صراع‭ ‬النص‭ ‬المسرحي من‭ ‬التخييل‭ ‬إلى‭ ‬الخشبة

الاثنين 2016/08/01
لوحة: وليد نظامي

يعد‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬أساسا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منه‭ ‬لخلق‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬ووجود‭ ‬ما‭ ‬يدعى‭ ‬بالعرض‭ ‬المسرحي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬شكل‭ ‬العرض‭ ‬ونوعيته‭.‬‭ ‬تصاغ‭ ‬حكاية‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬أحداث‭ ‬وشخصيات‭ ‬تنتمي‭ ‬لزمان‭ ‬ومكان‭ ‬ما،‭ ‬ولأن‭ ‬فضاء‭ ‬الحكاية‭ ‬المكاني‭ ‬هو‭ ‬المسرح‭ ‬فإن‭ ‬الكاتب‭ ‬يكتب‭ ‬وذهنه‭ ‬وأدواته‭ ‬الكتابية‭ ‬والتوصيلية‭ ‬تتوجه‭ ‬تلقائياً‭ ‬لجمهور‭ ‬يتابع‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬مقاعده،‭ ‬وفي‭ ‬التفاف‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬الجدل‭ ‬النقدي‭ ‬لما‭ ‬سبق‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نمعن‭ ‬في‭ ‬مصدر‭ ‬تلك‭ ‬المعطيات‭ ‬وهدفها‭ ‬لنعلن‭ ‬سؤالاً‭ ‬من‭ ‬مثل‭: ‬هل‭ ‬وجد‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬ليكون‭ ‬نصاً‭ ‬أدبياً‭ ‬يقرأ‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬وجوده‭ ‬النصي‭ ‬خطوة‭ ‬مرحلية‭ ‬باتجاه‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي؟‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬النص‭ ‬المقروء‭ ‬والنص‭ ‬المشاهَد؟‭ ‬هل‭ ‬إن‭ ‬أخذ‭ ‬مسرحة‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬يعد‭ ‬ضرورة‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬النص‭ ‬لأنه‭ ‬يتكئ‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬إبداعية‭ ‬ثلاثة‭: ‬الكاتب‭ ‬والنص‭ ‬والمتلقي؟

على مستوى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬طرف‭ ‬الكاتب‭ ‬ينتبه‭ ‬إبان‭ ‬كتابة‭ ‬نصه‭ ‬أنه‭ ‬سيتوجه‭ ‬إلى‭ ‬قارئ‭ ‬يقرأ‭ ‬النص‭ ‬أو‭ ‬مشاهد‭ ‬يجلس‭ ‬أمامه‭ ‬يطالعه‭ ‬ممسرحاً‭. ‬وهذا‭ ‬يوصلنا‭ ‬إلى‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬وهو‭ ‬النص‭ ‬إذ‭ ‬ثمة‭ ‬بون‭ ‬شاسع‭ ‬بين‭ ‬نص‭ ‬نقرأه‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬ونص‭ ‬نشاهده‭ ‬أمامنا؛‭ ‬فالنص‭ ‬المقروء‭ ‬له‭ ‬تقنيات‭ ‬وآليات‭ ‬تختلف‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬الذي‭ ‬ستتم‭ ‬مسرحته،‭ ‬فهو‭ ‬نص‭ ‬يتابع‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحركة‭ ‬والسكون،‭ ‬تفاصيل‭ ‬اللون‭ ‬والضوء،‭ ‬كل‭ ‬أثاث‭ ‬النص‭ ‬رموز‭ ‬تحمل‭ ‬معانِ‭ ‬مسرحية‭ ‬ممتلئة‭.‬

ونصل‭ ‬بذلك‭ ‬إلى‭ ‬المتلقّي‭ ‬فهنالك‭ ‬فروق‭ ‬بين‭ ‬قارئ‭ ‬يقرأ‭ ‬كتاباً‭ ‬ومشاهد‭ ‬يشاهد‭ ‬مسرحية‭. ‬فروق‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬زوادة‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬التي‭ ‬يتأبطها‭ ‬المشاهد‭ ‬وآليات‭ ‬العرض‭ ‬وتقنيات‭ ‬المسرح‭ ‬التي‭ ‬ينتظرها‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬وإضاءة‭ ‬وسوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬أخرى‭.‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬أخذ‭ ‬كاتب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬شكسبير‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬المسرحي‭ ‬يكتب‭ ‬نصه‭ ‬بصفته‭ ‬أدباً‭ ‬وللمخرج‭ ‬حرية‭ ‬تأويل‭ ‬النص‭ ‬واستنطاقه‭. ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نصوصاً‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ممسرحةً،‭ ‬فتأتي‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬محاججة‭ ‬فكرية‭ ‬أو‭ ‬رؤى‭ ‬مجردة‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭.‬

إذا‭ ‬استطعنا‭ ‬معاً‭ ‬اقتراح‭ ‬أجوبة‭ ‬للأسئلة‭ ‬السابقة‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬علينا‭ ‬نقاداً‭ ‬وقرّاءً‭ ‬وكتاباً‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬نصوص‭ ‬العدد‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬الجديد‭ ‬وبالتالي‭ ‬نوجد‭ ‬نقاطاً‭ ‬مشتركة‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬تلك‭ ‬النصوص‭ ‬تكون‭ ‬محطات‭ ‬قراءة‭ ‬وتأويل‭ ‬تهب‭ ‬القارئ‭ ‬حيزاً‭ ‬جمالياً‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬وإمكانية‭ ‬خشبة‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬البشاعة‭ ‬التي‭ ‬تتزاحم‭ ‬في‭ ‬الظهور‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬الواقع‭.‬

دوائر‭ ‬مائية

سنتناول‭ ‬ثلاثة‭ ‬نصوص‭ ‬مسرحية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لقراءة‭ ‬نقدية‭ ‬تعتمد‭ ‬الاستقراء‭ ‬والتوصيف‭. ‬ومما‭ ‬يمكن‭ ‬وصف‭ ‬المسرحيات‭ ‬الثلاث‭ ‬به‭ ‬بداية‭ ‬أنها‭ ‬تتمايز‭ ‬من‭ ‬نواح‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬الانتماء‭ ‬فمسرحية‮ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮» ‬واقعية‭ ‬تلامس‭ ‬الحياة‭ ‬الراهنة‭ ‬وتكاد‭ ‬تكون‭ ‬تصويراً‭ ‬حرفياً‭. ‬بينما‭ ‬تمعن‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬في‭ ‬سورياليتها‭ ‬فتسبح‭ ‬شخوصها‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬غرائبية‭ ‬تباعد‭ ‬المنطق‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬السرد‭ ‬وتقاربه‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفلسفية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬رمزية‭ ‬تحفر‭ ‬في‭ ‬استحقاق‭ ‬عمق‭ ‬الرمز‭ ‬ودلالته‭.‬

