المختصر: ما يقدمه المهاجرون للبلدان المضيفة

السبت 2017/04/01

من الثيمات التي تتكرر عند كل حملة انتخابية في شتى البلدان الغنية ثيمة الهجرة، وعادت ما تلقى تبعات الأزمات ولا سيما الاقتصادية منها على عاتق المهاجرين. فهل صحيح أن تلك البلدان تستقبل بؤس العالم؟ وأن المهاجرين يثقلون اقتصادها؟ وأنهم يستولون على شغل أبنائها؟ هذا كتاب بعنوان «الهجرة في فرنسا» للجزائري الموهوب موحود أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة باريس دوفين، يفنّد تلك المزاعم، ويردّ على أصحابها بأن الأرقام والتحاليل متوافرة، وكلها تؤكد أن البلدان الغنية تستفيد كثيرا من المهاجرين، لأنهم ليسوا مجرد أيدٍ عاملة، بل فيهم عدد كبير من حملة الشهائد ومن المتخصّصين في مجالات تقنية عديدة، ولكن أصحاب تلك المزاعم يغضون عنها الطرف، ويتوسّلون بخطاب شعبوي لغايات انتخابية. وقد أحصى المؤلف ما لا يقل عن خمس عشرة أسطورة تلصق بالمهاجرين بغير وجه حق.

نشوء الإمبراطوريات وزوالها

بعد «ابن خلدون وأرواح الإسلام السبعة» نشر غابريال مارتينيز غرو، المتخصص في تاريخ الإسلام في العصر الوسيط، كتابا عن نشوء الإمبراطوريات وزوالها، من روما إلى إمبراطوريات الصين، مرورا بدول الإسلام والمغول والهند، يستقرئ فيه التاريخ وينزل في صميمه مسائل العنف والسلم، ويوازن مركز الإمبراطورية المسالم وأطرافها العنيفة، وفق مقاربة استوحاها من ابن خلدون المنظر الكبير للدولة كما يقول. ذلك أنه يعترف لابن خلدون بفكره العميق ذي التأثير الكوني على غرار فكر ماركس أو توكفيل، فكر يكاد يكون الوحيد الذي لم ينشأ في الغرب. والمؤلف إذ يتتبع مسار دول عظمى سادت ثم بادت، ويستعرض دوافع نشوئها واستقوائها، وأسباب انحدارها وزوالها، يتوقف أيضا عند الديمقراطيات الكبرى التي نشأت عقب الثورة الصناعية ليحلّل ما يميّزها عن الإمبراطوريات الغابرة، وما يقرّبها منها ويجعلها مؤهلة هي أيضا للاندثار.

منظومة الحلال في أوروبا

«السوق الحلال أو ابتداع تقليد» هو عنوان كتاب جديد للباحثة فلورانس بيرجو بلاكلير، التي ترصد منذ أكثر من عشرين عاما تطوّر السوق الحلال في أوروبا. سوق تتوجه إلى المسلمين في بلاد الله الواسعة، وتشمل كل ما يدخل في حياتهم بدءا من المجازر الإسلامية إلى السياحة الحلال، مرورا بالأطعمة والأدوية والألبسة. هذا الانتشار تعزوه المؤلفة إلى التقاء طوباويتين من طوباويات القرن التاسع عشر: الأصولية الإسلامية والليبرالية الجديدة. الأولى عبر تأويلها التّقاليد على هواها، خلقت فضاء معياريا يكون فيه المسلم مضطرا إلى البحث عن الحلال وتجنّب ما ليس كذلك. والثانية برغبتها في التحرّر من كل قيد، مرّرت المصالح التّجارية قبل حياد الدولة والحرية الدينية. والأخطر أن الرقابة المفروضة على البضائع الحلال صارت تطبق أيضا عبر أناس نصف تجار ونصف متدينين على سلوك حرفائهم.

معنى العقاب وغايته

ما معنى العقاب؟ ولمَ العقاب؟ وعلى من يسلَّط؟ في كتاب جديد بعنوان «عقاب» يتولى ديدييه فاسّان أستاذ العلوم الاجتماعية بمعهد الدراسات المتقدمة ببرنستون عبر هذه الأسئلة فتح حوار مع الفلسفة الأخلاقية والنظرية القانونية، مستمدّا أمثلةَ حجاجِه من ظروف تاريخية ووطنية مختلفة، ليبين أن الردّ على الجريمة لم يرافقه دائما فرض عقوبات جسدية، وأن العقاب لا يقوم فقط على منطق عقلاني يهدف إلى تبريره، وأن إثقال العقوبات غالبا ما تكون نتيجتها التمييز، وبالتالي زيادة التفاوت الاجتماعي. وعلى عكس الشعبوية الطاغية حاليا، يقترح المؤلف مراجعة ضرورية للأحكام المسبقة التي تغذّي شغف العقاب، ويدعو إلى إعادة النظر في مكانة العقاب في عالمنا المعاصر. والكتاب مقاربة جينالوجية وإثنوغرافية للإمساك برهانات اللحظة انطلاقا من أسس العقاب نفسها.

