أبدٌ يتخبط
كلبُ الحدّاد
أنا لا أعرفك أيّها الكلبُ
سمعتُ صوتا غائما يأتي من مكان مّا
ويردّدُ كما لو أنّه خائف:
كلبُ الحدّاد هناك.. إنّي أراه بأصابعي التي ترتجف
سوف يأتي في لحظة
في ليلةٍ قد لا تشرق شمسٌ بعدها
على حصانٍ من رمادٍ أملسَ
ينبحُ…
فتستيقظُ طرقاتٌ خبيئةٌ في جسدي
وتنامُ أصواتٌ يافعةٌ
على الطّريق
وتنتهي..
أنا لا أعرفكَ
ولا أعرفُ لماذا أناديك الآن
لكنّني أسمعُ هذا الصّوت
وأراهُ في سراب مسافتي
مبتسما،
شاحبا
وآيلا للتّبدّد
وجهُ أبي الحدّاد.
حيوان عموديّ
من جلدهِ يخرجُ. ثمّ يدخل في جحره،
الذّئبُ:
أنيابهُ من جرحٍ طريّ.
لكنّها…
قلبهُ في فريسته. والفريسةُ هو،
حالما بما ليس يقترحهُ العالمُ: مخالبهُ الحبُّ،
ضعيفا ومنهكا، الحبُّ،
وحيدا ويتيما،
قويّا وهائجا،
الحبُّ
ولا شيء يتبعه غير نفسه الوحيدة…
ماذا يفعل في النّهار في غابة الإسفلتِ، حيث الوحلُ بضاعة العموديّ، يلهثُ دون خطوةٍ. لكنّه يمشي. ولا يصل إلى نفسه مطلقا… السّماء رخامٌ أملسُ باردٌ. ولا خيط في الأفق يسحبه إلى مجهوله بينهم؟
البيت حجرٌ ولا صخرة.
الغرفةُ ضوء ولا نور. الكلماتُ
تغنّي في الحائط.
فأين إيقاعها؟
ميّتٌ هوائي بين شعابكم. ومريضة كلماتي في مصحّتكم الكبيرة البيضاء. أجرح صوتي فتسيل الغابةُ. أعضّ مخيّلتي، فتقفز قبيلتي ويصير العواء جبلا.
آخر ذئب في العالم. وكلّ من يمشي حوله مسيحٌ يكفر بالقيامة. أوّل ذئب في العالم ومن قلبه تخرج النّهايات الحزينة، لتنام على الطّريق.
للبرد أسماؤه الأخرى. ومن بينها البشرُ الكثير… من بينها البشر القليل، الباردُ.
لو أنّ لي أن أسمع نباحا واحدا في هذه المفازات، لأشعلتُ نارا. ورأيتُ في صورتها حقيقتي… لكنتُ ترابها وهواءها والمحترقين في تنفّسها الثّقيل.
ولأكون واحدا منهم، جرّبتُ الوقوف على قدمين. رأيتُ سماء وبحثت فيها عن صورتي، بينما الأرضُ لحمي والدّم المسكوب في الكؤوس…
أشربُ.
وأغادر غابة الإسفلت.
في بيتي ظلامٌ يضيءُ.
وكلماتٌ تبعتني إلى حجرتي.
لكنّني لا أسمع شجنَ المخالب في الغناء.
وعاشا سعيدين إلى الأبد
الأبدُ الذي يتخبّطُ في نهايات الحكايات
القديمة
حيثُ أميرٌ،
بعد مشقّةٍ تكفي
لخلق أكوانٍ جديدةٍ،
يلتقي بساندريلاّ مّا
تختبئ تحت الوحلِ
وتتنفّسُ بخياشيم الرّواة المتحمّسين
هذا الأبدُ السّجينُ،
الحزينُ على الأرجح
لأنّه لم ينظر إلى نفسه
ولو مرّة في المرآة
دون أن يشعر بالغثيان
الملتفتُ إلى هناكَ دائما
بقفاهُ الأسودِ المعتم
ورأسه المائلة إلى إحدى كتفيه
ماذا لو أدار لنا وجهه
لدقيقة ربّما أو ثانيةٍ
مرّة وإلى الأبد
نريدُ أن ننظر في عينيه مباشرةً
ونفرقع ضحكتا المكتومة تلكَ
قبل أن تنتهي الحكاية
قبل أن تبدأ القصّة.