مسرحية‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬للكاتب‭ ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل‭ ‬تراعي‭ ‬الحياة‭ ‬الواقعية‭ ‬وأحداث‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬معاً‭. ‬فالمؤلف‭ ‬يعي‭ ‬نوعية‭ ‬الزمن‭ ‬المسرحي‭ ‬الذي‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الزمن‭ ‬الواقعي‭. ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬إلمامه‭ ‬بأبعاد‭ ‬الزمن‭ ‬ومستوياته‭ ‬المسرحية‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬بلورة‭ ‬وتكثيف‭ ‬أحداثه‭ ‬حتى‭ ‬تأتي‭ ‬مسرحيته‭ ‬بالشُحنة‭ ‬الفنية‭ ‬والفكرية‭ ‬المنشودة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬زمن‭ ‬معين‭ ‬لا‭ ‬يقيدها،‭ ‬فيحاكي‭ ‬عقل‭ ‬المشاهد‭ ‬ووجدانه‭ ‬موحياً‭ ‬بنسغ‭ ‬متكامل‭ ‬من‮ ‬‭ ‬الوحدة‭ ‬العضوية‭ ‬يتأتى‭ ‬من‭ ‬توليده‭ ‬للأحداث‭ ‬من‭ ‬بعضها‭ ‬بعضاً‭. ‬مما‭ ‬يجعل سلوك‭ ‬الشخصيات‭ ‬فيها‭ ‬منطقياً‭ ‬وحتمياً‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تفتقده‭ ‬شخصيات‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬للكاتب‭ ‬صباح‭ ‬الأنباري،‭ ‬لرمزيتها‭ ‬ومزاوجتها‭ ‬بين‭ ‬خميرة‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬وتخييل‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الحكاية‭ ‬وسلوك‭ ‬شخوصها‭. ‬فتذهب‭ ‬لتبني‭ ‬عالماً‭ ‬من‭ ‬التخييل‭ ‬في‭ ‬الحدث‭ ‬وتأزيمه‭. ‬يتقاطع‭ ‬النص‭ ‬مع‭ ‬مفردات‭ ‬السياسة‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬تشكو‭ ‬حكم‭ ‬الدكتاتور‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬دولته‭ ‬بقلب‭ ‬ميت‭ ‬لأنه‭ ‬يشعر‭ ‬بعقد‭ ‬نقص‭ ‬أمام‭ ‬شعبه‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يحيل‭ ‬شعبه‭ ‬إلى‭ ‬عاهات‭ ‬تتلاءم‭ ‬مع‭ ‬صورة‭ ‬وجهه‭ ‬في‭ ‬المرآة‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬يذهب‭ ‬حازم‭ ‬كمال‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬مسرحيته‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬إلى‭ ‬عوالم‭ ‬الحلم‭ ‬واللاشعور‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬السوريالي‭. ‬يلوح‭ ‬للتعبيرية‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬فيغوص‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬نفسية‭ ‬غرائبية‭ ‬تتهافت‭ ‬نحو‭ ‬إيغالات‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬الأسطوري‭ ‬بين‭ ‬الجن‭ ‬والإنس،‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬المقلق‭ ‬المدفون‭ ‬في‭ ‬ذواكر‭ ‬شعبية‭ ‬‮ ‬أشبه‭ ‬بالحلم‭.‬

مسرحة‭ ‬النصوص

أدرك‭ ‬كتاب‭ ‬النصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬لنصوصهم‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬لذا‭ ‬استبقوا‭ ‬الحدث‭ ‬وأخبروا‭ ‬القارئ‭/‬المخرج‭ ‬المنتظر‭ ‬بمقترحاتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬استباقي‭ ‬يشكل‭ ‬علامات‭ ‬لمسرحة‭ ‬النص‭ ‬قد‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬المخرجون‭ ‬المنتظرون‭.‬

العرض‭ ‬الاستباقي‭ ‬بمثابة‭ ‬إشارات‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬محددات‭ ‬رؤية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬قارئ‭ ‬النص‭ ‬المسرحي،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬محددات‭ ‬غير‭ ‬مستبدة‭ ‬أو‭ ‬متحكمة‭ ‬كلياً‭ ‬بحركة‭ ‬التمثيل،‭ ‬فالكاتب‭ ‬يترك‭ ‬مساحات‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬التخييل‭ ‬والخلق‭ ‬للممثل‭ ‬فلا‭ ‬يذكر‭ ‬وصفاً‭ ‬للشخوص‭ ‬مثلاً‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬يحدد‭ ‬الكاتب‭ ‬نمط‭ ‬البيت‭/‬فضاء‭ ‬المسرح‭ ‬المكاني‭. ‬‮«‬صالون‭ ‬في‭ ‬شقة‭ ‬سكنية‭ ‬متواضعة‭: ‬يقع‭ ‬المدخل‭ ‬على‭ ‬اليمين،‭ ‬وعلى‭ ‬اليسار‭ ‬ثمة‭ ‬بابان‭: ‬واحد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬المطبخ‭ ‬وآخر‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬النوم”‭ ‬‭[‬1‭]‬،‮ ‬فالبيت‭ ‬بسيط،‭ ‬مفروشاته‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬صفاتها‭ ‬بأنها‭ ‬ثمينة،‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوله‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬لوحة‭ ‬قديمة‭ ‬لعروسين‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬شخصيتي‭ ‬زوجين‭ ‬ليسا‭ ‬حديثا‭ ‬عهد‭ ‬بالزواج،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ذكره‭ ‬لوجود‭ ‬مكتبة‭ ‬صغيرة‭ ‬جدا‭ ‬يوحي‭ ‬بأنهما‭ ‬ليسا‭ ‬بمثقفين‭ ‬ربما‭ ‬المكتبة‭ ‬في‭ ‬بيتهما‭ ‬لحاجة‭ ‬تخصّ‭ ‬العمل‭ ‬وليس‭ ‬تلبية‭ ‬لهواية‭ ‬للمطالعة‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬صفات‭ ‬أو‭ ‬سمات‭ ‬جسدية‭ ‬تخص‭ ‬الشخصيتين‭ ‬يبقيها‭ ‬الكاتب‭ ‬حرة‭ ‬متاحة‭ ‬لخلق‭ ‬الممثل‭ ‬وإضافاته‭ ‬لما‭ ‬يناسب‭ ‬ثيمة‭ ‬النص‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬سمات‭ ‬الشخوص‭ ‬وأجسادهم‭ ‬هي‭ ‬محددات‭ ‬نصية‭ ‬ورموز‭ ‬ذات‭ ‬دلالات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزها‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬فالحاكم‭ ‬للبلاد‭ ‬يولد‭ ‬بلا‭ ‬أذن‭ ‬وهي‭ ‬سمة‭ ‬جسدية‭ ‬تؤدي‭ ‬لحفر‭ ‬نافر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬البناء‭ ‬النفسي‭ ‬للشخصية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لارتكاس‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬البشري‭ ‬به‭. ‬أما‭ ‬أجواء‭ ‬الفضاء‭ ‬المكاني‭ ‬والزماني‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الراوي‭ ‬فتأتي‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تمهيد‭ ‬سردي‭ ‬يصف‭ ‬مفروشات‭ ‬القصر‭ ‬والبذخ‭ ‬للإمعان‭ ‬بترسيخ‭ ‬صورة‭ ‬الشعب‭ ‬والحاشية‭ ‬والحاكم‭ ‬وزوجته‭ ‬ذوي‭ ‬السلطة‭. ‬فالترميز‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬أساسي‭ ‬وأوصاف‭ ‬الشخوص‭ ‬أخذت‭ ‬دورها‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حازم‭ ‬كمال‭ ‬الدين‭ ‬يطلق‭ ‬الحرية‭ ‬للشخوص‭ ‬بأن‭ ‬تبدو‭ ‬وتختفي،‭ ‬تموت‭ ‬وتحيا‭ ‬تاركاً‭ ‬لها‭ ‬خيار‭ ‬الإمعان‭ ‬في‭ ‬أشكالها‭ ‬وحركاتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬للممثل‭ ‬المسرحي‭ ‬لاحقاً‭ ‬عند‭ ‬المسرحة‭ ‬رؤى‭ ‬تضفي‭ ‬شكلاً‭ ‬جديداً‭ ‬للنص‭ ‬المسرحي‭ ‬المقروء‭. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬خصائص‭ ‬كتابة‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يحرص‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬حضور‭ ‬الشخوص‭ ‬الممثلة‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬مسرحية‭ ‬بحتة‭ ‬حيث‭ ‬تتناوب‭ ‬الأدوار‭ ‬والحركة‭ ‬والجمود‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تماثيل‭ ‬صامتة‭. ‬كما‭ ‬يصف‭ ‬الزمن‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يحكمه‭ ‬منطق‭ ‬تراتبي‭ ‬يتنقل‭ ‬بين‭ ‬العصور،‭ ‬أما‭ ‬الفضاء‭ ‬فيضع‭ ‬المؤلف‭ ‬قارئ‭ ‬نصه‭ ‬بأجواء‭ ‬المكان‭ ‬والحالات‭ ‬الشعورية‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬عزلة‭ ‬وضياع‭ ‬في‭ ‬اتساع‭ ‬البادية‭ ‬والسراب‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يدلف‭ ‬بالقارئ‭ ‬باتجاه‭ ‬الممر‭ ‬الطويل‭ ‬الموصل‭ ‬للقرية‭ ‬لتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مخرج‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬بادية‭ ‬واسعة‭ ‬لعابر‭ ‬سبيل‭ ‬بها‭ ‬أتعبه‭ ‬الطريق‭.‬

