قَصيدَةٌ‭ ‬غَيرُ‭ ‬عصماء

الأربعاء 2015/04/01
رسمة لصدر الدين أمين

لاَ‭ ‬شَيْء‭ ‬أَحْمِلُهُ‭ ‬هَذَا‭ ‬الصَّبَاحَ

عَلَى‭ ‬كَتِفِي،‭ ‬إِلاَّ‭ ‬الأَلَمُ

يَتَسَلَّلُ‭ ‬إِلَى‭ ‬أَعْمَاقِ‭ ‬الرُّوحِ

الزِّلْزَالُ‭ ‬بِجِوَارِ‭ ‬بَيْتِي

مَا‭ ‬زَالَ‭ ‬يَخْبِطُ‭ ‬الأَسَاسَاتِ‭ ‬وَالحِيطَانَ

التِي‭ ‬تُوشِكُ‭ ‬عَلَى‭ ‬الانْهِيَارِ

عَلَيَّ‭ ‬تَهْرِيبُ‭ ‬أَطْفَالِي‭ ‬إِلَى‭ ‬بُلْدَانٍ

لاَ‭ ‬يَطَالُهَا‭ ‬الزِّلْزَالُ‭ ‬وَالفَيَضَانَاتُ

بُلْدَانٌ‭ ‬مُسْتَحِيلَةٌ

أَبْحَثُ‭ ‬عَنْهَا‭ ‬فِي‭ ‬خَرَائِطَ‭ ‬مُحْتَرِقَةً

حَامِلاً‭ ‬عَلَى‭ ‬كَتِفِي‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المَرَّةَ‭ ‬طُيُورًا‭ ‬كَانَ‭ ‬يَحْمِلُهَا

