب‭ ‬المغربي‭ ‬زبير‭ ‬بن‭ ‬بوشتة‮ ‬‭(‬حيث‭ ‬يعتمد‭ ‬النص‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬مريودة”‭ ‬حارسة‭ ‬القبور‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬أنطيوس‮»‬‭ ‬في‭ ‬اللوحة‭ ‬التالية‭)‬،‭ ‬و”صمت‭ ‬النوافير”‮ ‬للكاتب‭ ‬التونسي‭ ‬حسن‭ ‬المؤذن‭ ‬‭(‬حيث‭ ‬يعتمد‭ ‬النص‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬الشيخ”‭ ‬الذي‭ ‬يلقي‭ ‬القصيدة،‭ ‬وما‭ ‬حوار‭ ‬الجوقة‭ ‬سوى‭ ‬ترديد‭ ‬لبعض‭ ‬المقاطع‭)‬‭.‬

‬أصوات‭ ‬الغابة”‮ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬عواد‭ ‬علي،‭ ‬وهو‭ ‬تكييف‭ ‬مسرحي‭ ‬أو‭ ‬بتعبير‭ ‬أدق‭ ‬إعادة‭ ‬كتابة‭ ‬للنص‭ ‬العالمي‭ ‬‮«‬النصب‭ ‬التذكاري”‭ ‬لكولين‭ ‬واغنر،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬نصوص‭ ‬المجموعة‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬اعتبرته‭ ‬نموذجا‭ ‬مثاليا‭ ‬للمسرحيات‭ ‬القصيرة،‭ ‬خاصّة‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬نص‭ ‬متميّز‭ ‬محكم‭ ‬البناء

خامسا‭-‬‭ ‬تضمنت‭ ‬المجموعة‭ ‬أيضا‭ ‬خمس‭ ‬مسرحيات‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬تحت‭ ‬مسمى المسرحيات‭ ‬الثنائية‮ ‬‮«‬ديودراما”‭ ‬وهي‭: ‬‮«‬كونتينر”‭ ‬للكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬عباس‭ ‬الحايك،‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬حصار”‭ ‬للكاتب‭ ‬التونسي‭ ‬حمادي‭ ‬المزي،‭ ‬‮«‬صاحب‭ ‬الأثر”‭ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬عقيل‭ ‬مهدي،‭ ‬‮«‬أصوات‭ ‬الغابة”‭ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬عواد‭ ‬علي،‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع”‭ ‬للكاتب‭ ‬السوري‭ ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬نصوص‭ ‬هذه‭ ‬المسرحيات‭ ‬الخمسة‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬المجموعة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعضها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬اعتباره‭ ‬نموذج‭ ‬مضيء‭ ‬ومثالي‭ ‬للمسرحيات‭ ‬القصيرة،‭ ‬حيث‭ ‬اتسمت‭ ‬باستجابة‭ ‬القيم‭ ‬التعبيرية‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ ‬للقيم‭ ‬الشعورية‭ ‬في‭ ‬المضمون،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فقد‭ ‬تجلّت‭ ‬وحدة‭ ‬الشكل‭ ‬والمضمون‭ ‬ارتباطا‭ ‬وانسجاما‭.‬

سادسا‭-‬‮ ‬تضمنت‭ ‬مجموعة‭ ‬المسرحيات‭ ‬مسرحيتين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬صفة‭ ‬‮«‬مسرحية‭ ‬قصيرة‭ ‬جدا‭ ‬جدا”،‮ ‬وهما‭ ‬بالمصادفة‭ ‬لكاتبين‭ ‬من‭ ‬تونس‭.‬

-1‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬حصار”‭ ‬للكاتب‭ ‬التونسي‭ ‬حمادي‭ ‬المزي‭ ‬وهي‭ ‬مسرحية‭ ‬جيدة‭ ‬محكمة‭ ‬الصنع،‭ ‬وكتب‭ ‬حوارها‭ ‬بلغة‭ ‬شاعرية‭ ‬بليغة،‭ ‬والحدث‭ ‬الدرامي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬شخصيتين‭ ‬هما‭ ‬‮«‬ناظم”‭ ‬الشاعر‭ ‬الثوري‭ ‬الرومانسي،‭ ‬و”منور”‭ ‬شريكة‭ ‬حياته‭ ‬ونضاله‭ ‬ووالدة‭ ‬أبنائه،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الدرامي‭ ‬يتكرر‭ ‬كثيرا،‭ ‬وهو‭ ‬اعتقال‭ ‬‮«‬ناظم”‭ ‬أو‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬تمثل‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬‭(‬جندي‭ ‬تركي‭ ‬وفرنسي‭ ‬وإنكليزي‭ ‬وإيطالي‭)‬‭ ‬والدلالة‭ ‬واضحة‭ ‬بالطبع‭ ‬وهي‭ ‬عدم‭ ‬استقلالية‭ ‬بلادنا‭ ‬وتربص‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬بنا‭. ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬المؤلف‭ ‬بجدارة‭ ‬في‭ ‬توصيل‭ ‬الحدث‭ ‬الدرامي‭ ‬وبيان‭ ‬الحالة‭ ‬الشعورية‭ ‬لشخصياته‭ ‬الدرامية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حوار‭ ‬تلغرافي‭ ‬بليغ‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬العبارات‭:‬

منور‭: ‬لعلهم‭ ‬سيأتون‭ ‬إلى‭ ‬بيتنا‭ ‬خلال‭ ‬دقائق‭.. ‬وسينقضّون‭ ‬عليك‭ ‬كالكلاب‭ ‬المسعورة،‭ ‬وسيسوقونك‭ ‬إلى‭ ‬السجن‭ ‬برفقة‭ ‬كتبك‭.‬

ناظم‭: ‬أنا‭ ‬داخل‭ ‬جدران‭ ‬السجن‭ ‬وأنت‭ ‬بخارجها‭ ‬أسوأ‭ ‬شيء‭ ‬نفكّر‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬نحمل‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭ ‬السجن‭.. ‬إنّ‭ ‬وضع‭ ‬الآمال‭ ‬في‭ ‬أدراج‭ ‬المستقبل‭ ‬يقينا‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬خيبة‭ ‬الحاضر‭.‬

