بُوقُ القِيَامَة

الأحد 2016/05/01
تخطيط: فيصل لعيبي

لأنَّهَا دِمَشْقُ

انظرْ إلى دمشقَ عند الفجر

لا تخفْ

انظرْ إلى الضَّبَاب يَسْتَبِيحُها

واشْهَدْ صَقِيع الصَّمْتِ

يَسْتَكِينُ فِي ضُلُوعِهَا

واغْرَقْ كَمَا سَفِينة ضَائِعة

في لُجَّةِ الظَّلاَم.

***

تَخَالُهَا

مَاذَا تَخَالُهَا؟

مَاتَتْ.. تُرَى..؟

أمْ أنَّهَا تَمُوتُ

أمْ لعَلَّهَا سَلْطَنَةُ المَنَام

هَذِي إذَنْ دِمَشْقُ!

أمْ أنَّهَا مَدِينَةُ الأَحْلاَم؟

لاَ.. لاَ.. دِمَشْقُ لاَ تَنَام

أَنْصِتْ إِلَى دَوِيِّهِمْ

وانْشَقْ دُخَانَ نَارِهِمْ

واسْمَعْ وَلاَوِيلَ النِّسَاء

يَسْتَغِثْنَ بالإِله والرَّسُول

والمَسِيحُ يَنْدُبُ الإسْلاَم

اسْمَعْ تَهَالِيلَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ

بالهُدَى وَبِالسَّلاَم

واسْمَعْ عُوَاءَ الذِّئْب

والنُّواحَ في تَخْشِيبَة الحَمَام

مَاذَا سَمِعْتَ الآنَ؟

قُلْ لِي..

هَلْ سِوَى البُوقِ الذِي يَنْفَخُ

للقِيَامَة التِي فِي آخرِ الزَّمَان

تَفْصِلُ مَا بَيْنَ الحَلاَل والحَرَامْ.

***

هَا أَنْتَ فِي كَابُوسِكَ الشِّعْرِيِّ

فِي مَقْبَرَةِ الفُجُورِ والقَتَام

هَا أَنْتَ تُطْلِقُ الرَّصَاصَ

نَحْوَ مَشْرِقِ الشَّمْسِ

لَعلَّ الشَّمْسَ تَسْتَقِيلُ مِنْ حِيَادِها

فَتُنْعِشُ الطَّرَاوَةَ الخَضْرَاء فِي الرَّبِيع

ثُمّ تَحْرِقُ اليَبَاس

فِي رَكَاكَةِ النَّاظِم والنظَّام والنِّظامْ

هَا أَنْتَ إِذْ تُسَدِّدُ الشِّعْر

عَلَى السَّحَاب عَابِرًا

وَالعَهْدَ جَائِرًا

والجُوعَ كَافرًا

والخَوْفَ مَاكرًا

وفَجْأَةً يَكْتَشِفُ الجَمِيعُ

أنَّ مَا أَطْلَقْتَهُ عَلَيْهِمْ لَيْسَ سِوَى نشَارَة الكَلاَم

اذْهَبْ إِلَى المَوْتِ إِذَنْ

اذْهَبْ إَلَيْهِ وَحْدَه

دُقَّ عَلَيْه البَاب

قُلْ للْمَوْتِ أَنْقِذْنِي

مِنَ العَجْزِ عَن الفِعْلِ

وَخُذْ أَمَانَةً

ضَيَاعُهَا حَرَام.

***

انْظُرْ إلَى دِمَشْقَ عِنْدَما تَرَى

أنَّ المَدِينَةَ انْتَهَت

انْظُرْ إلَيْهَا الآنَ

عِنْدَمَا تَهْبِطُ للشَّارِعِ والزِّحَام

تَسْتَقْبِلُ الخَرَابَ والهَبَاب

والثُقُوب في الجِدارَ يَسْنُدُونه

بِمَنْ يُصَادِفُون في الطَّرِيق

ثُمَّ يُطْلِقُونَ فِي العَيْنَيْن

أَوْ عَلَى الجَبِين

كَيْ تَنْمَسِخَ الوُجُوهُ عِنْدَ فَحْصِها

فلا ترى ضراعة الشيخِ

وَلاَ بَرَاءة الغُلام

قِفْ ثَابتاً

وانْظُرْ إِلَى مُسَدِّدِ البَارُودة الخَرْقاء

هَلْ تُبْصِرُ فِي عَيْنَيهِ

غيْرَ رُعْبِه

مِنْ آمرِ الإعْدَام.

