التراجيديا‭ ‬الإنسانية والمشهد‭ ‬الروائي

الأربعاء 2017/03/01

ترصد‬‭ ‬روايات‭ ‬محمود‭ ‬حسن‭ ‬الجاسم‭ ‬الوضع‭ ‬السوري‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬إصداره‭ ‬روايته‭ ‬الأولى‭ ‬“غفرانك‭ ‬يا‭ ‬أمي”‭ ‬‭(‬الدار‭ ‬العربية‭ ‬للعلوم‭ ‬2014‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬بوابة‭ ‬ولوجه‭ ‬لكتابة‭ ‬روائية‭ ‬تدرجت‭ ‬نحو‭ ‬التعمق‭ ‬والوضوح؛‭ ‬من‭ ‬ميول‭ ‬للمواربة‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬إلى‭ ‬الوضوح،‭ ‬ومن‭ ‬كلاسيكية‭ ‬الأدوات‭ ‬إلى‭ ‬الحداثة‭ ‬والفنية‭.‬

مآلات‭ ‬حالة

تعد‭ ‬رواية‭ ‬“نزوح‭ ‬مريم”‭ ‬‭(‬دار‭ ‬التنوير‭-‬‭ ‬2015‭)‬‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬التي‭ ‬غاصت‭ ‬عميقاً‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السوري‭ ‬مبرزة‭ ‬اختلافاته‭ ‬وتنوعاته‭ ‬وتناقضاته‭ ‬ومآلاته،‭ ‬بعد‭ ‬روايتيه‭ ‬السابقتين‭ ‬اللتين‭ ‬تحدثتا‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬السوري‭ ‬الملتهب‭.‬

منذ‭ ‬العتبة‭ ‬السردية‭ ‬الأولى‭ ‬‭(‬العنوان‭)‬‭ ‬يواجه‭ ‬القارئ‭ ‬علامتي‭ ‬دلالة‭ ‬تأويلية‭ ‬وهما‭ ‬النزوح‭ ‬ومريم‭ ‬ولكليهما‭ ‬مدلوله‭ ‬الذي‭ ‬يتكئ‭ ‬على‭ ‬مرتكزين‭ ‬هما‭: ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬والديني‭ ‬والحاضر‭ ‬الآني‭ ‬المتصل‭ ‬بالراهن‭ ‬السياسي‭ ‬السوري‭.‬

يتلوها‭ ‬بعتبة‭ ‬سردية‭ ‬ثانية‭ ‬وهي‭ ‬الإهداء،‭ ‬فالرواية‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬وصية‭ ‬أو‭ ‬حكاية‭ ‬النزوح‭ ‬التي‭ ‬ستحكي‭ ‬الأم‭ ‬سارة‭ ‬قصتها‭ ‬لابنتها‭ ‬مريم‭ ‬كي‭ ‬تبرّئ‭ ‬ذاتها‭ ‬بسبب‭ ‬خيارها‭ ‬في‭ ‬النزوح‭!‬

البناء‭ ‬السردي

يغرف‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الحداثة‭ ‬ما‭ ‬يمكّن‭ ‬نصه‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬الجديد‭ ‬ومغادرة‭ ‬ما‭ ‬ينعته‭ ‬بالكلاسيكية،‭ ‬أو‭ ‬التقليد‭ .‬بدايةً؛‭ ‬يعتني‭ ‬بالعنوان،‭ ‬فيجعله‭ ‬في‭ ‬كلمتين‭ ‬دالتين‭ ‬ترافقان‭ ‬القارئ‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القص‭ ‬حتى‭ ‬نهايته‭ .‬من‭ ‬ثم‭ ‬الاقتداء‭ ‬بمسيرة‭ ‬الكتابة‭ ‬السردية‭ ‬الجديدة‭ ‬بالتمهيد‭ ‬في‭ ‬إهداء‭ ‬الرواية‭ ‬بما‭ ‬يسمّى‭ ‬بالعتبة‭ ‬السردية‭ ‬الثانية‭ ‬فكانت‭ ‬تلك‭ ‬العتبة‭ ‬مفتاح‭ ‬القصة‭ ‬والمؤشر‭ ‬على‭ ‬جنس‭ ‬الراوي‭ ‬ولغته‭ ‬وأشخاص‭ ‬الرواية‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬وجد‭ ‬الكاتب‭ ‬ركيزة‭ ‬بناء‭ ‬السرد‭ ‬سينطلق‭ ‬باتجاه‭ ‬القص‭ ‬ذاته،‭ ‬فالساردة‭ ‬الراوية‭ ‬هي‭ ‬الأمّ،‭ ‬تسرد لابنتها‭ ‬قصة‭ ‬طويلة‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬236‭ ‬صفحة‭ ‬تخبرها‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬نزوحهما‭ ‬وكيف‭ ‬بدأت‭ ‬تلك‭ ‬الأسباب‭ ‬وكيف‭ ‬انتهت‭ ‬بهما‭ ‬وبسوريا‭!‬

