موسيقيون في غرف معتمة

السبت 2017/04/01
لوحة: صفوان داحول

سميرة توفيق

الغمزةُ اللذيذةُ

تحيي العظام وهي رميم

تلك الإيماءات وهزّ الكتفين

وهكذا يمشي شريط تلفزيون الأبيض والرمادي في الدساكرِ أو القُرى وفي الحقول

في الغرف شبه المغلقة، شبه المظلمة. المُحايدةُ بسب المهانة بسبب هذا العار الكبير

سميرة كانت ومضة غرفٍ مُعتمة

ونيسة صبايا بادية الشام

الإيماءات المحسوبة والمتكررة

هزّ الكتفين

والكفلُ ذو اليسارِ واليمين

وكلُ ذلك، الخَفَر،

همهمات الأجداد

ووجد الأحفاد

تلك الخيول التي تصهلُ في بادية الشام

وصوت، سميرة توفيق.

ذكرى

اقرع، يا طبلَ في الدساكر المنسية

وفي بيوت الصفيح

في ذلك الوادي

عبر رحلة العودة – عبر طريق الحرير

حيثُ تتموضع، العقلُ، فوق الكوفيات البيضاء الفاتنة

تتسلق الكمنجات مدارج الروح

تلك الأنفة

لسليلة الفينيقيين

ابنة قرطاجة

سليلة الفن

هذه الخُلاسية حفيدة كليوباترا وأجمل

هي اشتياق بلغ حدّ الجريمة

الفنّ شيء خطير

بالتهجيد بأناشيد قصائد ومعلقات صدر الإسلام

حين تختلط بالبخورِ بالتسبيح بنذور القربانات – أوان الذبح – المُقبلات

تلك التي توقعناها، طويلاً، بسخرية. وكان القدر أكثر سخرية منا.

ذكرى تتذكر، ذكريات، تذكارات ستصل قريباً لمستقرٍ لها، أميرة غير متوجة وتعبر البال كذكرى.

استرحتْ وعادني طيف الكرى.

أم كلثوم

عازفُ الناي الأعمى

خلفَ السيدة العظيمة

وكبيرُ الخدمِ على – الكونترباص – للتذكير

بمهابة السيد الرئيس لاستدعاء التماثل

وحنجُرةُ، القرار، بالآهات

…وحُبِ ايه؟

سائقو التكاسي

حافلات الأرياف وضواحي المدن المُهمّشة

هُنا… أو هناك

والصوتُ المُسترسل، بخدرٍ لذيذ، في آلافِ حناجر السّيارة.

تُمجّد، البكباشي، بلقب السيد الرئيس

حين كانت بعض الراقصات –والمُشير– نموذجاٍ، للوطنية،…

وعلى قبضِ الصوتِ الرائع، قبضوا من أثرِ الأنبياء.

تأسفٌ. كانَ يُجرجرُ أيامكَ يا أبي المثلومُ من الوريدِ إلى الوريد

ذكرياتُ الندم

القلبُ الضيق

تأملٌ للكتاباتِ على الجدران، بعد كلِ هذا العُمر

والتفكير في الأشغال المؤجلة للممحاة

لقد كثُرت أوراقُك وقلّت أقلامكَ.

يا أبي.

فراغات كبيرة

أكتبُ، فراغاتٍ لملءِ الوقت

مُستنفذاً سيرةً مُقتضبةٍ ومتواضعة

عن اللاشيء الذي يسكننا

أبصرنا النور ولم نُشاهِد

وامتهنّا الكتابة ولم نُفكّر

استمرأنا النميمة بداعي الإبداع

بنات أفكار الضحالة تحتلُ أعمدة الجرائد

وقابضو الريح يُقررون المصائر

بينما يتدلى الشِعرُ والشعور

ذليلاً بين كوادر إعلانات الكباريهات

في الجرائد المحترمة.

