هل يصبح العالم ترامبيا

السبت 2017/04/01

إن هذا المركب الثقافي السياسي الخطابي الذي صعد بترامب إلى الرئاسة، ليس مقتصراً على الولايات المتحدة الأميركية، بل ينتشر لدى فئات واسعة في بلدان أوروبا المتطورة. حيث يجري حالياً الإعداد لجبهة موحدة من أحزاب اليمين لخوض الانتخابات في ثلاث دول أوروبية (ألمانيا، فرنسا وهولندا). ووفق مارين لوبان المرشحة للرئاسة الفرنسية والتي تمثل رأس الحربة في قائمة الشعبويين اليمينين في أوروبا، فإنه بعد قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب ترامب رئيساً لأميركا فإن عام 2017 سيشهد åصحوة شعوب وسط أوروباò كما ذهب بعضهم. وهذا الخطاب لا يعني الأوروبيين وحدهم بل هو رسائل تحذيرية للعالم أجمع، فأوروبا بثقل دولها السياسي والاقتصادي وتاريخها الاستعماري وامتداداتها الثقافية هي أهم مراكز صنع القرار الدولي، بغض النظر عن أميركا وروسيا اللتين لا يمكنهما الانفراد بالمشهد السياسي دون دعم أوروبي يراعي خلق التوازنات ويشكل أرضية تستوعب ردود الأفعال.

زعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يوم الأحد الموافق للـ29/1/2017 أنه واضح كوضوح الشمس بأن åالهيكل المقدس في القدس الذي قام الرومان بهدمه كان هيكلاً يهودياًò. ولا يمكن ترجمة هذا التصريح إلا أنه يأتي في سياق التماهي مع المركب الثقافي السياسي الأوروبي المتشدد. وبدون أدنى شك فإن åإسرائيلò تبتهج لهذا الخطاب الجديد، وستعيد التركيز في خطابها اليوم أكثر من أيّ وقت مضى على يهودية الدولة، مستغلة الظروف المساندة لتنفيذ مشاريعها الاستعمارية الإحلالية.

إن هذه الظاهرة åالترامبيةò إن صحّ التعبير تلتقي مع نزعة أخرى قائمة في بلدان كثيرة في العالم، يعبّر عنها ما يسمى عادةً باليمين القومي الذي يتمحور خطابه حول فكرة السيادة والمجال الحيوي للدولة كأيديولوجية نظام سلطوي. وتتجلى هذه النزعة بأوضح صورة في نموذج بوتين وتحولات النظام في روسيا إلى جمهورية قيصرية.

من هنا ومن قناعتي بأن åالمتطرفينò من أيّ معسكرين متضادين دائماً ما يتفقون، فإن العالم سيتفق أن يكون åترامبياًò، ولكن كما أشرت مسبقاً بالمعنى الأيديولوجي والتوجه اليميني والشعبوي، وبما يحفظ مصالح كل دولة وثقافة شعبها ودينها. وعليه سيكون مصير العرب والقضية الفلسطينية رهيناً بشكل هذه الاتفاقات بين القوة الأميركية والروسية وكُبرى الدول الأوروبية من جانب آخر.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.