المثقف‭ ‬العربي‭ ‬وقلق‭ ‬السؤال‭ ‬

الأحد 2017/01/01
تخطيط: حسن موسى

لم ‭‬يكن‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬المفكر‭ ‬‮«‬المصري‮»‬‭ ‬سيد‭ ‬القمني،‭ ‬وأريد‭ ‬هنا،‭ ‬أن‭ ‬أشدّد‭ ‬على‭ ‬وصفه‭ ‬بالمصري‭ ‬وليس‭ ‬بالعربي،‭ ‬حوارا‭ ‬متعدّدا‭ ‬لا‭ ‬ينشغل‭ ‬بالقضايا‭ ‬الفكرية‭ ‬في‭ ‬صورتها‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الصارمة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬ينهمم‭ ‬بكلّ‭ ‬الأسئلة‭ ‬في‭ ‬ضروبها‭ ‬الحياتية‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬ذهن‭ ‬الإنسان‭ ‬اليومي،‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬هو‭ ‬وبمفرده،‭ ‬دون‭ ‬سند‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والاستبداد‭ ‬والإكراه‭ ‬والابتزاز‭ ‬القاتل،‭ ‬وكأنّ‭ ‬زمن‭ ‬الرعاية‭ ‬الإلهية‭ ‬قد‭ ‬ولّى،‭ ‬وبقي‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الأخير،‭ ‬عاريا‭ ‬لوحده‭ ‬وسط‭ ‬العواصف‭ ‬والزلازل‭ ‬الفوقية،‭ ‬ففي‭ ‬الحوار‭ ‬إشارات‭ ‬واضحة‭ ‬الدلالة‭ ‬على‭ ‬تعفّن‭ ‬الوضع‭ ‬المصري،‭ ‬حيث‭ ‬الانتشار‭ ‬الرهيب‭ ‬للذهنية‭ ‬الخرافية،‭ ‬سواء‭ ‬عند‭ ‬المسيحيين،‭ ‬وحديثهم‭ ‬عن‭ ‬النبي‭ ‬إشعياء،‭ ‬الذي‭ ‬يُقرأ‭ ‬فيه‭ ‬مصير‭ ‬مصر‭ ‬التراجيدي،‭ ‬وعن‭ ‬التوافق‭ ‬المتوقع‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الذهنية‭ ‬المتورطة‭ ‬في‭ ‬الخرافة،‭ ‬وما‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬من‭ ‬رؤى‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬الأسطورة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكترث‭ ‬بالمنطق‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬يعشق‭ ‬العلم‭ ‬ومنجزاته‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬محاسن‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬‮«‬سيد‭ ‬القمني‮»‬،‭ ‬أنّه‭ ‬انشغل‭ ‬بممارسة‭ ‬النقد‭ ‬على‭ ‬مستوياته‭ ‬المتعدّدة،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يستثن‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬تعلق‭ ‬بالفضاء‭ ‬المصري،‭ ‬فوضع‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬النقد،‭ ‬الفتح‭ ‬الإسلامي‭ ‬لمصر،‭ ‬معتبرا‭ ‬إياه‭ ‬حركة‭ ‬مناقضة‭ ‬للرؤية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وتمّ‭ ‬وفق‭ ‬منطق‭ ‬الغلبة‭ ‬للأقوى،‭ ‬وتوجّه‭ ‬صوب‭ ‬مؤسّسة‭ ‬الأزهر‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬متورطة‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬رؤية‭ ‬خرافية،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬تحظى‭ ‬بتموين‭ ‬مالي‭ ‬كبير،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يوضع‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬السليم‭ ‬والمثمر،‭ ‬وهنا‭ ‬نلحظ‭ ‬حضور‭ ‬الرؤية‭ ‬الإصلاحية‭ ‬التي‭ ‬تبنّاها‭ ‬المصلح‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬لوثر‮»‬،‭ ‬فهو‭ ‬بالتالي،‭ ‬انتقاد‭ ‬ديني‭ ‬بصبغة‭ ‬مسيحية‭ ‬مُبطنة،‭ ‬ولم‭ ‬يحد‭ ‬إطلاقاً‭ ‬عن‭ ‬نزعة‭ ‬النقد‭ ‬الذي‭ ‬امتشقه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زعزعة‭ ‬الوعي‭ ‬الكسول‭ ‬المستمرئ‭ ‬لمقولاته‭ ‬المترهلة،‭ ‬وهي‭ ‬فضيلة‭ ‬ثورية‭ ‬نود‭ ‬أن‭ ‬تستقرّ‭ ‬في‭ ‬ربوعنا‭ ‬الثقافية‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.