الساعة الحجرية

السبت 2017/04/01
لوحة: حسين جمعان

جسر على نهر صغير

ولدنا غرباء

وها نحن في منفى

بلا حنين

لن نتظاهرَ بالوحدة أو الحب

لن نستعيرَ ذاكراتِ السنونو

وحيثُ ﻻ وطن؛

ما همنا أن ننتحب.

***

كيفَ أقولُ

إنّ هذا الوقتَ ثقيل

دون أن أبدو ساعةً رمليّةً متحجّرة؟

كيفَ تضربُ كلُّ هذي الريحُ حنجرتي

دون أن أعوي كذئبٍ وحيد.

***

أفكّرُ بذاكرةِ المطبعة

حيث مرّتْ كلُّ تلكَ الحروف والكلمات

أفكّر بيأسِ المكتبة

وقد اندسَّ فيها كتابٌ رديءٌ

أفكّر بالقارئ ورأسه المحشوة بالكلمات

ثم عليَّ، أخيراً، أن أفكرَ بكلّ ذلك البياضِ

وبالسلام على روحِ الورق.

***

غزلانٌ تركضُ وتلهثُ.

كلابٌ تعوي وتجري خلفَ غزلانِ منهكة

ريحٌ ، بنادقُ صيدٍ، نهرٌ كالح يعبر

بقايا دمٍ،

مخالبُ على الوجع.

وضجيج لا يتوقف.

***

رأيتُ هذا السورَ مراراً

والحافة

ونبتةِ النعناع

تتسللُ

على مهلً

ورقةً ورقة

وتومضُ

ببراعةِ مَن ينسجُ سجادةً الربيع.

***

كيفَ

يستدلُّ الغرباءُ على

بيوتهم في الليل

هنا حيث لا رائحة

ولا ذكريات،

لا صدى ضحكات لـ»صبيان الحارة»

ولا ثرثرة بنات عند الأبواب

لا نباح كلب في جوار

ولا صوت زيز أو بصيص ضوء…

الغرباء..لا يعودون إلى بيوت

الغرباء

غرباء أبديون.

***

أدركَتْني حربكُمْ

وأنا أهمُّ بالقفزِ.

***

سرقتُكَ من حكاياتِ «ربّوعة الحبّار»

كنتُ الجنيةَ

التي تتلصّصُ

على طفولتكَ

وسرقتك.

***

دائماً

نصلُ متأخرينَ

حتى لو أسرعنا

سنصلُ متأخرين

ليسَ الزّحامُ

وﻻ البعدُ

وﻻ جرسُ المنبّه

وﻻ حتى عطل السيارة

إنها أيّامنا التي تتفرّط

وتهوي

كخرز الإله.


لوحة: حسين جمعان

***

كل يومٍ على هذا الجسر

مع الضباب

تعبرني نوارسُ غريبة

لأجهل نفسي أكثر

يعبرني القطارُ وأشتهي طريقاً أطول.

ونهرٌ صغيرٌ صغيرٌ يعبرُ

كشريان؛

أخاله يكبرُ يوما بعد يوم

نهر

يبتلعُ الحصى والموسيقى وضجيج الأصوات.

وضباب

على الجسر

كل يوم

لأعبر.

أنا امرأتُكَ أيها الرقص

كمغنيةٍ جميلةٍ غنّيتُكَ

ولفظتك كعجوزٍ مصابةٍ بالزهايمر.

***

لسنواتِ سهرتُ

أنتظركَ

وحين أتيتَ لم يكن النومُ في مفكرتي

والحزنُ الأطفال والشام والغبارُ والصدى والأضواءُ

لم يكونوا في كتابي.

وحدهُ الرقصُ

يكتسيني.

***

بابُنا الوحيدُ كان يستجدي كفّكَ.

***

كنتُ أريدُ أن أتغزّل بكَ كما يفعلُ العشاقُ مع عشيقاتهم؛

أردتُ أن أكتبَ لك شعراً أيضا

وأَمنحَك في الصفحةِ الأولى

إهدائي

وأصرخَ باسمكَ الحرام.

***

لماذا أبكي؟

أليسَ ظلكّ كل ما طاردت في كوابيسي؟

***

أحبكَ

كما دمشق

أحبك في دمشق أو لنقل أحبُّ فيك دمشق

امنحني فرحَ المدنِ البحريةِ

قل لي: ﻻ

اكتبني قصيدةً بجُمَلٍ غير مترابطةٍ

كما أفعل الآن.

ليتني كنت مغنّية

ربما..

لو طيَّرتُ فراشاتٍ

في ثوبِ الندم

وزهوراً ذهبيّةً

ربما

ضاقت هذه الصّرخةُ قليلاً.

***

نتمرّنُ على القسوةِ

نُخفي حُزنَ الغربةِ في جيبٍ مثقوبة

نمدُّ أيدينا للهواء

ونصرخُ في العتمة:

ﻻ شبابيكَ للغيومِ الشاردة

وﻻ أرصفة للأقدامِ المترددة

حتى شُجيرات الحبقِ انطفأت كما تنطفئ النجوم وتتساقط في ظلام العالم.

***

في المنام

ﻻ تذهب إلى الحافة

أيامُكَ ستهوي

أمامك

تتفرط

وتتساقط

كحبات الخرز

***

إلهُ الخرزِ

إلهُ ما تبقّى من حبات الخرزِ

على ساحلِ البحرِ

سارَ طويلا يتبعُ خطواتِ الغريبة.

***

اشتريت أصدافاً

كنتُ أظنّ

أني سأمتلكُ البحرَ الأبيضَ المتوسط.

***

نتمرّنُ على القسوة

والمغفرة حُلمَنا الجميل.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.