المختصر

السبت 2017/07/01

العالم يرتد إلى الوراء

خمسة عشر مفكرا من مختلف الثقافات يلتقون في كتاب بعنوان” عصر الارتداد” للحديث، كل من جهته، عن دخول العالم في دوامة من التقلبات عقب سقوط جدار برلين، وتكذيب ما ذهب إليه فوكوياما في “نهاية التاريخ”. ذلك الحدث شكل نقطة فارقة بين عصرين، عصر التوق إلى عولمة تقرّب الناس بعضهم من بعض، وعصر الانتكاس والعودة إلى الوراء، بظهور أحزاب يمينية متطرفة، وأفكار ديماغوجية كالتي يمثلها ترامب، والدعوة إلى استرجاع السيادة، كما في البريكسيت البريطاني، والنزوع إلى الفاشية والاستبداد كما في بعض بلدان أوروبا الشرقية كالمجر وبولندا، والدعوة إلى العظمة والصفاء القومي على غرار ما ينادي به بوتين في روسيا ونارنرا مودي في الهند، إضافة إلى حملات كراهية واسعة للأجانب، وجرائم عنصرية متكاثرة، وتصلّب الخطب السياسية، ورواج نظرية المؤامرة وعهد ما بعد الحقيقة، والدعوة إلى إقامة جدران عازلة.

سلطة الناهبين

“الناهبون في السلطة” كتاب جديد لعالمي الاجتماع ميشيل بانسون وزوجته مونيك، فيه توصيف صائب لأولئك الذين يستغلون السلطة، ليس لنهب مقدرات بلدانهم فحسب، بل للاستيلاء حتى على مستقبلها. انطلاقا من الواقع الفرنسي، وقادته الذين يعبدون المال أكثر من عبادتهم أي أيديولوجيا أخرى، يبين الزوجان بالأدلة والبراهين كيف تحوّل المال إلى سلاح دمار شامل في أيدي أرستقراطية المال المتواطئة مع السلطة، بشكل يجعلها تُخضع كل قرارات الماسكين بالحكم إلى أهوائها، وتُكسب أولئك القادة المرتشين نوعا من الاستهتار بكل القيم، كما في مثال فرنسوا فيون، الذي حافظ على ترشحه رغم الاتهامات الخطيرة التي وجّهت له، ومارين لوبان التي رفضت المثول أمام التحقيق، ودونالد ترامب الذي يرفض ما كان الأميركان صادقوا عليه للمحافظة على البيئة. لأن المال في شرعه أهم من طبيعة سليمة.

الأديان والعنف

جديد كلود حجاج، أستاذ اللسانيات في الكوليج دو فرانس كتاب بعنوان “الأديان والكلام والعنف”، يتحدث فيه عن علاقته باللغة من جهة، وعن رغبته في فهم الأسباب التي تقود البشر إلى الإيمان بإله من جهة ثانية. ثم ينتقل إلى البحث عن العلاقة بين اللغة وعنف الأديان، تلك الأديان التي جاءت لتفسّر عالما غامضا ووجودا ملتبسا، يفترض أن توحّد البشر بدل أن تفرقهم، وتؤلف بين قلوبهم عوض أن تجعلهم يواجهون بعضهم بعضا بشتى وسائل القتل. عبر خمسة فصول محكمة التوثيق، يتناول عالم اللسانيات بالدرس والتحليل أديان التوحيد الثلاثة، وكذلك معتقدات الشرق الأقصى وفلسفاته كالبوذية والزرادتشية والكونفوشيوسية والهندوسية والطاوية بحثا عن العلاقة بين العقيدة والعقلانية، والعلاقة بين مفهومي الدين والعنف، من خلال الكتب السماوية المعروفة.

