ردًّا‭ ‬على‭ ‬الرُّؤية‭ ‬الكارِهة

الأربعاء 2017/03/01
لوحة: نوار حيدر

‬العنوان، ذاته؛‭ ‬وهو‭ ‬العتبة‭ ‬الأساسيَّة‭ ‬لكلامه،‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬تعميم‭ ‬سافر؛‭ ‬كما‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬ادِّعاء‭ ‬كبير‭ ‬بالإحاطةِ‭ ‬بمُجمل‭ ‬الشِّعر‭ ‬المصريِّ‭ ‬وأنَّه‭ ‬متابع‭ ‬لتاريخ‭ ‬الشِّعر‭ ‬المصريِّ‭ ‬بتحوُّلاته‭ ‬المتعدِّدة‭ ‬وأشكاله‭ ‬المختلفة،‭ ‬متابعة‭ ‬تؤهِّله‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشِّعر‭ ‬بجملته‭ ‬فاشلٌ،‭ ‬إنِّ‭ ‬الموقف‭ ‬المعادي‭ ‬للشِّعر‭ ‬المصريّ،وللأدب‭ ‬والنِّقد‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬منذ‭ ‬العنوان،‭ ‬وعبر‭ ‬تفاصيل‭ ‬الرأي‭ ‬غير‭ ‬العلميِّ‭.‬

