أنا في ورطة
أطاحت الأزمة الراهنة بكثير من الثوابت التي ظنّنا لزمن أنها صورة المشهد العربي، وحتى في أحلك كوابيسنا لم نجرؤ على تصوير أو تخييل مشهدية عنيفة ساقطة أخلاقيًا كما اليوم، لهذا يقف المثقّف مجروحًا والمبدع مرتبكًا، في تقديري أن الوقت ما يزال مبكرًا ليضيف الرّوائيّ شهادته، فطبيعة الرّواية تراكمية معرفية وليست خطابية انفعالية، كما أن هناك الكثير من الأسئلة بلا إجابات، وهناك مناطق رمادية كثيرة، وهناك كما أسلفت سقوط أخلاقي مروّع تقع فيه كل الأطراف، نحن في حاجة ملحّة لتقييم عقلاني كاشف وصريح لما يحدث، هذا التأني في الإنتاج الإبداعي لا يعفي المثقف والكاتب من إعلان موقف ينحاز إلى القيم الإنسانيّة دون الاصطفاف السّياسي، لأن مأساة الإنسان مفجعة ومؤلمة، وأعجب من المثقفين الذين يعجزون عن شمّ رائحة الدّم حين يكون دم الفريق الآخر في الخندق المقابل، في تقديري هو خندق واحد يجري قبرنا فيه جماعة، فبعد انجلاء الأسرار يمكن للإبداع أن يتعرف على مواقف الكتاب، لكن قبل ذلك سيكون خوضا في الجراح، الكتّاب أنفسهم بحاجة لفهم الراهن، عن نفسي أنا في ورطة حقيقة، أكتب حول أوجاع قديمة وأبتعد عمّا يدور، ولكني أعلم أن استحقاق الكتابة عمّا يحدث آت.