-2‭ ‬‮«‬صمت‭ ‬النوافير”‭ ‬للكاتب‭ ‬التونسي‭ ‬حسن‭ ‬المؤذن،‭ ‬وقد‭ ‬قدمها‭ ‬المؤلف‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬مقطع‭ ‬من‭ ‬نصّ‭ ‬مسرحيّ،‭ ‬وهو‭ ‬بالفعل‭ ‬مجرد‭ ‬مقطع‭ ‬ولو‭ ‬شئنا‭ ‬الدقة‭ ‬مجرد‭ ‬مقطع‭ ‬من‭ ‬قصيدة‭ ‬متميزة‭ ‬‭-‬تحمل‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬والمعاني‭ ‬النبيلة‭-‬‭ ‬جاءت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬‮«‬الشيخ”،‭ ‬ليتباكى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬العربية‭ ‬المعاصرة،‭ ‬ويشاركه‭ ‬الإلقاء‭ ‬أفراد‭ ‬الجوقة‭ ‬فيرددون‭ ‬بعض‭ ‬كلماته‭ ‬كما‭ ‬يقومون‭ ‬بتحذيره‭ ‬بين‭ ‬فقرة‭ ‬وأخرى‭ ‬بعبارة‭: ‬الطّطر‭ ‬قادمون‭ ‬‭(‬التتار‭ ‬قادمون‭)‬،‭ ‬ليختتموا‭ ‬النص‭ ‬أو‭ ‬نهاية‭ ‬القصيدة‭ ‬بقولهم‭: ‬من‭ ‬أين‭ ‬لي‭ ‬بعشبة‭ ‬مسكرة‭ ‬فلا‭ ‬أرى‭ ‬ما‭ ‬أرى‭.. ‬فهذي‭ ‬المسالك‭ ‬جمر‭ ‬والمدى‭ ‬مقبرة‭.‬

ويتضح‭ ‬مما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬يفتقد‭ ‬للحبكة‭ ‬الدرامية‭ ‬وللأحداث‭ ‬والشخصيات‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬‭-‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭-‬‭ ‬تصنيفه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة،‭ ‬مهما‭ ‬حاولنا‭ ‬إدراجه‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬حرية‭ ‬الإبداع‭ ‬ونصوص‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحداثة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬المخادعة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يحاول‭ ‬البعض‭ ‬توظيفها‭ ‬لفرض‭ ‬أعمالهم‭.‬

سابعا‭-‬‭ ‬مسرحيات‭ ‬خارج‭ ‬الإطار‭: ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬المسرحيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنطبق‭ ‬عليها‭ ‬‭-‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭-‬‭ ‬مواصفات‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة‭ ‬أو‭ ‬السمات‭ ‬العامة‭ ‬لها،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أهمها‭-‬‭ ‬كما‭ ‬أوضحنا‭-‬‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬وقصر‭ ‬زمن‭ ‬تقديمها‭ ‬وقلة‭ ‬عدد‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأساسية‭ ‬بها،‭ ‬وتندرج‭ ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬مسرحيتان‭ ‬هما‭:‬

-1‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬حازم‭ ‬كمال‭ ‬الدين،‭ ‬والتي‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الخرافات‭ ‬والأساطير‭ ‬وأجواء‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة،‭ ‬ويدور‭ ‬الصراع‭ ‬فيها‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬الإنسان‭ ‬وعالم‭ ‬الجان،‭ ‬وعدد‭ ‬الشخصيات‭ ‬الرئيسة‭ ‬سبع‭ ‬شخصيات‭ ‬‭(‬ذئب‭ ‬البوادي،‭ ‬الراعي،‭ ‬الجنية،‭ ‬موسيقي،‭ ‬شيخ‭ ‬الجان،‭ ‬شيهانة،‭ ‬التنين‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الزمان‭ ‬يعتمد‭ ‬على‮ ‬‭ ‬تتابع‭ ‬لا‭ ‬منطقي‭ ‬بين‭ ‬العصور‭ ‬الغابرة‭ ‬والمعاصر‭. ‬والنص‭ ‬طويل‭ ‬ويتكون‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬مشاهد‭ ‬أو‭ ‬أسفار،‭ ‬ويدور‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬مختلف،‭ ‬والشخصيتان‭ ‬المحوريتان‭ ‬هما‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬و”الجنية”‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬موتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬وذلك‭ ‬مع‭ ‬احتفاظها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬بالخاتم‭ ‬الدمشقي‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬يؤخذ‭ ‬عليه‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬غلبة‭ ‬السرد‭ ‬وغياب‭ ‬الأفعال‭ ‬الدرامية،‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬الفرصة‭ ‬لتصاعد‭ ‬الصراع،‭ ‬وذلك‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬غياب‭ ‬الخطاب‭ ‬الدرامي‭ ‬الذي‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬الراهنة‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭.‬

-2‮ ‬‮«‬كوكب الذكورة”‮ ‬للكاتب‭ ‬المصري‭ ‬مختار‭ ‬سعد‭ ‬شحاتة،‭ ‬ويتناول‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬قضية‭ ‬معاصرة‭ ‬مهمة‭ ‬وهي‭ ‬غياب‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬ومعاناة‭ ‬الإنسان‭ ‬المعاصر‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬العلاج‭ ‬المناسب‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬المرض‭ ‬الفيروسي‭ ‬للكبد،‭ ‬وهو‭ ‬يكشف‭ ‬برؤية‭ ‬انتقادية‭ ‬الإهمال‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬وكيفية‭ ‬المتاجرة‭ ‬بآلام‭ ‬المرضى،‭ ‬واكتفاء‭ ‬السادة‭ ‬المسؤولين‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬بمجرد‭ ‬إصدار‭ ‬التصريحات‭ ‬الوردية‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام‭. ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬برغم‭ ‬نجاح‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬وتفاصيلها‭ ‬الدقيقة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قدم‭ ‬نصا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إدراجه‭ ‬تحت‭ ‬مسمى”المسرحيات‭ ‬القصيرة”،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يوفق‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬حبكة‭ ‬درامية‭ ‬محكمة‭ ‬الصنع،‭ ‬فالنص‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬ست‭ ‬لوحات‭ ‬طويلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬اللوحة‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬مشاهد،‭ ‬وقد‭ ‬افتقدت‭ ‬الحوارات‭ ‬للأسف‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬كما‭ ‬افتقدت‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬اللغة‭ ‬الشاعرية‭ ‬المنشودة‭ ‬فجاءت‭ ‬أقرب‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الحياتية‭ ‬الدارجة‭.‬

المسرحيات‭ ‬المتميزة

تتضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬النصوص‭ ‬القصيرة‭ ‬المنشورة‭ ‬بالعدد‭ ‬السابق‭ ‬عددا‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬المسرحيات‭ ‬المتميزة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصعب‭ ‬بل‭ ‬ويستحيل‭ ‬‭-‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المساحة‭ ‬المحددة‭-‬‭ ‬تناول‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬نقديا،‭ ‬حيث‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬تخصيص‭ ‬مقال‭ ‬نقدي‭ ‬لكل‭ ‬مسرحية‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتعظيم‭ ‬الفائدة‭ ‬رأيت‭ ‬تناول‭ ‬ست‭ ‬مسرحيات‭ ‬متميزة‭ ‬منها،‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬تمثيلها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬شكل‭ ‬أو‭ ‬قالب‭ ‬فني،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬طرحها‭ ‬ومعالجتها‭ ‬لقضايا‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المضمون،‭ ‬وذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬مراعاة‭ ‬عدم‭ ‬تكرار‭ ‬المسرحيات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬نشير‭ ‬إليها‭ ‬عند‭ ‬تناول‭ ‬نصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭.‬