‭-‬‭ ‬يُعطي‭ ‬الكاتب‭ ‬نفسه‭ ‬الحقَّ‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬تجربة‭ ‬أحمد‭ ‬شوقي،‭ ‬وهو‭ ‬‭(‬الكاتب‭!‬‭)‬‭ ‬لا‭ ‬يزال”‭ ‬تلميذا‭ ‬في‭ ‬الدّراسات‭ ‬الأوليّة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬العربيّ”‭!‬،‭ ‬ويصل‭ ‬إلى‭ ‬النّتيجة‭ ‬الآتية‭: ‬”‭ ‬يئست‭ .‬هذا‭ ‬الشّاعر‭ ‬ليس‭ ‬مقلدًا‭ ‬فقط‭ ‬وإنّما‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يكتب‭ ‬قصيدة‭ ‬فنية‭ ‬تخاطب‭ ‬وجدان‭ ‬القارئ‭ ‬أو‭ ‬عقله‭(‬‭!‬‭)‬‭ .‬لا‭ ‬إمارة‭ ‬للشّعر‭ ‬في‭ ‬قصائد‭ ‬شوقي‭ ‬ولا‭ ‬شعر‭ ‬بالمرّة‭ ‬بل‭ ‬هو،‭ ‬كما‭ ‬وصفه‭ ‬عبّاس‭ ‬محمود‭ ‬العقّاد،‭ ‬كومة‭ ‬تراب‭! ‬لمن‭ ‬يشكّ‭ ‬في‭ ‬كلامي‭ ‬أن‭ ‬يطالع‭ ‬شعر‭ ‬أحمد‭ ‬شوقي‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يطالعه‭ ‬أو‭ ‬يكتب‭ ‬عنه‭ ‬الآن”،‭ ‬وهو‭ ‬بهذا‭ ‬يتغافل‭ ‬أن‭ ‬شوقي‭ ‬كان‭ ‬أبرز‭ ‬شعراء‭ ‬عصره،‭ ‬وأنَّه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إخراجه‭ ‬من‭ ‬مرحلته‭ ‬التَّاريخيَّة‭ ‬لنحاكمه،‭ ‬حاليًا،‭ ‬بمعايير‭ ‬استجدَّت،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬أنَّ‭ ‬العقَّاد‭ ‬تراجع،‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬عن‭ ‬هجومه‭ ‬على‭ ‬شوقي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭-‬‭ ‬المُشترَك‭ ‬مع‭ ‬المازني‭ ‬–‭ ‬“الدِّيوان”،‭ ‬وكنتُ‭ ‬أريد‭ ‬ممَّن‭ ‬تعرَّض‭ ‬لمكانة‭ ‬شوقي‭ ‬في‭ ‬عصره،‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬بمَن‭ ‬هو‭ ‬أهمّ‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬وقته،‭ ‬وعلى‭ ‬الرَّغم‭ ‬من‭ ‬كراهيتي‭ ‬لطريقته‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬النَّعرات‭ ‬ضدّ‭ ‬الأقطار‭ ‬فإنِّني‭ ‬أسأل‭ ‬المدعو‭ ‬أثير‭: ‬هل‭ ‬الزّهاوي‭ ‬والرَّصافي،‭ ‬مثلاً،‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬شوقي‭ ‬وحافظ؟،‭ ‬علمًا‭ ‬بأنَّه‭ ‬واصل‭ ‬كلامه‭ ‬غير‭ ‬المسؤول‭ ‬فضمَّ‭ ‬حافظ‭ ‬إبراهيم‭ ‬إلى‭ ‬شوقي،‭ ‬بل‭ ‬نسى‭ ‬أنَّه‭ ‬يتحدَّث‭ ‬عن‭ ‬الشِّعر‭ ‬فأضاف‭: ‬“كذلك‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬لقب‭ ‬عميد‭ ‬الأدب‭ ‬العربيّ‭ ‬الذي‭ ‬أُطلق‭ ‬على‭ ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬فعلى‭ ‬الرّغم‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬الرّجل‭ ‬كان‭ ‬ناقدًا‭ ‬ولم‭ ‬يكتب‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬سوى‭ ‬سيرته‭ ‬الشخصية‭ ‬وسرديات‭ ‬ذاوية‭ ‬غير‭ ‬مهمَّة‭ ‬‭(‬‭!‬‭)‬‭ ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬عميد‭ ‬الأدب‭ ‬العربيّ‭ .‬كذلك‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬جابر‭ ‬عصفور‭ ‬النَّاقد‭ ‬المصريّ‭ ‬المعروف”،‭ ‬وينتقل‭ ‬إلى‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬البارودي‭ ..‬إنَّه‭ ‬كلام‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬جهل‭ ‬كبير‭ ‬بالحقائق‭ ‬التَّاريخيَّة،‭ ‬وبمراحل‭ ‬التَّحوُّلات‭ ‬الأدب،‭ ‬ويرى‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬شوقي‭ ‬من‭ ‬“مدارس‭ ‬شعريَّة‭ ‬مثل‭ ‬الدِّيوان‭ ‬وأبولو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سوى‭ ‬بدايات‭ ‬متواضعةٍ‭ ‬قياسًا‭ ‬بالحركة‭ ‬الشِّعرية‭ ‬الجديدة‭ ‬الجارفة‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬بفضل‭ ‬الشَّاعرين‭ ‬بدر‭ ‬شاكر‭ ‬السَّيَّاب‭ ‬ونازك‭ ‬الملائكة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالميَّة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالشِّعر‭ ‬الحرّ،‭ ‬أو‭ ‬شعر‭ ‬التَّفعيلة‭ ..‬تأثَّر‭ ‬الأدباء‭ ‬المصريُّون‭ ‬بها‭ ‬ولكنَّها‭ ‬انطبعت‭ ‬عليهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬ولم‭ ‬ينجحوا‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬حتَّى‭ ‬اللحظة‭.‬”‭ ‬وهنا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬المدعو‭ ‬أثير‭ ‬لم‭ ‬يقرأ‭ ‬تجارب‭ ‬شعريَّة‭ ‬مثل‭ ‬تجربة‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬شكري‭ ‬ومحمود‭ ‬حسن‭ ‬اسماعيل‭ ‬وعلي‭ ‬محمود‭ ‬طه‭ ‬وإبراهيم‭ ‬ناجي،‭ ‬وأسأله‭ ‬سؤالا‭ ‬واحدًا‭: ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تأثَّر‭ ‬به‭ ‬كلٌّ‭ ‬من‭: ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصَّبور،‭ ‬وأحمد‭ ‬عبد‭ ‬المعطي‭ ‬حجازي‭ ‬ومحمَّد‭ ‬عفيفي‭ ‬مطر‭ ‬وأمل‭ ‬دنقل‭ ‬بالسَّيَّاب‭ ‬ونازك‭ ‬الملائكة؟