الكنار أنشينيه في مئويتها

من سخرية السياسة في فرنسا أن الـ»كنار أنشينيه» قد تحتفل بمئويتها على أنقاض الأحزاب السياسية الكبرى، فما فتئت هذه الصحيفة منذ بضعة أشهر تنشر فضائح المرشحين للرئاسة، كما اعتادت أن تفعل مع الكبار والمتنفّذين والمخالفين للقانون والدستور منذ قرن على مدار العام. تأسست عام 1916 وسط صخب الحرب العالمية الأولى، واختارت منذ عددها الأول أن تعيش على مبيعاتها دون أن ترهن توجهها لأيّ طرف، غايتها أن تضحَك وتُضحِك سيرا على النهج الذي اختطّه لها مؤسسها موريس ماريشال (1882-1942)، ثم تجاوزت ذلك إلى فضح كل مروق، أيا ما يكن مقترفه ولو كان رئيس الدولة. لقد ظلت على مدى مسيرتها نموذج الصحافة الحرة، وهي استثناء في الساحة الفرنسية. واحتفالا بهذا الحدث أصدرت كتابا بعنوان «قرن من المقالات والرسوم» بتقديم للكاتب باتريك رامبو، يزخر بذكريات ونوادر هي جزء لا يتجزأ من تاريخ فرنسا.

الزعم بأسلمة أوروبا

فيليب دو فيلييه سياسي مفلس، هجرته الأضواء منذ مدة، وها هو يحاول العودة إلى معترك السياسة عن طريق التحالف مع حزب مارين لوبان العنصري. ومن ثم فهو يغتنم فرصة المزايدة على أعتاق الجاليات المسلمة، من خلال كتاب ينبئ عنوانه عن محتواه «هل ستدق الأجراس غدا؟»، فهو يحاول أن يقنع الفرنسيين بأن بلادهم تغيّر وجهها منذ الثمانينات وبدأت تتأسلم، «ببطء لا محالة، ولكن بثبات»، ويزعم أن ذلك يدخل ضمن مشروع يدعى «أوريسلام» شجعت النخب الفرنسية على قيامه، وهو مشروع سرّي اطلع عليه فيما يزعم كما اطلع على معلومات خطيرة أخرى تخص الشعب الفرنسي ومستقبله، وهو ما كان ذكره في كتاب آخر احتفى به المحافظون واليمينيون المتطرفون العام الماضي عنوانه «حان الوقت كي أروي ما رأيت».

الإسلاموفوبيا من منظور يهودي

لعِبُ دور الضحية والتذكير بالهولوكوست واستعراض ما تعرضوا له زمن النازية هي الأصل التجاري لليهود، فهم لا يقبلون أن ينافسهم فيه منافس، ومثلما احتج المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا مؤخرا احتجاجا صارما على تشبيه فرنسوا فيون وزير التربية الأسبق ما يلقاه المسلمون من اضطهاد بما كان يلقاه اليهود سابقا، بدعوى أن ما أصاب اليهود لا يجوز مقارنته بأيّ مصاب، وطالبت الوزير الأسبق بالاعتذار (فاعتذر)، يحتج الفيلسوف (اليهودي) باسكال بروكنر في كتابه الأخير «عنصرية خيالية: الخصومة حول الإسلاموفوبيا» بدعوى أن ما يصيب المسلمين ليس من العنصرية في شيء، وأن مصطلح الإسلاموفوبيا إنما ابتدع لمنع أيّ خطاب نقدي يمسّ الإسلام. وأن الغاية منه تكميم أفواه الغربيين، وتجريد المصلحين المسلمين من شرعيّتهم. وبروكنر يريد ألا يحتج المسلمون على ما يلقونه من ميز عنصري وازدراء بدينهم، بدعوى حرية التعبير وحرية النقد.

وصية تودوروف

«انتصار الفنان» كتاب دفع به تودوروف إلى المطبعة قبل وفاته، وتناول فيه العلاقات الأيديولوجية بين من يسمّيهم «الفنانين المبدعين» والسلطة السياسية بداية من ثورة أكتوبر 1917. كيف أعلن الفنانون الثورة؟ وكيف انقادوا بعد ذلك إلى الواقعية الاشتراكية التي كانت السلطة تهدف من ورائها إلى إلغاء كل ابتكار أو أداروا لها الظهر؟ يركز تودوروف على الفنانين الكبار أمثال مياكوفسكي وباسترناك وبولغاكوف ومنديلستام ويتوقّف عند تجربة الرسام كازيمير مالفيتش الذي نجد في تعدد مواهبه أصداء لقوة التزامه. أي أن انتصار الفنان في نهاية الأمر هو سلطان الفن على من يرغب في موته. يقول تودوروف «الخطاب السوفييتي الرسمي يصف تدريجيا واقع بلاد بألفاظ لا تتناسب مع التجربة المشتركة، كأن الكلمات يمكن أن تخلق الأشياء.. أهمية هذه النظرية تتجاوز كثيرا المجال الجمالي، وتمثل في أجلى أوجهها ملامح مهيمنة للمجتمع السوفييتي تحت ستالين، لأنها تكرس الهيمنة الكونية للكذب».

