البدائه

السبت 2016/10/01
لوحة: حسين جمعان

التراب

‬ما‭ ‬إن‭ ‬تَطـُل‭ ‬الساقان‭ ‬حتى‭ ‬ننسى‭ ‬ملمسه‭ ‬ومذاقه،‭ ‬ولا‭ ‬نتذكره

سوى‭ ‬في‭ ‬عرْض‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬حين‭ ‬يتهيّل‭ ‬في‭ ‬القبر‭.‬

لأنه‭ ‬ليس‭ ‬بالطين‭ ‬الحر‭ ‬ولا‭ ‬بالرمل،‭ ‬يسهُـل‭ ‬للماء‭ ‬أن‭ ‬يخُـط‭ ‬عليه‭ ‬سطوره،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستـنقع‭ ‬فيه،‭ ‬وللريح‭ ‬أن‭ ‬تصحّحـها‭ ‬حين‭ ‬تَسْـفيه،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تعيـد‭ ‬إليـه‮ ‬‭ ‬ملامحـه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬شوّهت‭ ‬وجهَه‭ ‬الحُفَر،‭ ‬ومهما‭ ‬غيّرتْ‭ ‬مكان‭ ‬هبـوبها،‮ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تمحو‭ ‬أثر‭ ‬الندوب‭ ‬أو‭ ‬الحدبات‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تلـتئم‭ ‬جروحـه‭ ‬الغــائرة‭.‬

يجـرِّر‭ ‬خارج‭ ‬الحقـول‭ ‬رداءه‭ ‬الممـزّق،‭ ‬يَرْفـوه‭ ‬بالنبات‭ ‬الشائك،‭ ‬ينام‭ ‬عاريا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يُدثـِّرْه‭ ‬نبات‭ ‬أو‭ ‬يقبع‭ ‬في‭ ‬الأصُص‭ ‬كأنه‭ ‬ذكـرى‭ ‬أخيـرة‭ ‬من‭ ‬حيـاة‭ ‬الغـاب‭.‬

مهما‭ ‬شغلتنا‭ ‬عنه‭ ‬السماء‭ ‬والعصافير،‭ ‬سيظل‭ ‬يفاجئنا‭ ‬تفتـّته‭ ‬في‭ ‬الحيطـان‭ ‬إذ‭ ‬يبرز‭ ‬كاللثـّة‭ ‬بـين‭ ‬الأحجــار،‭ ‬وتلذَعُنا‭ ‬ملوحته‭ ‬في‭ ‬إبريق‭ ‬الفخار‭ ‬ورائحته‭ ‬عُقْب‭ ‬المطر‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬اخترقـَته‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الأسـلاك،‭ ‬أو‭ ‬عُجِن‭ ‬بالدم،‭ ‬سيُسمَّى‭ ‬بالطبع‭ (‬وطنا‭).‬

المـاء

‬ربما‭ ‬لأنه‭ ‬يخضرّ‭ ‬في‭ ‬العشب‭ ‬ويفوح‭ ‬في‭ ‬الزهر،‭ ‬ربما‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يرتفع‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الشجر‭ ‬وفي‭ ‬النوافير،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يتــذكره‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬العطش‭ ‬أو‭ ‬شهوة‭ ‬الاجتياف‭.‬

لأنه‭ ‬لا‭ ‬يطيع‭ ‬سوى‭ ‬أمواجِه،‭ ‬يهرب‭ ‬من‭ ‬الضفاف،‮ ‬ولا‭ ‬يقيـم

في‭ ‬غدير‭ ‬إلاّ‭ ‬ليرحل‭.‬

بكل‭ ‬برود‭ ‬وأناة‮ ‬‭ ‬تقرِض‭ ‬نعومتـُه‭ ‬المراسي‭.‬

في‭ ‬مراياه‭ ‬تنكسر‭ ‬السواري‭ ‬وترتجف‭ ‬الصخور‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬السمكـة‭ ‬تعيش‭ ‬فيه‭ ‬طوال‭ ‬حياتها،‭ ‬فإنها‭ ‬تجهله‭:‬