فِي‭ ‬الزَّمَنِ‭ ‬الغَابِرِ،‭ ‬قَرَاصِنَةٌ‭ ‬شَرِسُونَ

الطُّيُورُ‭ ‬التِي‭ ‬تَدُلُّ‭ ‬القَرَاصِنَةَ‭ ‬إِلَى‭ ‬الجُزُرِ

المُسْتَبَاحَةِ‭ ‬حَالَ‭ ‬وُصُولِهِمْ‭ ‬إِلَى‭ ‬الشَّاطِئِ

حَيْثُ‭ ‬عَذْرَاوَات‭ ‬يَتَنَزَّهْنَ‭ ‬وَقُرُودٌ‭.‬

بَيْنَ‭ ‬بَيْتِي‭ ‬وَالشَّاطِئ‭ ‬دِينَاصُورَاتٌ‭ ‬تَصْطَفُّ

طَوَابِيرَ‭ ‬أَمَامَ‭ ‬البَاعَةِ‭ ‬الهُنُودِ

لَقَدْ‭ ‬نَسِيَهَا‭ ‬الانْقِرَاضُ‭ ‬فِي‭ ‬الظَّهِيرَةِ‭ ‬القَاتِمَةِ

فَهَا‭ ‬هِيَ‭ ‬تَحْلُمُ‭ ‬بِالرَّحِيلِ‭ ‬أَوْ‭ ‬المَوْتِ‭.‬

أَحْمِلُ‭ ‬إِرْثَكُمْ‭ ‬عَلَى‭ ‬كَتِفِي

يَا‭ ‬أَبْنَاءَ‭ ‬العُرُوبَةِ‭ ‬الفَارِّينَ‭ ‬مِنْ‭ ‬قِتَالِ‭ ‬الدِّبَبَةِ

فِي‭ ‬المَدَارَاتِ‭ ‬القُطْبِيَّةِ

بَعْدَ‭ ‬أَنْ‭ ‬فَنِيَتْ‭ ‬جَمِيعُ‭ ‬الفُقْمَاتِ‭ ‬وَالبَطَارِيقِ

التِي‭ ‬يَعْشَقُهَا‭ ‬أَطْفَالُ‭ ‬الغَدِ

أَحْمِلُ‭ ‬إِرْثَكُمْ‭ ‬مَنْ‭ ‬غَارٍ‭ ‬إِلَى‭ ‬سِجْنٍ

وَمِنْ‭ ‬كَهْفٍ‭ ‬إِلَى‭ ‬آخَرَ‭.‬

يَا‭ ‬أَهْلَ‭ ‬الكَهْفِ‭ ‬يَا‭ ‬أَهْلِي‭ ‬وَإِخْوَتِي

أَمَا‭ ‬حَانَ‭ ‬لَكُمُ‭ ‬النُّهُوضُ

غَدَاةَ‭ ‬قَرْنٍ‭ ‬قَادِمٍ

لِتُلْقُوا‭ ‬نَظْرَةَ‭ ‬الوَدَاعِ‭ ‬الأَخِيرَةَ

فَالقِيَامَةُ‭ ‬عَلَى‭ ‬الأَبْوَابِ

طَلاَئِعُهَا‭ ‬تَحْتَلُّ‭ ‬المُدُنَ‭ ‬وَالثَّكَنَات‭.‬

أُحَاوِلُ‭ ‬القَوْلَ‭ ‬أَيْضًا‭:‬

إِنَّ‭ ‬الجِبَالَ‭ ‬غَادَرَتْ‭ ‬مَوَاقِعَهَا

وَعَادَتْ‭ ‬إِلَى‭ ‬رَحِمِ‭ ‬الأُمِّ‭ ‬الأُولَى

ثُقُوبٌ‭ ‬سَوْدَاءُ‭ ‬تَبْتَلِعُ‭ ‬الشُّعُوبَ‭ ‬وَالمَجَرَّاتِ

أَطْفَالٌ‭ ‬عُرَاةٌ‭ ‬يَسْبَحُونَ‭ ‬فِي‭ ‬سَدِيمِهَا‭ ‬الهَائِجِ

وَالنَّخْلُ،‭ ‬فَيَالِقُ‭ ‬النَّخْلِ‭ ‬تَتَقَصَّفُ‭ ‬تَحْتَ

رَعْدِ‭ ‬الجَفَافِ‭.‬

هَلْ‭ ‬سَتَمْنَحُنَا‭ ‬الأَبَدِيَّةُ‭ ‬ثَانِيَةً‭ ‬أُخْرَى

كَيْ‭ ‬نَتَمَدَّدَ‭ ‬عَلَى‭ ‬فِرَاشِهَا‭ ‬الوَثِيرِ‭:‬

يَقُولُ‭ ‬القِدِّيسُ

وَهْوَ‭ ‬يَلْفُظُ‭ ‬أَنْفَاسَهُ

تَحْتَ‭ ‬أَقْدَامِ‭ ‬الدِّينَاصُورَاتِ

