أصدقائي‭ ‬القتلى

الخميس 2015/10/01
لوحة: منهل عيسى

ضربة جزاء في الدقيقة 90

أبي‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬49‭ ‬مفتاحاً

يصدأُ‭ ‬الآن‭ ‬كالقُفل‭ ‬على‭ ‬ساقيه‭ ‬الضريرتين‭.‬

كان‭ ‬النهار‭ ‬يابساً‭ ‬مُلقى‭ ‬على‭ ‬الرمل،‭ ‬سراً‭ ‬يُخيطُ‭ ‬جُرحاً‭ ‬بجرحٍ‭ ‬ولكن‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يكمل‭ ‬قميص‭ ‬توبته،‭ ‬ينبش‭ ‬عن‭ ‬رميم‭ ‬إذنه‭ ‬المدفونة‭ ‬في‭ ‬أفواه‭ ‬الآخرين‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬لساني‭ ‬مرآة‭ ‬فأيّ‭ ‬شيء‭ ‬يعكس‭ ‬لساني؟‭ ‬إذا‭ ‬مات‭ ‬القبر‭ ‬أين‭ ‬أدفنه؟‭ ‬لماذا‭ ‬دوماً‭ ‬أصافح‭ ‬كفوفاً‭ ‬تجهل‭ ‬حجم‭ ‬كفي؟

الماء‭ ‬مروحة‭ ‬معلقة‭ ‬في‭ ‬سقف‭ ‬الجسد،‭ ‬كلما‭ ‬أشرعت‭ ‬لحم‭ ‬صوتي‭ ‬يطبش‭ ‬الماء‭ ‬فيَّ،‭ ‬ليطفو‭ ‬منتفخ‭ ‬اللثة‭ ‬على‭ ‬أعضائي‭. ‬كنتُ‭ ‬في‭ ‬القاع‭ ‬لأن‭ ‬الماء‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬السباحة‭.‬

مثل‭ ‬عجينة‭ ‬يختمر‭ ‬جلد‭ ‬الغريق

تندفع‭ ‬غابة‭ ‬الطحلب‭ ‬في‭ ‬رئتي‭ ‬قطيع‭ ‬ثيرانٍ‭ ‬مهاجر‭. ‬لمحتُ‭ ‬رجال‭ ‬الإطفاء‭ ‬يستلون‭ ‬خراطيمهم‭ ‬من‭ ‬دمي‭ ‬كسواطير‭ ‬ويبقرون‭ ‬النار‭.‬

كَفَرَسٍ‭ ‬النَّهْرِ‭ ‬يَدْخُلُ‭ ‬الضَّوْءُ‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬العمليات

دبقُ‭ ‬الدم‭ ‬على‭ ‬الرقبة‭/‬الشظية‭ ‬في‭ ‬الصحن

وجه‭ ‬أمّي‭ ‬الساخن‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬المستشفى

- ‬واقفٌ‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬الأبقار‭ ‬الميتة

- لم‭ ‬ندفع‭ ‬الإيجار‭ ‬لـ7‭ ‬شهور؟

- ‬الغارقون‭ ‬أمامي‭ ‬ظننتهم‭ ‬يمزحون‭.‬

- والسيارة‭ ‬الملغومة‭ ‬كانتBMW‭ ‬‮ ‬ورقمها‭ ‬بابل‭.‬

- ‬أعضائي‭ ‬قليلة‭ ‬وهناك‭ ‬ساق‭ ‬ليست‭ ‬لي‭.‬

أعمى في ديسكو

الكراهية‭ ‬أن‭ ‬تضغط‭ ‬بفكك‭ ‬الأسفل‭ ‬على‭ ‬فكك‭ ‬الأعلى

أو‭ ‬بفكك‭ ‬الأعلى‭ ‬على‭ ‬فكك‭ ‬الأسفل

في‭ ‬حين‭ ‬أنت‭ ‬تهرس‭ ‬عمرك‭ ‬بين‭ ‬الفكّين‭.‬

إذا‭ ‬أنجبتم‭ ‬طفلا

علموه‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬أصدقاء‭ ‬ولا‭ ‬أخوة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم

وإلا‭ ‬سينهي‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬حساب‭ ‬الجثث‭.‬