يراوح‭ ‬الفضاء‭ ‬النصيّ‭ ‬الزمني‭ ‬بين‭ ‬زمنين‭ ‬هما‭ ‬الحاضر‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬أحداث‭ ‬التظاهر‭ ‬ورد‭ ‬النظام‭ ‬العنيف‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين،‭ ‬وتسلح‭ ‬المعارضة‭ ‬ودخول‭ ‬داعش،‭ ‬وهي‭ ‬كلها‭ ‬أحداث‭ ‬مؤلمة‭ ‬سوداوية،‭ ‬والزمن‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬الماضي؛‭ ‬حيث‭ ‬تلون‭ ‬الراوية‭ ‬قصصه‭ ‬بذكرياتها‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬وأصدقائهما‭ ‬والرقة‭ ‬وأهلها‭ ‬سابقاً‭ ‬وأحاديث‭ ‬دارت‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬زوجها‭.‬

يزاوج‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تداخل‭ ‬جمالية‭ ‬بين‭ ‬الحدث‭ ‬المؤلم‭ ‬والحدث‭ ‬الحالم‭ ‬بأن‭ ‬يجعل‭ ‬عملية‭ ‬السرد‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الراوية‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬سرد‭ ‬اللاوعي‭ ‬فتتنقل‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬متتالية‭ ‬من‭ ‬السرودات،‭ ‬مرة‭ ‬تنعى‭ ‬الحاضر‭ ‬وتربط‭ ‬النعي‭ ‬بالماضي‭ ‬الحالم،‭ ‬فيخرج‭ ‬نص‭ ‬الكاتب‭ ‬موشّى‭ ‬متداخلاً‭ ‬متناغماً‭ ‬مهيئاً‭ ‬القارئ‭ ‬لعملية‭ ‬القراءة‭ ‬المتلاحقة‭ ‬محاولاً‭ ‬قص‭ ‬أجنحة‭ ‬الملل‭ ‬أو‭ ‬خذلان‭ ‬فعل‭ ‬القراءة‭.‬

المشهدية‭ ‬السينمائية

يدير‭ ‬الكاتب‭ ‬قرص‭ ‬السينماتوغراف‭ ‬(Cinematographe)‭ ‬ليطلعنا‭ ‬على‭ ‬صندوق‭ ‬دنيا‭ ‬مدينة‭ ‬الرقة‭ ‬فيلوّنه‭ ‬بمشاهد‭ ‬وصف‭ ‬حركي،‭ ‬يقارب‭ ‬النص‭ ‬من‭ ‬المشهدية‭ ‬السينمائية،‭ ‬مبتعداً‭ ‬عن‭ ‬الوصف‭ ‬الساكن‭ .‬فيتعمد‭ ‬منافسة‭ ‬أدوات‭ ‬الميديا‭ ‬الجاذبة‭ ‬بأن‭ ‬يخلق‭ ‬حياة‭ ‬متحركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صور‭ ‬الأولاد‭ ‬العفاريت‭ ‬والجرارات‭ ‬وصوتها‭ ‬بينما‭ ‬تمر‭ ‬في‭ ‬الطريق،‭ ‬وكيف‭ ‬تتعاون‭ ‬النسوة‭ ‬الرقاويات‭ ‬لغسل‭ ‬جدران‭ ‬شقة‭ ‬المدرّسات‭ ‬المنتدبات‭ ‬إلى‭ ‬ريف‭ ‬الرقة‭ ‬للتعليم‭ .‬كما‭ ‬يصف‭ ‬لسع‭ ‬الناموس‭ ‬للمدرسات‭ ‬الوافدات‭ ‬للرقة‭ ‬وكيف‭ ‬يؤرقهن‭ ‬حر‭ ‬الرقة‭ ‬ولسع‭ ‬الناموس‭ ..‬‭(‬ص12‭-‬13‭)‬‭.‬

