حفريات في ذاكرة السجن

الثلاثاء 2015/09/01
لوحة: فادية عفاش

لقد تمت كتابة هذه الرؤى والأحداث عن فترة تسعة أشهر من الاعتقال في سجون نظام الأسد بين عامي 2011 و2015، وهو ليس بحثاً أو دراسة في طبيعة الظروف والأحوال المعيشية التي يعانيها المعتقل في هذه الأقبية والمعتقلات، كما أنها لا تحاول أن توصل تقريراً أو تحقيقاً عمّا يجري هناك في السجون القابعة تحت شوارع المدن السورية. إنما هي مجرد محاولة لنقل قصص وحكايا خبرتها شخصياً أو شهدت عليها في السجون السورية ذات السمعة السيئة بأوضاعها وظروفها القاسية على نفسية المعتقل وبنيته الجسدية. وتتعامل الأفكار الواردة فيها مع موضوعات متنوعة ذات بعد تفصيلي غالباً، ولكن ذات أثرٍ قوي في دلالتها النفسية والفكرية. من طريقة النوم في السجن إلى التعامل مع الطعام والشراب، واللباس واختيار الأصدقاء، وحتى العلاقة بين السجين والسجّان.

يبقى أن نذكر أن كثيراً من الأفكار الواردة هنا قد تتشابه إلى حدّ التطابق مع قصص وسرديات مشابهة خبرها وعانى منها الكثير والكثير من شباب سوريا ورجالها ونسائها وحتى أطفالها من كلّ فئة عمرية دون استثناء، فلم يسلم من سجون الأسد رضيع ولا طالب مدرسة ولا خريج جامعة ولا كهل ولا حتى جريح أو شهيد. كلنا عرضة لأن نكون معتقلين في دولة “الأسد أو لا أحد”.

“من شهد المقتلة ليس كمن عاشها”.. بعد أربع سنوات من الضياع والتسكع في فم الموت، وعلى الرغم من كلّ الجرائم التي شهدها الشعب السوري، وصلت إلى حدّ القصف بالسلاح الكيميائي، تبقى تجربة الاعتقال في سجون الأسد موضوعاً استثنائياً وسريالياً في آن، لا يمكن التخلص من آثاره ولو بعد سنين.

ليست صدفة أني خبرتُ هذه التجربة، ليس مرة واحدة بل ثلاث مرات، فالكثير من السوريين، وخاصة الذين انخرطوا بالثورة إلى أعمق حدّ، قد اختبروا الاعتقال، والمتكرر منه، في أقسى الظروف وأسوأ السجون سمعة على الإطلاق.

تجربة الاعتقال بقدر قسوتها وشدتها في الفترة التي يمضيها المعتقل داخل السجن، إلاّ أن الأقسى منها والأشد وقعاً وإلحاحاً وقسرية، هي تلك الرؤى والرضوض النفسية التي تحفر عميقاً في ذاكرة المعتقل في الفترة التي تلي خروجه، والتي قد تستمر لأشهر وسنوات، وقد يكون من المفيد للمعتقل أن يتعامل مع هذه الذكرى بالكثير من العقلانية والنضوج، إلا أنّ حجم الأذى والمرض النفسي الذي يحدث، يجعل منها مسماراً لا تكفّ الليالي والكوابيس عن طرقه عميقاً في الذاكرة.

مدفوعاً بحاجة ذاتية بالدرجة الأولى، وحاجة أن يتحدث جميع السوريين، معتقلين منهم أو غير معتقلين بالدرجة الثانية، فإني سأكتب هنا عن تجربتي في معتقلات دولة الأسد، آملاً أن أتمكن من إخراج هذا المسمار، الذي يحفر في العمق في رأسي، وفي رؤوس كل السوريين.

فروع الجوية

اعتقلت أول مرة بتاريخ 16 تشرين الأول 2011 في مدينة حمص، كنت قبلها قد انخرطت بعمقٍ في نشاطات الثورة، من تظاهر واعتصام وتشكيل تنسيقيات. يوم اعتقالي لم أكن أشعر بأيّ هاجسٍ أو خوفٍ من عناصر الأمن والشبّيحة، كان فرط القوة الذي يتملكني من المشاركة بالثورة، يجعلني غير مكترثٍ لعواقب الأمور، هكذا وبسبب التسرع والتهور، توقفت سيارة بالقرب مني، وكنت ذاهباً لأتخفى في منزل أحد الأصدقاء، قطعت عليّ الطريق، وبدأت رحلة من العذاب والحرمان والانتظار.

كان هنالك عنصران من الشبيحة الملحقين بالمخابرات الجوية، سريعاً، أدخلوني السيارة وبدأت اللكمات والصفعات والإهانات دون هوادة، لم يكن الألم الجسدي ذلك الذي حفر عميقاً في الذاكرة، فكله ينسى لحظة الخدران الذي يعتريك بعد برهة من كثرته، إلاّ أن ما آلمَ في النفس كثيراً كان الإذلال والتحقير أمام الذات أولاً وأمام الناس.

