سارق‭ ‬العمامة.. البحث‭ ‬عن‭ ‬نبي

الخميس 2017/06/01

يخوض ‭ ‬شهيد‭ ‬هذه‭ ‬المغامرة‭ ‬برؤية‭ ‬فكرية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتقبلها‭ ‬المجتمع‭ ‬ويعترض‭ ‬عليها‭ ‬حينما‭ ‬أنْسَنَ‭ ‬السماوي‭ ‬والمقدس‭ ‬الثابت‭ ‬وجعله‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬اليد‭ ‬ومنحه‭ ‬روحاً‭ ‬أسطورية‭ ‬جديدة‭ ‬تتماهى‭ ‬مع‭ ‬الأرضي‭ ‬المثقل‭ ‬بالآلام‭ ‬والأحزان‭ ‬والانكسارات‭ ‬اليومية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخلاص‭ ‬وتوكيد‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬مفهومة‭ ‬معتدلة‭ ‬وعادلة‭ ‬غير‭ ‬معقدة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تخبطات‭ ‬المقدس‭ ‬الذي‭ ‬يحمله‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬كمشروع‭ ‬للظلم‭ ‬والتخويف‭ ‬والتخوين،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬فيه‭ ‬مجازفة‭ ‬أمام‭ ‬عقول‭ ‬متحجرة‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬المقدس‭ ‬أسطورة‭ ‬قارّة‭ ‬ينبغي‭ ‬ألاّ‭ ‬تخضع‭ ‬للجدل‭ ‬والمناقشة‭ ‬والتأويل‭ ‬مثلما‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬بعموميته‭ ‬الأسطورية‭-‬التاريخية‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للنظر‭ ‬فيه‭.‬

(2)

تستعرض‭ ‬‮«‬سارق‭ ‬العمامة‮»‬‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬شخص‭ ‬حلم‭ ‬أن‭ ‬الرب‭ ‬جاءه‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬فأبدى‭ ‬رغبته‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬نبياً‭ ‬فوافق‭ ‬الرب‭ ‬مشترطا‭ ‬عليه‭ ‬شرطاً‭ ‬لم‭ ‬يتوقعه‭ ‬وهو‭ ‬سرقة‭ ‬عمامة،‭ ‬عندها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نبياً‭ ‬جديداً‭ ‬للبشرية‭ ‬لو‭ ‬حقق‭ ‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬ظاهره‭ ‬والعميق‭ ‬في‭ ‬رمزيته‭ ‬ودلالته؛‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ‭ ‬السرديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والاحتمالات‭ ‬التي‭ ‬تضجّ‭ ‬بها‭ ‬الرواية‭ ‬كون‭ ‬العمامة‭ ‬‮«‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬الاقتراب‭ ‬منه‭ ‬والتحرش‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‮»‬‭ ‬و‮»‬ربما‭ ‬هي‭ ‬الأقرب‭ ‬للعقل‮»‬‭ ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬الرب‭ ‬بأن‭ ‬مظهر‭ ‬العمامة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مناسباً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‮»‬‭ ‬و‮»‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬الرب‭ ‬قد‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الحروب‭.. ‬هي‭ ‬حروب‭ ‬عمائم‭ ..‬‮»‬‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬التداعيات‭ ‬وغيرها‭ ‬شكّلت‭ ‬اللبنة‭ ‬الأساسية‭ ‬لاحتمالات‭ ‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬عبر‭ ‬الشخصية‭ ‬الراوية‭ ‬الوحيدة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬النص‭ ‬الطويل‭ ‬وهو‭ ‬الراوي‭ ‬كليّ‭ ‬العلم‭ ‬بمجريات‭ ‬الأحداث‭ ‬والصوت‭ ‬الواحد‭ ‬الذي‭ ‬دارت‭ ‬حلقة‭ ‬الرواية‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬النهاية‭.‬

(3)

تستدعي‭ ‬سارق‭ ‬العمامة‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬متعددة،‭ ‬فمن‭ ‬الرقم‭ ‬سبعة‭ ‬برمزيته‭ ‬الدينية‭ ‬والأنثروبولوجية‭ ‬والشعبية‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬السرد‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬استحداث‭ ‬نبي‭ ‬لهذا‭ ‬العصر‭ ‬الجديد‭ ‬الغارق‭ ‬بالدماء‭ ‬تمضي‭ ‬الرواية‭ ‬بمنعطفات‭ ‬درامية‭ ‬متعددة،‭ ‬فسارق‭ ‬العمامة‭ ‬أخطأ‭ ‬بسرقة‭ ‬العمامة‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬دين‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬ظهْر‭ ‬الدين‮»‬‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إيداعه‭ ‬المصحّ‭ ‬العقلي‭ ‬كونه‭ ‬مدّعياً‭ ‬النبوة‭ ‬وأنه‭ ‬كليم‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الحلم،‭ ‬لكنه‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الهرب‭ ‬حاملاً‭ ‬معه‭ ‬جملة‭ ‬طبية‭ ‬مقلقة‭ ‬‭-‬حُقِن‭ ‬بها‭ ‬كونه‭ ‬يتعرض‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحقن‭ ‬في‭ ‬المصحّ‭ ‬العقلي‭-‬‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬سيموت‭ ‬بعد‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يتدارك‭ ‬أمره‭ ‬وحياته‭ ‬فيما‭ ‬تبقى‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬حلقة‭ ‬الرواية‭ ‬الدائرية‭ ‬التي‭ ‬بنى‭ ‬عليها‭ ‬الروائي‭ ‬مأثرته‭ ‬‮«‬النبوية‮»‬‭ ‬بالرقم‭ ‬سبعة‭ ‬ذي‭ ‬المحمولات‭ ‬الطقوسية‭ ‬والدينية‭ ‬ليبدأ‭ ‬العد‭ ‬التنازلي‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬الأيام‭ ‬وعدد‭ ‬الفصول‭ ‬الروائية‭ ‬أيضاً‭.‬