ربما‭ ‬إذاً‭ ‬يفهمـه‭ ‬الشـّـُرْغوف‭ ‬أو‭ ‬التمســاح‭.‬

من‭ ‬المضحك‭ ‬حقا‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬المرء‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬وهـــو‭ ‬في‭ ‬ثيابه،‭ ‬فهو‭ ‬كمن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬السبــاحة‭ ‬على‭ ‬الضـفة،‭ ‬أو‭ ‬يدرك‭ ‬معنى‭ ‬الارتواء‭ ‬إلى‭ ‬الآخر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يجـرّب‭ ‬الغـرق‭.‬

الهواء

ما‭ ‬دمتُ‭ ‬قد‭ ‬ضيّعتُ‭ ‬الطـريق‭ ‬إلى‭ ‬الهـاوية،‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬لي‭ ‬سوى‭ ‬الحديثِ‭ ‬عن‭ ‬الهـواء،‭ ‬فهو‭ ‬ينزل‭ ‬إلى‭ ‬الهوّة‭ ‬العميقة،‭ ‬مثلما‭ ‬ينتشر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭.‬

تمزّق‭ ‬غشاءَه‭ ‬إبرةٌ‭ ‬أو‭ ‬برعمٌ‭ ‬أو‭ ‬نأمة،‭ ‬ولا‭ ‬يرفوه‭ ‬ضباب‭.‬

يتكئ‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭ ‬وعلى‭ ‬حوافّ‭ ‬النوافذ‭ ‬متأهبا‭ ‬للدخول‭ ‬‮ ‬مع‭ ‬الغبار،‭ ‬أو‭ ‬يتنفس‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬من‭ ‬الشقوق‭ ‬متأهبا‭ ‬للاندفاع‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬ليغتسل‭ ‬من‭ ‬رائحة‭ ‬المكان‭ ‬ومن‭ ‬رذاذ‭ ‬الأنفاس،‭ ‬أو‭ ‬ليدور‭ ‬في‭ ‬الرواق‭ ‬مع‭ ‬الذباب‭ ‬متحيّرا‭ ‬كالماء،‭ ‬ليطنّ‭ ‬كمثل‭ ‬فكرة‭ ‬منحبسة‭.‬

‬في‭ ‬الريح،‭ ‬يدوّم‭ ‬الصلوات‭ ‬وأبخرة‭ ‬الآلام‭ ‬بلا‭ ‬وجهة،‭ ‬ويُطيّر‭ ‬البالونات‭ ‬بلا‭ ‬رجعة‭ ‬في‭ ‬السماء‭. ‬به‭ ‬تمتلئ‭ ‬كذلك‭ ‬القيثارة‭ ‬والمزمار‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬انساب‭ ‬أصبح‭ ‬بكاءً‭ ‬وأنينا‭ ‬يَفطـُـران‭ ‬القلوب‭. ‬ستجفّ‭ ‬يوما‭ ‬رئتاي،‭ ‬وأنجو‭ ‬من‭ ‬هواء‭ ‬يتجشأ‭ ‬فيه‭ ‬الكل‭ ‬ويخور،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬سيمّحي‭ ‬أثرُ‭ ‬أنفـاسـي‭ ‬عـلى‭ ‬الجـدران؟

النـار

تفاجئ‭ ‬المرءَ‭ ‬دائما،‭ ‬كأنها‭ ‬تشتعل‭ ‬لأول‭ ‬مرّة،‭ ‬تتـابعها‭ ‬العينان‭ ‬حتى‭ ‬الخـَدر‭ ‬وهي‭ ‬تَعْـقد‭ ‬ضفائرها‭ ‬وتفـكها‭ ‬متلفـة‭ ‬جذورها‭ ‬في‭ ‬زهُوّ،‭ ‬كأن‭ ‬الرأس‭ ‬مشدود‭ ‬إلى‭ ‬هوّة‭ ‬سحيقة‭.‬

‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الماء‭ ‬يحفر‭ ‬طريقه‭ ‬زاحـفا،‭ ‬فهي‭ ‬تبـدّل‭ ‬موضعـها‭ ‬راقصة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحذِق‭ ‬رقصتها‭ ‬أحدٌ‮ ‬‭ ‬إلا‭ ‬المحتــرق