اقتادني عناصر الشبيحة، إلى أحد أحياء الطائفة العلوية، وهناك جمعوا كلّ من استطاعوا الوصول إليه من شبيحة وشبيحات، للمشاركة في أخذ القصاص من هذا “العلوي الخائن” (هكذا أشاروا إليّ). كانت امرأة خمسينية، علمت لاحقاً أنها أمُّ لأحد الشبيحة الذين قتلوا يوم أمس في حي باب السباع. تولّت المهمة الأكبر، وأشبعت ثكلها، حين تمكَّنت من تحطيم عصا خشبية، كانت تستخدمها لهش الغبار في منزلها، والآن هشتني بها.

في تلك اللحظات لم أكن أكترث لفحوى ما يجري، ما اكترثت له هو الخلاص والوصول إلى الفرع، كم رغبت أن تأتي مهمة اعتقال أخرى لهؤلاء الشبيحة، علّهم يعجلون في تسليمي للفرع، ويلتفتون لغبارٍ آخر يهشونه.

فروع المخابرات السورية تتشابه إلى أقسى الدرجات، وإن اختلفت في بعض التفاصيل الصغيرة، فالجوية تستخدم “العصا الكهربائية والأخضر الإبراهيمي 1″ لحفلة الاستقبال. في حين أن المخابرات العسكرية لا تكتفي بذلك، بل تتوج الحفلة بضرباتٍ قاسمة للظهر بواسطة “خشبة المعلم 2″، وهذا ما سأعرفه عند دخولي لفرع فلسطين في 2014، إذْ مضت حفلة الاستقبال في فرع المخابرات الجوية لمدة طويلة، أو هكذا شعرت بها.

كانت صعقات الكهرباء تنفض من كل صوب، تأتيك من الخلف على الكتف، أو من أسفل الظهر على المقعد، أو في أحيانٍ أخرى على ما بين الفخذين من اتصال، نصف ساعة، ساعة، أو ساعتين.. ذلك لا يهمّ. سيملؤك الخدر والانتشاء بالألم، بعد “الدولاب 3″ الثاني أو الثالث على أكبر تقدير، بعدها تدخل إلى حيث ستقضي جلّ فترتك في الفرع. يسبق إدخالك تصويرك من الجهات الثلاث، كي يتم حفظ ألمك وجروحك في ذاكرة السجن، وأضابيره التي تؤرخ عدد الكدمات والقروح المحفورة في أجساد السوريين.

لأفرع المخابرات الجوية صيت سيء مقارنة بباقي أجهزة الأمن، ويبدو أن ذلك مرده إلى حجم التعذيب الذي يتلقاه المعتقلون في أقبيتها، لكن هناك مزايا جيدة لفرع المخابرات الجوية (وهذا أمرٌ ساخر فعلاً)، تعود إلى حجم المكان الذي خصص للسجين، ونوع وكمية الطعام المقدم إليه.

الجوية نوعية، أجل هذا هو التوصيف، فالمعتقلون الذين يدخلونها لا يخرجون، إلا وحياة أخرى قد كُتبَت لهم. على الرغم من شدة التعذيب وقسوته هناك، فإن العدد داخل كل “جماعية” هو أربعة أشخاص، وهذا بالمقارنة مع الأفرع الأخرى يُعدُّ قليلاً، لذلك فالحصول على بلاطة تريّح عليها مقعدتك في فرع فلسطين يعتبر ضرباً من الخيال، بينما بلاطتان هما ما يمكن لك الحصول عليه في الجوية، وأحياناً أخرى أكثر من ذلك.

وإن كان الطعام المقدم لك في فرع الأمن السياسي، لا يتجاوز رغيفا ونصفا في اليوم الكامل، فإنك في الجوية تحصل على ثلاثة أرغفة من الخبز “الطازج” يومياً، و يا لها من “نعمة وبهجة”، لكن من ناحية أخرى، ليس هناك أيّ مجال للمقارنة بين ما تختبره في التحقيق داخل الجوية، و بين أيّ سجن آخر.

لم يكن قد مضى على وجودي داخل الجماعية رقم واحد في مطار المزة العسكري التابع لفرع تحقيق المخابرات الجوية، سوى أسبوع واحد حين تمّ طلبي إلى جلسة التحقيق الأولى، ويا له من امتحان، أخذ قلبي يخفق بسرعة دون أي انتظام، أرجلي لم تعد تقوى على حملي، لم أعرف كيف تمكن “الشاويش 5″ من إعطائي البدلة الزرقاء المخصصة للتحقيق، ووضع “الطميشة 6″، وقذف بي إلى خارج الباب الحديدي.

ضوء شفيفٌ لا يقاوم، أخذ يتسرب من بين مسامات العصبة التي غطت عيني، رافقته رائحة نديّة لهواءٍ جديد، كان العفن داخل الجماعية يمنعنا من استنشاقه، لم أتمكن من مقاومة سحره، شعور لا يوصف مختلط ومعقد إلى أبعد حدّ، ذلك الذي اعتراني، قلق، خوف، توجس ممّا سيأتي وسيحدث، رافقه شعور مرتبك بتلمس تفاصيل العالم الخارجي ودقائقه، لقد كانت إعادة لاختبار الضوء و الهواء من جديد.