والكثير‭ ‬من‭ ‬الأوصاف‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لوافد‭ ‬إلى‭ ‬الرقة‭ ‬أن‭ ‬يلحظها‭ ‬لكونه‭ ‬يرى‭ ‬مشاهد‭ ‬حسيّة‭ ‬جديدة،‭ ‬فيحركها‭ ‬محرك‭ ‬أسئلة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬أجوبة‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬كيف‭ ‬لنسوة‭ ‬كهؤلاء‭ ‬يتعبن‭ ‬طيلة‭ ‬النهار‭ ‬في‭ ‬قطف‭ ‬القطن‭ ‬وزراعة‭ ‬الحقول‭ ‬ثم‭ ‬يجلسن‭ ‬يتسامرن‭ ‬ويضحكن‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬تعب‭ ‬النهار‭ ‬قد‭ ‬تبدد‭ ‬وزال‭ ‬‭(‬يتعبن،‭ ‬يجهدن‭ ..‬في‭ ‬المساءات‭ ‬تتحول‭ ‬الحكايات‭ ‬إلى‭ ‬عذوبة‭ ‬لذيذة‭ ‬فياضة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الفراتيات‮…‬‭)‬‭!‬

ديموغرافيا‭ ‬التنوع

‮ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المعلومة‭ ‬الديموغرافية‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬النص،‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬متابع‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬سياق‭ ‬الفضاء‭ ‬الجزيري‭ ‬‭(‬الرقة‭-‬‭ ‬دير‭ ‬الزور‭-‬‭ ‬الحسكة‭-‬‭ ‬ريف‭ ‬حلب‭)‬،‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬المعلومة‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬أتت‭ ‬من‭ ‬عارف‭ ‬بالمنطقة‭ ‬لأنه‭ ‬ابنها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬كونها‭ ‬معلومة‭ ‬ديموغرافية‭ ‬قُدِّمت‭ ‬بعين‭ ‬الوافد‭ ‬‭(‬المدرِّسة‭ ‬المسيحية‭ ‬ابنة‭ ‬محردة‭)‬،‭ ‬فتتحدث‭ ‬عن‭ ‬‭(‬سكان‭ ‬مزرعة‭ ‬النجاة‭ ‬وانتمائهم،‭ ‬الخليط‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬تقبلهم‭ ‬لوجود‭ ‬الفتاة‭ ‬المحرداوية‭ ‬المسيحية،‭ ‬البدو‭..‬‭)‬‭.‬

تتحدث‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬الفراتية‭ ‬وكونها‭ ‬مكوناً‭ ‬ديموغرافياً‭ ‬غير‭ ‬مهمّش‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الفعالية‭ ‬والعمل،‭ ‬فهن‭ ‬يتلثمن‭ ‬من‭ ‬حرّ‭ ‬الشمس،‭ ‬وينزلن‭ ‬للحقول،‭ ‬فيتعبن‭ ‬ويجهدن‭ ‬غير‭ ‬مترفات‭ ‬يحاصرهن‭ ‬شقاء‭ ‬متنوع‭ ‬الوجوه‭ ‬‭(‬حرارة‭ ‬الشمس،‭ ‬حجم‭ ‬العمل‭ ‬والطنين‭ ‬الجهنمي‭ ‬للبعوض‭)‬‭.‬

