انغلاق‭ ‬وانفلات

الأربعاء 2017/03/01
تخطيط: خزيمة علواني

‬الحديث الصاخب‭ ‬والدائرة‭ ‬رحاه‭ ‬دائماً‭ ‬عن‭ ‬“الثقافة‭ ‬والفكر”،‭ ‬وخطاب‭ ‬تجديدهما‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬ومدى‭ ‬مكانتهما‭ ‬ودرجة‭ ‬إشكاليتهما،‭ ‬يظل‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬معنى،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يسبقه‭ ‬رصد‭ ‬حقيقي‭ ‬لمفردات‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬ككل‭ ..‬يحدد‭ ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إليها‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬العربي،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬تجديده؟

والحقائق‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬مهمتهما‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموروث‭ ‬والمخزون‭ ‬الحضاري،‭ ‬وعلى‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الشاملة‭ ..‬كما‭ ‬أن‭ ‬هويتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬كعرب‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الحقائق‭ ‬التالية‭: ‬تاريخياً‭ ‬نحن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الثقافات‭ ‬والحضارات‭ ‬المتنوعة‭ ‬التي‭ ‬نبتت‭ ‬وترعرعت‭ ‬ببلادنا‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭ ..‬وجغرافياً‭ ‬نحن‭ ‬أيضاً‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬وحضارة‭ ‬العالم‭ ‬المحيط‭ ‬بنا‭.‬

ومن‭ ‬ثم‭ ‬علينا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بتعدّد‭ ‬وتنوع‭ ‬الخطابات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي،‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬ثقافات‭ ‬تبدو‭ ‬متنافرة‭ ‬متناحرة،‭ ‬تتأرجح‭ ‬بين‭ ‬ثقافة‭ ‬تقليدية‭ ‬محافظة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الانغلاق،‭ ‬وثقافة‭ ‬حداثية‭ ‬متغربة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الانفلات‭.‬

وبين‭ ‬هذين‭ ‬القطبين‭ ‬تنوع‭ ‬ثقافي‭ ‬هائل‭ ‬لا‭ ‬خوف‭ ‬منه‭ ..‬إنما‭ ‬كل‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬افتقاد‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬الثقافتين‭.‬

ولكن‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬بمعناهما‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬سوف‭ ‬نجد‭ ‬عدة‭ ‬فجوات‭ ‬تعوق‭ ‬تقدم‭ ‬المسار‭ ‬الحضاري‭ ‬به‭.‬

أولاً‭: ‬الفجوة‭ ‬الثقافية‭ ‬بين‭ ‬الوعود‭ ‬والخطاب‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وبين‭ ‬المتحقق‭ ‬القليل‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

ثانياً‭: ‬الهوة‭ ‬أو‭ ‬الاختلال‭ ‬بين‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬المتسلطة‭ ‬والمتعالية،‭ ‬وبين‭ ‬خدماتها‭ ‬للوفاء‭ ‬باحتياجات‭ ‬الجماهير‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاغتراب‭ ‬وعدم‭ ‬المشاركة‭.‬

ثالثاً‭: ‬انتهازية‭ ‬بعض‭ ‬المثقفين‭ ‬الذين‭ ‬تمتد‭ ‬أعناقهم‭ ‬وطموحاتهم‭ ‬إلى‭ ‬المناصب‭ ‬التنفيذية‭ ‬العُليا‭ ‬والوزارات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬تطلع‭ ‬دائم‭ ‬لمسايرة‭ ‬السُلطة‭ ‬وتبرير‭ ‬بعض‭ ‬أخطائها‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التملق‭ ‬والنفاق‭ ‬لتحقيق‭ ‬المراد‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬وأكثر‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬مُهين‭ ‬للثقافة‭ ‬والمثقفين‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬البُلدان‭ ‬العربية،‭ ‬بسبب‭ ‬علاقتهم‭ ‬بالنُظم‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يمارسون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أعمالهم‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬النهوض‭ ‬ومواكبة‭ ‬الحركة‭ ‬الثقافية‭ ‬العالمية،‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬النُظم‭ ‬السياسية‭ ‬غلبت‭ ‬فيها‭ ‬السلطوية‭ ‬والشُّمولية‭ ‬على‭ ‬النُظم‭ ‬الليبرالية‭.‬

لذا‭ ..‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬لضمان‭ ‬استقرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬وبالتالي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬والتفاعل‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬التيارات‭ ‬والحركات‭ ‬الثقافية،‭ ‬ومد‭ ‬الجسور‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬العقبات‭ ‬والانكسارات،‭ ‬وأن‭ ‬تؤمن‭ ‬النُخب‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬أن‭ ‬تجديد‭ ‬الخطابين‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬لمواكبة‭ ‬كل‭ ‬جديد‭ ‬وعقلاني‭ ‬بات‭ ‬أمراً‭ ‬عاجلاً‭.‬