اسجدوا هذا ربّكم

لا تعدو اليوميات المعاشة في مهاجع أقبية الفروع الأمنية أو زنازينها، عن كونها يوميات اعتيادية كالتي يعيشها ويختبرها الإنسان في الخارج، إلا بفارق واحد هو أن يوميات السجن لا تُنسى، وتحفر عميقاً في الذاكرة.

الذّل اليومي في “سوريا الأسد” هو نفسه، سواء كنت في زنزانة أم كنت في بيت محشورٍ ضمن الإسمنت في “الحجر الأسود”، لن يتغير عليك سوى رحابة الأخير ودفئه، مقارنة بالأول.

الخوف اليومي هو نفسه أيضاً وإن كان بجرعة مخففة، ما يشكل فارقاً هاماً في تجربة السجن هو التداخل المركب للخوف والذلّ اليومي، بحيث يغدو كلٌ منهما موضوعاً، يعمل السجان يومياً على إذلالك بمدى خوفك، وتخويفك بحجم الذّل الذي ينْزِله عليك.

في الجوية حيث كان الاعتقال الأول لي، كانت الأيام تمضي رغم تثاقلها المعروف بسرعة يومية، والآن لا يسعني أن أذكر كل التفاصيل التي كانت تصادفنا، إلاً أن حوادث بعينها على ما يبدو تملك من الوقع والأثر في النفس ما لا طاقة للكثير منا على نسيانه.

لم يكن قد مضى على وجودي داخل الجماعية رقم واحد في مطار المزة العسكري التابع لفرع تحقيق المخابرات الجوية، سوى أسبوع واحد حين تمّ طلبي إلى جلسة التحقيق الأولى، ويا له من امتحان، أخذ قلبي يخفق بسرعة دون أي انتظام، أرجلي لم تعد تقوى على حملي

كان يتم إيقاظنا عند أول الفجر فيقدم لنا السجان طعام الفطور، ويتوجب على الجماعية بأسرها أن تُجْهِز على أغلب الخبز وحبات الزيتون المقدمة، وإلا فالحساب عسير.

لا أدري كيف اتفق في ذلك الصباح القارس من شهر كانون الأول في عام 2011، بحيث لم يكن أغلب المعتقلين على استعداد لتفويت فرصة الدفء تحت بطانيات القمل والحشرات، مقابل تناول بضع حباتٍ من الزيتون الأخضر القادم “من الشجر مباشرة إلى الأفواه”، فبقي الكثير منه بعد انتهاء الوجبة. وهل كان هو مزاج السجان الذي تعكّر، بسبب رائحة التراب الندي الذي انبعث من جراء أمطار الليل، والتي غطت على كل روائح العفن والعرق والنشادر المنبعثة من الجماعية، أم كانت أصوات المعتقلين وصرخاتهم ما تزال تطن وتنقر في رأس “أبو صخر”، وذلك في ليلة طويلة قضاها وهو يعذّب في الأمس، محاولاً معرفة عدد المظاهرات التي شارك فيها شباب من الرستن من خلال توريم أقدامهم وإدمائها.

كل شيء ممكن في عقل أبو صخر الذي لا يسع جمجته الضخمة أن تستوعبه، فهو وإن كان لا يحمل شهادة ثانوية أو حتى إعدادية، لكنه قادرٌ على تعليم فن السياسة والآداب وحتى أصول الدين وشرائعه، لهذه “الصراصير” التي لا تقوى على النظر بين عينه حين يفتح باب الحديد الذي يملك مفاتيحه.

وحين جاء أبو صخر ليأخذ “القصعات 1″، وجد أغلب الزيتون على حاله، ولمح في الزاوية القصية المقابلة للحمام، أحد المعتقلين وهو يسجد داعياً ربه دون أيّ حراك.

لقد اقترفت الجماعية إثماً مضاعفاً، فهؤلاء “الدواب” يرفضون النعمة التي تقدمها دولة الأسد، على الرغم من كلّ العداء الذي بينهم وبينها، لا بل أكثر من ذلك يؤوون بينهم متملقين ومرائين، يدعون إلى الدين والصلاة، وهم في الخارج لا يكفون عن تفخيخ السيارات وتفجير عربات الجيش وقتل جنوده.

بدأت ثورة الغضب لدى أبو صخر، و لم تنته “بالفلقة 2″ التي أنزلها على المصلّي مستخدماً الأخضر الإبراهيمي، بل كان عليه أن يبين لكل المساجين الطريقة الصحيحة للصلاة، وأن يرسم ملامح جديدة في علم اللاهوت ويبرهن لنا من هو الإله الحقيقي والمعاصر حالياً والجدير بالعبادة والسجود.