-1‮ ‬‮«‬كونتينر”‮ ‬للكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬عباس‭ ‬الحايك‭: ‬تدور‭ ‬الأحداث‭ ‬الدرامية‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬للاجئين‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬والمسرح‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬كونتينر”‭ ‬معدني‭ ‬مخصص‭ ‬للاجئين،‭ ‬والشخصيات‭ ‬الرئيسة‭ ‬الزوج‭ ‬والزوجة‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬نصا‭ ‬ثنائيا‭ ‬‮«‬ديودراما”،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬بها‭ ‬الشخصيات‭ ‬الثانوية‭ ‬‭(‬الشرطي‭ ‬والمحقق‭)‬‭ ‬هي‭ ‬مشاهد‭ ‬استرجاع‭ ‬لأحداث‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬فلاش‭ ‬باك”،‭ ‬وبرغم‭ ‬إعجابي‭ ‬الشديد‭ ‬بهذا‭ ‬النص‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المضمون‭ ‬أو‭ ‬التكنيك‭ ‬وحبكته‭ ‬الدرامية‭ ‬المتميزة‭ ‬‭-‬والذي‭ ‬أعتبره‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬نصوص‭ ‬المجموعة‭-‬‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أفضّل‭ ‬حذف‭ ‬المشاهد‭ ‬الثلاثة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعودة‭ ‬للماضي‭ ‬‭(‬الفلاش‭ ‬باك‭)‬،‭ ‬وأقصد‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬المشهدين‭ ‬الثاني‭ ‬والرابع‭ ‬‭(‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬الزوج‭)‬‭ ‬والمشهد‭ ‬السادس‭ ‬‭(‬بداية‭ ‬انخراطه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬الحدث‭ ‬الآني‭ ‬وانعكاس‭ ‬معاناة‭ ‬الزوجين‭ ‬كفيل‭ ‬بإثارة‭ ‬الخيال‭ ‬واستنتاج‭ ‬الأحداث‭ ‬الدرامية‭ ‬السابقة‭. ‬ويحسب‭ ‬للكاتب‭ ‬براعته‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬وتحديد‭ ‬أبعاد‭ ‬شخصياته‭ ‬الدرامية‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬الزوجة”‭ ‬مدرّسة‭ ‬الموسيقى‭ ‬و”الزوج”‭ ‬الصيدلي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مهارته‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الحوار‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الإيقاع‭ ‬العام‭ ‬لكل‭ ‬مشهد‭.‬

-2‮ ‬‮«‬صاحب‭ ‬الأثر”‮ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬عقيل‭ ‬مهدي،‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬الجيدة‭ ‬والمتميزة‭ ‬جدا‭ ‬بالمجموعة،‭ ‬حيث‭ ‬نجح‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬حبكة‭ ‬درامية‭ ‬مشوّقة‭ ‬ومنضبطة‭ ‬الإيقاع،‭ ‬وذلك‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬وعشرين‭ ‬مشهدا‭ ‬قصيرا‭ ‬جدا،‭ ‬والصراع‭ ‬الرئيسي‭ ‬يدور‭ ‬بين‭ ‬شخصيتين‭ ‬هما‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬المشهور”‭ ‬و”الصحافية”،‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬وتحديد‭ ‬الملامح‭ ‬الشخصية‭ ‬والأبعاد‭ ‬الدرامية‭ ‬لكلّ‭ ‬منهما،‭ ‬وفي‭ ‬رسم‭ ‬وتحديد‭ ‬ملامح‭ ‬الشخصيات‭ ‬الدرامية،‭ ‬كما‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الحوار‭ ‬بصورة‭ ‬تلغرافية‭ ‬سريعة‭ ‬ومعبّرة‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬النص‭ ‬يعتمد‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الناحية‭ ‬السيكولوجية،‭ ‬وتقديم‭ ‬نماذج‭ ‬مريضة‭ ‬بالسادية‭ ‬وأيضا‭ ‬بالماسوشية،‭ ‬وتدور‭ ‬أحداث‭ ‬العرض‭ ‬حول‭ ‬عالم‭ ‬الزيف‭ ‬والنفاق‭ ‬وتعدد‭ ‬الأقنعة‭ ‬وتضارب‭ ‬المعلومات‭ ‬وضياع‭ ‬الحقائق،‭ ‬وعن‭ ‬تجار‭ ‬الكلمات‭ ‬المخادعة‭ ‬والمواقف‭ ‬الزائفة‭.‬

وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬قد‭ ‬قدم‭ ‬الختام‭ ‬الأول‭ ‬لنصه‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬المشهد‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬بتقديم‭ ‬الختام‭ ‬الثاني‭ ‬والأخير‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬المشهد‭ ‬الخامس‭ ‬والعشرين،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنه‭ ‬اختار‭ ‬استكمال‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬بهدف‭ ‬كشف‭ ‬أوراق‭ ‬اللعبة‭ ‬بلا‭ ‬زيف‭ ‬فكما‭ ‬جاء‭ ‬بالحوار‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬المرأة‭ ‬‮«‬الموتى‭ ‬لا‭ ‬يكذبون”‭ .‬

-3‮ ‬‮«‬أكاذيب‭ ‬صغيرة”‮ ‬للكاتب‭ ‬المصري‭ ‬درويش‭ ‬الأسيوطي،‭ ‬وتدور‭ ‬أحداثه‭ ‬الدرامية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬الفانتازيا‭ ‬المسرحية،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬عدد‭ ‬الشخصيات‭ ‬الدرامية‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الحدث‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيف‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬لالتزام‭ ‬كاتبه‭ ‬بلغة‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬وقصر‭ ‬مدة‭ ‬العرض،‭ ‬وذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬هي‭ ‬شخصيات‭ ‬نمطية‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬حذف‭ ‬أحدها‭ ‬أو‭ ‬بعضها‭ ‬وتوزيع‭ ‬حواراتها‭ ‬دون‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الحبكة‭ ‬الدرامية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬حوارات‭ ‬بعضها‭ ‬غير‭ ‬مرتبط‭ ‬بتلك‭ ‬الأبعاد‭ ‬الدرامية‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬المؤلف‭ ‬وصفها‭ ‬لكل‭ ‬شخصية‭.‬

ويتناول‭ ‬النصّ‭ ‬بصورة‭ ‬ساخرة‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬المستمرّ‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬وكذلك‭ ‬علاقة‭ ‬الشعب‭ ‬أو‭ ‬جموع‭ ‬العامة‭ ‬بالسلطة‭ ‬‭(‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬محليا‭ ‬الشيخ،‭ ‬وعالميا‭ ‬العالم‭)‬،‭ ‬ومدى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬المسكنات‭ ‬للتهدئة،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بتوظيف‭ ‬بعض‭ ‬الشعارات‭ ‬أو‭ ‬عرض‭ ‬بعض‭ ‬المشروعات‭ ‬الوهمية‭ ‬أو‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬الأخطار‭ ‬الخارجية‭ ‬والمؤامرات‭ ‬التي‭ ‬تدبر‭ ‬ضد‭ ‬الوطن‭.‬


