أيها المكتمل بنقصي
ميلودراما الوداع
في عز صيف باهت
أخبرتني أنها تنوي الذهاب
كانت الأجواء تلتهب اصفراراً
لم يكن قد مر ظل قط
كل الظلال قد رحلت
وقد اختفت حينا تشاهد من بعيد
كيف أن الشمس قد ثارت
وأشعلت الشرار بلا اهتمام
وقتها لم أكُن قد مت بعد
ولم أكن أيضا على قيد الحياة
كنت بين البَين
أشكو البين
والألم المبين المنتظر
أشكوا اللوحة الصفراء حينا
وأهرب مرة أخرى إلى جحر الظلال
كانت معي
تمتطي قلقي وتستعد لكي تغيب
أقنعتها بأن تبقى لثانية فقط
ريثما أغير جدول الأزمان
وأعرقل ناموس الفصول
وأجلب البرد دفئاً
وأبدد إحساس الحريق
فاقتنعت
كانت السمراء تمتص العرق
منها ومني
تحوله إلى عسل يؤازرها
وكنت أنا أناظرها
وتغسلني بدمع من محاجرها
وتنبت من مآقيها
روايات وأشعار
وتخبرني
وأنا المسجون في جسدي
أنها تنتظر الغروب ورغبتي
لكي تذوب وتنزوي
فترتجل النصوص
تحتجز الحياة بداخلي
وبداخلي أيضا توشوش موتها
أنا ما كنت يوما ابتغي عوضا عن عذابات مريرة
استقت مني ومن صبري الكثير
ما كنت أنتظر انتصارا
ما كنت أحلم حينها
حتى برد من مدبر
عالم بأمور ما يحدث
كنت أنتظر الذهاب
إلى حقيقة أولى وكبرى
هل الحب الذي قد صبني خمراً وعتقني
يستحق بأن نتوب؟
ونعلن انسحابات عليلة من جولة كبرى
ونتسق التزاماً مع قوانين الحياة
ونجتنب الهروب؟
هذياناً وأوهاماً وأحلاماً مؤجلة وأخرى عاجلة
تلك الحياة التي قد هشمت قدسية الماضين
وأخذت تثأر من جرائم ضائعة
عالقون الآن نحن
عالقون بلا مشاجب
مثبتون على مسامير التوقع
وغيبية الجدوى
كنت مستلق تحت رحمتها
وتمسح من على شعري غبار الزيف والأيام
الخوف أحرق قدرتي على التكلم والثبات
قد تحول كل ذاك الحر عندي
زمهريرا وثلوجا
دثرتني برموشها السوداء
حنطية اللون شاسعة العينين
وقد شرعت أدس فيها
كل أنواع النزاع بداخلي
أشبعتها أسئلة غبية
من أنا؟
وكيف أتيت إلى هنا؟
ومن بحق الرب قد خلق الذهول؟
تحاورني بهمس
وتستنطق الحف قسرا
وأردفت الجواب المرتجى
أنت شيء
كل شيء غير ظنك
أنت المستهل بالتبرير
والمنقطع بالتبرير
والمكتمل بالتبرير
تبرر جدوى الوجد
مختصر لأسباب النعيم
أنت الذي قد شق مني
أنت البداية وابتدار الخاتمة
لملم الآهات عني
اكتمل بي واحتملني
وأجعل الأيام تفنى
لا تهب عقلي شريعة
أو حدودا أو دروبا أو مجازا أو معاني
أو ذريعة
احذف الأيام من صدر القصائد
تعلمين الآن شيئاً
كنت قد بوأته صدري
وجعلته سري
اليوم أكملت الشرانق
ووضعت داخلها وصية
ستنمو ثم تنمو ثم تنمو ثم….
ثم تنشق اعتباطا
تثير الكفر ثم الكهن ثم..
ثم سيولد التنوير
يغير مجريات البؤس وأحداث الحياة
أخبريني مرة أخرى
قبل أن ننزاح من هذا المكان
المشتهى والمنتهى
أخبريني من ذا الذي قد صب فيك الاشتهاء
وأدار قانونا مريعا
يجتبيك بلا انتهاء
لا تجيب الآن
أنام على مشيئتها
وأدعوها بسر العابد الخائف
قد كنت أستجدي الزمن
أخبرها بأني تائه أهطل
وأنها شهقة أولى
وزفرة تبكي وتخرج
وأعلم أنها قد بدت
وتشكلت
طيف يؤازر وحدتي
ويرجم لهفتي
لكن تمهلي
سأفيق من هذا المحال
وأدعو قلبي
لجلسة ودية
لمناقشة الحياد
وأسباب التقهقر
وطريقة أخرى
لترميم الثبور
أدعوه حتى ينجلي
خيط الجليد من اللهب
وأعرف من أنا
ثم قالت آخر الكلمات تسألني
كيف سحب الرب روحي
دون إذني
وأكملك بها
أيها المكتمل من نقصي
وابتلعها الأفق.