لم يتوقف غضبه وهو يشرع بفك أربطة “البوط العسكري” الذي يرتديه، والمحاضرة السياسية الأخلاقية الدينية لم تنته كذلك، إلا وقد وضع ما خلعه من قدمه عالياً على الحائط الذي يستر الحمام عن فسحة الجماعية، من ثمة عمد وبصوت واحد إلى نظم صفوف المصلين وترتيبهم “كالنظام المنضم 3″، رافعاً أخضره الابراهيمي فوق قدمي المصلي، طالب من الجميع قائلا “اسجدوا، لآدم.. اسجدوا أنا ربكم، والبوط العسكري خليفتي يا ملاعين”، لم يسجد أحد، فانهال بالأخضر على قدمي المصلي، كرر عبارته ثلاث مرات، فدخلت صرخات المصلي في الآذان وأحدثت ثقباً في الذاكرة لا يزول.. لقد سجد الجميع للبوط العسكري دون استثناء، وأذكر أنّ من لم تدمع عيناه بعد السجدة، قد أدمعت بعد القهقهة التي أصدرها أبو صخر ولم تنته طوال ذلك اليوم، حتى جاء لأخذ دفعة جديدة من الأقدام كي يعمل ليلاً على توريمها وإدمائها.

مضت عليّ ثلاثة شهور داخل نفس الجماعية، لم أكن أشعر بحجم هذا الذّل الذي كنا نختبره، كان كلّ الذي يؤرّقني، وأعتقد أنّه كان يؤرق الجميع، هو الخلاص والخروج بأقل الخسائر الممكنة من أذيات الجسد والروح، فالكثير.. ويا للأسف، قد يفقد عيناً فتعمى، أو يداً وقدماً فتشلّ أو تصاب بالغانغرين، أما خسائر الروح وندوبها وقروحها، فلا تعدو أن تكون ومضاتٍ تعترينا كمعتقلين في لحظاتٍ ممزوجة بين الفرح والحزن، كأن يمرّ السجان صباحاً وقد فاحت رائحة عطره “الرخيص”، فذكرتنا بروائح كانت لنا مع أحبة وأصدقاء في خارج هذا البئر، أو صوتٍ لراديو أو مسجلة تأتي من سراديب الفرع، تغني فيها فيروز “كيفك أنت ، ملّا أنت”.

بتاريخ 16/1/2012 تم إعلان اسمي في سجن حمص المركزي، و إخلاء سبيلي من هذه البئر، لكن على ما يبدو كان إخلاءً إلى حين.

تلك الحيرة

يطلق عليهم في أفغانستان اسم “الخاد”، أما في إسرائيل فيعرفون باسم “الموساد”، لكن هنا في سوريا الاسم لا يُنسى، إنهم المخابرات.

لا تكاد تخلو حياة كل سوري في مرحلة ما منها، من احتكاكٍ أو اتصالٍ مباشر أو غير مباشر مع أجهزة المخابرات أو رجالاتها، هذا الاحتكاك أو الاتصال لا يمكن أن يأخذ شكلاً متكافئاً ومتساوياً، وليس مقدّراً له هذا الشكل أساساً، فالعلاقة مع المخابرات وعلى الدوام مبنية على الرعب والخوف والغموض الممزوج بالمجهول، ومهما كانت خبرتك أو معرفتك بهذه الأجهزة، فلن يكون بمقدورك أن تلمس فيها فهماً موضوعياً وحقيقياً، لسلوك المخابرات السورية و طريقة عملها وتصرفها، ملمح غامض أصيل، فحتى أكبر المعتقلين السياسيين الذي قضوا سنوات في أقبية الفروع الأمنية، ليس بمقدورهم أن يعطوا رسماً واضحاً وشاملاً لآليات عملهم وتصرفاتهم، فالمفاجأة في سجون الأسد موجودة على الدوام، ولا تنتهي!

كانت قد مضت سنتان على اعتقالي الأول في بداية الثورة السورية، وكنت قد أخذت بالتعافي والتخلص تدريجياً من آثارها الجسدية والنفسية، إلا أنه في ظل حكم المخابرات السورية، لا يمكن أن تخمّن حقيقةً أو تدرك معنى، فقامت قوات الأمن العسكري باعتقالي مجدداً في حمص، وعلى الرغم من أنها المرة الثانية، ومن المفترض أن تكون كلّ الأمور المعاشة مختبرة ومعلومة، إلاً أن الأمر لم يكن كذلك، وعرفت المخابرات السورية من جديد كيف تفاجئني وتصدمني.

بتاريخ 2/10/2014 ترجّلت من الحافلة التي أقلّتني من دمشق إلى حمص، ودخلت في سيارة الدورية التي حملتني إلى الفرع 261، ما كان مُستغرباً في ذلك الوقت ومُحيّراً بالنسبة إلى السجان الذي استلمني، هو المكان الذي سيضعني فيه، فالفرع 261 يحتوي على مهجعين كبيرين، الأول يدعى المهجع المدني، “وهو مخصص لمعتقلي الثورة أو كما يسمّونهم المسلحين وكلّهم من السنة”، والثاني يدعى المهجع العسكري، “وهو مخصص لعناصر الدفاع الوطني والشبيحة، وهؤلاء كلّهم من العلويين”.

المعضلة كانت في التصنيف الذي يجب أن يسبغوه عليّ، فأنا لست شبيحاً أو عنصراً مقاتلاً في النظام، بل على العكس كنت من أشد معارضيه، لكن من جهة أخرى لست مناسباً لأكون نزيلاً في المهجع المدني، حيث أن هويّتي الطائفية لا تحمل نفس الدلالات الجرمية بالنسبة إلى السجان.