لوحة: محمد الوهيبي

والخطاب‭ ‬الدرامي‭ ‬للنصّ‭ ‬خطاب‭ ‬مهمّ‭ ‬وجاد‭ ‬فهو‭ ‬يتصدى‭ ‬لقضية‭ ‬‮«‬العولمة”‭ ‬ويحذّر‭ ‬من‭ ‬أخطارها،‭ ‬ويكشف‭ ‬حقيقة‭ ‬المؤامرات‭ ‬التي‭ ‬تدبّرها‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬حتى‭ ‬تجبرنا‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بهويتنا‭ ‬العربية،‭ ‬وبرغم‭ ‬حرص‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬المباشرة‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬الخطابية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬اضطر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المسرحية‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬تحذيره،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬‮«‬العالم”‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬‮«‬التاريخ‭ ‬الإنساني‭ ‬أيها‭ ‬الأصدقاء‭.. ‬دائرتان‭.. ‬فاعل‭.. ‬ومفعول‭ ‬به‭.. ‬لقد‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬الدائرة‭ ‬الثانية‭..! ‬يومها‭ ‬جئتم‭ ‬أنتم‭ ‬لكي‭ ‬تمارسوا‭ ‬الفعل‭ ‬الحضاري‭ ‬بشروطكم‭.. ‬من‭ ‬فوق‭ ‬ظهور‭ ‬خيولكم‭.. ‬والآن‭.. ‬جاء‭ ‬دورنا‭ ‬نحن‭ ‬لنعبر‭ ‬إليكم‭ ‬فوق‭ ‬آلاتنا‭..! ‬ونمارس‭ ‬نحن‭ ‬الفعل‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬توقفتم‭ ‬أنتم‭ ‬عن‭ ‬ممارسته‭..!! ‬وبإتقان‭..‬”‭.‬

‭-‬‭ ‬وذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬تضمّن‭ ‬المجموعة‭ ‬ثلاثة‭ ‬نصوص‭ ‬أخرى‭ ‬جيدة‭ ‬وطريفة‭ ‬يستحق‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬كلّ‭ ‬منها،‭ ‬وذلك‭ ‬لتفرّدها‭ ‬وتميّزها‭ ‬والنصوص‭ ‬الثلاثة‭ ‬هي‭:‬

-4‮ ‬‮«‬أصوات‭ ‬الغابة”‮ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬عواد‭ ‬علي،‭ ‬وهو‭ ‬تكييف‭ ‬مسرحي‭ ‬أو‭ ‬بتعبير‭ ‬أدق‭ ‬إعادة‭ ‬كتابة‭ ‬للنص‭ ‬العالمي‭ ‬‮«‬النصب‭ ‬التذكاري”‭ ‬لكولين‭ ‬واغنر،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬نصوص‭ ‬المجموعة‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬اعتبرته‭ ‬نموذجا‭ ‬مثاليا‭ ‬للمسرحيات‭ ‬القصيرة،‭ ‬خاصّة‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬نص‭ ‬متميّز‭ ‬محكم‭ ‬البناء،‭ ‬وفي‭ ‬توظيف‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬ولغة‭ ‬الإيجاز‭ ‬لكتابة‭ ‬حوار‭ ‬معبّر‭ ‬ويتسم‭ ‬بالشاعرية‭ ‬والبلاغة،‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ستة‭ ‬مشاهد‭ ‬قصيرة‭ ‬قدم‭ ‬حبكة‭ ‬محكمة‭ ‬الصنع،‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬شخصيتين‭ ‬فقط‭ ‬هما‭: ‬زعور‭ ‬الجندي‭ ‬الأسير‭ ‬‭(‬20‭ ‬سنة‭)‬‭ ‬وكريمة‭ ‬أرملة‭ ‬شهيد‭ ‬ووالدة‭ ‬شهيدة‭ ‬‭(‬50‭ ‬سنة‭)‬‭. ‬والنص‭ ‬حافل‭ ‬بالإيجابيات‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إثارة‭ ‬التشويق‭ ‬ويكفي‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الشخصيتين‭ ‬الرئيستين‭ ‬إلا‭ ‬بالمشهد‭ ‬الرابع،‭ ‬كما‭ ‬يحسب‭ ‬له‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الراهن‭ ‬بصورة‭ ‬إنسانية‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭. ‬والخطاب‭ ‬الدرامي‭ ‬خطاب‭ ‬جاد‭ ‬ومهم‭ ‬يؤكد‭ ‬مدى‭ ‬بشاعة‭ ‬الحروب‭ ‬وما‭ ‬تخلفه‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬ودمار‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنشآت‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬أيضا،‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬إنسانيتها‭ ‬بعدما‭ ‬أصيبت‭ ‬بشهوة‭ ‬العنف‭ ‬والاغتصاب‭ ‬والقتل‭.‬

-5‮ ‬‮«‬الإضاءة‭ ‬الأولى”‮ ‬للكاتب‭ ‬المغربي‭ ‬زبير‭ ‬بن‭ ‬بوشتة،‭ ‬وهو‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‮ ‬‭ ‬إضاءة،‭ ‬والرابط‭ ‬بينها‭ ‬هي‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الموت‭ ‬والحياة،‭ ‬ويتميز‭ ‬النص‭ ‬باعتماده‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬إضاءة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬اعتماده‭ ‬على‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬للكاتب‭ ‬المغربي‭ ‬الشهير‭ ‬محمد‭ ‬شكري‭ ‬وعلى‭ ‬بعض‭ ‬مؤلفاته‭ ‬وبالتحديد‭ ‬‮«‬الخبز‭ ‬الحافي”‭ ‬و”زمن‭ ‬الأخطاء”،‭ ‬واعتماده‭ ‬في‭ ‬الإضاءة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬ديوان‭ ‬مولانا‭ ‬الحلاج‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬منصور،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬على‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬روحان‭ ‬في‭ ‬جسد”‭.‬

-6‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬للكاتب‭ ‬العراقي‭ ‬صباح‭ ‬الأنباري،‭ ‬فهو‭ ‬نص‭ ‬درامي‭ ‬محكم‭ ‬الصنع‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اعتماده‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الدرامية‭ ‬وكثرة‭ ‬الأحداث‭ ‬المتتالية‭ ‬به‭ ‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬بين‭ ‬دولتين‭!‬،‭ ‬والطريف‭ ‬أنه‭ ‬نص‭ ‬صامت‭ ‬ويتكوّن‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬مُصْمَتات‭ ‬‭(‬مشاهد‭ ‬صامتة‭)‬‭ ‬بتعبير‭ ‬مؤلفه‭!‬

المونودراما‭ ‬شكلا‭ ‬ومضمونا

جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬وبدايات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬بعض‭ ‬الظواهر‭ ‬المسرحية‭ ‬اللافتة‭ ‬للنظر‭ ‬والتي‭ ‬تستحق‭ ‬التسجيل‭ ‬والدراسة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬انتشار‭ ‬عروض‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬بمختلف‭ ‬الدول،‭ ‬وتنظيم‭ ‬بعض‭ ‬المهرجانات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬أو‭ ‬القالب‭ ‬المسرحي‭ ‬قد‭ ‬انتشر‭ ‬لأنه‭ ‬أصبح‭ ‬مناسبا‭ ‬لإنسان‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬إحساسه‭ ‬بالغربة‭ ‬والوحشة،‭ ‬وعن‭ ‬تلك‭ ‬الضغوط‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها،‭ ‬وكذلك‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬طموحاته‭ ‬وآماله،‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬تنجح‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬العروض‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬مساندة‭ ‬له‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬الدائم‭ ‬عن‭ ‬ذاته،‭ ‬ورغبته‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬القاسي‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬بالقسوة‭ ‬والوحشية‭.‬