الفاشية وسبل التعرف عليها

“التعرف على الفاشية” لأمبرتو إيكو هو مقال من جملة خمسة مقالات كان الفيلسوف الإيطالي نشرها ضمن كتابه “خمس قضايا أخلاقية”، يتحدث عن تجذّر الفاشية في حياة البشر منذ القدم، وهو ما يطلق عليه مصطلح “أور فاشية” (نسبة إلى مدينة أور التاريخية) بما يعني الفاشية البدائية الخالدة، التي لا تزال حاضرة بيننا، في لباس مدني أحيانا. والكاتب، إذ يستحضر ذكرياته الخاصة تحت الفاشية، حينما كان صغيرا وهو المولود عام 1932، يقوم بتحليل بنيوي لأربعة عشر نوعا من الفاشية البدائية الخالدة، غايته أن يساعد الناس على كشف أولئك المندسّين في شتى المواقع، والمتخفين خلف ألف قناع وقناع، فواجبنا، كما يقول، أن نميط اللثام عنهم، ونوجّه إليهم إصبع الاتهام كل يوم، في كل مكان من العالم، حتى نمنع عودتهم إلى مراكز القرار.

ماكيافيلي الخالد

باتريك بوشرون جامعي وكاتب ومؤرخ وأستاذ محاضر بالكوليج دو فرانس، متخصص في العصر الوسيط وفي عصر النهضة، لا سيما في إيطاليا، وهو ما أهّله إلى رئاسة المجلس العلمي الفرنسي بروما منذ 1915. بعد “ليوناردو وماكيافيلي” و”ما يستطيعه التاريخ”، صدر له كتاب جديد بعنوان “صيف مع ماكيافيلي”، يكشف لنا فيه عن حقيقة أن ماكيافيلي كان مؤرخا وشاعرا ومسرحيا وفيلسوفا وعالما سياسيا قبل الأوان، يعشق الفنانين والمهندسين والأطباء ومصممي الخرائط، مثلما يعشق الأسفار التي أثرت تجربته. المفارقة أن رجال السياسة الذين صادفهم خيبوا ظنه، فمهدوا له أسباب ابتكار أمير من ورق. والسؤال الذي يطرحه الباحث ليس لماذا ألف ماكيافيلي هذا الكتاب، بل لمن كتبه. للأمراء أم للذين يقفون ضدهم؟ ثم ما هو فن الحكم؟ هل الاستيلاء عليه أم الاحتفاظ به؟ ثم ما الشعب؟ هل يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه؟


لوحة: عمران يونس

صدام الحضارات لن يقع

صار مصطلح “صدام الحضارات” ملتقى مشتركا عند الحديث عن القضايا الجيوسياسية، والدين، والهوية الوطنية. في كتابه “حرب الحضارات لن تقع″، يبيّن الفيلسوف رفائيل ليوجييه أن تلك ليست سوى خدعة أمام واقع الحضارة الشاملة المتولدة عن اشتداد المبادلات القارية. فالاستعمالات التقنية والممارسات الغذائية والدروس الجامعية صارت ذات نمط موحّد، مثلما صارت الصور والموسيقى والانفعالات تجوب الكوكب في وقت وجيز. ورغم وجود مواقف متطرفة تستند إلى أيديولوجيات دينية وسياسية، لا تنفكّ معتقدات البشر تدلل عن أن تكون عوامل قيمية متضادّة، بل إنها صارت تشترك بفضل العولمة في الروحانية والكاريزماتية والأصولية، ما يشكل في رأيه حضارة واحدة تقريبا. هذه الحضارة الواحدة تعاني من تفاوت فظيع على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وخوف هووي، ولدا أشكال عنف غير مسبوق، ولكن المتسبب فيها لم يعد ذلك الآخر، بعد انخرام الحدود.