نفسه‭.‬

‬كلما‭ ‬هضمتْ‭ ‬قـوتها،‭ ‬خـفـتـتْ‭ ‬طقـطقـتـُها‭ ‬وصَفَـتْ

‬ألـوانُـها‭ ‬لـتـضـيء‭.‬

‬عبثا‭ ‬تحاول‭ ‬الريح‭ ‬فصلها‭ ‬عن‭ ‬طـُعْمتِها،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يجــدي‭ ‬ضربُها،‭ ‬أو‭ ‬طعنـُها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يؤججها،‭ ‬فتـغمـــغم‭ ‬ناهشة‭ ‬فريستها‭ ‬باستماتة‭.‬

‮قبل‭ ‬المضغ،‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬التفصيل،‭ ‬وإذا‭ ‬استعصت عليها‭ ‬قطعة،‭ ‬طوّقـَتْها‭ ‬بالدخان‭ ‬لتعود‭ ‬إليها‭ ‬نافخة‭ ‬بأنفاس‭ ‬جديدة‭.‬

تمحو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يُمحى،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يمحو‭ ‬أثرها‭.‬

ربما‭ ‬لأنها‭ ‬سريعة‭ ‬العدوى،‭ ‬تختبئ‭ ‬في‭ ‬الحجر‭ ‬والبراكين‭.‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬تـُذخّر‭ ‬في‭ ‬المخازن،‭ ‬فهي‭ ‬تـُذخّر‭ ‬كذلك‭ ‬باردة‭ ‬في‭ ‬الصــدور‭.‬

‬تحالف‭ ‬العدوّ‭ ‬والصّديق،‭ ‬لكنها‭ ‬قد‭ ‬تفاجئ‭ ‬من‭ ‬يشعلـها‭ ‬ولا

يرثها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬غير‭ ‬الرمـــاد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬سرّها‭ ‬سواه‭.‬

فراشة‭ ‬بيضاء

‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الزهرة‭ ‬صرخة‭ ‬مرئية،‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الفراشة‭ ‬سوى‭ ‬انعكاس‭ ‬ضـوئي‭ ‬لمرآةٍ‮ ‬‭ ‬خفيّـة‭. ‬تجـسّ‮ ‬‭ ‬الهـواءَ‭ ‬كأنها‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تنبثّ‭ ‬فيه،‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬التسكّعِ‭ ‬بعـد‭ ‬أن‭ ‬سُـدَّ‭ ‬عليها‭ ‬اللونُ،‭ ‬متردّدة‭ ‬دائما،‭ ‬تنقـّط‭ ‬سطورا‭ ‬لامرئية‭.‬

لفرط‭ ‬ترددها‭ ‬تحط‭ ‬بغتة‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتوقـّـع‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬اصطدمتْ‭ ‬بزجاج‭ ‬النوافذ‭ ‬انتـشر‭ ‬عُـفار‭ ‬جناحيها‭ ‬ملتمعا‭ ‬كغبار‭ ‬الطـّلـْع‭ ‬وقد‭ ‬تبـدّده‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلـفـظ‮…‬‭ ‬خفـقتـهــا‭ ‬الأخـــيرة‭.‬

الزجاج

‬قد‭ ‬يكون‭ ‬حاجز‭ ‬الزجاج‭ ‬الحاجزَ‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يقاوم‭ ‬الضجر‭.‬

‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‮ ‬‭ ‬يُنـْـفِذ‭ ‬الضوءَ‭ ‬ويكشِف‭ ‬الداخل‮ ‬‭ ‬أو‭ ‬الخارج،‭ ‬فهو‮ ‬‭ ‬يُجمِّـد‭ ‬المشهـد‭ ‬ويعلـّقه‮ ‬‭ ‬كالصــورة‭ ‬فينتبه‭ ‬المرء‭ ‬إلى‭ ‬عزلة‭ ‬الأشيـاء‭ ‬ويكتـشف‭ ‬كم‭ ‬هــي‭ ‬صامتة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وكم‭ ‬هي‭ ‬ظمـآى‭ ‬إلى‭ ‬معنى‭ ‬جـديـد‭.‬