يعرض‭ ‬أسماء‭ ‬وصفات‭ ‬طعام‭ ‬الرقة،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتوثيق‭ ‬حضارة‭ ‬شعب،‭ ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬أخرى‭ ‬يرصّع‭ ‬النص‭ ‬بكلمات‭ ‬أغان‭ ‬فراتية‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬الكلاحي‭ ‬والموالي‭.‬

يصر‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬الحضور‭ ‬الرقاوي‭ ‬وأنه‭ ‬يطال‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الرقة،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬خديجة‭ ‬أم‭ ‬زوج‭ ‬سارة‭ ‬القرآن‭ ‬ليرتاح‭ ‬صدرها‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وألم‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬المنطقة‭ ‬ثم‭ ‬تتبع‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬بأغنية‭ ‬من‭ ‬الموّاليات‭.‬

تُظهر‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬تمكّن‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬المنطقة‭ ‬وهو‭ ‬ابنها‭ ‬بعين‭ ‬الوافد‭ ‬فينتقد‭ ‬ويفارق‭ ‬ويقارن‭!‬

الرؤية‭ ‬المحايدة


لوحة: نوار حيدر

إن‭ ‬تبئير‭ ‬الكاتب‭ ‬لوجهة‭ ‬النظر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عين‭ ‬ولسان‭ ‬امرأة‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬أو‭ ‬التفكير‭ ‬المؤدلج،‭ ‬يتيح‭ ‬لأحداث‭ ‬الربيع‭ ‬السوري‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬رؤية‭ ‬خارجية‭ ‬للحدث‭ ‬تسير‭ ‬معه‭ ‬منذ‭ ‬التشكل‭ ‬والانطباع‭ ‬الأوّليين‭.‬

المرأة‭ ‬اسمها‭ ‬سارة،‭ ‬مسيحية‭ ‬من‭ ‬محردة‭ ‬الحموية،‭ ‬تزوجت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬برجل‭ ‬مسلم‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬مدينة‭ ‬الرقة،‭ ‬ويقطن‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬المنصورة‭ ‬المترف‭ ‬مادياً‭ ‬والمعروف‭ ‬ببقائه‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬التظاهر‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثورة‭ ‬السورية‭.‬

زوج‭ ‬سارة‭ ‬المحسوب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬لعمله‭ ‬في‭ ‬مديرية‭ ‬الزراعة،‭ ‬يقف‭ ‬ضد‭ ‬عنف‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬الردّ‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين،‭ ‬ولكنه‭ ‬يكتفي‭ ‬بالشجب‭ ‬بين‭ ‬جدران‭ ‬منزله‭ ‬وخصامه‭ ‬لأخيه‭ ‬الشبّيح،‭ ‬وذلك‭ ‬اعتقاداً‭ ‬منه‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬تجنّب‭ ‬شر‭ ‬النظام‭ .‬بينما‭ ‬أخوه‭ ‬ينخرط‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬الموالاة‭ ‬والمحاباة‭ ‬لموقف‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بتعنيفهم‭ ‬وقتلهم‭.‬

سارة‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬مشاهدة‭ ‬لخلافات‭ ‬زوجها‭ ‬وأخيه،‭ ‬تضعها‭ ‬الظروف‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬المشاهدة‭ ‬أيضاً‭ ‬لمظاهرة‭ ‬مسالمة‭ ‬يُطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رجال‭ ‬النظام‭ ‬وتسمع‭ ‬للهجاتهم‭ ‬المغايرة‭ ‬للهجة‭ ‬أهل‭ ‬الرقة،‭ ‬ثم‭ ‬إنهم‭ ‬يعتقلونها‭ ‬ويسيئون‭ ‬إليها‭ ‬ويشتمونها‭.‬