ولكن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الوزارات‭ ‬والمراكز‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬تعزف‭ ‬منفردة‭ ‬كلٍ‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬لا‭ ‬اهتمام‭ ‬بالتواصل‭ ‬وتحديد‭ ‬الرّؤى‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بالمهتمين‭ ‬بالشأن‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬ذاته‭! ‬ولا‭ ‬تبالي‭ ‬بتجديد‭ ‬خطابها‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬الشامل‭ ‬لكي‭ ‬ينفتح‭ ‬على‭ ‬العالم‭.‬

لذا‭ ‬أضحت‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬الأقل‭ ‬تأثيرا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الفكرية‭ ‬والروحية‭ ‬والإنسانية‭ ‬لدى‭ ‬المهتمين‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع‭.‬

إن‭ ‬استقراء‭ ‬عمل‭ ‬وزارات‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬انقسامها‭ ‬إلى‭ ‬قسمين‭: ‬وزارات‭ ‬ثقافية‭ ‬لنخبة‭ ‬ملتحقة‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬بالثقافة‭ ‬الغربية،‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬العصرية‭ ‬والتنوير‭ ..‬وخطابها‭ ‬ليبرالي‭ ‬منفتح‭ ‬على‭ ‬الثقافات‭ ‬الأخرى،‭ ‬لكنه‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬رجل‭ ‬الشارع،‭ ‬لبعده‭ ‬عن‭ ‬مسارات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمواطن‭ ‬العربي‭ ‬البسيط،‭ ‬فلا‭ ‬هي‭ ‬بسّطت‭ ‬من‭ ‬خطابها‭ ‬الأكاديمي‭ ‬للمهمشين،‭ ‬ولا‭ ‬آمنت‭ ‬بأن‭ ‬الصراع‭ ‬ليس‭ ‬صراعاً‭ ‬أيديولوجياً‭ ‬قحطاً‭ ‬بين‭ ‬معسكر‭ ‬علماني‭ ‬والآخر‭ ‬ديني‭ ‬كما‭ ‬يصوره‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬العلم‭ ‬والجهل،‭ ‬بين‭ ‬الإبداع‭ ‬والاجتهاد‭ ‬والتخلّف‭ ‬والجمود‭.‬

ووزارات‭ ‬ثقافية‭ ‬أخرى‭ ‬تغلغل‭ ‬وتأصل‭ ‬فيها‭ ‬المد‭ ‬الأصولي‭ ‬وسيطر‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬أغلب‭ ‬من‭ ‬فيها،‭ ‬خطابها‭ ‬ديني‭ ‬يتأرجح‭ ‬بين‭ ‬التشدد‭ ‬والمحافظة‭ ‬أحياناً‭ ‬يدعوا‭ ‬إلى‭ ‬الانغلاق‭ ‬بهدف‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الدينية‭ ..‬وتتناحر‭ ‬دائماً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العقائد‭ ‬والمذاهب‭ ‬و‮…‬‭ ‬والخ‭ .‬فلا‭ ‬هي‭ ‬آمنت‭ ‬بالتنوير‭ ‬الحقيقي‭ ‬والإبداع‭ ‬والتحليق‭ ‬خارج‭ ‬السرب،‭ ‬والطرح‭ ‬الثقافي‭ ‬الجيد‭ ‬الشامل‭ ..‬ولا‭ ‬هي‭ ‬أفسحت‭ ‬الدروب‭ ‬للباحثين‭ ‬عن‭ ‬شعاع‭ ‬نور‭ ‬وأمل‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬وبعث‭ ‬مشروع‭ ‬نهضوي‭ ‬يرتقي‭ ‬بالعقل‭ ‬الجمعي‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭.‬

وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فالقضية‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬قضية‭ ‬ثقافية‭ ‬شاملة‭ ..‬فكراً‭ ‬وعلماً‭ ‬وقيماً‭ ‬روحية‭ ‬وعاطفية‭ ‬وأخلاقية،‭ ‬وعلاقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وعدالة‭ ‬وحرية‭.‬

والشيء‭ ‬بالشيء‭ ‬يذكر‭ ..‬إن‭ ‬افتقاد‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬المتنوّعة،‭ ‬داخل‭ ‬الأمة‭ ‬الواحدة‭ ..‬يحرمها‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬المساحات‭ ‬المشتركة‭ ‬بينهم،‭ ‬ويقتل‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالآخر،‭ ‬واتهامه‭ ‬بالجهل‭ ‬والتخلف‭ ‬وعندئذ‭ ‬تشتعل‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الثقافية‭ ‬بين‭ ‬المتناحرين‭.‬

