أنفاس مبهورة
هنا وهناك
في شوارعِ المدنِ الغريبة تنتصرُ اللامبالاة
تمشي
وتمشي معكَ نفسُك
تعبران الشوارع
بلا
هدف
البردُ يأكل الأصابع
أنت هنا
وهناك
هنا وهنا..
خطوة في ضباب مدينةٍ بلا ذاكرة
وأخرى في شوارع قديمة لمدينةٍ بحريةٍ غائمة.
منظر
عصافير الدوري تسابق أجنحتها في ضوء باهت
والمزاريبُ تئن،
فوهاتها الصارخة تتلقى أعطيات السماء
مطر أوّل الشتاء..
وبيدٍ
وحيدة
أقبض على ملحِ البحرِ
وأفوز بالبحر لمتوسط.
***
الزوارق الصغيرة
تتجمع في خلجان زرقاء
كأصدقاء قدامى،
الصيادون يرفون شباكهم الحزينة
والشمس السمراء تلفح الوجوه
أريد نافذة هناك.
أنفاس مبهورة
اليوم اشتريت لنفسي
بخورة مريم
وحبقة
ورجعت إلى البيت بوطن صغير في علبة كرتون.
هناك،
في اللاذقية،
لم نكن نشتري الحبق
كان ينمو في أنفاسنا المبهورة
لم نكن نزرع «بخورة مريم» في أصيص
تركناه يغزو البراري ويزور البيوت.
في الشتاء
لمّا يصل، أخيراً، شعاع من شمس بعيدة
أتذكر أنني حبقة جافة
زهرة مريم العالقة في شعاب جبل بعيد.
أمي
تزرعُ النهارات بالوصايا
وتقطفُ الحمّى عن جبينِ الليل
حبات مذعورة..
لم أقل لها يوما كلمة حب
وهي تغزل الصوف
في
منامي
وتخبئ الحكايات لأطفالي الذين انتظرتهم
حتى ضاقَ بها الحنين.
تصلّي كعابدة
وتتشاءمُ إن مرّ بومٌ في الحي.
ملكة الثلج
عاليا
في غابة الجليد
تغفو..
الطفل الذي نسي أن يكبر
لأنها اختطفته
ينبش من فراشها الريش
ويتركه يتساقط،
والمرأة التي لعبت معه
حين كانت طفلة
أراها، الآن، من وراء نافذتي
تلهو
بثلج
قديم.
وحدة
لو كانت لي صديقة
كنت أمسكت يدها في الشارع
ومشينا نثرثر
عن الحب
والأزواج
والأطفال
لو كانت لي صديقة
رميت ظلال يومي
عند بوابتها
وعبرت.
رباعية
سطوري المبتورة
كمزاجي
في كل شيء
حيث أراك وتحتويني في كل شيء.
غيوم
يخيل إليّ
أن زمن الأحصنة الخرافية
يتبعني
نهرٌ رماديّ
يلهو
وجهه نحو الشرق
وعيناه غائرتان في منفى.
***
يخيّل إليّ
أنك ذئب صغير
هارب
وعيناه غمامتان.
ضياع
لا أجد
ثقبا واحدا
في هذا السور
حيث تنمو نباتات الألم.
رباعية 2
لا حديقة لي لأزرع الحبق والنرجس
أو حتى بخورة مريم البرية
أصابعي مسامير دقيقة
تنقر نعش الوقت.