هَلْ‭ ‬سَيَعُودُ‭ ‬البَاعَةُ‭ ‬الهُنُودُ

لاسْتِقْبَالِ‭ ‬البَضَائِعِ‭ ‬التِي‭ ‬غَرِقَتْ‭ ‬فِي‭ ‬المُحِيطِ

المُحِيطُ‭ ‬الذِي‭ ‬مَا‭ ‬فَتِئَ‭ ‬مُنْذُ‭ ‬دَهْرٍ

يَبْعَثُ‭ ‬بِرَسَائِلَ‭ ‬غَضَبٍ

وَاحْتِجَاجٍ‭.‬

عَلَيْكُمْ‭ ‬لَمْلَمَةَ‭ ‬أَشْلاَءِ‭ ‬الضَّحَايَا

عَلَيْكُمْ‭ ‬القُدُومُ‭ ‬كُلَّ‭ ‬صَبَاحٍ‭ ‬إِلَى‭ ‬الثَّكْنَةِ

لِتَوْقِيعِ‭ ‬عَرَائِض‭ ‬الحُضُورِ‭ ‬وَالغِيَابِ

عَلَيْكُمْ‭ ‬النُّبَاحُ‭ ‬فِي‭ ‬المَزَابِلِ

مَعَ‭ ‬الكِلاَبِ‭ ‬الجَائِعَةِ

وَالجِمَالِ‭ ‬النَّافِقَةِ

التِي‭ ‬سَتُحَمِّلُونَهَا‭ ‬أَثْقَالَكُمْ‭ ‬كَالعَادَةِ

قَاطِعِينَ‭ ‬بَهَا‭ ‬أَقْفَالَ‭ ‬الصَّحْرَاءِ

الجِمَالُ‭ ‬التِي‭ ‬لاَ‭ ‬تَنْسَى‭ ‬الذُلَّ‭ ‬وَالمَهَانَةَ

حَتَّى‭ ‬بَعْدَ‭ ‬مَوْتِهَا‭ ‬بِزَمَانٍ

شَآبِيبُ‭ ‬شَرَرِهَا‭ ‬تَبْعَثُ‭ ‬الرَّجْفَةَ

فِي‭ ‬الأَعْدَاءَ

كَمَا‭ ‬كَانَ (الصَّيْعَرُ) ‭‬فِي‭ ‬عَتْمَةِ‭ ‬الصَّحْرَاءِ

الذِّئَابُ‭ ‬وَقَدْ‭ ‬نَسِيَتْ‭ ‬عِظَامَهَا‭ ‬فِي‭ ‬الرَّمْلِ

بَقِيَ‭ ‬عُوَاؤُهَا‭ ‬يُلْجِمُ‭ ‬الأَرْجَاءَ

بِنَحِيبٍ‭ ‬لاَ‭ ‬يَنْقِطِعُ‭.‬

ضِبَاعٌ‭ ‬تَرْعَى‭ ‬أَطْفَالَهَا‭ ‬فِي‭ ‬الأُفُقِ

هِيَ‭ ‬مَا‭ ‬تَبَقَّى‭ ‬مِنْ‭ ‬نَسْلِ‭ ‬الحَيَوَانِ

وَالإِنْسَانِ‭.‬

II

لَيْلَةٌ‭ ‬مُؤَرِّقَةٌ

وَحَيَوانَاتٌ‭ ‬تَئِنُّ‭ ‬أَمَامَ‭ ‬بَابِي

عَلَى‭ ‬الأَرْجَحِ،‭ ‬إِنَّهَا‭ ‬الضِّبَاعُ‭ ‬التِي‭ ‬تَتَنَزّهُ‭ ‬مَعَ

أَطْفَالِهَا‭ ‬فِي‭ ‬الأُفُقِ

مُسْتَوْحِشَةً‭ ‬تَسْفُوهَا‭ ‬رِيَاحٌ‭ ‬وَجَثَامِينُ

وَسَحَرَةٌ‭ ‬يَرْكَبُونَهَا‭ ‬بِالمَقْلُوبِ

مِنْ‭ ‬فَرْطِ‭ ‬يَأْسِهِمْ‭ ‬أَخَذُوا‭ ‬فِي‭ ‬الانْتِحَارِ‭ ‬وَالهُرُوبِ‭.‬

قَادَةُ‭ ‬العَالَمِ‭ ‬يُوَزِّعُونَ‭ ‬الخُبْزَ‭ ‬عَلَى‭ ‬اللاَّجِئِينَ،

وَالمَذَابِحُ

لاَ‭ ‬صَغِيرَةً‭ ‬وَلاَ‭ ‬كَبِيرَةً‭ ‬إِلاَّ‭ ‬وَأَحْصَوْهَا‭ ‬فِي

كِتَابِ‭ ‬الحَضَارَةِ‭ ‬وَالحَيَوَانِ

(أَيْنَ‭ ‬حِصَّتِي‭ ‬مِنَ‭ ‬الخُبْزِ‭ ‬وَاللَّحْمِ؟)