هل‭ ‬يمكن‭ ‬لقارئ‭ ‬أو‭ ‬مشاهد‭ ‬للمسرح‭ ‬أن‭ ‬يتخيل‭ ‬نصاً‭ ‬مسرحيا‭ ‬دون‭ ‬شخصيات‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل؟‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬البدهي‭ ‬للشخصية‭ ‬في‭ ‬النصّ‭ ‬المسرحي‭ ‬ولعبها‭ ‬دور‭ ‬المركز‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬مجالاً‭ ‬للعب‭ ‬مسرحي‭ ‬متمايز‭

تأثيث‭ ‬الثيمة

من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬لكلّ‭ ‬نص‭ ‬ثيمة‭ ‬مركزية‭ ‬وأخرى‭ ‬هامشية‭ ‬ويقوم‭ ‬الكاتب‭ ‬بتأثيث‭ ‬هذه‭ ‬الثيمة‭ ‬عبر‭ ‬تفاصيل‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬هذه‭ ‬الثيمة‭. ‬فالكاتب‭ ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل‭ ‬يؤسس‭ ‬لثيمة‭ ‬واضحة‭ ‬الرؤيا‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬كبت‭ ‬حريات‭ ‬الشعوب‭ ‬والقمع‭ ‬السياسي‭ ‬والفساد‭ ‬الإداري،‭ ‬يحوّل‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬بؤر‭ ‬صراع‭ ‬يصل‭ ‬فيها‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يقتل‭ ‬المرء‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭.‬

يلعب‭ ‬على‭ ‬الثيمة‭ ‬السياسية‭ ‬صباح‭ ‬الأنباري‭ ‬فينشغل‭ ‬بالقمع‭ ‬والعنف‭ ‬السلطوي‭ ‬ولكن‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬الرمزية‭ ‬الذي‭ ‬يذكرنا‭ ‬بأجواء‭ ‬كليلة‭ ‬ودمنة،‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬السخرية‭ ‬الدرامية‭ ‬من‭ ‬غباء‭ ‬الحكّام‭ ‬وعنفهم‭ ‬ويقين‭ ‬باتسامهم‭ ‬بعقد‭ ‬نقص‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬عاهاتهم‭ ‬بالثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والخُلُق‭ ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬يصرّون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحولوا‭ ‬كل‭ ‬شعوبهم‭ ‬إلى‭ ‬عاهات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬إعاقاتهم‭ ‬الجسدية،‭ ‬ويصل‭ ‬بهم‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬إعاقاتهم‭ ‬ميزة‭ ‬وخصيصة‭ ‬جمالية‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الحاشية‭ ‬المتزلفة‭ ‬والشعوب‭ ‬الصامتة‭ ‬المستكينة‭. ‬يوغل‭ ‬في‭ ‬ثيمة‭ ‬العنف‭ ‬السلطوي‭ ‬الممارس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحاكم‭ ‬الدكتاتور‭ ‬لينتهي‭ ‬في‭ ‬نصه‭ ‬إلى‭ ‬مقولة‭ ‬أن‭ ‬العنف‭ ‬السلطوي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬يعفي‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مضارّه،‭ ‬في‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬نبذ‭ ‬العنف‭ ‬وتوحيد‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الدكتاتورية‭ ‬من‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬لأن‭ ‬وجود‭ ‬بؤرة‭ ‬فساد‭ ‬في‭ ‬بقعة‭ ‬ما‭ ‬سيؤذي‭ ‬الجوار‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬يقف‭ ‬القارئ‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬ثيمة‭ ‬تقليدية‭ ‬تائهاً‭ ‬لدى‭ ‬قراءته‭ ‬لنص‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي،‭ ‬وهي‭ ‬خصيصة‭ ‬سوريالية‭ ‬حيث‭ ‬يعالج‭ ‬الكاتب‭ ‬هنا‭ ‬ثيمة‭ ‬فردية‭ ‬نفسية‭ ‬تتعلق‭ ‬بعوالم‭ ‬نفسية‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل‭ ‬والإنتاج‭ ‬ولكنها‭ ‬تشبه‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬فكرة‭ ‬التمحور‭ ‬حول‭ ‬الذات‭ ‬والانصياع‭ ‬لأنا‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬الذات‭. ‬إنه‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الصراع،‭ ‬تصوير‭ ‬نفسي‭ ‬لفكرة‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬البلوغ‭ ‬لهدف‭ ‬يرسمه‭ ‬امرئ‭ ‬ما‭ ‬لمواجهة‭ ‬الدنيا‭ ‬التي‭ ‬يدأب‭ ‬أهلها‭ ‬على‭ ‬محاربته‭ ‬للحؤول‭ ‬دونه‭ ‬ودون‭ ‬هدفه،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الثيمة‭ ‬التي‭ ‬يخرج‭ ‬بها‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬قارئ‭ ‬النص‭ ‬هي‭ ‬كيف‭ ‬تخلق‭ ‬ذاتاَ‭ ‬بطلاً‭ ‬دونما‭ ‬المساس‭ ‬بحدود‭ ‬الزمان‭ ‬أو‭ ‬المكان‭ ‬فهو‭ ‬بطل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭ ‬وهو‭ ‬مجرم‭ ‬طاغ‭ ‬ينقسم‭ ‬على‭ ‬هيئتين‭ ‬إحداهما‭ ‬إنسية‭ ‬وأخرى‭ ‬جنية،‭ ‬وغاية‭ ‬كلا‭ ‬الهيئتين‭ ‬هو‭ ‬بسط‭ ‬الملك‭ ‬والسلطة‭.‬

الهامش‭ ‬والمركز

هل‭ ‬يمكن‭ ‬لقارئ‭ ‬أو‭ ‬مشاهد‭ ‬للمسرح‭ ‬أن‭ ‬يتخيل‭ ‬نصاً‭ ‬مسرحيا‭ ‬دون‭ ‬شخصيات‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل؟‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬البدهي‭ ‬للشخصية‭ ‬في‭ ‬النصّ‭ ‬المسرحي‭ ‬ولعبها‭ ‬دور‭ ‬المركز‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬مجالاً‭ ‬للعب‭ ‬مسرحي‭ ‬متمايز‭ ‬أيضاً،‭ ‬ففي‭ ‬قراءة‭ ‬شخصيتي‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬نجد‭ ‬أنهما‭ ‬شخصيتان‭ ‬نمطيتان‭ ‬اجتماعيتان‭ ‬إلا‭ ‬أنهما‭ ‬تبقيان‭ ‬محوريتين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الثيمة‭ ‬التي‭ ‬يريدها‭ ‬الكاتب‭ ‬ولا‭ ‬ترتقيان‭ ‬لدور‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬لعب‭ ‬الحدث‭ ‬فهما‭ ‬هامشيتان‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬أيّ‭ ‬قرار‭. ‬فالكاتب‭ ‬لم‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬الرمزية‭ ‬أو‭ ‬التعبيرية‭ ‬والسوريالية‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬مطابقة‭ ‬الواقع‭ ‬باختيار‭ ‬حدث‭ ‬معيشي‭ ‬سوري‭ ‬واقعي‭. ‬الشخصيتان‭ ‬اللتان‭ ‬تحتلان‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬إنما‭ ‬هما‭ ‬من‭ ‬نسيج‭ ‬اجتماعي‭ ‬اختاره‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عاما‭ ‬غير‭ ‬مثقف‭ ‬أو‭ ‬مؤدلج،‭ ‬شخصيات‭ ‬أتعبها‭ ‬الفقر‭ ‬والقمع،‭ ‬فكانت‭ ‬مصائرها‭ ‬محتومة‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الشخصيات‭ ‬المركزية‭ ‬وصاحبة‭ ‬السلطة‭ ‬والتي‭ ‬تمسك‭ ‬بزمام‭ ‬أمور‭ ‬الخشبة‭ ‬وما‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬هي‭ ‬شخصيات‭ ‬مغيّبة‭ ‬عن‭ ‬الخشبة‭ ‬حاضرة‭ ‬ومركزية‭ ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬شخصيات‭ ‬تمثّل‭ ‬المخابرات‭ ‬والسلطة‭ ‬السياسية‭ ‬القمعية‭ ‬وهي‭ ‬اللاعب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الناشب‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬الباديين‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬رمزية‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬شخوص‭ ‬المسرحية‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬رجلاً‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬تخييلية‭ ‬من‭ ‬الأدب‭.‬