العناوينُ المفقودةُ أعزُّ من تلكَ التي نملُك

والحنينُ أثمنُ من وصالٍ طال انتظاره

أعُدُّ، من جديدٍ أرقامَ الهواتفِ

وأعملُ لائحة بأرقام هواتف من يتوجب الاتصال بهم

قبل أن تذبل، بدورها، في بكتيريا الزمن..

كسابقاتها.

التخمينات السيئة تكون في محلها

بينما تتعثر أوراق الحظ

كما في كل مقامرة

أمعنّا السير في الاتجاه الخطأ

فيما بوصلة الحكمة لبثت مكانها

وكأنّ ساعة الرمل كانت فارغة

فأثرنا الزوابع في فناجين الثرثرة

مُختالينَ بفّكِّ الحروف وإتقان اللهجات الجهوية

والتنزه في بستان الشِعر.. كما لو كُنا في حديقة ببغاوات

والعائدون من الأقاصي بزواداتٍ فارغة

نصّبوا أنفسهم أباطرةً للحداثة

بقهرماناتٍ كانت من صُنع إحباطاتهم

حين لم يُحيطوا بشيء

فعلكوا الريح ثم مخروا عبابه

فصفقنا طويلاً، ولم نزل.

تمشي اللغةُ ذليلةً ككلبٍ يعرج

عاكسةً في سرابِ إحساسها تفجير ذاتها

مُستخدمة الرفش والفأس بدعوى åالحفر المعرفيò

ضدَّ قليلٍ من الحرية التي ما ملكت.

الهروباتُ المُتلاحقة تغُذّ السير

مهرولةً نحو نهاياتها القصوى

- حينَ لا نملك الكثير يهونُ الفقدان -

فنستبدلُ، بيسرٍ، القصائدَ بالقمصان المُخططة

التائهونَ، منذُ البداية، افترقوا

مُقترفينَ العُزلة كخيارٍ جماعي

والذين اتخذوا رُكنهم على دفة الاحتياط

انطلقوا، في الوقت الضائع، في صفوفٍ مُبعثرة

بداعي الاختلاف

فقط

ولأنَ الأمور تسيرُ كما تسير

لم يصلّ أيٌّ منهم

وما زلتُ، في انتظارهم، أكتبُ فراغاتٍ كبيرة

لملء الوقت.

ضباب لاهث

الدُخانُ اللاهثُ في ضباب الكوة للبيتِ الطيني

يتصاعدُ خليطا، زفرات وسعال.

شوقُ المنسيين على طرفِ الغابة

فوق هذا الجُرفِ الهاوي لأعماق الضمائر åالمُستترةò صولجان الزهو

العِتةُ المُتكررة

الهبلَ والغثيان.

وكانَ يُقنعُ نفسهُ بأنهُ سعيد

وأن ما ينقصه ليس بالشيء الكثير

رحلةٌ قصيرةٌ إلى البحر

تشذيبٌ حازمٌ للذكريات.

الحرب المرواغة

بالمقارنة مع برج بابل لا نستطيع الكلام

بضع احترازات كانت كافية للالتفاف على مجرى النهر،

ثم تُذكّر القسم العظيم الذي عليه عدم الحنث به

بيسرٍ سوف تنتهي العمليات في الشمال

وما تبقى.. سيعتمد كثيرا على التعاويذ المهينة والصيام المُذل.

على العشائر فقط الاهتمام بالفلكلور

وترك من هم برتبة رقيب فما فوق الاهتمام بالأعداد المُركّبة وفنّ التفاضل والتكامل.

رِفعة المسألة أن تبدو نابليون مهما كلّف الأمر.

مزيجٌ من قديسٍ ثائرٍ وإمبراطور بأكتافٍ ذهبية

لن تنتهي الحرب حتى لو أُعلنت الهدنة

سحرُ الحروب يُثيرُ الغوغاء

وهذا خير وسيلة لكسب الوقت

فأعمارنا محدودة

رغم أحلامنا اللامتناهية بالخلود.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.