سارة‭ ‬تشاء‭ ‬الظروف‭ ‬أن‭ ‬تشاهد‭ ‬عنف‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الثوار‭ ‬الذين‭ ‬يقررون‭ ‬الانتقام‭ ‬لأبنائهم‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬باقتحام‭ ‬منزل‭ ‬سارة‭ ‬ذاتها‭ ‬لأجل‭ ‬اعتقال‭ ‬شقيق‭ ‬زوجها‭ ‬ولكنهم‭ ‬يعتقلون‭ ‬زوجها‭ ‬ضمن‭ ‬ظروف‭ ‬فوضى‭ ‬وبعضهم‭ ‬يعلم‭ ‬أنهم‭ ‬يعنفون‭ ‬“هاشم”‭ ‬وليس‭ ‬“بشير‭ ‬الشبيح”‭ ‬ولكنهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انتقام‭ ‬وفوضى‭ ‬وغضب‭.‬

سارة‭ ‬تسمعهم‭ ‬كيف‭ ‬يشتمونها‭ ‬هي‭ ‬وأمّ‭ ‬زوجها‭ ‬ويضربونهما‭ ‬أمام‭ ‬طفلتها،‭ ‬كما‭ ‬يعذبون‭ ‬زوجها‭ ‬ويختطفونه‭ ‬بينما‭ ‬هو‭ ‬ينزف‭.‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬تشهد‭ ‬دخول‭ ‬داعش‭ ‬للرقة،‭ ‬وتَسَلُّمَهم‭ ‬أمر‭ ‬المنطقة‭ ‬وظلمهم‭ ‬للبشر،‭ ‬واستخدامهم‭ ‬لنسوة‭ ‬ورجال‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬السوابق‭ ‬والسمعة‭ ‬السيئة‭ ‬لأجل‭ ‬إطلاق‭ ‬أيديهم‭ ‬بالمدنيين‭ .‬تفقد‭ ‬كل‭ ‬المحيطين‭ ‬بها‭ ‬وتقرّر‭ ‬النزوح‭ ‬مع‭ ‬ابنتها‭ ‬إلى‭ ‬محردة‭.‬

تشكل‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬‭(‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬القائمة‭ ‬الطويلة‭ ‬للبوكر‭ ‬في‭ ‬‮ ‬العام‭ ‬2016‭)‬‭ ‬إضافة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬المشهد‭ ‬السوري،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬تقديم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬المختلفة‭ ‬مبرزة‭ ‬التنوع‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬الحالة‭ ‬الاجتماعية‭.‬

‮ ‬بالأبيض‭ ‬والأسود

تعتمد‭ ‬رواية‭ ‬“نظرات‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الحياء”‭ ‬‭(‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الدار‭ ‬العربية‭ ‬ناشرون،‭ ‬بيروت،‭ ‬2015‭)‬‭ ‬على‭ ‬أحداث‭ ‬سياسية‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬السوري‭ ‬أيام‭ ‬الثمانينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬تأثير‭ ‬أحداث‭ ‬حماة‭ ‬آنئذ‭ ‬على‭ ‬الشارع‭ ‬في‭ ‬حلب‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬هدوءاً،‭ ‬وكيفية‭ ‬تغير‭ ‬المزاج‭ ‬من‭ ‬الحجاب،‭ ‬ودورات‭ ‬المظليين‭ ‬الشبيبية‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬حيث‭ ‬موت‭ ‬باسل‭ ‬الأسد‭ ‬وتجديد‭ ‬البيعة‭ ‬لحافظ‭ ‬الأسد،‭ ‬ويحاول‭ ‬الكاتب‭ ‬عبر‭ ‬تقنية‭ ‬الميتاسرد‭ ‬غرس‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬نصه‭ ‬كي‭ ‬ينبت‭ ‬فضولاً‭ ‬لدى‭ ‬القارئ‭ ‬يوحي‭ ‬بحقيقية‭ ‬الحكاية‭ ‬الخام،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬جذبه‭ ‬للنص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬إيهام‭ ‬بشجاعة‭ ‬الراوي‭.‬