فالحاكم‭ ‬يتمشّى‭ ‬في‭ ‬القصر‭ ‬ينتظر‭ ‬مولوده‭ ‬بأجواء‭ ‬تنتمي‭ ‬للعصور‭ ‬القديمة‭ ‬وقد‭ ‬أحاطته‭ ‬مظاهر‭ ‬من‭ ‬الترف‭ ‬ومفارقات‭ ‬اعتادها‭ ‬الأدب‭ ‬ليصف‭ ‬غباء‭ ‬الحكام‭ ‬وحماقتهم‭. ‬ثم‭ ‬مظاهر‭ ‬إحضار‭ ‬الوليد‭ ‬على‭ ‬الهودج‭ ‬ورمي‭ ‬المال‭ ‬يمنة‭ ‬وشمالا‭ ‬احتفاء‭ ‬بقدوم‭ ‬وليّ‭ ‬العهد‭. ‬يتوالى‭ ‬ظهور‭ ‬شخصيات‭ ‬غريبة‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬لشكل‭ ‬الواقع‭ ‬وإنما‭ ‬لمنطقه‭. ‬فهي‭ ‬شخوص‭ ‬مصابة‭ ‬بعاهات‭ ‬نفسية‭ ‬أولاً‭ ‬وعاهات‭ ‬جسدية‭ ‬ثانياً‭. ‬هي‭ ‬شخوص‭ ‬تنتمي‭ ‬لواقع‭ ‬المجتمع،‭ ‬تتصف‭ ‬بصفات‭ ‬فيزيولوجية‭ ‬تهيئها‭ ‬لتكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬خاصة‭. ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬اللامتوازنة‭ ‬تنال‭ ‬من‭ ‬عقل‭ ‬الشخصية‭ ‬وتجعلها‭ ‬تتصرف‭ ‬بحماقة‭ ‬وخلل‭ ‬عقلي‭ ‬أساسه‭ ‬نفسي‭.‬

سوريالية‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬تقفز‭ ‬في‭ ‬عوالمها‭ ‬الغرائبية‭ ‬ست‭ ‬‮ ‬شخصيات‭ ‬نارية‭ ‬جنية‭ ‬وشخصية‭ ‬واحدة‭ ‬ترابية‭ ‬إنسية‭ ‬هي‭ ‬شخصية‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬عن‭ ‬هيئته‭ ‬الجسدية‭ ‬أيّ‭ ‬شيء‭. ‬فقط‭ ‬نعرف‭ ‬هواجسه‭ ‬النفسية‭ ‬وعوالم‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭.‬‮ ‬لدى‭ ‬قراءة‭ ‬الشخصيات‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬تنتمي‭ ‬لعالمين‭ ‬مختلفين‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الحضور‭ ‬الفيزيولوجي‭ ‬للشخصيات‭ ‬متنوع،‭ ‬مما‭ ‬يوحي‭ ‬بصيغة‭ ‬جمالية‭ ‬ملونة‭ ‬يستطيع‭ ‬القارئ‭ ‬أن‭ ‬يتلمس‭ ‬ألوانها‭ ‬بين‭ ‬الناري‭ ‬والبني‭ ‬والأصفر‭ ‬الذهبي‭ ‬وكلّ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمتّ‭ ‬لأصول‭ ‬البشر‭ ‬الترابية‭ ‬وأصول‭ ‬الجن‭ ‬النارية‭ ‬بصلة‭.. ‬إن‭ ‬قمنا‭ ‬بتنميط‭ ‬الشخصية‭ ‬المسرحية‭ ‬لوجدناها‭ ‬عصية‭ ‬عن‭ ‬التنميط‭ ‬ترفض‭ ‬حتى‭ ‬الرمزية،‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الأمثولة‭ ‬والفكرة‭. ‬الشخوص‭ ‬كلها‭ ‬متحولة‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬أيضا‭ ‬متلوّنة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬المواقف‭ ‬والقيم،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬حالة‭ ‬حق‭ ‬وباطل،‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الهيئة‭ ‬فمن‭ ‬كونها‭ ‬بشرية‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬جنية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬ضدها‭ ‬أي‭ ‬مائية‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬حورية‭ ‬بحر‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬الجنية‮ ‬‭ ‬شيهانة،‭ ‬المتمردة‭ ‬على‭ ‬الزمن‭ ‬والعمر،‭ ‬متعددة‭ ‬الأرواح‭.‬


لوحة: وليد نظامي

عمود‭ ‬المسرح

أحد‭ ‬عناصر‭ ‬المسرح‭ ‬التقليدية‭ ‬وأكثرها‭ ‬لفتاً‭ ‬لأقلام‭ ‬النقاد،‭ ‬وهو‭ ‬الأثر‭ ‬الذي‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬الجمهور‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬فإذا‭ ‬ببعض‭ ‬الجمل‭ ‬والحوارات‭ ‬يطول‭ ‬عمرها‭ ‬ربما‭ ‬لسنوات‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬تمرد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬وجعل‭ ‬النص‭ ‬مسرحيا‭ ‬صامتاً‭. ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬يحفر‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬السوسيولوجي‭ ‬لمجتمعاتنا،‭ ‬العمق‭ ‬الملامس‭ ‬لقضايا‭ ‬الجندر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حوار‭ ‬الزوجين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يقابلهما‭ ‬بمفهوم‭ ‬مضاد‭ ‬لهما‭ ‬معاً‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حواراتهما‭ ‬وهو‭ ‬العنف‭ ‬السياسي‭.‬