(4)

خطان‭ ‬متوازيان‭ ‬يسيران‭ ‬مع‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لأن‭ ‬يلتقيا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬انحناءات‭ ‬النص‭ ‬حلماً‭ ‬وواقعاً‭ ‬بعد‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬المصحّ‭ ‬العقلي‭ ‬حينما‭ ‬يلجأ‭ ‬سارق‭ ‬العمامة‭ ‬إلى‭ ‬فندق‭ ‬بائس‭ ‬يحتمي‭ ‬ويختفي‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬إشهاره‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬حالم‭ ‬بالنبوة‭ ‬وأنه‭ ‬كليم‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الرؤيا،‭ ‬ليجد‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬البشرية‭ ‬المسحوقة‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬وهو‭ ‬إشكالٌ‭ ‬له‭ ‬دلالاته‭ ‬السردية‭ ‬كمعادل‭ ‬لحلم‭ ‬النبوة‭ ‬المفترض،‭ ‬بإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الظلم‭ ‬الفادح‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬البشرية‭ ‬البائسة‭ ‬واليائسة،‭ ‬أو‭ ‬كأنه‭ ‬يريد‭ ‬البرهنة‭ ‬على‭ ‬أصالة‭ ‬حلمه‭ ‬ورؤيته‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬نبياً‭ ‬ليقيم‭ ‬مشروع‭ ‬العدالة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬كمرسَل‭ ‬سماوي‭ ‬بعدما‭ ‬ثبت‭ ‬لديه‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬‮«‬وهو‭ ‬مجتمع‭ ‬غير‭ ‬مسمّى‮»‬‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رسالة‭ ‬جديدة‭ ‬وأن‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬الرسالات‭ ‬القديمة‭ ‬قد‭ ‬تجاوزها‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬وأن‭ ‬الحياة‭ ‬تمضي‭ ‬إلى‭ ‬مشاوير‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬وظلماً‭ ‬وقرفاً‭ ‬تسببت‭ ‬به‭ ‬العمامة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تجدد؛‭ ‬وكأنما‭ ‬المصحّ‭ ‬المؤقت‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬فيه‭ ‬الراوي‭ ‬نفسه‭ ‬قد‭ ‬أنتجه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ليكون‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬رسالته‭ ‬المفترضة‭ ‬بعدما‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬الفندق‭ ‬المتهالك‭ ‬أكثر‭ ‬النماذج‭ ‬البشرية‭ ‬بؤساً‭ ‬وألماً‭.‬

(5)

الرحلة‭ ‬المتسارعة‭ ‬من‭ ‬الحلم‭ ‬إلى‭ ‬المصحّ‭ ‬العقلي‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬رخيص‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬ضمانة‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬تذكّرنا‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬ما‭ ‬بحياة‭ ‬الأمير‭ ‬سدهارتا‭-‬بوذا‭ ‬الذي‭ ‬هرب‭ ‬من‭ ‬قصر‭ ‬والده‭ ‬الملك‭ ‬ليرى‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬القصر‭ ‬الباذخ،‭ ‬حينما‭ ‬فاجأه‭ ‬الفقر‭ ‬والظلم‭ ‬والموت‭ ‬والتسول‭ ‬ليهيم‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬في‭ ‬الغابات‭ ‬والخلوات‭ ‬سنواتٍ‭ ‬طويلة‭ ‬تاركا‭ ‬فخامة‭ ‬القصر‭ ‬وما‭ ‬فيه‭ ‬ليعود‭ ‬بوذا‭ ‬المستنير‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعلم‭ ‬الحكمة‭ ‬وأشاعها‭ ‬بين‭ ‬مريديه‭.‬