***

هَذِي دِمَشْقُ فَاسْتَفِقْ

كَمَا اسْتَفَاقَتْ دُفْعَةً وَاحدةً

ومرّةً أخيرةً

كيْ لاَ تَنَامَ بَعْدَها

لأنَّهَا دِمَشْقُ

بِدَايَةُ التَّارِيخِ.. والخِتَام.

فِي يَوْمِ الجُمُعَة

فِي يَوْم الجُمُعَةِ

يوم الغُوطَة

يوم عِنَاقِ الأشْجَار

عَرَباتُ الخَيْل

وَسيّارَاتُ الخِدْمة

وترَاموي القصاع و "دُوما"

في أحْلَى مِشْوار

فِي يومِ الجُمُعة

يوم دِمَشْق

وَقَدْ خَرَجت في عُرس الغُوطَة

كيْ تَتَزَوَّجَ منْ آذَار

كيْ تَلْعبَ

أو لِتُصَلّي

لإله يَعْشَقُ زَهْرَ اللَّوْز

وَهَسْهَسَة المَاءِ الثَّرْثَار

لكنَّ جِدَارَ الخَوْفِ طَغَا

مِنْ خَمْسِ سِنين على الزُوَّار

صدُّ العُشَّاق عن المَعْشُوق

وسربَ النَّحْل عن الأزْهَار

صدُّوا بِحَواجِز عَسْكَرِهِم

وبِمَنْطِق طَاغُوتٍ مِهْذار

لا جُمُعَةَ بعْد الآنَ

كَمَا زَعَمُوا

لا فَصْلَ رَبِيع بعْدَ اليَوْمِ

ولا نُوَّارَ ولا ثُوَّار

لمْ يَبْقَ سِوى الشَّجَرِ المَحْرُوقِ

ومِنْ "دُومَا" وَ"حَرِستا"

إلاَّ الأَحْجَار.

***

مَاذَا سَأُجِيبُ إِذَنْ

فِي يَوْمِ حِسَابِي

لَوْ قِيلَ: لِمَاذَا صَارَ رَبِيعُكُم

صيْفاً نَارِيّاً

هَلْ أَنْتُمْ مِنْ عُبَّادِ النَّار

ولِمَاذَا لمْ تُصْلِح

بِيَدِك المِيزَانَ المُخْتلّ

ولمْ تَصْرُخ

كيْ تَسْمَعَكَ الدُّنْيَا

كُلُّ الدُّنْيَا

وليَنْفُذَ صَوْتُك

حتَّى أقْصَى نَجْمٍ

فِي الكَوْنِ السَيَّار؟

***

يَا رَبَّ الكَوْنِ

أَحَقًّا لَمْ يُسْمَع

صَوتِي المَبْحُوحُ منَ التِّكْرَار

في يوِمِ الجُمُعَة هذَا صَار

أمْ أنَّ الغُوطَةَ مازَالَتْ

مَهْدَ الحُرِيَّةِ والأَحْرَار؟!

19/9/2015

أيْنَ أنَا الآن

أيْنَ أنَا الآن؟

عَلَى أيِّ الخَوَازِيقِ اسْتَوَتْ قَصِيدَتِي؟

لَيْسَ عَذَابُهَا فِي الحَبْسِ

أوْ فِي السَّحْلِ

أوْ فِي الشَّنْقِ

لَيْسَ المَوْتُ مَا يُخِيفُهَا

الخَوْفُ كُلُّ الخَوْف

أنْ تَحْيَا عَلَى الشَّفَا

وأنْ تَظَلَّ حُفْرَتِي

فِي كَلِمَتِي.

