أحفر في الماضي

الجمعة 2016/04/01

ستتعدد الإجابات والتي ستؤدي في النهاية إلى الرّواية. أريد أن أكتب زماننا وأكتبنا، لأنني أريد أن أفهمه وأفهمنا؛ لماذا لم نصل إلى درك نستقر فيه بعد سقوط مستمر؟! أريد أن أحفر في الماضي، أعبر الطبقات الجيولوجية المتراكمة في الذاكرة. لهذا أنا دائم العودة لكتب التاريخ، قديمه وحديثه، أعيد قراءة الأخبار التي قرأتها. أبحث لها عن تأويلات مختلفة، أجدني أحدّق في شخصيات تاريخية تستحقّ التأمل، ألاعب الأحداث وأحادثها، فأراها فيلمًا تاريخًا يعيد نفسه بأزياء مختلفة، لغات، وجوه الخ..، يكفي أحيانًا النظر في “تأملات في الحضارة الرومانية” لنبصر حجم التشابه، المثير للغثيان. تكاد تكون المصائر هي ذاتها مع اختلاف الأسماء فقط، الكوميديا ليست إلهية، أخطأ دانتي، الكوميديا بشرية! أسجّل ملاحظة جانبية أولى: الإنسان هو الإنسان؛ مجرم يبحث عن جريمته الخاصة.

أكمل الحفر فأجد جذورًا غذّت هذا التطرف، الهمجية، العنصرية. وكل تلك الأمراض المزمنة، والتي في حالاتنا العربية تبدو أمراضًا ميؤوسا منها. كل ذلك وظلّ سؤال في ذهني: كيف استطاعت أمم لها تاريخ دموي واستعماري عنيف أن تحوّل دولها لملاجئ أمن وتكسبها معنى الدولة الحلم، التي نريد أن نولد ونحيا ونموت فيها؟ لماذا يستمر التاريخ في قتلنا قتلًا ممنهًجا؟! بدأ الربيع العربي، بأحلام رومانسية، وجمعات ثائرة، ومسيرات حاشدة، وتحقّق حلم؛ الرؤساء الخالدون يغادرون مقاعدهم! لم نلبث طويلًا في الحلم. عادوا كرة أخرى بأشكال وأسماء مختلفة. تفجرت البراكين وغرقنا في طوفان دم. أعود لأصوّب الملاحظة الأولى فتكون: الإنسان هو الإنسان، يحتاج لقانون وفرصة للعيش بكرامة، وسينسى الجرائم والبحث عنها.

أريد أن أكتب وأن أقرأ ما يكتبه غيري بحثًا عن تلك الإجابات. هل سأجدها؟ لا أدري؟ لكن سأحاول. وسط كل هذه الدّماء التي تحيط بنا. كل ليلة أتساءل: إن كان سيأتي نهار مختلف، يحترم العرب فيه بعضهم بعضًا؟ أشطب على الملاحظة الأولى والتصويب اللاحق وأسجّل أسفل منهما: هل نستحق الحياة؟! أغلق دفتر الملاحظات المخصص للكتابة، وأطفئ النور.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.