من شدة الحيرة التي وقع فيها السجان أمام حالتي، لم يعرف طريقة مناسبة للاستقبال كي يحتفي بي فيها، على كلّ حال، اختار الدولاب و”الشبح الخلفي”، قصاصاً مني عن هذا الإرباك الذي وضعته فيه، وبعد الدولاب الثاني، والشبح الثالث، جاؤوا بموقوف آخر وأخذ عني الحمل. يبدو أن الإرباك لم ولن ينتهي في حمص، هذه المدينة التي رسمت الملامح الثورية في سوريا منذ بدايتها، ولكنها أيضاً فتحت للحرب والطائفية أبواباً أدخلتنا في دواماتٍ من المجهول، ليس معلوماً متى تنتهي.

هذه المرة كان الإرباك أيضاً من حالة الموقوف الجديد الذي جُلب إلى السجان، اسمه مازن وكان يلقب بالصيني، وعلمت وأنا معلق على “البلنغو 2″ أنه عنصر في مجموعة كبيرة من الشبيحة في مدينة حمص، ويا للمفارقة، فقد كان من الطائفة السنية، الآن أصبح الإرباك مضاعفاً بالنسبة إلى السجان، وهذا كان دافعاً مهماً له، ليضاعف الدولاب، ليس فقط بالنسبة إلى الشبيح الصيني، بل أيضاً بالنسبة إلى المعارض المشبوح أمامه.

المعضلة كانت في التصنيف الذي يجب أن يسبغوه عليّ، فأنا لست شبيحاً أو عنصراً مقاتلاً في النظام، بل على العكس كنت من أشد معارضيه، لكن من جهة أخرى لست مناسباً لأكون نزيلاً في المهجع المدني، حيث أن هويّتي الطائفية لا تحمل نفس الدلالات الجرمية بالنسبة إلى السجان

لقد احتار كثيراً، ما هذه الحيرة التي سببناها له، لماذا هناك معارض علوي، وشبيح سني؟ لماذا لا تلتزمون جميعاً بالقاعدة الأسدية؟ العلويون هم الشبيحة وفقط، والسنة هم المسلحون المعارضون وفقط؟ كان عقل السجان يضطرم بهذه الأفكار المشوشة، أو هكذا اعتقدت وأنا أحاول أن أشتت التركيز عن الألم الذي يعتصر معصمي، ويشد بساعدي حتى أسفل أقدامي المتورمة.

لا أدري إن كانت ساعة تلك التي مضت، والسجان بين أخذٍ ورد، فمرة يكلم ضابطاً ما على الهاتف ويشرح له ماهية المعضلة التي أوقعه فيها المواقيف الجدد، ومرة ينطلق مسرعاً نحوي أو نحو الشبيح، عله يحلّ الإشكال بالعصا المنمقة التي بين يديه، لم أعد أحتسب الضربات والومضات التي كانت تبرق بين عينيّ، إثر كل لكمة وصفعة، لقد قررت أن أفكر بأشياء جديدة، راحت ذكريات طفولية تدهمني، تذكرت مرة حين كنا نلعب قرب سكة القطار الحديدية في الضاحية التي قطنها أهلي في ريف دمشق، حيث كنا نضع قطعة معدنية من فئة الليرة على السكة قبل وصول القطار بأمتار قليلة فقط، كي يمرّ بدواليبه فوقها، فتتمدد وتصبح بحجم مضاعف، فعلاً كان للدولاب أثر مضاعف، فتحت عيني ونظرت نحو الأسفل، كانت قدماي قد تمددتا من جراء دولاب السجان الذي لقّنني إياه.

وأخيراً، جاء الأمر مباشرة من رئيس الفرع “ضعوا كلا الموقوفين في منفردة العقوبات”، وهذه المنفردة عبارة عن زنزانة بين المهجعين، تتم معاقبة المواقيف التي تعصي أوامر السجان فيها، يبدو أنّ كلانا كان عاصياً بمجرد وجوده، لا يمكن، وليس معقولاً لدى المخابرات السورية أن تكون معارضاً علويّاً، كما أنّه ليس مستحباً أن تكون سنيّاً شبيحاً وترتكب مخالفة أمنية، فهذا مقصورٌ على العلويين، أما أن تكون شبيحاً عاصياً وسنيّاً في ذات الوقت، فتلك معصية وإثم مضاعف.

كان يتناوب في التسلية سجاننا، بيني وبين الشبيح الصيني، نشأت بيننا علاقة تثقيفية ثلاثية، فلا بد للسجان أن يعاقب أحدنا، وأن يجعله موعظة وعبرة للآخر، فحين كان ينهال عليّ بالأخضر الإبراهيمي، كان يبرهن للشبيح، أنّ “الدولة” ليست طائفية كما يدّعي “الثوار”، والدلالة هذه الجروح التي يحفرها في جسد هذا العلوي، وبالمقابل، حين يعلق الشبيح على البلنغو، سائطاً ظهره بعصاه المنمقة، كان يبرهن لي، وبالدليل القاطع، أن السنّة كلّهم مجرمون ولا يجب الوثوق بهم أو تنصيبهم أيّ منصب في دولة النقاء العلوية، لأنهم حينها سيرتكبون كلّ الجرائم التي يبدأ الصيني بالاعتراف فيها، من سرقة ونهب وتعفيش واغتصاب حتى.