‭-‬‭ ‬والمُدهش‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬مقدِّمة‭ ‬أسباب‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬فشل‭ ‬المصريِّين،‭ ‬دائمًا،‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الشِّعر،‭ ‬أنَّ‭ ‬المصريِّين‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬حاضنة‭ ‬لغويَّة‭ ‬‭(‬‭!‬‭)‬؛‭ ‬لبعدهم‭ ‬عن‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربيَّة،‭ ‬وقد‭ ‬فاته‭ ‬أن‭ ‬الحاضنة‭ ‬العربيَّة‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬عام،‭ ‬هيَ‭: ‬الأزهر،‭ ‬وأنَّها‭ ‬الجامعة‭ ‬العربيَّة‭ ‬الأولى‭ ‬لدراسة‭ ‬علوم‭ ‬اللغة‭ ‬العربيَّة‭ ‬وعلوم‭ ‬الشَّريعة‭ ‬الإسلاميَّة،‭ ‬وبمناسبة‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬الشَّاميِّين‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬أنَّ‭ ‬مصر‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬احتضنت‭ ‬شاميِّين‭ ‬وفدوا‭ ‬إليها‭ ‬شارَكوا‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬النَّهضة‭ ‬الثَّقافيَّة‭ ‬في‭ ‬مجالاتٍ‭ ‬مُتعدِّدة؛‭ ‬ومنهم‭: ‬جمال‭ ‬الدِّين‭ ‬الأفغاني،‭ ‬وجُرجي‭ ‬زيدان،‭ ‬وأنطوان‭ ‬الجميل،‭ ‬وبشارة‭ ‬تكلا،‭ ‬ونجيب‭ ‬متري،‭ ‬وروز‭ ‬اليوسف،‭ ‬وبيرم‭ ‬التُّونسي،‭ ‬وفي‭ ‬مصر‭ ‬عاش‭ ‬وشارك‭ ‬شعراء‭ ‬عربٌ‭ ‬في‭ ‬تشكيلِ‭ ‬ظاهرة‭ ‬الشِّعريَّة‭ ‬العربيَّة‭ ‬الجديدةِ؛‭ ‬المُتحرِّرةِ‭ ‬من‭ ‬الضَّوابطِ‭ ‬العَروضيَّةِ‭ ‬في‭ ‬مصرَ؛‭ ‬التي‭ ‬كانتْ‭ ‬مركزَ‭ ‬الدَّائرةِ‭ ‬الشِّعريَّةِ‭ ‬العربيَّةِ،‭ ‬ومنهم‭: ‬نقولا‭ ‬فيَّاض؛‭ ‬صاحبُ‭ ‬أقدمِ‭ ‬نصٍّ‭ ‬شِعريٍّ‭ ‬مكتوب‭ ‬بالنَّثر‭ ‬العربيِّ،‭ ‬وخليل‭ ‬مُطران،‭ ‬وميِّ‭ ‬زيادة،‭ ‬وخليل‭ ‬شيبوب،‭ ‬وبِشر‭ ‬فارس،‭ ‬كما‭ ‬كانَ‭ ‬من‭ ‬بينِ‭ ‬شعراء‭ ‬جماعة‭ ‬“الفنَ‭ ‬والحريَّة”،‭ ‬المصريَّة،‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الثَّلاثينيَّات،‭ ‬كنتروفيتش؛‭ ‬الشَّاعر‭ ‬البولنديُّ‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬بالعربيَّة‭.‬

‭-‬‭ ‬والمُضحك‭ ‬في‭ ‬استخلاصه‭ ‬أنَّه‭ ‬يرى‭ ‬كذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬الفشل‭ ‬الشِّعريِّ‭ ‬الدَّائم‭ ‬في‭ ‬مصر‭: ‬“الفقر‭ ‬الدِّيموغرافي“،‭ ‬وهو‭ ‬يرى،‭ ‬مُتفلسفًا،‭ ‬أنَّ‭ ‬مصرَ‭ ‬“خلافًا‭ ‬للطَّبيعة‭ ‬السُّكانيَّة‭ ‬العراقيَّة‭ ‬والشَّاميَّة‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بالانتشار‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬مصر‭ ‬مُقيَّدة‭ ‬بشريط‭ ‬مائيٍّ‭ ‬ضيِّق‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬النَّاس‭ ‬بكثافة‭ ‬كبيرة‭ .‬هذا‭ ‬الانحشار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬واحدة‭ ‬يجعل‭ ‬النَّاس‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬مدَّة‭ ‬قصيرة‭ ‬مُتشابهين‭ ‬جدًّا‭ ‬إلاَّ‭ ‬في‭ ‬الأطراف‭ ‬النائيَّة‭ .‬لذلك،‭ ‬مصر‭ ‬تهرس‭ ‬كلّ‭ ‬الثَّقافات‭ ‬بثقافة‭ ‬واحدة‭ ‬ولغة‭ ‬واحدة‭ ‬ومزاج‭ ‬واحد”‭!‬