ضحك‭ ‬كل‭ ‬أطباء‭ ‬الأسنان‭ ‬الذين‭ ‬أخبرتهم

بأن‭ ‬هناك‭ ‬ابتسامة‭ ‬مُسوسة‭ ‬في‭ ‬وجهي‭.‬

أعمار‭ ‬السيارات‭ ‬الملغومة‭ ‬ضيقة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬3‭ ‬شوارع

إلاّ‭ ‬أن‭ ‬الأرحام‭ ‬التي‭ ‬أخرجتها‭ ‬عريضة‭ ‬كنصف‭ ‬البلاد‭.‬

الأعمى‭ ‬دموعه‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬عكازه

عند‭ ‬النوم‭ ‬أحسب‭ ‬أصدقائي‭ ‬القتلى

أجمع‭ ‬جثثهم،‭ ‬أُقسم‭ ‬حزني‭ ‬على‭ ‬الأحلام

وفي‭ ‬كل‭ ‬ليلةٍ‭ ‬أراهم‭ ‬ينشفون‭ ‬مثل‭ ‬الجراح

التي‭ ‬تُغرينا‭ ‬بحكها

وما‭ ‬إن‭ ‬أبدأ‭ ‬حتى‭ ‬تسيل‭ ‬دماؤهم‭ ‬على‭ ‬الفراش‭.‬

نسير‭ ‬بتابوتك‭ ‬فوق‭ ‬السيارة

كُنّا‭ ‬نبكي‭ ‬جميعا

إلاّ‭ ‬أمي‭ ‬كانت‭ ‬تمشي‭ ‬على‭ ‬دموعها‭.‬

جثث

كانوا‭ ‬يخلطون‭ ‬الجثث،‭ ‬وعندما‭ ‬نخرج‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬الصباح،‭ ‬كنا‭ ‬نتيه‭ ‬مثل‭ ‬بصرٍ‭ ‬ضعيف،‭ ‬ونقارب‭ ‬بين‭ ‬الرأس‭ ‬وجثته،‭ ‬وندرك‭ ‬في‭ ‬أعماقنا‭ ‬أننا‭ ‬نمنح‭ ‬الرؤوس‭ ‬لجثثٍ‭ ‬لا‭ ‬تعرفها‭. ‬الآن‭ ‬يرتّبون‭ ‬الجثث،‭ ‬يوحّدون‭ ‬أزياءها،‭ ‬يضعون‭ ‬الرأس‭ ‬على‭ ‬الظهر‭. ‬أما‭ ‬نحن‭ ‬فما‭ ‬عدنا‭ ‬نخرج،‭ ‬لأن‭ ‬الجثث‭ ‬المرتّبة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬ساحات‭ ‬المنازل‭. ‬نقيس‭ ‬نبتة‭ ‬الموت‭ ‬على‭ ‬الجثث‭ ‬المتروكة‭ ‬فوق‭ ‬الإسفلت،‭ ‬ببقعة‭ ‬الدهن‭ ‬السائح‭ ‬تحتها،‭ ‬إلاّ‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الجثث‭ ‬المتروكة‭ ‬على‭ ‬التراب‭.‬

* * *

أبي‭/‬أمي‭ ‬يتشاجران‭ ‬منذ‭ ‬3‭ ‬ساعات‭. ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬سيقتلها،‭ ‬كما‭ ‬يهدد،‭ ‬لأن‭ ‬حديقة‭ ‬البيت‭ ‬صغيرة‭ ‬ولا‭ ‬تكفي‭ ‬لجثة‭.‬

* * *

نشروا‭ ‬صورة‭ ‬جثته‭ ‬على‭ ‬الـ”فايسبوك”،‭ ‬أخي‭ ‬الأصغر،‭ ‬وبعدما‭ ‬عجزنا‭ ‬عن‭ ‬العثور‭ ‬عليها،‭ ‬قمنا‭ ‬بطباعة‭ ‬الصورة،‭ ‬تغسيلها،‭ ‬تكفينها،‭ ‬ودفنها‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬العائلة‭.‬

* * *

الهاونات‭ ‬تدفع‭ ‬باب‭ ‬السطح،‭ ‬تهبط‭ ‬عبر‭ ‬الدرج،‭ ‬فتأكل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الثلاجة،‭ ‬وما‭ ‬في‭ ‬المطبخ،‭ ‬وما‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬حتى‭ ‬تتخم‭ ‬من‭ ‬الأكل،‭ ‬فيأتي‭ ‬رجال‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني،‭ ‬يسحبون‭ ‬جثثنا‭ ‬من‭ ‬بطونها‭ ‬ويرمونها‭ ‬على‭ ‬الجيران‭.‬