ولأنه‭ ‬يقي‭ ‬ويفضـح‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬نفسه،‭ ‬يهيّـج‭ ‬متعـة‭ ‬النظر‭ ‬دون‭ ‬تورّط‭.‬

‬لكنّ‭ ‬هذه‭ ‬المتعة‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تَفتـُرُ‭ ‬إذ‮ ‬‭ ‬تبدو‭ ‬الحركات‭ ‬إشاراتٍ‭ ‬ضائعة‭ ‬ً‭ ‬ويضطرب‭ ‬العالـَم‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬كسلحفاة‭ ‬مقــلوبة‭.‬

الزهرة

‬قد‭ ‬لا‭ ‬يشاهد‭ ‬المرء‭ ‬أشياءَ‭ ‬كثـيرة‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬لكنّ‮ ‬العـين‭ ‬تلتقط‭ ‬الزهرة‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬إنها‭ ‬انفجرت‭ ‬للتوّ،‮ ‬هذا‭ ‬الانفجار‭ ‬الأخرس‭ ‬والبطـيء‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‮ ‬‭ ‬بما‭ ‬إن البـصر‭ ‬يجدّده‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نظـرة‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬بمستطاع‭ ‬العين‭ ‬أن‭ ‬تمتـدّ‭ ‬إلى‭ ‬الأفـق،‭ ‬فالزهرة‭ ‬صرخة‭ ‬مرئية‭ ‬توقظها‭ ‬بلا‭ ‬انقطاع‭.‬

هي‭ ‬لا‭ ‬تذهب‭ ‬عبثا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬بل‭ ‬تنشر‭ ‬رائحتها،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬لها‭ ‬للدوران‭ ‬فبتـلاتها،‭ ‬هذه‭ ‬الأشـعة‭ ‬المختصرة‭ ‬والمرتـّبة‭ ‬بدقة‭ ‬مصوَّبة‭ ‬نحو‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭.‬

‬تنام‭ ‬في‭ ‬الخرائب‭ ‬وتَـرْصدنا‭ ‬من‭ ‬الأسـيجة‭ ‬والشرفات‭. ‬ولأنه‭ ‬لا‭ ‬يجدي‭ ‬وصفها،‭ ‬تعطَى‭ ‬لها‭ ‬الكلمة‭ ‬الأولى‭ ‬والأخيرة‭.‬

‮ ‬

الليل


تخطيط: حسين جمعان

‬تبدأ‭ ‬الظلمة‭ ‬بملء‭ ‬الزوايا‭ ‬ثم‭ ‬تتكاثف‭ ‬في‭ ‬الكهوف‭ ‬والأنـفاق

حتى‭ ‬تفيض‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬حولها‭ ‬ماحية‭ ‬كل‭ ‬ظل‭ ‬فتعمّ‭ ‬الأرجاء‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يسطع‭ ‬ضوءٌ‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

تتفتت‭ ‬الألوان‭ ‬وتستسلم‭ ‬الأشياء‭ ‬للقـَتام‭ ‬حتى‭ ‬يبتلعـها‮ ‬‭ ‬إلى‭ ‬الآخر‭ ‬فيختفي‭ ‬كل‭ ‬نتوء‭ ‬ويخبو‭ ‬كل‭ ‬وميض‭ ‬ليشتبه‭ ‬الفـراغ‭ ‬بالامتلاء‭ ‬والهوّة‭ ‬بالقرار‭ ‬والوجه‭ ‬بالقفـا‭ ‬ولا‭ ‬تخفـف‭ ‬مـن‭ ‬الحلكة‭ ‬سوى‭ ‬الأشياءِ‭ ‬الأشدّ‭ ‬حلكة،‭ ‬تلمّعها‭ ‬العين‭ ‬حتى‭ ‬تألفها‭.‬