هل كانت قدرتي على التحمل أكبر؟ أم أن الدواليب والشبح الذي ناله الصيني كان أعنف مما نلته؟ أم أن قوة خفية حفظتني ولمست عدالة ما بين قضيتي وقضيته؟ لا أدري، لكن بعد أسبوع من العذاب المشترك راحت قدم الشبيح الصيني تتعفن وانتشر فيها الإنتان، وعلى الرغم من كل الإجراءات العلاجية التي قمت بها، لتنظيف الخراج و تضميد الجروح، إلا أن الموت كان نصيبه، فبعد عشر محاولاتٍ من الإنعاش قمت بها، انقطعت فيها أنفاسي وصرخاتي، وأنا أحاول أن أنادي على السجّان علّه يأتي ليأخذ الموت منه، إلاً أن الصيني فارق الحياة شبيحاً سنيّاً قضى في سجون الأسد، وأنا بقيت وحيداً في زنزانة العقوبة، لا أدري هل ما تزال تلك الحيرة والإرباك الذي أوجده وجودنا، قائماً في عقل السجان كتساؤلٍ أم نازلاً من بين يديه كضربات سوطٍ و دواليب. أمضيت شهراً و نصفا في الفرع 261، ثم تم نقلي إلى مكان آخر، عدت فيه لألتقي مع الموت وأوشك أن اقترب منه حدّ الوقوع.

عارٍ من الاسم

كلّهم قد مروا من هنا، ملأوا جدران الزنازين والمهاجع بنقوش أسمائهم وذكرياتهم وأعداد الأشهر التي مضت عليهم في هذه المقابر، وهناك على مصطبة الطابق الأول، قد مسحوا إبهامهم المطبوع بلون أزرق البصمة، ليختموا رحلة التعذيب في سراديب التحقيق. هنا مروا من الفرع 235، القوميون، الشيوعيون، اليساريون، الإسلاميون، المتظاهرون السلميون، الجيش الحر، جبهة النصرة، وحتى داعش قد مرّت من هنا، لكن هذا الطريق لم يفضي إلى فلسطين، ما دام في العاصمة دمشق يقبع جاثماً على أرواح السوريين، إنّه “فرع فلسطين”.

الساعة الخامسة عصراً، كانت سيارة “اللحمة” تقل جنزيراً كاملاً من المعتقلين الذين جاؤوا من كل المحافظات، واحتشدوا في السجن البالوني، ليتم ترحيلهم عند اكتمال النصاب صوب دمشق، حيث ينتصب عالياً جداً تحت الأرض القبر الذي لم يُنْس، ولن يُنسى من هذه الذاكرة السورية الهائمة بين افتراء القومية العربية وكذبة “القضية الفلسطينية”، وبين ركلات عناصر الأمن ولكماتهم.

دخلنا الفرع سيء الصيت، الأحاديث الهامسة والنظرات الواجمة بيننا تحاول اكتشاف المصير القادم، هل هناك حفلة استقبال؟ بالتأكيد هذا أمر مفروغ منه، حسنا، كم ستدوم؟ هل سنتألم؟ وكم سيحشرون في كل جماعية؟ لم تتوقف هذه النقرات في باطن كل المعتقلين وهم يجرجرون إلى داخل فم الموت.

أصعب ما تختبره في فرع فلسطين غير الانتظار الطويل داخل المهجع، هو الاستقبال الأولي الذي يهندسه وبكل حرافة، المساعد أبو حبيب، المشهور بعصاه المصممة من سنين لتأديب المارقين والخارجين عن “قضية فلسطين”.

لأبو حبيب عصا خاصة تدعى “عصا المعلم”، تستخدم ضربة واحدة منها، لكل معتقل كتتويج وتكليل لحفلة الاستقبال التي يتولاها عناصر “السخرة 1″، لم أنس عصا أبو حبيب، ولا أعتقد أن كل الذين مروا من هنا في السراديب الطويلة التي لا تنتهي قد نسوها، مربعة الشكل، مخصورة عند المقبض، منمقة ومزينة بكل ألوان المسامير الحديدية التي تشكل قوس قزح، وبضربة واحدة، تقدح في العيون والرؤى ألوانها، ليغدو قوس قزح حقيقة مجردة، فلا حقيقة غير القهر هناك.

قد تكون الثماني ساعات تلك التي مرت قبل أن ننتهي من إجراءات الدخول، الضرب، عصا أبو حبيب، الانتظار في “التشميسة 2″، التصوير من الجهات الثلاث، وأخيراً “الترقيم”.

في فلسطين، لا أهمية للأسماء أو الألقاب، الكل يتحول إلى رقم، يخبرك السجان قبل إدخالك إلى المهجع الخاص بك قائلاً “هون بتنسى اسمك، فهمان ولا، اسمك 50 على 16…”، هكذا أصبح اسمي، طالما أحببت الأرقام الزوجية، فهي خلافاً للفردية تقبل المشاركة والتعدد، أخذت أردد اسمي الجديد باستمرار.