الحوار‭ ‬يبدأ‭ ‬باستفزاز‭ ‬الرجل‭ ‬للمرأة‭ ‬الزوجة‭ ‬وشتمه‭ ‬للنسوة‭ ‬صديقاتها‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهن‭ ‬ثرثارات‭ ‬ناقصات‭ ‬عقل‭ ‬ودين،‭ ‬فلا‭ ‬يتوقف‭ ‬رنين‭ ‬الهاتف‭ ‬بينهما‭. ‬حوار‭ ‬استفزازي‭ ‬يعمل‭ ‬فيه‭ ‬الزوج‭ ‬على‭ ‬انتقاص‭ ‬عقل‭ ‬زوجته‭ ‬ونعتها‭ ‬بأوصاف‭ ‬مكرسة‭ ‬اجتماعيا‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭. ‬يصاب‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬بتقلبات‭ ‬وصدمات‭ ‬تقلبه‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬فإذا‭ ‬برأي‭ ‬المرأة‭ ‬وعقلها‭ ‬يأخذان‭ ‬زمام‭ ‬أمور‭ ‬الرجل‭ ‬ويوجهانها‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصطدم‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬بمفهوم‭ ‬مضاد‭ ‬لهما‭ ‬يتحول‭ ‬ليكون‭ ‬عدوهما‭ ‬المشترك،‭ ‬وهو‭ ‬العنف‭ ‬السياسي‭. ‬يستمر‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬بأشكال‭ ‬وأدوار‭ ‬مختلفة‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬الموصل‭ ‬الرئيس‭ ‬لكل‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬يوصلها،‭ ‬بينما‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬صامتة‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الحوار،‭ ‬يعتمد‭ ‬الكاتب‭ ‬فيها‭ ‬الوصف‭ ‬الدرامي،‭ ‬وما‭ ‬يحسب‭ ‬للكاتب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬غياب‭ ‬الخطاب‭ ‬الشارح‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬كثافة‭ ‬النص‭ ‬وعتمة‭ ‬أحداثه‭ ‬وتسليم‭ ‬أجساد‭ ‬الممثلين‭ ‬وحركاتها‭ ‬زمام‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬يعود‭ ‬لعدم‭ ‬إقحام‭ ‬المؤلف‭ ‬لصوته‭ ‬متجنباً‭ ‬تفسير‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الشخوص‭ ‬أو‭ ‬موضعة‭ ‬دوافع‭ ‬سلوكاتهم‭. ‬مما‭ ‬يضمن‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬يشرك‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬قراءته‭ ‬وتحسّس‭ ‬جوانبه‭. ‬فيغدو‭ ‬نمو‭ ‬الحدث‭ ‬هو‭ ‬المرسل‭ ‬الفعلي‭ ‬لثيمة‭ ‬النص،‭ ‬مستعيضاً‭ ‬بأدوات‭ ‬توصيل‭ ‬موازية‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬شاشة‭ ‬عرض‭ ‬مرافقة‭ ‬للمسرحية‭ ‬تعرض‭ ‬الحروب‭ ‬وبطن‭ ‬الملكة‭ ‬الحامل‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬للإضاءة‭ ‬وتسليطها‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬المسرحية‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المسرحيات‭ ‬الصامتة‭ ‬دوراً‭ ‬مهما‭ ‬جدا‭ ‬لنقل‭ ‬الحدث،‭ ‬لتوضيح‭ ‬يحصل‭ ‬من‭ ‬أفعال‭ ‬مسرحية‭ ‬بالتفسيرات‭ ‬والتعليقات‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬حوار‭ ‬مركب‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬أيّ‭ ‬تحكم‭ ‬خارجي،‭ ‬فالحوار‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬مبدأ‭ ‬الخضوع‭ ‬للمراقبة،‭ ‬ومقاييس‭ ‬قناع‭ ‬التمثل،‭ ‬لذا‭ ‬يمارس‭ ‬المؤلف‭ ‬سوريالية‭ ‬من‮ ‬‭ ‬حيث‭ ‬العقل‭ ‬فهو‭ ‬يحرك‭ ‬الممثلين‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬يتحاورون،‭ ‬ثم‭ ‬يوقفهم‭ ‬كالتماثيل،‭ ‬فيخرج‭ ‬صوت‭ ‬الشخصية‭ ‬البطل‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬راوٍ‭ ‬يخبر‭ ‬القارئ‭/‬المشاهد‭ ‬بمجريات‭ ‬الحدث‭. ‬يتيح‭ ‬المؤلف‭ ‬لشخصية‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬فيمسك‭ ‬بزمام‭ ‬السرد‭ ‬للأحداث‭ ‬والمشاعر‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يبطل‭ ‬قدرته‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الفعل‭.‬

الحوار‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬يتنوع‭ ‬لتنوع‭ ‬أصول‭ ‬وانتماءات‭ ‬الشخوص‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأصل‭ ‬الناري‭ ‬أو‭ ‬الترابي‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الحوار‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬القارئ‭ ‬مضموناً‭ ‬أو‭ ‬قضية‭ ‬يشتغل‭ ‬عليها‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يرى‭ ‬فضاءات‭ ‬تشبه‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬فلسفتها‭ ‬فإذا‭ ‬بالتنين‭ ‬ذي‭ ‬الأصول‭ ‬النارية‭ ‬يتفوه‭ ‬بالأخلاق‭ ‬ويحاسب‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭:‬

‭(‬ذئب‭ ‬البوادي‭:‬

استدرت،‭ ‬فإذا‭ ‬بظلال‭ ‬التنين‭ ‬الكنعاني‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬قمقم‭.‬

لقد‭ ‬تحرّر‭ ‬التنين‭ ‬الكنعاني‭ ‬من‭ ‬القمقم‭!!‬

‭(‬بنشوة‭)‬‭ ‬لقد‭ ‬تحرّر‭ ‬التنين‭ ‬الكنعاني‭ ‬من‭ ‬القمقم‭.‬

التنين‭:‬

لا‭ ‬ترحب‭ ‬بي‭ ‬يا‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭!‬

لقد‭ ‬خرجتُ‭ ‬من‭ ‬القمقم‭ ‬لأصليك‭ ‬بالحمم‭.‬

ذئب‭ ‬البوادي‭:‬

أنا‭ ‬لا‭ ‬أستحق‭ ‬ما‭ ‬تصليني‭ ‬به‭ ‬بالحمم

بالعكس‭!‬

التنين‭:‬

لقد‭ ‬قتلت‭ ‬الجنية‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬بادية‭ ‬الشام‭.‬

ذئب‭ ‬البوادي‭:‬

لقد‭ ‬وقفتْ‭ ‬بوجه‭ ‬مهماتي‭.‬

التنين‭:‬

لقد‭ ‬اغتصبت‭ ‬ابنتك‭.‬

ذئب‭ ‬البوادي‭:‬

لم‭ ‬أفعل‭ ‬ذلك‭.‬

تلك‭ ‬كانت‭ ‬رغبتها‭ ‬الشخصية‭)‬‭.‬

إن‭ ‬فكرة‭ ‬نص‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬تحرّر‭ ‬الكاتب‭ ‬وتتيح‭ ‬له‭ ‬طبيعة‭ ‬تعبير‭ ‬مختلفة‭ ‬ومغايرة‭ ‬للتقليدي‭ ‬في‭ ‬الحوار‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬حوارا‭ ‬غنيا‭ ‬بالأفكار‭ ‬الفلسفية‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الجدل‭ ‬الفكري‭ ‬وتحيل‭ ‬موقع‭ ‬الحوار‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬نقطة‭ ‬انطلاق‭ ‬لجدل‭ ‬وحوار‭ ‬بين‭ ‬الجمهور‭.‬

نسج‭ ‬يدوي

‮ ‬هل‭ ‬يحتمل‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عروض‭ ‬الحوار‭ ‬الفلسفية‭ ‬أو‭ ‬عروض‭ ‬البذخ‭ ‬السلطاني‭ ‬أو‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الندب‭ ‬والتذمر‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬دون‭ ‬حبكة‭ ‬تبيّت‭ ‬صراعاً‭ ‬أو‭ ‬هزةً‭ ‬درامية‭ ‬تبث‭ ‬القلق‭ ‬وتحرك‭ ‬فضاء‭ ‬التلقي‭ ‬للقارئ‭/‬الجمهور؟‭ ‬يضع‭ ‬كاتب‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬عادة‭ ‬نصب‭ ‬عينيه‭ ‬ضرورة‭ ‬نسج‭ ‬حبكة‭. ‬الحبكة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬يدوية‭ ‬غير‭ ‬مكرورة‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬المسرح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬آلية،‭ ‬إنها‭ ‬خطوة‭ ‬جدة‭ ‬النص‭ ‬التي‭ ‬يبنى‭ ‬عليها‭ ‬الحدث‭ ‬والصراع‭.‬

يباغت‭ ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل‭ ‬القارئ‭/‬المشاهد‭ ‬دون‭ ‬أيّ‭ ‬مقدمات‭ ‬ومنذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لظهور‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬باتصال‭ ‬هاتفي‭ ‬غامض‭ ‬مسلّما‭ ‬خيط‭ ‬التواصل‭ ‬الأول‭ ‬للقارئ‭/‬المشاهد،‭ ‬فلا‭ ‬يُعرَفُ‭ ‬مصدر‭ ‬الاتصال‭ ‬بينما‭ ‬تتحدث‭ ‬سلمى‭ ‬أثناء‭ ‬الاتصال‭ ‬متوترة‭ ‬ويستمر‭ ‬هذا‭ ‬التوتر‭ ‬أثناء‭ ‬حوارها‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭.‬

الاتصال‭ ‬المتأخر‭ ‬ليلاً‭ ‬والمقلق‭ ‬سيكون‭ ‬الحلقة‭ ‬المفتاحية‭ ‬للحبكة‭ ‬التي‭ ‬ستستمر‭ ‬بإحداث‭ ‬هزات‭ ‬داخل‭ ‬البنية‭ ‬الحكائية‭ ‬محيلة‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬إلى‭ ‬غليان‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬والإحالات‭ ‬الدلالية‭ ‬لأنساق‭ ‬ثقافية‭ ‬تعود‭ ‬لارتباطات‭ ‬مسبقة‭ ‬فكرياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬وسياسياً‭.‬