الثقافة في نظر النازية

هل يمكن الحديث عن ثورة ثقافية لدى نظام سياسي عنصري أحرق الكتب ونعت الفنانين بالمنحرفين؟ نعم، يقول جوهان شابوتو أستاذ التاريخ المعاصر بالسوربون في كتاب مثير عنوانه «الثورة الثقافية النازية»، يبين من خلاله أن الثقافة لدى النازيين هي نسخة من الطبيعة، حيث كان الإنسان يجلّ الشجر والجداول، ويتغذّى ويتكاثر ويتصارع ويدافع عن قطيعه كالحيوانات. ثم بدأ الانحراف مع الساميين الذين استقروا في اليونان، والمبشرين الذين جاؤوا باليهودية المسيحية، ثم تعمقت الهوة مع الثورة الفرنسية ومبادئها الأيديولوجية العبثية. فلم يجد النازيون بدًّا، لإنقاذ العرق الشمالي الجرماني، من القيام بثورة ثقافية يستعيدون من خلالها نمط عيش الأسلاف والتوفيق بين الثقافة والطبيعة. وبفضل استعادة القانون والأخلاق القديمين ظن الإنسان الجرماني أن من حقه أن يحافظ على جنسه، وبالتالي يغدو جائزا أخلاقيا وقانونيا ضرب الآخر وقتله.

غادامير لفهم أزمة العقل

لماذا نقرأ كتاب غادامير «الحقيقة والمنهج»؟ لأنه أحد الكتب الهامة في الفلسفة المعاصرة، ولأنه أيضا، بسبب الجدل الذي أثاره، يحيل على مجمل تلك الفلسفة نفسها. ومن ثَم يهدف كتاب «قراءة الحقيقة والمنهج» لمارلين زارادير أستاذة الفلسفة والفينومينولوجيا والهرمينوطيقا الألمانية إلى غايتين اثنتين. الأولى تقديم تعليق على كامل النص، باقتفائه خطوة خطوة لمساعدة القارئ على ولوج عالمه الزاخر، وفهم مفاهيمه والتدرّب على التنقل داخله دون تيه والتعرف على نقاط القوة فيه. هذا العمل المتأني هو وحده الكفيل بتجنيبنا قراءات متسرعة، توهم بأنها أجوبة المؤلف دون التمييز بين ما هو تحليل للظواهر وما هو موقف تجاهها. والثانية استحضار مختلف الحوارات المرتبطة بـ»الحقيقة والمنهج» سواء من داخل الأثر (أي الفلاسفة الذين يستشهد بهم غادامير) أم مما تلاه من تأويل ونقد. كتاب هام سوف يفتح نوافذ على آثار غادامير كلها، ولا سيما الهرمينوطيقا، والفلسفة المعاصرة بعامة.

اليسار وسكرات الموت

جديد جان بيير لوغوف، عالم الاجتماع المعروف كتاب بعنوان «اليسار يُحتضر» يتناول المرحلة الممتدة من ثورة مايو 1968 إلى الخلافات التي شابت المرحلة التمهيدية للانتخابات الرئاسية في الوقت الحاضر، ليتساءل عن الأسباب التي جعلت اليسار يتردّى إلى هذا المكانة المتدنية في الساحة السياسية الفرنسية. بعد استعراض أهم الثيمات التي هيكلت هويته منذ القرن التاسع عشر، تلك الثميات التي آلت إلى التآكل وحتى التحلّل، يسلط الكاتب الضوء على نهاية دورة تاريخية، ويؤكد الصعوبات الحالية التي تعوق إعادة البناء، فالهوة ليست بين الأجيال وحدها، بل هي حاضرة في أوساط الشرائح الشعبية التي ما فتئت تبتعد عن اليسار الثقافي على خلفية احتضار أفكار. وفي رأيه أن اليسار لا يمكن أن يحلم بإعادة بناء ثقافي ما لم يستعد تراثه ويستفيد مما يحويه.

أزمة الأخلاق في الغرب

عرف الفيلسوف فيليب بينيتون، الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية في مدينة رين بإسهاماته العديدة حول الأنظمة السياسية والطبقات الاجتماعية والنزعة المحافظة. في كتابه الجديد «اختلال الغرب أخلاقيّا» يلاحظ طغيان سلطة المظهر في الغرب، فالفرد ملك قانونيا، ولكنه في الواقع منزوع من استقلاليته. يوعَد حسب القانون بحرية التصرف ولكنه واقع تحت التأثير. فالمهارة الكبرى لهذا العصر هي أن نعطي الامتثالية اسم الحرية والاختلال الأخلاقي اسم التفتح. ولكن يتجلى اليوم بوضوح أن الرأي العام المهيمن هو فكر ضعيف رغم مواقعه القوية، وأنه يسير وفق التخويف ويرفض كل جدل نزيه. ويتجلى أيضا أن «الأخلاق» الجديدة متأتية من أزمة أخلاقية عميقة يعاني منها الغرب. والكاتب يرسم صورة قاتمة عن عالم راض بقوانين اللعبة، يمارس التكشير بدل الضحك ليقنّع هشاشته.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.