ونظرا‭ ‬لارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬عروض‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬‭(‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬إجمال‭ ‬النصوص‭)‬،‭ ‬أرى‭ ‬أهمية‭ ‬تأكيد‭ ‬بعض‭ ‬المفاهيم‭ ‬الأساسية‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬القالب‭ ‬المسرحي،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تسجيلها‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الاجتهادات‭ ‬القيمة‭ ‬لنخبة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الأساتذة‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والمسرحيين‭ ‬بالوطن‭ ‬العربي‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬مازلنا‭ ‬نعانى‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬بعض‭ ‬المفاهيم‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬تحدّد‭ ‬وبوضوح‭ ‬ملامح‭ ‬نصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬كشكل‭ ‬أدبي‭ ‬وفنيّ‭ ‬هام‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التعريفات‭ ‬التنظيرية‭ ‬والمصطلحات‭ ‬المتداخلة‭ ‬والمغلوطة‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التشويش‭ ‬والخلط‭ ‬بين‭ ‬عروض‭ ‬الممثل‭ ‬الواحد،‭ ‬أو‭ ‬”‭ ‬one‭ ‬man‭ ‬Show”‭ ‬وبين‭ ‬مسرحية‭ ‬الفصل‭ ‬الواحد‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الإشكال‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬صيغة‭ ‬الراوي‭ ‬إطارا‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬فنون‭ ‬الارتجال‭ ‬والتحاور‭ ‬مع‭ ‬الجمهور،‭ ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬للأسف‭ ‬هذا‭ ‬التشويش‭ ‬والخلط‭ ‬جليا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي‭ ‬ببعض‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬المجموعة‭.‬

بداية‭ ‬يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬فن‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬بأنه‭ ‬فن‭ ‬سبر‭ ‬أغوار‭ ‬النفس‭ ‬البشرية،‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬المجادلات‭ ‬العقلية،‭ ‬ومناقشة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الهموم‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بالإنسان،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬تحتاج‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬الحدث‭ ‬المؤثر‭ ‬الذي‭ ‬يحرك‭ ‬مشاعر‭ ‬الشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬ويدفعها‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬أفعال‭ ‬أخرى‭ ‬بحيث‭ ‬تتصاعد‭ ‬وتتكامل‭ ‬تلك‭ ‬الأفعال‭.‬

والملاحظة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تسجيلها‭ ‬أولا‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬عروض‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬بطبيعتها‭ ‬تقوم‭ ‬بفصل‭ ‬البطل‭ ‬الفرد‭ ‬عن‭ ‬محيطه‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حيث‭ ‬تجعل‭ ‬مسرح‭ ‬الأحداث‭ ‬هو‭ ‬النفس‭ ‬البشرية،‭ ‬ولذا‭ ‬وبسبب‭ ‬غياب‭ ‬الآخر‭ ‬يضطر‭ ‬المؤلف‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬مبررات‭ ‬درامية‭ ‬أو‭ ‬منطقية‭ ‬تبيح‭ ‬للشخصية‭ ‬الدرامية‭ ‬المحورية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وحدها‭ ‬صاحبة‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التواجد‭ ‬وتقديم‭ ‬وجهة‭ ‬نظرها‭ ‬الخاصة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصبح‭ ‬الفعل‭ ‬المسرحي‭ ‬رهنا‭ ‬بأفعالها‭ ‬هي‭ ‬وحدها‭.‬

والذاكرة‭ ‬وأحداث‭ ‬الماضي‭ ‬هما‭ ‬العالم‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية،‭ ‬والذي‭ ‬تتمركز‭ ‬حوله‭ ‬اللحظات‭ ‬‮«‬المونودرامية”،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬واقعها‭ ‬وحقيقتها‭ ‬لحظات‭ ‬سردية،‭ ‬فالذاكرة‭ ‬هي‭ ‬المساحة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬استحضار‭ ‬الشخصيات‭ ‬الغائبة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الصراع،‭ ‬ولكن‭ ‬حينما‭ ‬يتم‭ ‬استحضار‭ ‬تلك‭ ‬الشخصيات‭ ‬الغائبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬أصحابها‭ ‬كما‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬واقعهم‭ ‬وحقيقتهم،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬تراهم‭ ‬الشخصية‭ ‬بذاكرتها‭ ‬وانطباعاتها،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬نصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬تسقط‭ ‬في‭ ‬جبرية‭ ‬الثنائية‭ ‬الزمنية‭ ‬‭(‬الماضي‭-‬الحاضر‭)‬،‭ ‬واللذين‭ ‬يشكلان‭ ‬معا‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية‭ ‬للنص‭.‬

والكاتب‭ ‬لنص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬يحتاج‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬اختيار‭ ‬شخصية‭ ‬محورية‭ ‬فاعلة‭ ‬ومؤثرة،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬كنتيجة‭ ‬لتعرّضها‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬النفسية‭ ‬والخارجية،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تدفعها‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الانهيار‭ ‬أو‭ ‬الجنون،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بدخول‭ ‬منطقة‭ ‬البوح‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬الخلجات‭ ‬النفسية‭ ‬والمشاعر‭ ‬الإنسانية‭ ‬بصدق‭ ‬دون‭ ‬تزييف‭ ‬أو‭ ‬خداع‭. ‬والمؤلف‭ ‬وهو‭ ‬يختار‭ ‬تلك‭ ‬الشخصية‭ ‬الدرامية‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالثراء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يراعي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المحاذير‭ ‬أثناء‭ ‬صياغته‭ ‬للحبكة‭ ‬الدرامية‭ ‬الأساسية‭ ‬ولتلك‭ ‬الصراعات‭ ‬الفرعية‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬الصراع‭ ‬الأساسي‭ ‬والرئيسي،‭ ‬بحيث‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتجنب‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬شرك‭ ‬المناطق‭ ‬السردية،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجب‭ ‬تجنب‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬الحوارية‭ ‬التي‭ ‬يدور‭ ‬الحوار‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬الوهمية،‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يضطر‭ ‬الممثل‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬شخصيتين‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬وجميعها‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬عيوب‭ ‬التأليف‭ ‬لنصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”،‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬تلافيها‭ ‬أو‭ ‬تقديمها‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬مساحة‭ ‬ممكنة‭ ‬إذا‭ ‬اضطر‭ ‬لها‭ ‬المؤلف‭ ‬اضطرارا‭.‬

وبرغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬تنحّى‭ ‬نحو‭ ‬الدراسة‭ ‬النفسية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بإلغاء‭ ‬عنصر‭ ‬الحدوتة‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬نصوص‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬الحدوتة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الشخصية‭ ‬الدرامية،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬ستكون‭ ‬الأحداث‭ ‬بالنص‭ ‬مرتّبة‭ ‬غالبا‭ ‬طبقا‭ ‬للسياق‭ ‬الزمني،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عروضا‭ ‬أخرى‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬السياق‭ ‬الزمني‭ ‬وخلط‭ ‬الأزمنة‭ ‬الثلاثة‭ ‬معا‭ ‬‭(‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬والمستقبل‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬حينما‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬عنصر‭ ‬الحدوتة‭ ‬ويكون‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأكبر‭ ‬منصبا‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬الخلجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬وهواجس‭ ‬وأحلام‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬التقليدية‭ ‬يبدأ‭ ‬الكاتب‭ ‬بتقديم‭ ‬الشخصيات‭ ‬والحدث‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬عروض‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الذروة‭ ‬أولا‭ ‬والوصول‭ ‬بشخصيته‭ ‬الدرامية‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬البوح،‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬لها‭ ‬فرصة‭ ‬اجترار‭ ‬الماضي‭ ‬والإفصاح‭ ‬عن‭ ‬مشاعرها‭ ‬وما‭ ‬يجيش‭ ‬بصدرها‭ ‬لنتعرف‭ ‬على‭ ‬ردود‭ ‬أفعالها‭ ‬تجاه‭ ‬تلك‭ ‬الضغوط‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭.‬

ومما‭ ‬سبق‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقرر‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬‮«‬المونودرامى”‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬يقوم‭ ‬بصياغة‭ ‬حكاية‭ ‬‭(‬حدوتة‭)‬‭ ‬النص‭ ‬على‭ ‬مستويين‭ ‬الأوّل‭ ‬هو‭ ‬مستوى‭ ‬الحكاية‭ ‬المباشرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاسترجاع‭ ‬والسرد‭ ‬أو‭ ‬الحديث‭ ‬المباشر‭ ‬بإحالاته‭ ‬كلها،‭ ‬أما‭ ‬المستوى‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬المستوى‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬يوضّح‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬تجاه‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬لتكشف‭ ‬معاناتها‭ ‬ومكنوناتها‭ ‬النفسية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتواصل‭ ‬الجمهور‭ ‬ويتعايش‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المنظور‭ ‬النفسي‭ ‬للممثل،‭ ‬والذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لغة‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬والاجتزاء‭ ‬والتخيل‭ ‬والتداخل‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تتواصل‭ ‬وتتكامل‭ ‬مع‭ ‬الخبرات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬لكل‭ ‬مشاهد،‭ ‬والتي‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تتوحد‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬النص‭.‬

وبعد‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬المهمة‭ ‬‭-‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭-‬‭ ‬عن‭ ‬فن‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬أرى‭ ‬ضرورة‭ ‬تناول‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬بالمجموعة‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭:‬

-1‮ ‬تَغريبة ابن‮ ‬سيرين”‮ ‬للكاتب‭ ‬الأردني‭ ‬مفلح‭ ‬عدوان‭:‬

هذا‭ ‬النص‭ ‬نموذج‭ ‬جيد‭ ‬لكيفية‭ ‬توظيف‭ ‬التراث‭ ‬والتاريخ‭ ‬مسرحيا،‭ ‬وهو‭ ‬نص‭ ‬‮«‬مونودراما”‭ ‬يعتمد‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬ابن‭ ‬سيرين”‭ ‬‭(‬واسمه‭ ‬بالكامل‭: ‬أبوبكر‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سيرين‭ ‬البصري‭ ‬‭(‬653‭ ‬–‭ ‬733‭ ‬م‭)‬‭ ‬المولود‭ ‬بالبصرة‭ ‬العراقية،‭ ‬وهو‭ ‬الإمام‭ ‬القدير‭ ‬في‭ ‬التفسير‭ ‬والحديث‭ ‬والفقه‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬مؤلفاته‮ ‬‮«‬كتاب‭ ‬تفسير‭ ‬الأحلام‮»‬‭)‬،‮ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬المؤلف‭ ‬قد‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬الشهيرة‭ ‬على‭ ‬تفسير‭ ‬الأحلام‭ ‬لتقديم‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬الوجودية‭ ‬وإثارة‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬الفلسفية‭ ‬بهدف‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬حياتنا‭ ‬المعاصرة،‭ ‬كما‭ ‬نجح‭ ‬وبدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬القص‭ ‬الديني‭ ‬والموروث‭ ‬الشعبي،‭ ‬فنجد‭ ‬توظيفا‭ ‬جيدا‭ ‬للقص‭ ‬الدين‭ ‬‭(‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‮ ‬‭ ‬قصص‭ ‬الأنبياء‭: ‬إبراهيم‭ ‬وإسماعيل‭ ‬ويوسف‭ ‬وقصة‭ ‬أهل‭ ‬الكهف‭ ‬وغيرها‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصّدد‭ ‬تجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوظيف‭ ‬الفني‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إطارا‭ ‬فنيا‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الإثراء‭ ‬والحشد‭ ‬العاطفي‭ ‬والفكري‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬برغم‭ ‬وقوع‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬السرد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬كاستجابة‭ ‬لضرورة‭ ‬التعريف‭ ‬بالشخصية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مهارته‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الحوار‭ ‬بلغة‭ ‬شاعرية‭ ‬وفي‭ ‬توظيف‭ ‬لغة‭ ‬التكثيف‭ ‬الدرامي‭ ‬منحت‭ ‬النص‭ ‬تميزا‭ ‬ونكهة‭ ‬خاصة‭ ‬ومثال‭ ‬لذلك‭ ‬التعريف‭ ‬بالشخصية‭: ‬‭(‬ولدت‭ ‬أنا‭ ‬ابن‭ ‬سيرين‭ ‬عام‭ ‬30‭ ‬للهجرة‮…‬‭ ‬ولكن‭ ‬أحلام‭ ‬كثيرة‭ ‬كانت‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الرسالة‭ ‬المحمدية‭ ‬حتى‭ ‬تدوين‭ ‬القرآن،‭ ‬وحراك‭ ‬الأسئلة‭ ‬والتضييق‭ ‬على‭ ‬الأجوبة‭..‬‭)‬