‮‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يقرّب‭ ‬السماء‭ ‬كمثل‭ ‬الليل،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يهبط‭ ‬بمكان‭ ‬مثلما‭ ‬يهبط‮ ‬‭ ‬بآخر،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أليفـا‭ ‬فيكشف‭ ‬وحشتـه،‭ ‬أو‭ ‬موحشا‭ ‬فيكشف‭ ‬ألفته‭.‬

‬في‭ ‬الظلام‭ ‬يعلو‭ ‬كل‭ ‬صوت‭ ‬خفيّ،‭ ‬دقـات‭ ‬الساعة‭ ‬اليدويـة‭ ‬مثلا،‭ ‬بل‭ ‬تـنـفـسُ‮ ‬الأشجـار،‭ ‬موسيقى‭ ‬الصمت‭ ‬حول‭ ‬الأشياء‭.‬

‬يحس‭ ‬المرء‭ ‬عندما‭ ‬يخطو‭ ‬في‭ ‬العتمـة‭ ‬كأن‭ ‬روحه‭ ‬تسبقـه،‭ ‬كأن‭ ‬سماءً‭ ‬أخرى‭ ‬تتألق‭ ‬في‭ ‬عمــاه‭.‬

‮لا‭ ‬يستكشف‭ ‬هذا‭ ‬الأسودَ‭ ‬الصّفيّ‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬أعمتـْه‭ ‬الأعماق،‭ ‬ولا‭ ‬يلمس‭ ‬هذا‭ ‬السقف‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬خبر‭ ‬العراء‭.‬

‬مهما‭ ‬طالت‭ ‬أعنـاق‭ ‬الفوانيس،‭ ‬لا‭ ‬يقيس‭ ‬الليلَ‭ ‬ضوءٌ،‭ ‬ومهما

ادعى‭ ‬الشعراء،‭ ‬لا‭ ‬يقاسم‭ ‬عزلتـَه‭ ‬قفرٌ‭ ‬ولا‭ ‬يقلـّده‭ ‬غراب‭.‬

وهو‭ ‬لا‭ ‬يتراجع‭ ‬إلا‭ ‬مشتعلا‭ ‬مثلما‭ ‬تـقدّم،‭ ‬ليَسطع‭ ‬النور‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يخيّم‭ ‬ظلام‭ ‬قط‭.‬

البعوضة

‬بما‭ ‬إن‭ ‬العين‭ ‬لا‭ ‬تراها‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬يرقانة‭ ‬فهي‭ ‬تفاجئ‭ ‬المرء‭ ‬بطنينها‭ ‬كالرائحة‭ ‬أو‭ ‬الانطباع‭.‬

ما‭ ‬إن‭ ‬يتمّ‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬وجودها‭ ‬حتى‭ ‬يستبدّ‭ ‬به‭ ‬مثل‭ ‬حالة‭ ‬الكتابة‭ ‬بحيث‭ ‬تصبح‭ ‬صورتها‭ ‬وسواسا‭ ‬وصوتها‭ ‬الخافت‭ ‬أزيـزا‭ ‬يصمّ‭ ‬الأذن‭.‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬حطت‭ ‬على‭ ‬الجـدار،‭ ‬ليتحوّل‭ ‬الطنـين‭ ‬فجأة‭ ‬إلـى‭ ‬كتابة،‭ ‬تـُوجِّه‭ ‬رأسها‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬متهيئة‭ ‬دائما‭ ‬لتغيير‭ ‬موقعها‭. ‬لكنّ‭ ‬الحيلة‭ ‬في‭ ‬الإمساك‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬إبعادها‭ ‬نهائيا‭ ‬عسـيرة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بطيئة‭ ‬الطيران‭. ‬فهي‭ ‬تعـدّل‭ ‬اندفاعاتها وخفقــات‭ ‬أجنحتها‭ ‬وفقا‭ ‬لتموجات‭ ‬الهواء‭ ‬كمثل‭ ‬ذرّة‭ ‬هباء،‮ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تستأنف‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬طنينها‭ ‬كفكرة‭ ‬عنيـدة،‮ ‬لا‭ ‬شــيء‭ ‬يخرُق‭ ‬ناموسها‭ ‬ويثـنيها‭ ‬عن‭ ‬مرامها‭: ‬مصّ‭ ‬الــدّم‭.‬