***

كُلُّ الكَلاَمِ الآنَ لاَ مَعْنَى لَهُ

إلّا لِمَا يَقُولُهُ القَنَّاصُ والذبَّاحُ والجَلَّادُ

والأَعْزَلُ إِذْ يُطْلِقُ صَرْخَةً

هَيْهَاتَ أَنْ يَطَالَهَا الشِّعْرُ أو النَّثْرُ

فَوَاوَيْلاَهُ... أيْنَ صَرْخَتِي؟!

لعلَّ مَا أقُولُهُ الآنَ انْتَهَى

أوْ سَوْفَ يَنْتَهِي عَلَى مَخَدَّتِي

أيْنَ الفَتَى المُوغِلُ فِي مَغَارَةِ الرَّحْمَنِ أوَّلاً

ثمّ إلَى مَغَارَةِ الشَّيْطَانِ ثَانِياً

ثمّ ارْتَقَى قَاسيُون

كيْ يُطِلَّ مِنْ عَلٍ عَلَى مَدِينَتِي

كُلُّ عُيُوبِي الآنَ منْ خَلْفِي

تَشُدُّ تَابِعاً مُرَاوغاً

وَكُنْتُ منْ قَبْلُ أنَا الذِي يَشُدُّهَا

كَأنَّهَا حَقِيقَتِي.

***

تَغَيَّرَ المَشْهَدُ بالتَّأْكِيد

لمْ تَعُدْ أَحْصِنَتِي أَحْصِنَتِي

ولا الصَّبَاحُ نَفْسُه

ولا الجُنُونُ ذَاتُه

حَوْلِي وَخَلْفِي وأَمَامِي

وأنَا القَيْصَرُ

إذْ أَطِيرُ فِي مَرْكَبَتِي

تَغَيَّرَتْ رُومَا

كَمَا تَبَدَّلَتْ دِمَشْقُ

والمُحَارِبُونَ سَرَّحُوا قَادَتَهُمْ

فاحْتَفَلَ القَادَةُ بالهَزِيمَةِ التِي تَلَتْ

في غُرْفَتِي.

***

لاَ.. لَمْ يُصَدِّقْ أَحَد

أنَّ الذِي جَرَى يَجْرِي

وأنَّ مَنْ يُحِبُّ حَقاً

قَدْ يُخُونُ حُبَّه

فَكَيْفَ لَوْ آمَنَ بالخَلَّاقِ والرزَّاق

والرَّسُول والأُصُول

والجَحِيمِ والنَّعِيم

هَلْ فِي عَسَلِ الأنْهَار

أمْ فِي وَقِيدِ النَّار

يَعِيشُ مُرْتَدٌّ

أمْ أنَّ أصْفَادِي حَتَّى الآنَ

لاَ تُقْنِعُنِي بأنَّنِي عَبْدٌ؟!

***

أيْنَ أنَا الآنَ؟

ومَا هَذَا الذِي أُخْفِيهِ فِي حَقِيبَتِي؟

هَا أنَذَا أَلْهَثُ خَلْفَ صُورَتِي

كيْ أَلْحَقَ الفَتَى الذِي يُرَاوِغُ الوَحْش

ويَكْسِرُ الجِدَارَ

ثمَّ يَخْتَفِي وَرَاءَ مِحْنَتِي

هلْ كُنْتُ مِثْلَهُ؟

أمْ واهمٌ أنَا؟

أمْ هَذِه الغَابَةُ غيْرُ غَابتِي؟

***

تَغَيَّر المَشْهَدُ حَقاً

أمْ أنَا أُبْصِرُ مَا أُرِيدُ

أمْ كَأنَّنِي لمْ أَتَغَيَّر؟

إيه.. مَا أسْعَدَنِي!

أنَّ الذِي أُحِبُّهُ

مَا زَالَ حَتَّى المُنْتَهَى يُحِبُّنِي

وأنَّ مَنْ أَكْرَهُهُ

لمّا يَزَلْ يَكْرَهُنِي

وأنّ أوْرَاقِي التِي أَسْلَمْتُها للرِّيحِ

لاَ تَخُصُّنِي؟!...

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.