-2‭ ‬‮«‬أناشيد‭ ‬الربيع‭ ‬والخريف”‭ ‬للكاتب‭ ‬المغربي‭ ‬الحسن‭ ‬بنمونة‭:‬

هذا‭ ‬النص‭ ‬يعد‭ ‬انعكاسا‭ ‬واضحا‭ ‬لثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬والإحباطات‭ ‬التي‭ ‬سببتها‭ ‬للشباب‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭. ‬والشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬لسياسي‭ ‬شاب‭ ‬عضو‭ ‬أحد‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية،‭ ‬ولكنه‭ ‬برغم‭ ‬انتمائه‭ ‬الحزبي‭ ‬ودفاعه‭ ‬المستميت‭ ‬عن‭ ‬الحزب‭ ‬والحاكم‭ ‬يتساءل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حواره‭ ‬عدة‭ ‬أسئلة‭ ‬مهمة‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السلبيات‭ ‬بالمجتمع‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭: ‬لماذا‭ ‬أجهضت‭ ‬الثورة،‭ ‬ولماذا‭ ‬يربح‭ ‬الانتهازيون‭ ‬دائما؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يوضع‭ ‬الشباب‭ ‬الثوار‭ ‬في‭ ‬المعتقلات‭ ‬والسجون؟‭ ‬ولا‭ ‬يدخلها‭ ‬السياسيون‭ ‬المحترفون؟،‭ ‬لماذا‭ ‬تعرّض‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬النسيج‭ ‬للضرب‭ ‬المبرح‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وطنيتهم‭ ‬وعدالة‭ ‬مطالبهم؟‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الأسئلة‭ ‬ومشروعيتها‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬مدى‭ ‬افتقاده‭ ‬للحرية‭ ‬واشتياقه‭ ‬للديمقراطية‭ ‬الحقيقة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬البوليسية،‭ ‬يعود‭ ‬ويستسلم‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬حتما‭ ‬سيأتي‭ ‬الزعيم‭ ‬ليشرح‭ ‬لنا‭ ‬السياسة‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تقسيم‭ ‬الكعكة،‭ ‬فالدول‭ ‬الكبرى‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الحروب‭ ‬بين‭ ‬الإخوة‭ ‬وتفشل‭ ‬أيّ‭ ‬مشروع‭ ‬للنهوض‭ ‬بهذه‭ ‬الأمة”‭.‬

وقد‭ ‬حرص‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬مرور‭ ‬زمن‭ ‬درامي‭ ‬ليقدم‭ ‬شخصيته‭ ‬المحورية‭ ‬‭-‬الشاب‭ ‬الثوري‭-‬‭ ‬وهو‭ ‬بمرحلة‭ ‬الشيخوخة‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬وذلك‭ ‬ليؤكد‭ ‬قوله‭ ‬بنصه‭ ‬المرافق‭ ‬‮«‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نبكي‭ ‬على‭ ‬زمنين‭ ‬ذهبا‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يفطن‭ ‬المخرج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحنين‭ ‬واللوم‭ ‬معا،‭ ‬الحنين‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬مضى‭ ‬أنتج‭ ‬فرجة‭ ‬سياسية‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالقسوة،‭ ‬واللوم‭ ‬كأن‭ ‬نلوم‭ ‬أنفسنا‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نستطع‭ ‬أن‭ ‬نحدث‭ ‬تغييرا‭ ‬للواقع‮»‬‭.‬

والنص‭ ‬يعتمد‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬تكنيك‭ ‬توجيه‭ ‬الحوار‭ ‬للمشاهدين‭ ‬بالصالة‭ ‬بوصفهم‭ ‬أعضاء‭ ‬بالحزب،‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬تقديم‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬السياسية‭ ‬للحزب‭ ‬والمجتمع‭ ‬وتقديم‭ ‬قراءة‭ ‬لأفكار‭ ‬الزعيم،‭ ‬مع‭ ‬تقديم‭ ‬بعض‭ ‬الانتقادات‭ ‬أيضا‭.‬

وما‭ ‬يؤخذ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬تحديد‭ ‬الأبعاد‭ ‬الدرامية‭ ‬للشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬بدقة،‭ ‬وكذلك‭ ‬عدم‭ ‬اختيار‭ ‬اللحظة‭ ‬المناسبة‭ ‬لتفجر‭ ‬الأحداث‭ ‬الدرامية،‭ ‬فالبطل‭ ‬ينتظر‭ ‬حضور‭ ‬الزعيم‭ ‬لإلقاء‭ ‬خطابه،‭ ‬ولم‭ ‬يوضع‭ ‬تحت‭ ‬أيّ‭ ‬ضغوط‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭ ‬نفسي‭ ‬يجعله‭ ‬يبوح‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬الحوارات‭ ‬والأفكار‭ ‬والثرثرة‭ ‬الحوارية،‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬بمجرد‭ ‬سرد‭ ‬لبعض‭ ‬الوقائع‭ ‬أو‭ ‬ثرثرة‭ ‬حوارية،‭ ‬كما‭ ‬يؤخذ‭ ‬على‭ ‬النص‭ ‬أيضا‭ ‬كثرة‭ ‬الملاحظات‭ ‬والإرشادات‭ ‬بالنص‭ ‬المرافق‭/‬الموازي،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬بعضها‭ ‬لم‭ ‬يضف‭ ‬جديدا‭ ‬بل‭ ‬ساهم‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬المشروح‭ ‬وفي‭ ‬تشتيت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المتابعة‭.‬

-3‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬توقف‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬القبو”‭ ‬للكاتب‭ ‬السوري‭ ‬مصطفى‭ ‬تاج‭ ‬الدين‭ ‬الموسى‭: ‬الشخصية‭ ‬الرئيسة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬للشاب‭/‬يوسف‭ ‬وهو‭ ‬شاب‭ ‬في‭ ‬أواسط‭ ‬الثلاثينات‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬وتدور‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬مهجورة‭ ‬لنحات‭ ‬تشكيلي‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬يوسف‭ ‬للاختباء‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يجبر‭ ‬على‭ ‬الانضمام‭ ‬للقوات‭ ‬المحاربة‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭. ‬قام‭ ‬الكاتب‭ ‬بتقديم‭ ‬نصه‭ ‬بخمس‭ ‬إضاءات‭ ‬‭(‬إضاءة‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬السابعة‭ ‬وحتى‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة،‭ ‬كما‭ ‬أنهى‭ ‬نصه‭ ‬أيضا‭ ‬بخمس‭ ‬إضاءات‭ ‬أخرى‭ ‬‭(‬إضاءة‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الثانية‭ ‬عشرة‭ ‬وحتى‭ ‬الرابعة‭)‬،‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإضاءات‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تهيئة‭ ‬الشعور‭ ‬العام‭ ‬للمشاهدين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشكل‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬المسرحيات‭ ‬القصيرة‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬مبرر‭ ‬درامي‭ ‬قوي‭)‬‭.‬