‬ومثلما‭ ‬يلحّ‭ ‬وسواس الشطـب‭ ‬أثناء‭ ‬الكتابة،‭ ‬تثير‭ ‬لسعتها‭ ‬رغبة‭ ‬لا‭ ‬تـُقاوَم‭ ‬في‭ ‬الحكّ‭ ‬حتى‭ ‬يتورّم‭ ‬الجلد‭.‬

الألم

أقسى‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الألم‭ ‬هو‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الألم‭. ‬وإذا كان‭ ‬بإمكان‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يحس‭ ‬بألم‭ ‬الجماد‭ ‬أحيانا‭ ‬فإن‭ ‬بمستطاعه‭ ‬أن‮ ‬يتألم‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬غير‭ ‬جسده‭.‬

‬قد‭ ‬يستهين‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬بلسعاته‭ ‬الخاطفة‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تفاجئه‭ ‬صعوبة‭ ‬مقاومتها‮ ‬‭ ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬يثنيها عن‭ ‬التمركز‭ ‬والانتشار‭ ‬حتى‭ ‬تبلغ‭ ‬كل‭ ‬منتهى‭ ‬لتظل‭ ‬تتردّد‭ ‬كالصدى،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬وقعها‭ ‬يحتدّ‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تشتدّ‭ ‬لهفة‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭.‬

‬وكلما‭ ‬تشنجت‭ ‬العضلات‭ ‬لخنق‭ ‬نبضات‭ ‬الوجع المتموجة‭ ‬والمتسارعة،‭ ‬تشبّث‭ ‬ككمّاشة واحتل الجســد‭ ‬كلــه‭ ‬مثل‭ ‬القشعريرة‭ ‬أو‭ ‬الإحساس‭ ‬بالخجل‭ ‬فتـَعْمَهُ‭ ‬حركاتـُـه‭ ‬وتخونه‭ ‬كلُّ‭ ‬جَلادة‭.‬

‬وليس‭ ‬للجسد‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يخفـّض‭ ‬حركته‭ ‬ويتبع‭ ‬إشاراتـه‭ ‬ويعدّل‭ ‬الأنفاس‭ ‬والنظرات‭ ‬على‭ ‬إيقاعه‮ ‬‭ ‬كلما‮ ‬غيّـر‭ ‬من‭ ‬موضعه‭ ‬وحدّته،‭ ‬فمن‭ ‬الاختلاج‭ ‬إلى‭ ‬النخز‭ ‬والنخـر‭ ‬ومن‭ ‬التمزيق‭ ‬أو‭ ‬المضغ‭ ‬إلى‭ ‬الخياطة‭ ‬بإبر‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الـدقـة‭ ‬والبطء‭.‬

لا‭ ‬ينطبق‭ ‬الكلام‭ ‬على‭ ‬الآلام‭ ‬الحادّة‭ ‬المعروفة‭ ‬فحسب‭ ‬مثل‭ ‬آلام‭ ‬الحشا‭ ‬والنسا‭ ‬والمفاصل،‭ ‬إلخ‭.‬،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يـكون‭ ‬الجسد‭ ‬كله‭ ‬طـوْعَ‭ ‬أنمـلة‮ ‬بسبب‭ ‬شوكة‭ ‬صغيرة‭ ‬أو‭ ‬ورم‭ ‬الـدّاحس‭ ‬مثلا‭.‬