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬الذكر‭ ‬عندما‭ ‬اشتعلت‭ ‬الحرب‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حقبة‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬بين‭ ‬مؤسستين‭ ‬ثقافيتين‭ ‬مختلفتين‭ ‬لا‭ ‬حوار‭ ‬ثقافيّ‭ ‬أو‭ ‬فكريّ‭ ‬بينهما‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬بسبب‭ ‬نشر‭ ‬رواية‭ ‬”‭ ‬وليمة‭ ‬لأعشاب‭ ‬البحر‭ ‬”‭ ‬للكاتب‭ ‬السوري‭ ‬حيدر‭ ‬حيدر‭ ..‬الأولى‭ ‬مؤسسة‭ ‬ثقافية‭ ‬متحررة‭ ‬هي‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬والثانية‭ ‬مؤسسة‭ ‬ثقافية‭ ‬دينية‭ ‬محافظة‭ ‬هي‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬لم‭ ‬تسع‭ ‬أو‭ ‬تبحث‭ ‬أيّ‭ ‬من‭ ‬المؤسستين‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬تلاق‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الكف‭ ‬عن‭ ‬المهاترات‭ ‬والهرطقات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬آنذاك،‭ ‬أو‭ ‬مد‭ ‬الجسور‭ ‬لبناء‭ ‬حوار‭ ‬وخطاب‭ ‬ثقافي‭ ‬مستنير‭ ‬وتنويري‭ ‬يقرّب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ..‬ويبتعد‭ ‬عن‭ ‬التمسح‭ ‬في‭ ‬عباءة‭ ‬الدين،‭ ‬أو‭ ‬اتهام‭ ‬الآخر‭ ‬بالانفلات‭ ‬والتحرر‭ ‬والعمالة‭ ‬والخيانة‭.‬

إنما‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬وقتها‭ ‬إلى‭ ‬خروج‭ ‬بعض‭ ‬طُلاّب‭ ‬الجامعات‭ ‬الأزهرية‭ ‬في‭ ‬مظُاهرات‭ ‬ومُصادمات‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ..‬أعطى‭ ‬ذلك‭ ‬الحُجّة‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬بتجميد‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬الاشتراكي‭ ‬آنذاك‭ ‬برئاسة‭ ‬المرحوم‭ ‬المهندس‭ ‬إبراهيم‭ ‬شكري،‭ ‬وإلى‭ ‬غلق‭ ‬جريدة‭ ‬“الشعب”‭ ‬لسان‭ ‬عام‭ ‬الحزب،‭ ‬بسبب‭ ‬مقال‭ ‬محمد‭ ‬عباس‭ ‬بالجريدة‭ ‬بعنوان‭ ‬“من‭ ‬يبايعني‭ ‬على‭ ‬الموت”‭ ‬ضد‭ ‬الرواية،‭ ‬وبسبب‭ ‬سيطرة‭ ‬الإسلاميين‭ ‬عليهما‭ ‬‭(‬الحزب‭ ‬والجريدة‭)‬‭ ..‬مما‭ ‬ضرب‭ ‬الحياة‭ ‬الحزبية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬مقتل‭.‬

خُلاصة‭ ‬القول،‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أهل‭ ‬الثقافة‭ ‬والمثقفين‭ ‬إدراك‭ ‬المشكلة‭ ‬والكارثة‭ ‬الكبرى‭ ..‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الحوار‭ ‬يكاد‭ ‬يصبح‭ ‬مستحيلاً‭ ‬بين‭ ‬الثقافتين،‭ ‬ثقافة‭ ‬منغلقة‭ ‬ومغموسة‭ ‬في‭ ‬أضابير‭ ‬الماضي،‭ ‬والأخرى‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بكل‭ ‬آلياتها‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مدى،‭ ‬ممّا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أضحت‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬معزل‭ ‬عن‭ ‬أيّ‭ ‬مشروع‭ ‬نهضوي‭ ‬حقيقي،‭ ‬ولم‭ ‬يعودا‭ ‬قادران‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬وعي‭ ‬الأمة،‭ ‬وتجديد‭ ‬خطابهما‭ ‬المزعوم‭ ‬والذي‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬الهشاشة‭ ‬والتحلل‭ ‬والتنابز‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحمله،‭ ‬أو‭ ‬استيعابه‭ ‬لأنه‭ ‬بلا‭ ‬جوهر‭ ‬حقيقي،‭ ‬أو‭ ‬سعي‭ ‬حثيث‭ ‬ودائم‭ ‬لبناء‭ ‬جسور‭ ‬من‭ ‬التلاقي،‭ ‬والنقد‭ ‬العقلي‭ ‬يؤتي‭ ‬ثماره‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإيمان‭ ‬بحتمية‭ ‬التعايش‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬المختلفة،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الشاملة‭ ‬ككل‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.