‭-‬‭ ‬كما‭ ‬يُرجع‭ ‬أسباب‭ ‬الفشل‭ ‬الشِّعريِّ‭ ‬المصريِّ‭ ‬الدَّائم‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬“الثَّقافة‭ ‬المُمنهجة“،‭ ‬ويصل‭ ‬إلى‭ ‬النَّتيجة،‭ ‬العامة‭ ‬الآتية‭: ‬”‭ ‬يرى‭ ‬المرء‭ ‬أنَّ‭ ‬الشِّعر‭ ‬لدى‭ ‬الأديب‭ ‬والنَّاقد‭ ‬المصريِّ‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬رسالة‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬القارئ‭ ‬هيَ‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬رسالة‭ ‬إصلاحيَّة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬التَّغيير‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭ .‬المُباشرة‭ ‬ليست‭ ‬جليَّة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مضمون‭ ‬الرِّسالة‭ ‬وإنَّما‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬الشَّكل‭ .‬فالشِّعر‭ ‬العربيُّ‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬يفصح‭ ‬عن‭ ‬رسالته‭ ‬إفصاحًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬أيضًا‭ .‬الإسراف‭ ‬في‭ ‬المُباشرة‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬كتابة‭ ‬قصيدة‭ ‬غنيَّة‭ ‬وعميقة‭ ‬ومتعدِّدة‭ ‬الدّلالات‭.‬”،‭ ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاستدلال‭ ‬الخاطئ،‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬قرأ‭ ‬شعر‭ ‬محمد‭ ‬عفيفي‭ ‬مطر‭ ‬وحلمي‭ ‬سالم‭ ‬ورفعت‭ ‬سلام‭ ‬وغيرهم؟‭ .‬واللافت‭ ‬أنَّ‭ ‬المدعو‭ ‬أثير‭ ‬يُرجع‭ ‬الفشل‭ ‬الشِّعريّ‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهيَ‭ ‬أنَّه‭ ‬بسبب‭ ‬“التَّعليم‭ ‬المدرسيّ‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬ظلَّ‭ ‬الشُّعراء‭ ‬المصريُّون‭ ‬تابعين‭ ‬فنيًّا‭ ‬لأقرانهم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وبلاد‭ ‬الشَّام‭ ‬وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬وحركة‭ ‬الترجمة‭ ‬والكتابة‭ ‬السردية‭ ‬والنشاطات‭ ‬التمثيلية‭ ‬التي‭ ‬أذاعها‭ ‬بين‭ ‬المصريَّين‭ ‬وافدون‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬الشَّام‭ ‬تحديدًا‭ .‬شعراء‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالميَّة‭ ‬الثَّانية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ظلُّوا‭ ‬أيضًا‭ ‬مقلِّدين‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬لرواد‭ ‬قصيدة‭ ‬التَّفعيلة‭ .‬لا‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬صلاح‭ ‬عبدالصَّبور‭ ‬مثلا‭ ‬إلا‭ ‬تقليدًا‭ ‬لا‭ ‬يكلُّ‭ ‬ولا‭ ‬يملُّ‭ ‬للسَّيَّاب‭ ‬‭(‬‭!‬‭)‬‭ .‬الشُّعراء‭ ‬المعاصرون‭ ‬مثل‭ ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬المعطي‭ ‬حجازي‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬للأسف‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬قصيدة‭ ‬التَّفعيلة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬شعراء‭ ‬العراق‭ ‬وبلاد‭ ‬الشَّام‭ ‬منذ‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭(‬‭!‬‭)‬‭.‬”‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬لايعلم‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬قصيدة‭ ‬النَّثر‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬أيضًا‭!‬

‭-‬‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يرى،‭ ‬أيضًا،‭ ‬في‭ ‬شعر‭ ‬العاميَّة‭ ‬المصريَّة‭ ‬شعرًا،‭ ‬ويُقرِّر‭ ‬“ضعف‭ ‬الشِّعر‭ ‬الشَّعبيّ‭ ‬المصريّ،‭ ‬فهذا‭ ‬الشِّعر‭ ‬يشكو،‭ ‬هو‭ ‬الآخر،‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الآفات‭ ‬التي‭ ‬تستشري‭ ‬في‭ ‬الشِّعر‭ ‬المصريّ‭ ‬الفصيح‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬المستوى‭ ‬الفني‭ ‬وقلَّة‭ ‬التَّجديد‭ ‬وغياب‭ ‬العُمق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفكار‭ ‬والأشكال‭ ‬وشُحّ‭ ‬الموهبة‭ ‬واستفحال‭ ‬المُباشرة‭ ‬والتَّعليميَّة‭.‬”

‭-‬‭ ‬وعلى‭ ‬الرَّغم‭ ‬من‭ ‬أنَّ‭ ‬ما‭ ‬يدَّعيه‭ ‬على‭ ‬مُجمل‭ ‬الشِّعر‭ ‬المصريّ‭ ‬يمكن‭ ‬قوله‭ ‬على‭ ‬الشِّعر‭ ‬العراقيّ‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الشِّعر‭ ‬العربيّ،‭ ‬فإنَّه‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬عامَّة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تعليق‭ ‬هيَ‭ ‬أنَّ‭: ‬”‭ ‬مصر‭ ‬لم‭ ‬تكد‭ ‬تكتب‭ ‬شعرًا‭ ‬جيِّدًا‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬العام‭ ..‬لا‭ ‬بالفصحى‭ ‬ولا‭ ‬العامية‭.‬”

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.