البكاء

‬حالما‭ ‬تـُشلّ‭ ‬عضلاتُ‭ ‬الوجه،‭ ‬تبدأ‭ ‬الغُـدّة‭ ‬الدّمّـاعـة في‭ ‬تسخين‭ ‬الدّمع‭ ‬حتى‭ ‬يُهيّج‭ ‬الغليانُ‭ ‬مجاريه،‭ ‬عندئذ‭ ‬تستـطيع‭ ‬أدنى‭ ‬محاولة‭ ‬لإطباق‭ ‬الفم‭ ‬أن‭ ‬تنبّـه‭ ‬ارتعاشاتِه‭ ‬فتتضـاعف‭ ‬وتـتسـارع‭ ‬حتى‭ ‬تبلغ‭ ‬ذروتها‭ ‬ويَحْدُث‭ ‬الانفجـار،‭ ‬ولفرط‭ ‬تمزقه،‭ ‬تبقى‭ ‬زاويتاه‭ ‬مفتوحتين،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬حاول‭ ‬المـرء‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬شفتيه‭ ‬ثانـية،‭ ‬سبقـه‭ ‬الشهـيق،‭ ‬فلا‭ ‬تدرك‭ ‬إحداهما‭ ‬الأخرى‭ ‬حتى‭ ‬يكفكف‭ ‬كرها‭ ‬الدّفعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الدموع‭.‬

‬لكن‭ ‬طالما‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬الكلمات‭ ‬أو‭ ‬الصرخات‭ ‬صوتها،‮ ‬‭ ‬تتعصّر‭ ‬عضلات‭ ‬الوجه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتحلـّـب دفعة أخرى‭ ‬يُهيِّج‭ ‬مرآها‭ ‬العينَ‭ ‬مثل‭ ‬الدم‭ ‬فتغرورق‮ ‬يائسة‭ ‬من‭ ‬الصحـو‭ ‬إذ‭ ‬ينحلّ‭ ‬العالـَم‭ ‬عبر‭ ‬غشاء‭ ‬الدمع‭ ‬إلى‭ ‬أطياف‭ ‬مرتجفة‭.‬

‬يَثـقل‭ ‬القنـاع‭ ‬المتشنج‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬فيـبحث‭ ‬البـاكي‮ ‬عن‭ ‬متـكإ‭ ‬أو‭ ‬يسند‭ ‬رأسه‭ ‬إلى‭ ‬يديـه حتى‭ ‬يقضِـيَ‭ ‬عَـْبَرتَـه‭ ‬وينبسط‭ ‬وجهُـه‭.‬

‬يبقى‭ ‬من‭ ‬الصّعب‭ ‬التمييز‭ ‬دون‭ ‬سماع‭ ‬نشيـج‭ ‬أو‭ ‬نحيب‭ ‬بين

‬دموع‭ ‬الفرح‭ ‬أو‭ ‬الحزن‭ ‬أو‭ ‬دموع‮ ‬‭ ‬البصـل،‭ ‬أو‭ ‬تلـك‭ ‬التي‭ ‬يهيّجها‭ ‬الدخـان‭ ‬أو‭ ‬الغــاز‭.‬

الفـتـنة

‬إذا‭ ‬فـُتن‭ ‬المرءُ،‭ ‬عبثا‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يمتحن‭ ‬فتنته‭ ‬أو‭ ‬يفسّرها‭ ‬فقد‭ ‬يقـتلها‭.‬

عليه‭ ‬إذاً،‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬كل‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬النجاة‭. ‬فالفتنة‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تشعلْ‭ ‬نارها‭ ‬حتى‭ ‬يغيب‭ ‬أثـرُها‭ ‬بلا‭ ‬رجعة،‭ ‬ولا‭ ‬يتبقى‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الخــدَر‭ ‬من‭ ‬لحظـة‭ ‬لا‭ ‬تتكـرّر‭.‬

‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬منبع‭ ‬الألـَق‭ ‬السحري،

يتعلق‭ ‬المفتون‭ ‬بأي‭ ‬شيء‭ ‬يذكـّره‭ ‬باللحظة‭ ‬–الصدمة‭.‬

يائسا‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يُمتلك‭ ‬ومن‭ ‬الارتواء‭ ‬ممّا‭ ‬لا‭ ‬يُشرب،‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬سوى‭ ‬اللـثمِ‭ ‬ملاذا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مصدر‭ ‬الفتنة‭ ‬بالطبع‭ ‬قابلا‭ ‬للـّثم‭ ‬أو‭ ‬إنه‭ ‬يلثم‭ ‬أيّ‭ ‬شيء‭ ‬يحفـظ‭ ‬صورته‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ترابا‭ ‬أو‭ ‬حجرا‭ ‬ليستحضره‭ ‬مغمَض‭ ‬العينين،‭ ‬هـاذيا‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تزول‭ ‬عنه‭ ‬الحمّى‭ ‬حتى‭ ‬تعاوده‭ ‬أشدّ‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭.‬