تتمحور‭ ‬حكاية‭ ‬“نظرات‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الحياء”‭ ‬المركزية‭ ‬حول‭ ‬شخصية‭ ‬الشاب‭ ‬“حازم”،‭ ‬فتبدأ‭ ‬سردها‭ ‬بوصف‭ ‬طويل‭ ‬لاجتهاده‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬خطيبته‭ ‬ونيل‭ ‬عمل‭ ‬محترم‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬لكن‭ ‬خطيَّة‭ ‬السرد‭ ‬تنكسر‭ ‬نتيجة‭ ‬تعرض‭ ‬حازم‭ ‬لحادث‭ ‬سير‭ ‬يحيله‭ ‬إلى‭ ‬رجل‭ ‬مشوّه،‭ ‬منبوذ‭ ‬اجتماعياً،‭ ‬بأحلام‭ ‬محطّمة‭ .‬أصيب‭ ‬بذلك‭ ‬الحادث‭ ‬نتيجة‭ ‬رعونة‭ ‬أحد‭ ‬أبناء‭ ‬أولاد‭ ‬المتنفذين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قيامهم‭ ‬‭(‬بالتشفيط‭)‬‭ ‬بسيارات‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬الأب،‭ ‬وهي‭ ‬حادثة‭ ‬تتكرر‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى،‭ ‬وقد‭ ‬تحدثت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬عن‭ ‬مرحلة‭ ‬الثمانينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬رغبة‭ ‬لقراءة‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬لعل‭ ‬آخرها‭ ‬رواية‭ ‬فواز‭ ‬حداد‭ ‬ومن‭ ‬قبله‭ ‬خالد‭ ‬خليفة‭.‬

إيجابي‭ ‬أم‭ ‬سلبي؟

يتبنى‭ ‬الروائي‭ ‬عبر‭ ‬الراوي‭ ‬سياسة‭ ‬الحياد‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بالتوصيف،‭ ‬مفسحاً‭ ‬المجال‭ ‬لسير‭ ‬الأحداث‭ ‬ووجهة‭ ‬نظر‭ ‬المتلقي‭ ‬للظهور،‭ ‬معتمداً‭ ‬تقنية‭ ‬الميتاسرد‭ ‬بأن‭ ‬يجعل‭ ‬النص‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬مدقق‭ ‬لغوي‭ ‬ينشر‭ ‬ما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬اختفى‭ ‬كاتبها‭ ‬الأساسي‭ ‬ووجد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬واجبه‭ ‬نشر‭ ‬النص‭ ‬لأهميته‭ ‬وإكمالاً‭ ‬لرسالة‭ ‬كاتبها،‭ ‬تختلط‭ ‬التقنية‭ ‬الميتاسردية‭ ‬بالحدث‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬فيظهر‭ ‬لدينا‭ ‬نص‭ ‬مكتمل‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الحدث‭ ‬وأدوات‭ ‬السرد،‭ ‬لكنه‭ ‬يفتقر‭ ‬لأهم‭ ‬عنصر‭ ‬تلهث‭ ‬وراءه‭ ‬تقنية‭ ‬الميتاسرد‭ ‬وهي‭ ‬حدة‭ ‬التشويق‭ ‬في‭ ‬الحدث،‭ ‬منحازاً‭ ‬لعرض‭ ‬أوراق‭ ‬الشخوص‭ ‬والأحداث،‭ ‬متيحاً‭ ‬لـ”تعدد‭ ‬الأصوات”‭ ‬‭(‬باختين‭)‬،‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬نصه،‭ ‬لكنه‭ ‬يعكس‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬بعض‭ ‬ثيمات‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬كالبقاء‭ ‬للأقوى،‭ ‬كما‭ ‬يدوّن‭ ‬سيادة‭ ‬الناموس‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الرافض‭ ‬والطارد‭ ‬لشعوذة‭ ‬حازم‭ ‬المعوق‭ ‬جسدياً‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬حازم‭ ‬من‭ ‬ظلم،‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬مد‭ ‬يد‭ ‬المساعدة‭ ‬له‭ ‬وتغيير‭ ‬وجهة‭ ‬تفوقه‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الغيب‭ ‬والمستور‭ ‬من‭ ‬أحوال‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬تفيد‭ ‬المجتمع‭.‬