تلك‭ ‬السرعة‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬القارئ‭/‬المشاهد‭ ‬خيط‭ ‬الحبكة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يفتقده‭ ‬نص‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”،‭ ‬فالكاتب‭ ‬منشغل‭ ‬بعرض‭ ‬طقوس‭ ‬بروز‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬وبرفقته‭ ‬زوجته‭ ‬لافتاً‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬بطن‭ ‬الزوجة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شاشة‭ ‬العرض‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬حبلى‭ ‬بوليّ‭ ‬العهد‭. ‬اعتماد‭ ‬النص‭ ‬الرمزية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المؤلف‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬العلامات،‭ ‬فمثلا‭ ‬مظاهر‭ ‬البذخ‭ ‬والترف‭ ‬علامات‭ ‬سيميائية‭ ‬تختبر‭ ‬أنساق‭ ‬دلالية‭ ‬ثقافية‭ ‬ترتبط‭ ‬بالانصياع‭ ‬للسلطة‭ ‬والانبهار‭ ‬بها‭ ‬بوصفها‭ ‬صيغة‭ ‬من‭ ‬صيغ‭ ‬التبعية‭ ‬العمياء‭ ‬التي‭ ‬توشّى‭ ‬بمضمون‭ ‬ما،‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬المرموزات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬ولادة‭ ‬الطفل‭ ‬وتوزيع‭ ‬المال‭ ‬بسخاء‭ ‬على‭ ‬الرعية،‭ ‬عندها‭ ‬تبزغ‭ ‬النقط‭ ‬الفارقة‭ ‬في‭ ‬خيط‭ ‬السرد‭ ‬المسرحي‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬هيأة‭ ‬الطفل‭ ‬يكتشفها‭ ‬الملك‭ ‬حال‭ ‬نظره‭ ‬إلى‭ ‬طفله‭ ‬الوليد‭ ‬‭(‬تنقل‭ ‬الكاميرا‭ ‬الحدث‭ ‬أولاً‭ ‬بأول‭ ‬ثم‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬المولود‭ ‬الجديد‭ ‬أو‭ ‬دولة‭ ‬وليّ‭ ‬العهد‭. ‬يزيح‭ ‬دولة‭ ‬صاحب‭ ‬الفخامة‭ ‬الأغطية‭ ‬الحريرية‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الطفل‭ ‬فيفاجأ‭ ‬بشكل‭ ‬رهيب‭ ‬حتى‭ ‬يكاد‭ ‬الطفل‭ ‬يسقط‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬يديه‭. ‬يقرّب‭ ‬المصور‭ ‬وجه‭ ‬الطفل‭ ‬حتى‭ ‬تمتلئ‭ ‬الشاشة‭ ‬به‭. ‬ينظر‭ ‬الرجل‭ ‬إلى‭ ‬المصور‭ ‬بانفعال‭ ‬وغضب‭ ‬ثم‭ ‬يستدير‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منه‭ ‬لحجب‭ ‬وجه‭ ‬الطفل‭ ‬عن‭ ‬الكاميرا‭.

سوريالية‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬تقفز‭ ‬في‭ ‬عوالمها‭ ‬الغرائبية‭ ‬ست‭ ‬‮ ‬شخصيات‭ ‬نارية‭ ‬جنية‭ ‬وشخصية‭ ‬واحدة‭ ‬ترابية‭ ‬إنسية‭ ‬هي‭ ‬شخصية‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬عن‭ ‬هيئته‭ ‬الجسدية‭ ‬أيّ‭ ‬شيء‭. ‬فقط‭ ‬نعرف‭ ‬هواجسه‭ ‬النفسية‭ ‬وعوالم‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه
‬يظهر‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬ظهر‭ ‬الرجل‭ ‬وقد‭ ‬امتلأ‭ ‬الكادر‭ ‬به‭)‬‭. ‬يشرح‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬صورة‭ ‬الطفل‭ ‬تكبر‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬وأن‭ ‬الملك‭ ‬ينزعج‭ ‬من‭ ‬شكله‭ ‬الرهيب‭ ‬فيأمر‭ ‬الجميع‭ ‬بالخروج‭ ‬غاضباً،‭ ‬ولكن‭ ‬شرح‭ ‬الكاتب‭ ‬هنا‭ ‬يتوجه‭ ‬للمشاهد‭ ‬الذي‭ ‬تتوفر‭ ‬له‭ ‬أدوات‭ ‬عرض‭ ‬مسرحية‭ ‬مساعدة‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬فقط‭ ‬بالنص‭ ‬المكتوب،‭ ‬أما‭ ‬القارئ‭ ‬فيحتاج‭ ‬لتوضيح‭ ‬مكتوب‭ ‬ليعرف‭ ‬ماهية‭ ‬الصورة‭ ‬الرهيبة‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬لذا‭ ‬يتأخر‭ ‬القارئ‭ ‬عن‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تلقّي‭ ‬إرهاصات‭ ‬الحبكة‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتسلم‭ ‬المشاهد‭ ‬خيط‭ ‬الحبكة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المصمت‭ ‬الأول‭ ‬فإن‭ ‬القارئ‭ ‬يتسلم‭ ‬خيط‭ ‬الحبكة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المصمت‭ ‬الثاني،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الرجل‭ ‬المعمم‭ ‬بالحل‭ ‬وهو‭ ‬قطع‭ ‬آذان‭ ‬الدمى‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬فقط‭ ‬يتمكن‭ ‬القارئ‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬النص‭ ‬ومعرفة‭ ‬ما‭ ‬يجري،‭ ‬ويدخل‭ ‬حيز‭ ‬طرفي‭ ‬الكتابة‭ ‬والتلقي،‭ ‬وهي‭ ‬الحبكة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬فالحبكات‭ ‬تفرّخ‭ ‬كما‭ ‬تفرّخ‭ ‬شخصيات‭ ‬النص‭ ‬الجنية،‭ ‬فكلما‭ ‬نبقت‭ ‬الجنية‭ ‬ابنة‭ ‬شيخ‭ ‬الجان‭ ‬ذهب‭ ‬أفق‭ ‬تلقي‭ ‬القارئ‭/‬المشاهد‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬حبكة‭ ‬جديدة‭. ‬الجنية‭ ‬التي‭ ‬تموت‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬رماد‭ ‬ولكنها‭ ‬ذات‭ ‬أرواح‭ ‬سبعة‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬الولادة‭ ‬سبع‭ ‬مرات‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬ظهور‭ ‬جنيّ‭ ‬لها‭ ‬يحصل‭ ‬احتكاك‭ ‬جديد‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭. ‬جوهر‭ ‬الحبكة‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الخاتم‭ ‬الدمشقي،‭ ‬فحصول‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭ ‬على‭ ‬الخاتم‭ ‬الدمشقي‭ ‬يمنى‭ ‬بالفشل‭ ‬دائماً‭ ‬لأن‭ ‬حصوله‭ ‬عليه‭ ‬يعني‭ ‬انتهاء‭ ‬النص‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تحرر‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬قواعد‭ ‬التفكير‭ ‬المنطقي‭ ‬أو‭ ‬الرغبة‭ ‬بالانحياز‭ ‬إلى‭ ‬التسلسل‭ ‬التقليدي‭ ‬في‭ ‬نمذجة‭ ‬التلقي،‭ ‬يفقد‭ ‬القارئ‭ ‬بوصلة‭ ‬التوقع‭ ‬فيبقى‭ ‬بحالة‭ ‬دهشة‭ ‬منساقاً‭ ‬انسياقاً‭ ‬كلياً‭ ‬إلى‭ ‬البعد‭ ‬الفلسفي‭ ‬ودهشة‭ ‬الفكرة‭ ‬وغرائبية‭ ‬المشهد‭.‬

