أن تكون شاعراً سورياً
أن تكون شاعراً وسوريا اليوم.. لا أقسى من ذلك، تموت كل يوم وأنت ترى كل هذا الدمار.
تموت وأنت تحاول الكتابة عن هذا الألم والموت.. عن موت الأمل.
أن تكون شاعراً.. تكتشف بسهولة.. عدم جدوى اللغة أمام هول الفاجعة.. كيف ستحول هذه الصرخات التي تصل إليك من تحت أنقاض البيوت في حلب ( مثلا ) إلى كلمات.. لتصف الكارثة.
أن تكون سوريا اليوم لا بد أن تكون شاعرا.. وأنت ترى كل هذا الموت وتحاول يائسا ً البحث عن الأمل.
الأمل الميت واللغة الميتة والنصوص الميتة.
أن تكون شاعرا سوريا يعني أن تغمض عينك وتلقي برأسك بين يديك.. وسترى كل شيء، المهاجرين.. النازحين.. الأشلاء المتناثرة.. الكل يحاول أن يهرب ويركض بعيدا عن هذه البلاد التي كانت ذات يوم اسمها سوريا..
أن تكون شاعرا سوريا.. عليك أن ترى بعيني قلبك وتركض خلف الهاربين من بعضهم.. بقدمي قلبك.. وتمد للأطفال تحت الأنقاض يد قلبك الصغير.
أن تكون شاعرا سوريا عليك أولا أن تبحث عن صرختك التي ضاعت في صحراء الرصاص. ربما هي تجدك وتعود إليك.
2
قلت:
حقيبتي الصغيرة معي
وميرا في حضني
ولأن الأرض تدور سنصل يوما
إلى سوريا.
قلت:
أصبحت غريبا
في بلادي
لولا قبور الأصدقاء
لما وجدت الطريق إلى البيت
قلت:
الذي أطلق الرصاص عليّ
كان أخي
وسيعود يوما لرشده
ولن يجد مكانا يضع رأسه
عليه
سوى شاهدة قبري
قلت:
الحرب ليست خدعة
من لم يمت برصاصة
سيموت من الشوق
قلت:
لا أريد شيئا من هذه البلاد
سوى أن تعود بلادا
نحب ونرقص ونغني
وننسى أن نموت.
قلت:
أمضيت عمري
في البحث عن الذئاب
ولم أك أعرف
أنني أحيا بينهم.
3
أن تكون شاعرا سوريا يعني ستموت كثيرا.. وأنت ترى هذه البلاد كلها.. البيوت والأشجار والسماء.. تهرب وتركض ولا تلتفت خلفها..
وتبقى وحيدا وأنت تحاول الكتابة لكن اللغة أيضا تتركك وتمضي بعيدا.. خلفهم.