حلب‭ ‬قصدنا


قراءة في رواية "نزوح مريم"

المكان‭ ‬هو‭ ‬حلب،‭ ‬حيث‭ ‬استفاض‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬وصفها‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الشخوص‭ ‬والراوي‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬الجنة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬‭(‬ها‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تذكر‭ ‬عشق‭ ‬وليد‭ ‬إخلاصي‭ ‬لحلب‭)‬،‭ ‬فيذكر‭ ‬رائحة‭ ‬الشوارع‭ ‬والنسائم‭ ‬والغيوم‭ ‬والنبات‭ ‬والأبنية‭ ‬بطريقة‭ ‬تفصيلية‭ ‬جداً،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضاً،‭ ‬عندما‭ ‬ينتقل‭ ‬ليقاطع‭ ‬بين‭ ‬مسار‭ ‬الحدث‭ ‬وحسية‭ ‬المكان‭ ‬الروائي‭ ‬الجامد،‭ ‬يتلون‭ ‬المكان‭ ‬الرئيس‭ ‬حلب‭ ‬بين‭ ‬‭(‬المكان‭ ‬الشعبي‭ ‬البسيط‭)‬‭ ‬أي‭ ‬حارة‭ ‬حازم‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تلفظه‭ ‬مع‭ ‬شعوذته،‭ ‬وبين‭ ‬‭(‬المكان‭ ‬المترف‭ ‬المعقد‭)‬‭ ‬أي‭ ‬حارة‭ ‬الفيلات‭ ‬في‭ ‬حلب‭ ‬الجديدة‭ ‬المهيأة‭ ‬لاستقباله‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يتدخل‭ ‬بالآخر،‭ ‬والفساد‭ ‬المتأصل‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬يقطنون‭ ‬المنطقة‭ ‬أساساً،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نهاية‭ ‬الرواية‭ ‬تنحاز‭ ‬للمكان‭ ‬حلب‭ ‬بصيغته‭ ‬العامة‭ ‬الجامدة‭ .‬فيلفظ‭ ‬الكاتب‭ ‬التماس‭ ‬بين‭ ‬مسار‭ ‬الحدث‭ ‬وجمود‭ ‬صيغة‭ ‬المكان‭ ‬التي‭ ‬تفترض‭ ‬مجازاً،‭ ‬ولادة‭ ‬صيغة‭ ‬ثالثة‭ ‬مبتكرة،‭ ‬بأن‭ ‬ارتد‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬الصيغة‭ ‬العامة‭ ‬الأولى‭ ‬للمكان،‭ ‬غير‭ ‬متأثرة‭ ‬بمسار‭ ‬الحدث،‭ ‬فحازم‭ ‬يُقتل‭ ‬وتَغسل‭ ‬الأمطارُ‭ ‬حلبَ‭ ‬وترتفع‭ ‬مآذنها‭ ‬ممهدة‭ ‬لبداية‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬حازم‭ ‬هو‭ ‬المشوِّه‭ ‬الوحيد‭ ‬فيها،‭ ‬وكما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نتيجة‭ ‬بل‭ ‬سبباً‭!‬

شخصيات‭ ‬وأفكار

يرصد‭ ‬الكاتب،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفكار،‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬المختلفة‭ ‬المرافقة‭ ‬لمركزية‭ ‬شخصية‭ ‬حازم،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬السوريين،‭ ‬فيترك‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحاً‭ ‬للمقارنة‭ ‬بين‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬والحزبيين،‭ ‬وبين‭ ‬حزبيي‭ ‬المنافع‭ ‬وحزبيي‭ ‬الأيديولوجيا،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬قد‭ ‬استبعدت‭ ‬متقصدة‭ ‬حزبيي‭ ‬الأيديولوجيا‭ ‬بحزبيي‭ ‬المنافع‭ ‬كي‭ ‬يسهل‭ ‬شراؤهم‭ ‬وتمرير‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬من‭ ‬خلالهم‭.‬