متقابلَين،‭ ‬نرفع‭ ‬الجثث‭ ‬إلى‭ ‬حوض‭ ‬السيارة؛‭ ‬أنت‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الثقل‭ ‬وقوة‭ ‬الرائحة،‭ ‬وكثيراً‭ ‬عن‭ ‬جمع‭ ‬الأعضاء‭ ‬المتناثرة،‭ ‬وأنا‭ ‬أضع‭ ‬عيني‭ ‬على‭ ‬فوهة‭ ‬العمى‭ ‬وأنظر‭ ‬إليها‭ ‬بعينٍ‭ ‬واحدة،‭ ‬وأتفحص‭ ‬زوجتي‭ ‬النائمة،‭ ‬هل‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تتنفس؟

* * *

أقود‭ ‬السيارة‭ ‬مثل‭ ‬بنايةٍ‭ ‬محروقة‭ ‬تنطفئ‭ ‬وحيدة‭. ‬حتى‭ ‬النار‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬اهتماماً،‭ ‬تموت‭ ‬على‭ ‬عجل‭.‬

بيعة

حاول‭ ‬جارنا‭ ‬تصليح‭ ‬منزله،‭ ‬فخرجت‭ ‬الجرذان‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭.‬

رَجْم

أفتح‭ ‬عينيَّ‭ ‬كبيضتين‭ ‬مكسورتين‭ ‬على‭ ‬تلٍّ‭ ‬من‭ ‬الأحجار‭.‬

ملثمون 1

يتجولون‭ ‬بالمخطوفين‭ ‬ليومين‭. ‬إنهم‭ ‬يستعدون‭ ‬لفيلم‭ ‬جديد‭.‬

ملثمون 2

ماء‭ ‬النهر‭ ‬الذي‭ ‬يرمون‭ ‬فيه‭ ‬الجثث‭ ‬تُصفّيه‭ ‬دائرة‭ ‬الماء‭ ‬صباحاً،‭ ‬لنشربه‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬المساء‭. ‬مرةً،‭ ‬شممت‭ ‬رائحة‭ ‬أخي‭ ‬فيه‭.‬

في‭ ‬الولايات‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬الأنهار،‭ ‬يحرقون‭ ‬الجثث‭ ‬لتشمّ‭ ‬أخاك‭ ‬بسهولة‭.‬

ملثمون 3

الأفغاني‭ ‬يُلقي‭ ‬بياناً‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬إغلاق‭ ‬قاعتين‭ ‬لكمال‭ ‬الأجسام‭.‬

سيطرة

يعترضك‭ ‬الأطفال‭ ‬بأسلحةٍ‭ ‬صناعية،‭ ‬فنضحك‭ ‬كلنا،‭ ‬عندما‭ ‬أسقط‭ ‬ميتاً‭ ‬أمامهم‭.‬

نكاح

أقلّمُ‭ ‬اللحم‭ ‬حتى‭ ‬أبلغ‭ ‬الأظفار‭.‬

طائفي

قطرات‭ ‬الدم‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المنزل،‭ ‬إلى‭ ‬الصالة،‭ ‬على‭ ‬الدرج،‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬غرفته‭ ‬المغلقة؛‭ ‬أخي‭ ‬الذي‭ ‬يقاتل‭ ‬في‭ ‬الميليشيا‭ ‬س‭.‬

إطفائي

اليوم‭ ‬آلامٌ‭ ‬مبرحة‭ ‬في‭ ‬الظهر‭ ‬والرقبة‭. ‬البارحة‭ ‬انتشلتُ‭ ‬أربع‭ ‬جثث‭ ‬من‭ ‬انفجار،‭ ‬وثلاث‭ ‬جثث‭ ‬من‭ ‬ركام‭ ‬عمارة‭ ‬مقصوفة‭.‬

في المطار

منذ‭ ‬2‭ ‬قواطي‭ ‬ويسكي‭ ‬وأنا‭ ‬أحاول‭ ‬الكتابة عن:

أمّ‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تطفئ‭ ‬ابنها‭ ‬المحروق‭ ‬بذراعيها‭ ‬المقصوصتين،

أب‭ ‬يحاول‭ ‬إعادة‭ ‬رأس‭ ‬ابنه‭ ‬المقطوع‭ ‬إلى‭ ‬عنقه‭ ‬النازف‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.