في الصباح، أرسم خيالاتٍ و تراكيب عن علاقة الخمسين بمفاهيم الحياة، وهل الستة عشر تصلح لأن تفسر ظواهر الكينونة، لم أكن أدري أن كان هناك كينونة بعد، أم يا ترى كان مجرد هذيانٍ ليس إلا! أو يبدو أن رائحة المهجع التي اقتحمت الأنوف ووصلت حتى الصدوغ، قد جعلت من كلّ اعتبارات العقل والفهم، أموراً لا قيمة لها.

الجميع عارٍ في فرع فلسطين، ليس الاسم وحده الذي يتعرى منك، لا بل جسدك أيضاً هو الذي يُعرّى، عند دخول المهجع يستقبلك الشاويش وزبانيته، بكفٍ وركلة مصطنعة أمام السجان المتلصص من عين الباب، يطلبون منك أن تخلع كل الثياب، وتُبقي على ما يستر العورة في الأسفل، لم يكن هناك أوراق أشجار أو عشب أخضر لنعود كما الإنسان في العصور الغابرة، يتلحف ورق الشجر بين فخذيه، لكن ثيابك الداخلية السفلية، ستخضر وتتعفن مع تفاعلها مع عرق رفاقك الذين ينامون فوقك وتحتك وعلى الميمنة والميسرة، فتحاكي شيئاً ما من عهدٍ فات على الإنسان.

قد يكون من المفيد أن تعود عارٍيا بين حين وآخر، هذا ما يقدمه فرع فلسطين للزوار، ستكون مخيلتك، عواطفك، أحاسيسك، رؤاك، وكل اعتباراتك المعرفية تجاه حياة عارية وبلا أيّ قيمة، أمام الغريزة الأهم والوحيدة داخل المهجع، غريزة البقاء بأقل ما يمكن من حياة، ستتعرى من التزاماتك واعتباراتك العاطفية نحو الأهل والأصحاب والعشاق، لا وقت لهذه الترهات، هناك خبز عليك أن تحصل عليه، وحبة بطاطا أو بندورة عليك أن تجاهد لتنال أكثر منها في اليوم، عليك التزلف للشاويش وزبانيته، عليك أن تمسح بالأرض كل قيمة واعتبار، لتحصل على فرصة ثانية بالتبول أثناء الليل و”نوم القطار”.

كلّهم قد مروا من هنا، ملأوا جدران الزنازين والمهاجع بنقوش أسمائهم وذكرياتهم وأعداد الأشهر التي مضت عليهم في هذه المقابر، وهناك على مصطبة الطابق الأول، قد مسحوا إبهامهم المطبوع بلون أزرق البصمة، ليختموا رحلة التعذيب في سراديب التحقيق

مضت الأيام في فرع فلسطين أسوأ من الجحيم، مع أنّي لم أختبر هذا الأخير، لكن أعتقد أنه لن يكون أسوأ من تلك الأيام المريرة، أحاسيس الجوع، والحصر البولي، والتشقق المحفور في حواف العظام، وتورّم الخصى من ثقل رأس الرفاق الذين ينامون كالقطار، كلها كانت تشتت أي تركيز واستفكار في الخارج والحياة فيه، وقد يبدو أن ذلك هو الفائدة الوحيدة من الحرمان والفقد الجذري في هذه البيئات، فهنا لست مضطراً لأن تكون مهموماً حيال الأحبة والأصدقاء، عليك أن تكون لنفسك وتنجو بنفسك.

وجاء اليوم المرتقب، ليلاً وقبل أن نصطف قطاراً للنوم، فتح السجان الباب ونادى خمسين، تدربت كثيراً وحفظت اسمي الجديد عن ظهر قلب، لكن حين جاءت لحظة الحساب، لا أدري ما جرى، لم أرتكس قيد أنملة، ليس هذا اسمي، ليس هذا ما اعتدت أن ينادي به البشر، النتيجة كانت صفعتين لا أكثر على ظهر عنقي لأني “كما هؤلاء الدواب ليس لديّ عقل لأحفظ فيه اسمي البسيط حتى”.

لم أختلف عن الباقين، ولم يختلف فرع فلسطين في وسائل التعذيب المتبعة أثناء التحقيق، “الأخضر الإبراهيمي” سمة مشتركة، و”الدولاب” و”الكرسي المقلوب” أيضاً متوافرة وبكثرة، لم أقاوم أيّ شيء، اعترفت بكل ما لديّ، فلا حاجة أن تقف في وجه العاصفة إن كنت ستكسر على أيّ حال، أكتب ما تريد يا سيادة المحقق، فتوقي لأن أطبع بصمة الإبهام على ورقك الأبيض، لا تقل عن توقي للعودة إلى بيتي العفن هنا في الأسفل، طبعت البصمة، نزلت مع الباقيين مسرعاً، تدور رائحة ما كان يطبخ وصوت أغنية جبلية بين تفاصيل رأسي، دخلت المهجع وكان العرس.

مصافحات، سلامات، وقبلات حارة، انهالت عليّ من الجميع، ما إن رأوا اللون الأزرق يغطي باطن الإبهام، لقد نجحت في اختبار الحياة، لم يبق لديّ من مهمة سوى الانتظار إلى أن يحين موعد الخروج إليها.