لكن‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬التـقبيل،‭ ‬لا‭ ‬بُــرءَ‭ ‬من‭ ‬أثـر‭ ‬الفتـنة،‭ ‬وليست‭ ‬القبلة‭ ‬سوى‭ ‬شفاءٍ‭ ‬مؤقتٍ‭ ‬للفـم‭ ‬الأشـلّ‮ ‬الفاغر،‭ ‬مثل‭ ‬جرح‭ ‬لا‭ ‬يندمـل‭.‬

الرقص

مثلما‭ ‬قد‭ ‬يكتفي‭ ‬الشاعرُ‭ ‬بصفحة‭ ‬بيضاء‭ ‬ليُجَـنّ،‭ ‬تكتفي‭ ‬الراقصَة‭ ‬أو‭ ‬الراقص‭ ‬بموطئ‭ ‬صغير‭ ‬لتمزيق‭ ‬الجسد‭ ‬بين‭ ‬الأرض‭ ‬والسمــاء‭.‬

‬ليس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتكرّر‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬رقصا،‭ ‬فكأنه‭ ‬كتابة‭ ‬لا‭ ‬تمحى‭ ‬ولا‭ ‬تـُعدَّل‭ ‬والراقص‮ ‬‭ ‬كالسابح‭ ‬تنكشف‭ ‬حركاتـُه‭ ‬الرعنـاءُ‭ ‬بسهولة‭.‬

‬مثلما‭ ‬تتوالد‭ ‬الأمواج‭ ‬عندما‭ ‬تـُلقَى‭ ‬حَصَياتٌ‭ ‬متواترة‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬تتوالد‭ ‬الحركات‭ ‬ـ‭ ‬تـُوسِّعها‭ ‬أثوابٌ‭ ‬لمّاعـة‭ ‬أو‭ ‬مُشرَّمَـة‭ ‬أو‭ ‬متراكبة‭ ‬ـ‭ ‬راسمـة‭ ‬‬أمـداءً‭ ‬لامتناهيـــة‮…‬

‬لكن‭ ‬مهما‭ ‬يُوَمِّـئ‭ ‬الجسدُ،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يشير‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬نفسه‭ ‬ومهما

ينقل‭ ‬الخطو‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭.‬

‬يتلوّى‭ ‬كطعين‭ ‬ويمـوّج‭ ‬أطرافه‭ ‬الخـَدِرة،‭ ‬ينتفض‭ ‬كذبيح‭ ‬أو‭ ‬يترجّف‭ ‬كالنار،‭ ‬يتخلـّع‭ ‬كدمية‭ ‬الخيطان،‭ ‬كأنه‭ ‬ينسج‭ ‬شرانق‭ ‬لا‭ ‬مرئية‭ ‬ويتورّط‭ ‬فيها‭.‬

ومثلما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للعبارة‭ ‬أن‭ ‬تسـع‭ ‬المعنى‭ ‬كلـه،‭ ‬لا‭ ‬يمكـن‭ ‬أن‭ ‬تستحوذ‭ ‬رقصة‭ ‬على‭ ‬الإيقاع‭ ‬بأكمله بل‭ ‬إن‭ ‬خِدَعَ‭ ‬الحـواسّ‭ ‬تطمِس‭ ‬كل‭ ‬فجوة‭ ‬فيتناغم‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬حتى‭ ‬الجماد،‭ ‬وكلما همّ‭ ‬بالتوقـّف‭ ‬هيّجَتـْه‭ ‬من‭ ‬جديـد‭ ‬غبطـة‭ ‬لا‭ ‬تـُقاوَم‭ ‬إلى‭ ‬حــدّ‭ ‬الشـَّـطح‭ ‬والغَشـَـيان‭.‬

شاعر‭ ‬من‭ ‬تونس

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.