إيقاع‭ ‬مسرحي

قد‭ ‬تتطاول‭ ‬النصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬فتمتد‭ ‬لصفحات‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬تتجاوز‭ ‬المئة‭ ‬والمئتين‭ ‬ولكنها‭ ‬تغدو‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬سريعة‭ ‬تخطف‭ ‬المشاهد‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬على‭ ‬الكرسي‭ ‬وتدخله‭ ‬عوالم‭ ‬المسرحية‭ ‬فلا‭ ‬يشعر‭ ‬بثقل‭ ‬الكلام‭ ‬أو‭ ‬الموضوع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه‭ ‬رشاقة‭ ‬الإيقاع‭ ‬وجماليات‭ ‬بناء‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬ليبقى‭ ‬متماسكا‭ ‬وجميلا‭ ‬يتنقل‭ ‬بين‭ ‬أفكار‭ ‬النص‭ ‬وأدوات‭ ‬التوصيل‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬متوقع‭ ‬من‭ ‬الممثل‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬سرعة‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬حبكة‭ ‬النص‭ ‬تسرع‭ ‬من‭ ‬الإيقاع‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬نص‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬فالقارئ‭/‬المشاهد‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬متورطاً‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬النص‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬حصول‭ ‬الحدث‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬قصيرة؛‭ ‬ليلتين‭ ‬ونهار‭ ‬واحد‭ ‬بينهما،‭ ‬يهيئ‭ ‬لبنية‭ ‬درامية‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬مصالحة‭ ‬مع‭ ‬الصراع،‭ ‬ويحوك‭ ‬حوارات‭ ‬ناقدة‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬بنية‭ ‬مجتمعية‭ ‬ترتكن‭ ‬إلى‭ ‬ثيم‭ ‬سياسية‭ ‬ونوازع‭ ‬اجتماعية‭ ‬تقليدية‭ ‬تشد‭ ‬الحوار‭ ‬ليلامس‭ ‬قاع‭ ‬الواقع‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬طول‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬عائقاً‭ ‬أمام‭ ‬القارئ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتهيأ‭ ‬له‭ ‬‮ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حبكة‭ ‬النص‭ ‬يوقع‭ ‬إيقاع‭ ‬المسرحية‭ ‬في‭ ‬الترهل‭. ‬حيث‭ ‬يقف‭ ‬القارئ‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬نسبياً‭ ‬خارج‭ ‬أسوار‭ ‬فضاء‭ ‬المسرح‭. ‬والرمزية‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغطّي‭ ‬تلك‭ ‬المساحة‭ ‬الزمنية‭ ‬بل‭ ‬تحيل‭ ‬للتشتت‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬بهذه‭ ‬الصيغة‭ ‬يحتم‭ ‬على‭ ‬القارئ‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬التوقعات‭ ‬وتوسيعها‭ ‬لتطال‭ ‬حدثاً‭ ‬كبيراً‭ ‬يمنع‭ ‬حدوث‭ ‬الدهشة‭ ‬ويطغى‭ ‬على‭ ‬اتساع‭ ‬فضاء‭ ‬الحدث‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحمّل‭ ‬النص‭ ‬عبء‭ ‬مسؤولية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخلق‭ ‬المتمايز‭ ‬المنتظر‭ ‬من‭ ‬الكاتب‭ ‬والنص‭ ‬فيبدو‭ ‬الحدث‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬والحبكة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬المتمحورة‭ ‬حول‭ ‬عقدة‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن‭ ‬النفسية‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬يمد‭ ‬له‭ ‬القارئ‭ ‬من‭ ‬أحلام‭ ‬التوقعات،‭ ‬وهو‭ ‬إشكالية‭ ‬مغايرة‭ ‬ومعاكسة‭ ‬تماماً‭ ‬لما‭ ‬يبدو‭ ‬عليه‭ ‬إيقاع‭ ‬نص‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬سريعاً‭ ‬ولكنه‭ ‬كثيف‭ ‬أيضاً‭ ‬فتعدد‭ ‬هيئات‭ ‬الجسد‭ ‬التي‭ ‬تقترن‭ ‬بحضور‭ ‬شيهانة‮ ‬‭ ‬متعددة‭ ‬الأجساد‭ ‬تهيئ‭ ‬القارئ‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ظهور‭ ‬جديد‭ ‬لها‭ ‬لاستقبال‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬السابق‭ ‬ممّا‭ ‬يجعل‭ ‬إيقاع‭ ‬النص‭ ‬متنوعاً،‭ ‬والتنوع‭ ‬أحد‭ ‬مقاييس‭ ‬تبدد‭ ‬الملل‭ ‬وتحقق‭ ‬الإيقاع‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الفشل‭ ‬المتكرر‭ ‬في‭ ‬مقدرة‭ ‬البطل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬إنجاز‭ ‬ما‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬الإرادة‭ ‬لديه‭ ‬يدخل‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬لاجدوى،‭ ‬وهي‭ ‬الحالة‭ ‬الشعورية‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬يشيعها‭ ‬في‭ ‬نصه‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تقليدي‭ ‬وتزييف‭ ‬الحقائق‭ ‬وربطها‭ ‬بالعدم‭ ‬واللاتحقق،‭ ‬متمرداً‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬النهايات‭ ‬الهوليودية‭ ‬مقترباً‭ ‬من‭ ‬مأساوية‭ ‬أحداث‭ ‬مسرحيات‭ ‬شكسبير‭ ‬وأحكام‭ ‬سارتر‭ ‬في‭ ‬اللاجدوى‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عوالم‭ ‬سوريالية‭ ‬غير‭ ‬نمطية‭.‬

الصراع‭ ‬والأزمة

الصراع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ربطه‭ ‬بالمسرح‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مرتكزاً‭ ‬لمعطيات‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬فمن‭ ‬الصراع‭ ‬يمكن‭ ‬خلق‭ ‬مكامن‭ ‬إبداع‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح،‭ ‬أما‭ ‬الأزمات‭ ‬فهي‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬طرحه‭ ‬أمام‭ ‬عدسات‭ ‬تصوير‭ ‬السينما،‭ ‬المسرح‭ ‬هو‭ ‬الخشبة‭ ‬الحية،‭ ‬النقطة‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬ومعاهداته‭ ‬وصنعت‭ ‬اتفاقاً‭ ‬مع‭ ‬الصراع‭.‬

لذا‭ ‬تحتم‭ ‬على‭ ‬نص‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يقتنص‭ ‬تلك‭ ‬البؤرة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬‭-‬زوج‭ ‬وزوجة‭-‬‭ ‬ويدحرجها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬سفح‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬الثلج‭ ‬لتكبر‭ ‬وتتشكل‭ ‬كرة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تتفجر‭ ‬لحظة‭ ‬وهن‭ ‬وإرهاق‭ ‬الشخوص‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬قتل‭ ‬الرجل‭ ‬لزوجته‭.‬

يتناهى‭ ‬للقارئ‭ ‬بداية‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬المعيشة‭ ‬هو‭ ‬بين‭ ‬زوج‭ ‬وزوجة‭ ‬وأن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬سوء‭ ‬تفاهم‭ ‬حصل‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬الزوج‭ ‬بهوية‭ ‬المتصل‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يلقي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التهم‭ ‬الجزاف‭ ‬ضدها‭ ‬وضد‭ ‬صديقاتها‭ ‬النسوة‭ ‬الثرثارات‭. ‬معرفته‭ ‬بهوية‭ ‬المتصل‭ ‬دحرج‭ ‬كرة‭ ‬الصراع‭ ‬فأخذ‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬للواقع‭ ‬والسياق‭ ‬الثقافي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالنمو‭.‬

استدعاء‭ ‬الزوج‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المخابرات‭ ‬لتناول‭ ‬فنجان‭ ‬قهوة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مكاتبهم‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬التحقيق‭ ‬معه‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬الحوار‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬زوجته‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭ ‬المرعبة‭ ‬لكليهما‭ ‬بالاعتقال‭ ‬والتعذيب‭ ‬والموت‭.‬

بؤرة‭ ‬الصراع‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬وانتهت‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬هي‭ ‬شقة‭ ‬سكن‭ ‬الزوجين‭ ‬والتي‭ ‬بدا‭ ‬شكلها‭ ‬الأوّلي‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الزوج‭ ‬والسلطة‭ ‬‭(‬المخابرات‭)‬‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬صراع‭ ‬ينتهي‭ ‬بقتل‭ ‬الزوج‭ ‬لزوجته‭ ‬التي‭ ‬يتبين‭ ‬له‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬لحساب‭ ‬المخابرات‭ ‬وتقوم‭ ‬بتشغيل‭ ‬صديقاتها‭ ‬النسوة‭ ‬مع‭ ‬المخابرات‭ ‬في‭ ‬الدعارة‭.‬