شخصيات‭ ‬الرواية‭ ‬ليست‭ ‬شخصيات‭ ‬نقيَّة‭ ‬أو‭ ‬شريرة‭ ‬في‭ ‬المطلق،‭ ‬خليط‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر،‭ ‬تساهم‭ ‬موهبة‭ ‬حازم‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬المستور‭ ‬من‭ ‬أحوال‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬عيوب‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬أخطاؤهم‭ ‬متباينة‭ ‬بين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتوب‭ ‬والتائب،‭ ‬يقول‭ ‬والد‭ ‬حازم‭ ‬بصيغة‭ ‬عامية‭ ‬“كل‭ ‬بشر‭ ‬عنده‭ ‬أخطاء‭ ..‬يخفيها‭ ‬بدافع‭ ‬أخلاقي،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬ولا‭ ‬يخفيها‭ ‬ليمارس‭ ‬الدجل‭! ..‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬وجهان‭ ..‬هؤلاء‭ ‬أنذال‭ ..‬كلاب”‭ .‬يزعزع‭ ‬الكاتب‭ ‬مفاهيم‭ ‬المطلق‭ ‬والنسبي‭ ‬بذكر‭ ‬أخطاء‭ ‬الشخوص‭ ‬فيخلق‭ ‬أسئلة‭ ‬لدى‭ ‬القارئ‭ .‬فالأخطاء‭ ‬من‭ ‬الشرير‭ ‬إلى‭ ‬الأكثر‭ ‬شراً،‭ ‬بين‭ ‬أخت‭ ‬حازم‭ ‬العاشقة،‭ ‬وشيخ‭ ‬حلب‭ ‬الأشهر‭ ‬الذي‭ ‬ارتكب‭ ‬الزنا،‭ ‬إلى‭ ‬والد‭ ‬حازم‭ ‬الذي‭ ‬خان‭ ‬زوجته‭ ‬واعتقد‭ ‬أن‭ ‬وفاءه‭ ‬لأيديولوجيا‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬الذي‭ ‬اعتنقه‭ ‬يوماً،‭ ‬هو‭ ‬جادة‭ ‬الصواب؛‭ ‬فيصفق‭ ‬ويدبّك‭ ‬ويحتفل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬احتفالات‭ ‬الدولة‭ ‬الحزبية‭ ‬وينعى‭ ‬مطولاً‭ ‬موت‭ ‬باسل‭ ‬الأسد‭ ‬ابن‭ ‬رئيس‭ ‬دولته‭ .‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تتبلور‭ ‬الأخطاء‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬سوداوية‭ ‬بارتكابات‭ ‬رؤساء‭ ‬فروع‭ ‬الأمن‭ ‬ورجالات‭ ‬الدولة‭ ‬القتل‭ ‬والتعذيب‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬للمعتقلين،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬اتفاق‭ ‬حلب‭ ‬بمختلف‭ ‬انتماءاتها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬شرّها‭ ‬المكثف‭ ‬هو‭ ‬حازم‭ ‬كأنها‭ ‬تريده‭ ‬مشجباً‭ ‬تعلق‭ ‬عليه‭ ‬آثامها،‭ ‬فنجد‭ ‬رجالات‭ ‬الدولة‭ ‬يحذّرون‭ ‬حازم‭ ‬بألا‭ ‬يتجاوز‭ ‬حدوده‭ ‬ومهنته‭ ‬‭(‬الشعوذة‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬يغضب‭ ‬الرؤوس‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬كما‭ ‬أغضب‭ ‬أهالي‭ ‬حلب،‭ ‬لينتهي‭ ‬الأمر‭ ‬بقتله،‭ ‬ليصل‭ ‬القارئ‭ ‬كما‭ ‬الكاتب‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ملخصه‭: ‬يا‭ ‬للبلاد‭ ‬التي‭ ‬يخيفها‭ ‬مشعوذ‭! ‬يا‭ ‬للبلاد‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬طريقاً‭ ‬للحوار‭ ‬بغير‭ ‬القتل‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.