من يحكم العالم؟

“من يحكم العالم؟” كتاب جمع ثلة من الصحافيين والكتاب تحت إشراف برتران بادي الأستاذ بمعهد العلوم السياسية بباريس، ودومينيك فيدال المؤرخ والصحافي المتخصص في القضايا الدولية، يحاولون فيه الإجابة عن السؤال: من الذي يحكم العالم اليوم، بعد نهاية الشيوعية وقيام عصر العولمة والثورة الرقمية؟ سؤال يبدو غريبا إلى حدّ يثير تأويلات المؤمنين بنظرية المؤامرة لا سيما على الشبكة. ومن هنا، كانت أهمية تحليل الميكانيزمات الكبرى، للوقوف على خمس معطيات حساسة في المنظومة العالمية، هي العادات، الديني، المؤسسات الدولية، الاقتصاد والعولمة، وغض النظر عن مختلف أشكال الحكم. ويتبين أن الدول لم تعد وحدها التي تدعي السيطرة على العالم، لأن العولمة خلقت التحرك، وهزت العلاقات الاجتماعية، وولدت تبعيات جديدة، إذ باتت الشركات متعددة الجنسية تتحدى السيادات الوطنية، ما أوجد تشظيا في الحكم وتشابك تبعيات معقدة.

من الانحراف إلى الجهاد

“حيَدان مراهقين” كتاب جديد لعالمة التحليل النفسي دانيال إبستاين هو حصيلة عملها السريري مع مراهقين معرضين لخطر التشدد، عقب جنحة تقودهم أمام القضاء. ذلك أن مسار هؤلاء المراهقين صار اليوم معروفا، ففي غياب بنية اجتماعية وتربوية تنصت لمشاغلهم، وتحسن توجيههم، عادة ما يجنح هؤلاء الفتية والفتيات إلى العنف والتشرد، إلى أن يقعوا ضحايا رجال، أو نساء، يلقنونهم أيديولوجيا الكراهية والعنف، ثم يوجهونهم إلى بقع التوتر، فيتحولون من منحرفين إلى مجاهدين، وإرهابيين. أهمية الكتاب لا تكمن في توصيف الظاهرة، بعد أن أصبحت معروفة، ولكن في سبل وقاية الشباب منها، عبر فتح أبواب أمل، كالالتحاق بالورشات الفنية، والمساهمة في الأنشطة الرياضية والثقافية، والخضوع لعمليات تكوين تعليمية ومهنية للحصول على مؤهلات تسمح بالاندماج في النسيج المجتمعي.

السعي إلى موسوعة الأنوار

جديد الروائي الإسباني، عضو الأكاديمية الملكية الإسبانية، أرتورو بيريث ريفرتي رواية عنوانها “رجلان طيبان”. رواية يأتلف فيها الخيال والحقائق التاريخية الموثقة، تروي رحلة شاقة أداها رجلان طيبان إلى باريس، للحصول على الموسوعة الفرنسية بأجزائها الثمانية والعشرين، نزولا عند طلب الأكاديمية الملكية الإسبانية، رغم أن تلك الموسوعة كانت محظورة في إسبانيا. يبرع الكاتب في تصوير تلك الرحلة الشاقة من مدريد إلى باريس، لا سيما أن الطريق كانت محفوفة بمخاطر ليس أقلها قطاع الطرق، ووصف الحياة الخليعة في مدينة باريس في أواخر القرن الثامن عشر، بصالوناتها ومقاهيها ومكتباتها وتفسخ أهلها واضطراباتها السياسية. ولكن الصعوبات لم تزل بوصولهما إلى باريس، إذ اكتشفا أن نسخ الموسوعة نفدت، وأن جانبا من أعضاء الأكاديمية الإسبانية كان يعارض فكر الأنوار، فأرسل في أثرهما جاسوسا لإفشال العملية بشتى الطرق.