الخروج الأخير

خرجت من فرع فلسطين بتاريخ 28/12/2014 وتمّ تحويلي إلى سجن عدرا المركزي ، قضيت هناك حوالي ثلاثة أشهر، كانت أسهل بكثير من ظروف و أحوال الاعتقال في الأفرع الأمنية. يعتبر سجن عدرا ” فندق خمس نجوم ” مقارنة بمعتقلات المخابرات و سجون الظلام في دولة الأسد.

في عدرا أخذت الصحة والتعافي بالعودة إلى تدريجياً، الوجه أخذ يتوضح، ونضرة على البدن أخذت أتلمسها كلما نظرت إلى نفسي في انعكاسات الشمس على رخام الحمامات المركزية هناك.

لم تكن الشهور الثلاثة في عدرا تقارن بتلك التي كانت في أفرع الأمن العسكري و معتقلاته، إلاّ بما تشاركه من ازدحام وحجز للحرية بشكلًّ أقلّ إجحافاً وانتهاكاً للجسد والروح.

خرجت بتاريخ 28/3/2015 وكانت لحظة ولادة من جديد.. وأنا عائد إلى بيتي في قلب دمشق، لم يكن في الطريق سوى صور “الأسد” ، رغم الحرية “الكاملة” التي كنت قد منحت إياها، إلاً أني لم أعد أتحمل وجودي في هكذا أرض لا شيء فيها سوى الجلادين والسجانين ، وأصوات المعذبين وصرخاتهم من تحت القبور.

مضى ما لا يزيد عن شهر، خرجت بعدها من سوريا، و كان المنفى كلّ ما أمامي وتلك الحفريات في الذاكرة التي أخذت تبض في الصدغ تذكّر بالسجن وآلامه، لكن دون عودة إليها في الواقع ، فهي ستظل حفيرة الذاكرة ليس إلاّ

إشارات

أولا:

1- الأخضر الابراهيمي: عبارة عن أنبوب أخضر اللون يستخدم عادة لتمديدات المياه والصرف الصحي، لكن لدى المخابرات السورية، يعتبر أداة تعذيب ناجعة لاستخلاص المعلومات والتحقيق، وسمي نسبة إلى الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة في سوريا سابقاً.

2- خشبة المعلم: أداة تعذيب شاهدتها فقط في فرع فلسطين، عبارة عن خشبة يستخدمها عمال البناء لتشكيل القوالب الإسمنتية، وملفوف عليها شريط لاصق أسود، مدعم بعدد كبير من الدبابيس المعدنية في ذروتها.

3- الدولاب: وسيلة تعذيب مشهورة جداً في سوريا، يتم فيها وضع السجين داخل الإطار الخارجي لدولاب سيارة كبير، ومن ثم يقلب المعتقل على ظهره، بحيث تصبح قدماه للأعلى، ويتم ضربه بواسطة عصا الأخضر الإبراهيمي عليهما.

4- جماعية: المهجع الذي يجتمع فيه عدد كبير من المعتقلين، وهي أكبر من الزنازين “المنفردات”، وشروطها أفضل منها من حيث المكان والحمام والمرحاض.

5- الشاويش: لكل جماعية رئيس يسمى الشاويش، وعادة يكون معتقلا قديما يعيّنه السجانة، ليمارس دورهم من تنكيل وإذلال بالسجناء داخل الجماعية.

6- الطميشة: عصبة يتم وضعها حول عيني المعتقل خلال تنقيله داخل أقبية الفرع وأثناء التحقيق.

ثانيا:

1- القصعة: عبارة عن وعاء معدني غالباً من التنك، يتم تقديم الطعام للمعتقلين فيه.

2- الفلقة: طريقة للعقوبة يستخدمها السجانون أحياناً خارج فترة التحقيق، ويتم فيها ضرب السجين على باطن قدميه، وغالباً باستخدام الأخضر الإبراهيمي.

3- النظام المنضم: إحدى وسائل التدريب العسكري المتبعة في مدارس البعث والكليات العسكرية.

ثالثاً

1- الشبح الخلفي: طريقة مستخدمة بكثرة للتعذيب في أفرع الأمن السورية، حيث يتم تعليق المعتقل من معصميه بالاتجاه الخلفي، ورفعه بحيث لا تكاد رؤوس أصابعه تلامس الأرض، ويبقى على هذه الحال مدة من الزمن تتراوح بين نصف الساعة إلى أكثر من أربع ساعات أحيانا.

2- البلنغو: قطعة حديد يتم تعليق المعتقل عليها، تستخدم لإتمام عملية الشبح، وأحيانا تكون وسيلة لرفع المعتقل رأساً على عقب.

رابعاً

1- السخرة: هم معتقلون يتم استخدامهم من قبل السجانين للقيام بأعمال النظافة، وتوزيع الأكل داخل الفرع، وعادة توكل إليهم مهمة ضرب واستقبال المعتقلين الجدد.

2- التشميسة: فسحة داخل فرع فلسطين يتم تجميع المعتقلين الجدد فيها قبل توزيعهم على المهاجع، دون سقف ومفتوحة على عوامل البيئة كلها من مطر إلى شمس إلى برد.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.