ويعد‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬نموذجا‭ ‬جيدا‭ ‬للفهم‭ ‬الواعي‭ ‬لنصوص‭ ‬‮«‬المونودراما”‭ ‬حيث‭ ‬نجح‭ ‬مؤلفه‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬وفي‭ ‬تناول‭ ‬القضايا‭ ‬المختلفة‭ ‬وأهمها‭ ‬قضية‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام،‭ ‬وما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬ودمار‭ ‬وتشويه‭ ‬للنفوس‭ ‬وغربة‭ ‬واغتراب،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يعبّر‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬الوحدة‭ ‬والقلق‭ ‬والملل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الشاب‭ ‬بكل‭ ‬حساسية‭ ‬ودقة،‭ ‬وخاصة‭ ‬حينما‭ ‬ربط‭ ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬بالساعة‭ ‬كعنصر‭ ‬أساسي‭ ‬بالحدث‭ ‬الدرامي،‭ ‬ولذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تنعكس‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬على‭ ‬الشاب‭ ‬نفسه فيتأثر‭ ‬بها‭ ‬شخصيا‭ ‬وتجف‭ ‬مشاعره‭ ‬ويصبح‭ ‬نموذجا‭ ‬للقسوة‭ ‬والوحشية،‭ ‬فيقتل‭ ‬القطة‭ ‬بكل‭ ‬قسوة‭ ‬بلا‭ ‬مبرر‭ ‬ولا‭ ‬شفقة‭ ‬ولا‭ ‬يشعر‭ ‬حتى‭ ‬بالندم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الشكل‭ ‬والإطار‭ ‬العام‭ ‬للعرض‭ ‬نجح‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬نص‭ ‬مرافق‭/‬مواز‭ ‬جيد‭ ‬به‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬الخاصة‭ ‬بإيضاح‭ ‬الحالة‭ ‬الشعورية‭ ‬للشخصية‭ ‬الأساسية‭ ‬وكذلك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الإرشادات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمؤثرات‭ ‬الصوتية‭ ‬والضوئية‭ ‬وتوظيف‭ ‬الإكسسوارات،‭ ‬كما‭ ‬نجح‭ ‬وبدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬ما‭ ‬أسمّيه‭ ‬‮«‬الخدع‭ ‬المونودرامية”،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬للبطل‭ ‬بتوظيف‭ ‬بعض‭ ‬قطع‭ ‬الإكسسورات‭ ‬لاستحضار‭ ‬اللحظات‭ ‬الدرامية‭ ‬من‭ ‬الذاكرة‭ ‬أو‭ ‬تسمح‭ ‬له‭ ‬بتوجيه‭ ‬الحوار‭ ‬لها،‭ ‬وذلك‭ ‬مثل‭ ‬حوار‭ ‬الشاب‭ ‬مع‭ ‬صورة‭ ‬النحات‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬أمّه،‭ ‬أو‭ ‬حواره‭ ‬‮ ‬مع‭ ‬القط‭ ‬أو‭ ‬تمثال‭ ‬المرأة‭.‬

-4‮ ‬نوستـالجيا‭ ‬للكاتب‭ ‬السعودي‭ ‬صالح‭ ‬زمانان‭:‬

هذا‭ ‬النص‭ ‬محاولة‭ ‬جيدة‭ ‬لتقديم‭ ‬عرض‭ ‬‮«‬مونودراما”‭ ‬تعالج‭ ‬أزمة‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬المعاصر،‭ ‬والشخصية‭ ‬الرئيسة‭ ‬لرجل‭ ‬عربي‭ ‬ضائع‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬العربي،‭ ‬ولذا‭ ‬فهو‭ ‬يحمل‭ ‬مرض‭ ‬‮«‬النوستالجيا”‭ ‬الذي‭ ‬يجعله‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حنين‭ ‬دائم‭ ‬لماضيه‭ ‬البعيد،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬التعايش‭ ‬بين‭ ‬الزمن‭ ‬الواقعي‭ ‬حينا‭ ‬والخيالي‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬آخر‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬الفكرة‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬المقدمة‭ ‬الخاصة‭ ‬بوجود‭ ‬المخرج‭ ‬واللعبة‭ ‬المسرحية‭ ‬ومحاولة‭ ‬توظيف‭ ‬شاشة‭ ‬السينما‭ ‬محاولات‭ ‬مقحمة‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أيّ‭ ‬مبرر‭ ‬بل‭ ‬أضعفت‭ ‬الفكرة‭ ‬الأساسية‭ ‬والحبكة‭ ‬الدرامية،‭ ‬مثلها‭ ‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬النهاية‭ ‬العجيبة‭ ‬للنص‭ ‬والتي‭ ‬جاءت‭ ‬للأسف‭ ‬لمجرد‭ ‬تقديم‭ ‬فكاهة‭ ‬‭(‬نكتة‭ ‬أو‭ ‬قفشة‭)‬‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬منعه‭ ‬من‭ ‬مرافقة‭ ‬أمه‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬وهو‭ ‬صغير‭ ‬وبالتالي‭ ‬حرمه‭ ‬من‭ ‬وداعها‭ ‬قبل‭ ‬رحيله،‭ ‬ومن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬منه‭ ‬الثأر‭ ‬حاليا‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬وركب‭ ‬تاكسي‭ ‬ليذهب‭ ‬إليه‭.. ‬مجرد‭ ‬قطعة‭ ‬خشب‭ ‬بها‭ ‬مسمار‭!‬

وبرغم‭ ‬وقوع‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬السرد‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬قد‭ ‬تميزت‭ ‬بالشاعرية‭ ‬والإيجاز،‭ ‬كما‭ ‬يحسب‭ ‬للمؤلف‭ ‬توفيقه‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬بعض‭ ‬الخدع‭ ‬‮«‬المونودرامية”‭ ‬كتوجيه‭ ‬الحوار‭ ‬إلى‭ ‬صورة‭ ‬والدته‭ ‬أو‭ ‬بطاقة‭ ‬اسم‭ ‬‭(‬شخصية‭)‬‭ ‬لطبيب‭.‬

-5‮ ‬‮«‬فكرة”‮ ‬للمؤلف‭ ‬العراقي‭ ‬ناهض‭ ‬الرمضاني‭:‬

مع‭ ‬احترامي‭ ‬وتقديري‭ ‬للأفكار‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬الكاتب‭ ‬والتي‭ ‬أراد‭ ‬تقديمها‭ ‬بنصه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النوايا‭ ‬الطيبة‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬وحدها‭ ‬لتقديم‭ ‬نص‭ ‬جيد،‭ ‬وكما‭ ‬كتب‭ ‬هو‭ ‬بنصه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الأفكار‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬النور‭ ‬بمفردها‭.. ‬لا‭ ‬يمكنكم‭ ‬أن‭ ‬تروها‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬مرت‭ ‬بمخاضها‭ ‬الصعب‭. ‬لا‭ ‬بد‭ ‬للأفكار‭ ‬‭-‬مهما‭ ‬كانت‭-‬‭ ‬أن‭ ‬تولد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذهن‭ ‬إنسان‭ ‬ما‭..‬”‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬نصا‭ ‬محكم‭ ‬البناء‭ ‬والصياغة،‭ ‬فجاءت‭ ‬الأفكار‭ ‬الفلسفية‭ ‬كمجرد‭ ‬خواطر‭ ‬تكتب‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬أدبي‭ ‬أو‭ ‬بقصة‭ ‬قصيرة‭.‬

إن‭ ‬عدم‭ ‬تحديد‭ ‬الأبعاد‭ ‬الدرامية‭ ‬للشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬وغياب‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاق‭ ‬للحدث‭ ‬الدرامي‭ ‬مع‭ ‬كثرة‭ ‬الأفكار‭ ‬والموضوعات‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬النص‭ ‬وغلبة‭ ‬أسلوب‭ ‬السرد‭ ‬أضاعوا‭ ‬للأسف‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬الذي‭ ‬بذله‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تقديم‭ ‬فرجة‭ ‬مسرحية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬والإرشادات‭ ‬بالنص‭ ‬المرافق‭.‬ وأخيرا‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬المتميزة‭ ‬على‭ ‬خشبات‭ ‬مسرحنا‭ ‬العربي‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.