سَأَلْت‭ ‬الضِّبَاعُ‭ ‬أُمَّهَاتِهَا،‭ ‬التِي‭ ‬انْشَغَلَتْ

بِعِنَاقِ‭ ‬السَّحَرَةِ‭ ‬وَالأَشْبَاحِ

إِلَى‭ ‬آخِرِ‭ ‬المَدَى‭ ‬تَلْهَثُ‭ ‬الضِّبَاعُ

وَرَاءَ‭ ‬الجَرْحَى‭ ‬وَالمُشَرَّدِينَ

رَائِحَةُ‭ ‬الدَّمِ‭ ‬تُغْرِيهَا‭ ‬بِالشَّبَقِ‭ ‬وَالهُيَاجِ

بِشِدَّةٍ‭ ‬وَهُدُوءٍ‭ ‬أَحْيَانًا

تَحُومُ‭ ‬حَوْلَ‭ ‬فَرَائِسِهَا‭ ‬مَعَ‭ ‬نُسُورِ‭ ‬الرَّخْمَةِ

فِي‭ ‬الأَرَاضِي‭ ‬المَنْسِيَّةِ‭ ‬وَالوِدْيَانِ

لَقَدْ‭ ‬أَتْخَمَتْهَا‭ ‬الوَلِيمَةُ

حَتَّى‭ ‬ضَجِرَتْ‭ ‬مِنَ‭ ‬الافْتِرَاسِ

وَلِأَنَّ‭ ‬المُقَدَّرَ‭ ‬مَكْتُوبٌ‭ ‬فِي‭ ‬الغَرِيزَةِ

وَالجَبِينِ

مَاذَا‭ ‬تَفْعَلُ‭ ‬الضِّبَاعُ‭ ‬بَعْدَ‭ ‬الآنَ؟‭!‬

III

سُفُنُهُمْ‭ ‬تُبْحِرُ‭ ‬عَبْرَ‭ ‬البَحْرِ

فِي‭ ‬الخَرَائِطِ‭ ‬المُحْتَرِقَةِ

يَعْبُرُ‭ ‬القَرَاصِنَةُ‭ ‬نَحْوَ‭ ‬المَجْهُولِ

تَقُودُهُمْ‭ ‬الأَحْلاَمُ

تِلْكَ‭ ‬التِي‭ ‬أَضَاءَتْ‭ ‬لِأَسْلاَفِهِمْ

عُتْمَ‭ ‬الظُّلُمَاتِ

القِدِّيسُونَ‭ ‬يُبَارِكُونَهُمْ‭..‬

(لَسْنَا‭ ‬فِي‭ ‬حَاجَةٍ‭ ‬إِلَيْكُمْ)

يَقُولُ‭ ‬القَرَاصِنَةُ‭ ‬لِلْأَسَاِقَفَةِ‭ ‬وَالقِدِّيسِينَ‭..‬

لَكِنَّنَا‭ ‬قُدْنَا‭ ‬السُّفُنَ‭ ‬مِنْ‭ ‬آيْبِيرِيَا،‭ ‬وَكُنَّا‭ ‬مَعَكُمْ‭ ‬نُبِيدُ

الأَعْرَاقَ‭ ‬التِي‭ ‬لاَ‭ ‬يَحْتَاجُهَا‭ ‬التَّارِيخُ

(ذَاكَ‭ ‬زَمَنٌ‭ ‬مَضَى،‭ ‬نَحْنُ‭ ‬الآنَ

بِلاَ‭ ‬خَرَائِطَ‭ ‬وَلاَ‭ ‬أَهْدَافَ)

عَدَا‭ ‬خَرائِطِ‭ ‬الدَّمِ‭ ‬المَسْفُوكِ‭ ‬وَغَرَائِزِ‭ ‬الافْتِرَاسِ،

نَتَوَحَّدُ‭ ‬مَعَ‭ ‬رُوحِ‭ ‬الضِّبَاعِ‭ ‬اللاَّهِثَةِ‭ ‬فِي‭ ‬الأَرْضِ

وَالأُفُقِ،‭ ‬نُبِيدُ‭ ‬الدِّيَانَةَ‭ ‬وَالأَعْرَاقَ،‭ ‬لاَ‭ ‬نَحْتَاجُ

إِلَى‭ ‬مُؤَرِّخِينَ‭ ‬وَلاَ‭ ‬دُعَاةٍ،‭ ‬نَمْحُو‭ ‬آثَارَنَا‭ ‬كَمَا‭ ‬تَلْعَقُ

الضِّبَاعُ‭ ‬الدَّمَ‭ ‬المُتَخَثِّرَ‭ ‬وَالأَقْدَامَ‭..‬

IV

فِي‭ ‬لَيْلِ‭ ‬الأَزَلِ‭ ‬القَاتِمِ

يُبْحِرُ‭ ‬القَرَاصِنَةُ‭ ‬وَالضِّبَاعُ

مَحْمُولِينَ‭ ‬عَلَى‭ ‬رَايَةِ‭ ‬النَّصْرِ

وَالشِّرَاعُ

وَحِيداً‭ ‬يُسَافِرُ‭ ‬تَسُوقُهُ‭ ‬رِيَاحُ

المَوْتِ‭ ‬فِي‭ ‬المُحِيطَاتِ‭.‬

V

أَيُّهَا‭ ‬الطَّائِرُ

وَسَطَ‭ ‬زَوَابِعِ‭ ‬الصَّحْرَاءِ‭ ‬وَالغُبَارِ

تَقِفُ‭ ‬مَكْسُورًا‭ ‬عَلَى‭ ‬عَمُودِ‭ ‬الكَهْرَبَاءِ

تُدِيرُ‭ ‬جِسْمَكَ‭ ‬الصَّغِيرَ

فِي‭ ‬الجِهَاتِ‭ ‬المُدْلَهِمَّةِ

كَأَنَّمَا‭ ‬تَلْهَجُ‭ ‬بِالمَوْتِ‭ ‬وَالحَنِينِ‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.