دروس هايدغر الأولى

صدر مؤخرا كتاب بعنوان “نحو تحديد للفلسفة” جمع درسين أولين كان ألقاهما هايدغر عام 1919 في جامعة فريبورغ، أي بعيد هزيمة ألمانيا، حاول من خلالهما الإجابة عن الأسئلة: ما معنى التفلسف في زمن أزمة؟ هل يكفي الرجوع إلى القيم للهروب من شدّة الحاضر؟ ما هي الروابط بين الفكر والعلم والحياة؟ هذان الدرسان يمثلان التعبير العلني الأول لفكر يبحث عن كلمات تُنطِقه، ومنهجية للوصول إلى مجاله. وكان الشاب هايدغر يجادل معاصريه، لا سيما أنصار كانْط الجدد، عن مفهوم “الثقافة” التي فقدت جلاءها بعد أعوام أربعة من العنف المدمر. من وراء نقد مصطلح الثقافة والقيم تبرز نية تقريب الفلسفة من المعيش في بعده اليومي، الذي عادة ما تهمله نظرية المعرفة. وبصرف النظر عن الظرف التاريخي، فإن الدرسين يعلنان بوضوح وبأسلوب بيداغوجي الحركات النظرية التي ستستعمل في “الوجود والزمن”، أي عملية تفكيك للتقاليد الفلسفية وتساؤل عن معنى التاريخية، وتحليل للحياة القلقة (التي لا تعرف ما ينقصها)، وعودة إلى الأشياء ذاتها بغض النظر عن اعتراضات العلم، كرابط أساس بين الذات والعالم.

عدوّ البيئة

بعد “هومو إركتوس″ (الإنسان المنتصب) و”هومو هابيليس″ (الإنسان الماهر) و”هومو سابينس″ (الإنسان العاقل)، ها نحن اليوم أمام مصطلح جديد هو “هومو ديتريتوس″ (إنسان الفضلات) عنوان كتاب جديد للباحث باتيست مونساجون، أي ذلك الذي يعيش في مجتمع الفضلات والبقايا والحطام، وقد باتت كلها سمة إنسان هذا العصر، حيث يكدّس فضلاته في مصب النفايات أو ينشرها على صفحات المحيطات، أو يبثها في الجو في شكل هباءات لا مرئية. لقد كان الإنسان في الماضي يردم فضلاته أو يحرقها، وصار اليوم يقلصها أو يعيد إنتاجها واستعمالها، زاعما أنه يتخلص مما يسيء إلى البيئة بشكل قطعي، ولكن ادعاءه، يقول الكاتب، كادعاء ذكور قبيلة “شاغا” الذين يزعمون أنهم لا يتبرزون أبدا. فبرغم الوسائل التقنية الحديثة، لا تزال المؤسسات الصناعية تصنع عمى جماعيا. فهومو ديتريتوس، الوجه المقنع لهومو إيكونوميكوس، يوهم بأنه أنقذ كوكبنا بـ”إلقاء الفضلات بشكل جيد”.

كلنا أميركان

“حضارة: كيف أصبحنا أميركيين” هو آخر ما صدر للفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه. يتساءل فيه عن الحضارة. ما هي؟ كيف تنشأ، وكيف تموت؟ ويرى أن زوال الحضارة الفرنسية يساعد على الإجابة عن تلك الأسئلة. فمن خلال الـ”سي آي إيه” إلى الراب، ومن “بيت الورق” إلى “البارون الأسود” ومن انتخاباتهم التمهيدية (برايمري) إلى انتخابات الفرنسيين (بريمير) نلمس تأثر الثقافة الفرنسية بالحضارة الأميركية. بأسلوب طريف وساخر، يربط دوبريه اليومي بتاريخ الإنسانية الطويل، ليذكر علاقة اليونان القديمة بالإمبراطورية الرومانية، ويبين كيف أن انتقال الهيمنة يضيء لنا الحاضر بجلاء. ذلك أن الحضارة في رأيه ليست سوى واقع متحرك. هي نظرة تأمل تنطلق لا محالة من الواقع الفرنسي المعيش في شتى تجلياته، ولكنها تنطبق أيضا على شتى الثقافات، التي تشهد غزوا أميركيا غير مباشر، عن طريق السينما والموسيقى والرياضة والأكل واللباس والسجائر، حتى ليصح القول من هذه الزاوية إننا كلنا أميركان.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.