سارق‭ ‬العمامة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬خلوات‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬زمنه،‭ ‬فقد‭ ‬خرج‭ ‬طبقاً‭ ‬لتوصيف‭ ‬الرواية،‭ ‬من‭ ‬جحيم‭ ‬الحياة‭ ‬ومن‭ ‬تجربة‭ ‬روحية‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬ماضيه‭ ‬أو‭ ‬معرفة‭ ‬ماضي‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه،‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تسميات‭ ‬مكانية‭ ‬أو‭ ‬جغرافية،‭ ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬التاريخ‭ ‬كواجهة‭ ‬أو‭ ‬أرضية‭ ‬ينمو‭ ‬عليها‭ ‬السرد‭ ‬الروائي‭ ‬أو‭ ‬كتمثال‭ ‬مقدس‭ ‬ينحني‭ ‬له‭ ‬السارد‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬تداعياته‭ ‬التي‭ ‬تملأ‭ ‬الرواية‭ ‬أسئلة‭ ‬وألماً‭ ‬لإنقاذ‭ ‬واقع‭ ‬النص‭ ‬من‭ ‬العمامات‭ ‬المزيفة‭ ‬وأشباح‭ ‬الدين‭ ‬الذين‭ ‬دخلوا‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الزوايا‭ ‬المعروفة‭ ‬وغير‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البشرية‭ ‬بنبي‭ ‬جديد‭ ‬يبشّر‭ ‬بالخلاص‭ ‬وإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬الخالق‭ ‬بعدما‭ ‬سرقها‭ ‬البشر،‭ ‬فالإنسان‭ ‬صانع‭ ‬المأساة‭ ‬وليس‭ ‬الرب‭.‬

(6)

بوذا‭ ‬تحرّر‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬زمنية‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬مهيأ‭ ‬لها‭ ‬بل‭ ‬فاجأته‭ ‬الحياة‭ ‬خارج‭ ‬قصور‭ ‬أبيه‭ ‬الملك،‭ ‬وسارق‭ ‬العمامة‭ ‬يفترق‭ ‬عن‭ ‬بوذا‭ ‬الهند‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬وظلّ‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬السرد‭ ‬يدرك‭ ‬بأن‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬شوّه‭ ‬الحياة‭ ‬وأحالها‭ ‬إلى‭ ‬بنود‭ ‬مقدسة‭ ‬ليضمن‭ ‬بقاءه‭ ‬على‭ ‬جثث‭ ‬وآلام‭ ‬البشرية،‭ ‬لكن‭ ‬الأيام‭ ‬السبعة‭ ‬الممنوحة‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬هربه‭ ‬من‭ ‬المصحّ‭ ‬العقلي‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬تأكيده‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬استثنائي‭ ‬بأهمية‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والرب‭ ‬ليس‭ ‬مسؤولاً‭ ‬عمّا‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬تحت‭ ‬بند‭ ‬العمامة‭ ‬المزيفة‭ ‬رجال‭ ‬دين‭ ‬يظهرون‭ ‬في‭ ‬الأزمان‭ ‬كلها‭ ‬ويحيلون‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬بتوثيق‭ ‬المقدس‭ ‬نصاً‭ ‬ووجوداً‭ ‬بطريقة‭ ‬آلية‭ ‬مُحكمة‭ ‬ليطبقوا‭ ‬على‭ ‬رقاب‭ ‬الناس‭.‬

(7)

سارق‭ ‬العمامة‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬على‭ ‬مهيمنتين‭ ‬أساسيتين‭ ‬في‭ ‬المقدس‭ ‬والمدنّس‭ ‬وبخطين‭ ‬متوازيين‭ ‬افترعهما‭ ‬الحلم‭ ‬والواقع‭ ‬هي‭ ‬رواية‭ ‬أفكار‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رواية‭ ‬أحداث،‭ ‬فالأحداث‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الأفكار‭ ‬بواقعيتها‭ ‬تغذي‭ ‬الحلم‭ ‬النبوي‭ ‬المقترح،‭ ‬بينما‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬يطرأ‭ ‬على‭ ‬السرد‭ ‬ويشكّل‭ ‬عاملاً‭ ‬درامياً‭ ‬متصاعداً‭ ‬يشكل‭ ‬ركيزة‭ ‬بيانية‭ ‬تأخذ‭ ‬بالواقع‭ ‬لتفكيك‭ ‬فكرة‭ ‬المقدس‭ ‬وإخضاعها‭ ‬إلى‭ ‬محاكمة‭ ‬أرضية‭ ‬عبر‭ ‬التوسل‭ ‬بالسماء‭.‬

روايات‭ ‬الأفكار‭ ‬كسارق‭ ‬العمامة‭ ‬بزمنيّتها‭ ‬الرمزية‭ ‬في‭ ‬الخلق‭ ‬الإلهي‭ ‬وبتغريبها‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬المفترض‭ ‬تبقى‭ ‬رواية‭ ‬زمن‭ ‬عائم‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬تركّبه‭ ‬على‭ ‬أيّ‭ ‬واقع؛‭ ‬عربي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التخصيص؛‭ ‬ولو‭ ‬انطلقت‭ ‬بنيتها‭ ‬الفكرية‭ ‬من‭ ‬جغرافية‭ ‬العراق‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تتحمل‭ ‬توصيفات‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬جغرافية‭ ‬وطن‭ ‬كبّلته‭ ‬العمائم،‭ ‬بمعنى‭ ‬كبّلته‭ ‬آلية‭ ‬تاريخية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬للحياة‭ ‬أن‭ ‬تتنفس‭ ‬حداثاتها‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والإلكترونيات‭ ‬والحريات‭ ‬المدنية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالَم‭ .‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.