الصراع‭ ‬الظاهر‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬بنية‭ ‬فساد‭ ‬اجتماعي‭ ‬ومؤسساتي‭. ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬البناء‭ ‬الأسري‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الصراع‭ ‬يتحول‭ ‬خطياً‭ ‬من‭ ‬صراع‭ ‬المواطن‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬المواطن‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭.‬

ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬المتحول‭ ‬النامي‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الربيع‮»‬‭ ‬يكاد‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬فضاء‭ ‬نص‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬السيد‭ ‬وحيد‭ ‬الأذن”‭ ‬فبمجرد‭ ‬ظهور‭ ‬خيط‭ ‬الحبكة‭ ‬ويتبين‭ ‬وقوع‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬ولادة‭ ‬ابنه‭ ‬بأذن‭ ‬واحدة‭ ‬يتم‭ ‬الحل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الحاشية‭: ‬الرجل‭ ‬المعمم،‭ ‬فيدخل‭ ‬الآباء‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬الملك‭ ‬ومعهم‭ ‬أطفالهم‭ ‬ليتم‭ ‬قطع‭ ‬آذانهم‭ ‬واستلام‭ ‬مبلغ‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬يغيب‭ ‬الصراع‭ ‬عن‭ ‬المشهد،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬اعتراض‭ ‬أو‭ ‬امتناع،‭ ‬ويكمل‭ ‬وليّ‭ ‬العهد‭ ‬ذو‭ ‬الأذن‭ ‬الواحدة‭ ‬مسيرة‭ ‬العنف‭ ‬ويقطع‭ ‬آذان‭ ‬شعبه‭ ‬وينتصر‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬ضد‭ ‬دولة‭ ‬مجاورة‭ ‬ويقطع‭ ‬آذان‭ ‬الشعب‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭. ‬يستمرئ‭ ‬السيد‭ ‬ذو‭ ‬الأذن‭ ‬الواحدة‭ ‬تفوقه‭ ‬بعقدة‭ ‬نقصه‭ ‬التي‭ ‬تهبه‭ ‬قوة‭ ‬التميز‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يكمل‭ ‬مشواره‭ ‬بالتمدد‭ ‬والسلطة‭.‬

غياب‭ ‬الصراع‭ ‬عن‭ ‬النص،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬غياب‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬القارئ،‭ ‬فالفكرة‭ ‬مدهشة‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الانصياع‭ ‬التام‭ ‬لاستبداد‭ ‬الحاكم‭ ‬وعدم‭ ‬معارضته‭ ‬يفتح‭ ‬بوابة‭ ‬معرفية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التلقي‭ ‬لا‭ ‬ترتكن‭ ‬لسيادة‭ ‬الحالة‭ ‬المشوهة‭ ‬التي‭ ‬تنمو‭ ‬وتشوه‭ ‬ما‭ ‬حولها‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬كثرة‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬ترتهن‭ ‬أساسا‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬أزلي‭ ‬بين‭ ‬الجن‭ ‬والإنس‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭.‬

صراعات‭ ‬مبطنة‭ ‬وظاهرة‭ ‬متعددة‭ ‬تنضوي‭ ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الأساسي‭ ‬طرفها‭ ‬الدائم‭ ‬هو‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي،‭ ‬بينما‭ ‬تتنوع‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ابنة‭ ‬شيخ‭ ‬الجان،‭ ‬إلى‭ ‬التنين‭ ‬فابنة‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‭ ‬الجنية،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بشيخ‭ ‬الجان‭ ‬الأب‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صراعا‭ ‬نفسيا‭ ‬يعيشه‭ ‬ذئب‭ ‬البوادي‮ ‬‭ ‬بين‭ ‬الامتثال‭ ‬لإغراء‭ ‬الجنية‭ ‬المتكرر‭ ‬والذي‭ ‬يخسف‭ ‬به‭ ‬الأرض‭ ‬كلما‭ ‬استجاب‭ ‬لها‭ ‬وبين‭ ‬إكماله‭ ‬لمسيرته‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفه‭.‬

صراعات‭ ‬‮«‬ذئب‭ ‬البوادي”‭ ‬تنتابها‭ ‬إمكانيات‭ ‬من‭ ‬اللعب‭ ‬بأدوات‭ ‬المسرح‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬للنص‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تتيحه‭ ‬أدوات‭ ‬أيّ‭ ‬فن‭ ‬آخر،‭ ‬إضافة‭ ‬لاستفادته‭ ‬من‭ ‬سوريالية‭ ‬عجائبية‭ ‬صراع‭ ‬الشخوص‭ ‬وغرائبية‭ ‬الأحداث‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الصراع‭ ‬متقلب‭ ‬غير‭ ‬واضح‭ ‬المعالم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬لأنه‭ ‬كالأحلام‭.‬

الخشبة‭ ‬والأمل

تشكل‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للنصوص‭ ‬المسرحية‭ ‬للظهور‭ ‬وتداولها‭ ‬كتابة‭ ‬وعرضاً‭ ‬على‭ ‬الخشبة‭ ‬أهم‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الحال‭ ‬الراهن‭ ‬لتحريك‭ ‬مياه‭ ‬فن‭ ‬المسرح‭ ‬وإثارة‭ ‬جوانب‭ ‬الإبداع‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬وهو‭ ‬والد‭ ‬الفنون‭ ‬الأوّل‭.‬‮ ‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬مبادرات‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬له‭ ‬مجلة‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬المسرح‭ ‬ذاته،‭ ‬فنشره‭ ‬ووضعه‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬القراء‭ ‬يعيد‭ ‬فينقة‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬تحدياً‭ ‬كبيراً‭ ‬راسخاً‭ ‬في‭ ‬زوايا‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬ومثقفينا‭ ‬تجعلهم‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬فإذا‭ ‬بحركة‭ ‬التأليف‭ ‬المسرحي‭ ‬تحاول‭ ‬النهوض‭ ‬دائماً‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬تعترض‭ ‬طريقها‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالسلطة‭ ‬وكذا‭ ‬بالأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

ومما‭ ‬سبق‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬للنصوص‭ ‬الثلاثة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬أحمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬إسماعيل‭ ‬وحازم‭ ‬كمال‭ ‬الدين‭ ‬وصباح‭ ‬الأنباري‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نستشف‭ ‬أن‭ ‬كتّاب‭ ‬المسرح‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بجدوى‭ ‬التأليف،‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬يتحدون‭ ‬كل‭ ‬القوانين،‭ ‬ويشطحون‭ ‬بخيالاتهم‭ ‬في‭ ‬التأليف‭ ‬المسرحي‭ ‬نحو‭ ‬تجربة‭ ‬الغرب‭ ‬المسرحية‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬يصوغون‭ ‬الواقع‭ ‬العربي‭ ‬بمثاقفة‭ ‬ممزوجة‭ ‬بإيقاع‭ ‬عصري‭ ‬يتجاوز‭ ‬الدوران‭ ‬حول‭ ‬الذات‭ ‬نحو‭ ‬حرية‭ ‬الانجذاب‭ ‬إلى‭ ‬الجميل‭ ‬الثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬والفني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬ولكن‭ ‬بما‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬تحد‭ ‬يرتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بواقع‭ ‬المسرح‭ ‬العربي‭.‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬أمل‭ ‬كبير‭ ‬يحدو‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬بأن‭ ‬يحصل‭ ‬التغيير‭ ‬الثوري‮ ‬والجذري‭ ‬في‭ ‬محددات‭ ‬السلطة‭ ‬والمعرفة‭ ‬ليفتح‭ ‬أبواب‭ ‬الحرية‭ ‬أمام‭ ‬خشبات‭ ‬المسرح‭ ‬ليعود‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الخشبة‭ ‬والجمهور‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬الأدلجة‭ ‬بأنواعها‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.