إنزال الفلسفة عن عرشها في العلاقة الملتبسة بين المثقف والسلطة
لكي ندرك مدى تضاد هذه النزعة الطوباوية المغرقة في التفاؤل مع الواقع العياني، حسبنا أن نشير إلى أن القراءة “الوظيفية” التي يقترحها صاحب هذا المشروع للفلسفة، لا بد أن تؤدي بنا إلى معاينة خيارات الفاعلين الرئيسيين في مشروع الدكتور وهبة، وأعني بذلك الخاصة والعامة أو النخبة والجماهير.
ما هي هذه الخيارات؟ وهل يمكن أن يتصرف هذان الفاعلان الرئيسيان بمعزل عن المصلحة الخاصة لكلّ منهما عندما يتعلق الأمر بممارسة خيار عقلاني مستقل لا يتناقض مع ما ندعوه بالمصلحة العامة؟
الخيار العقلاني حسب نظرية “الخيار العقلاني” في علم الاجتماع يمكن التمثيل عليه بـ “الباراديم” أي الأنموذج المعتمد، وهو أحد النماذج المتاحة للفاعل الرئيسي (الخاصة أو العامة) في تعامله مع الحدث. وكما هو معروف فإن هذه النظرية الشائعة في العلوم الاجتماعية تفترض أن يكون الفاعل الرئيسي صاحب هدف أو قصد Purposive أي أنه يسعى إلى تحقيق نتيجة محددة من فعل الاختيار. وهذا الافتراض ليس مجرد تعميم بل افتراض بديهي يفسره ما يدعى بمفهوم التفاؤل المفرط Optimization لدى الفاعل الرئيسي الذي يتصرف بعقلانية تتسم بالميل إلى (تجميل) خياره وجعله أقرب ما يكون إلى الكمال. ويتمثل تجميل الخيار بالمبالغة في تقدير حجم الفوائد المتوخّاة فيه والتقليل من حجم تكاليف تحويل الخيار إلى حقيقة واقعة.
يخيل إليّ أن هذا ما حدث بالنسبة إلى مشروع الدكتور وهبة التنويري. فمحاولته جعل الفلسفة تقف على قدميها بدلا من رأسها يمكن تفسيرها باللجوء إلى مفهوم “التفاؤل المفرط أو المبالغة في تجميل الخيار التنويري إلى حد الاستخفاف المفرط بالصعاب التي تحول دون تحقيقه، أو ربما المغالاة التي تصل حد الغلواء في تجربة النزول بالفلسفة من أبراجها العاجية إلى رجل الشارع". فهو يخبرنا أنه عقد مؤتمرا بعنوان “الفلسفة ورجل الشارع" كان قطبه محاورة رجل الشارع البسيط في محاولة للتعرف على طريقة تفكيره وتغييرها. ولتحقيق هذا الهدف أحضر للمؤتمر بائع بطاطا كممثل لرجل الشارع وشرع بسؤاله: من هو الفيلسوف؟ فقال له: نقول عليه “أبو العريف”. وهو يستنتج بالاعتماد على تلك التجربة أن ذلك الرجل البسيط على علم ودراية بمعنى الفلسفة، وأنه عبّر عن ذلك بأسلوبه البسيط. ويضيف “ثم حاورته في المشاكل التي يعاني منها وكيف أن تغيير طريقة تفكيره ربما تساهم في حل هذه المشكلات، لكن المؤتمر قوبل بهجوم شديد من قبل المثقفين واتهموني بتخريب القيم والتراث”.
هذه التجربة تطرح التساؤل التالي: هل الفلسفة قادرة حقا على تغيير ذهن رجل الشارع البسيط؟ ثم ألا يسيء هذا التبسيط المخلّ لمعنى الفلسفة؟ وهل سبب اعتراض المثقفين على المشروع هو ذلك التبسيط المخلّ لمعنى الفلسفة ولمفهوم العلمانية أم الاعتراض على فكرة الفصل بين الدين والدولة؟
يرى الدكتور وهبة أن الفلسفة (يذكرها دون أن يقرن بها التربية عموما أو التغلب أولا على الأمية الأبجدية والثقافية في المجتمع) قادرة فعلا على تغيير أذهان العامة، وأن ما يحول دون تحقيق تلك الأمنية هو السد الذي يواجهها والذي يتمثل على حد قوله في “المحرمات الثقافية الرافضة للتعامل مع رجل الشارع العادي”.
وهذا في تقديري تبسيط شديد لفكرة النهضة والتنوير في تجربة العرب المعاصرين، بل لعل من الأفضل القول إنه تبسيط مخلّ يصل حدّ الوقوع في الاختزال. وقد اخترت الإشارة إلى مصطلح “الاختزال” عمدا للتذكير بمعناه المعتمد في الفلسفة والعلوم الاجتماعية. إن تجربة النهضة والتنوير قد اختزلت في مثال إنزال الفلسفة عن عرشها على نحو تم فيه، لتحقيق هذا الهدف، استبعاد أو تجاهل كل أو بعض مكوناتها البنيوية من الناحيتين: الإجرائية والتاريخية في وقت معا.
وتتويجا لهذه النزعة الاختزالية الجامحة ينتهي مراد وهبة إلى أن المثقفين هم الذين “يقفون ضد الفكر التنويري وضد العلمانية” ويعود ذلك في رأيه إلى “تلاحمهم مع الجماعات الدينية وعلى رأسها جماعة الإخوان، وذلك على مستوى العالم وليس العرب فقط. فالكثير من المؤسسات في العالم يدخل في تحالفات مع جماعة الإخوان المسلمين”.
هذا التعميم قد ينطوي على شيء من الصحة إذا نظرنا إليه من منظور المركزية الثقافية المصرية، ويطابق الوضع المصري أكثر من سواه. ولكنه لا يطال البحث في أسباب نشوء ظاهرة الإسلام السياسي الذي جاء ليملأ الفراغ الذي خلّفه قمع الدكتاتوريات العسكرية للمجتمع المدني ولحرية العمل السياسي عموما.
والغريب أن تحميل المثقفين مسؤولية الحيلولة دون انتشار الفكر التنويري في العالم العربي، والعلمانية تحديدا، يقدم في الحوار مشفوعا بتبرئة الحاكم، ومعللا على النحو التالي: “ربما يمكن القول إن المثقف هو الأساس وليس الحاكم وإن دور الحاكم ينحصر في أن يختار ما بين عدة اختيارات ثقافية يصنفها المثقف. عندما قامت الثورة الفرنسية كان المثقفون هم المحرك الأول لها، إذ كانت برجوازية تستند إلى التنوير والعلم. وفي التاريخ العربي الشيخ أبو حامد الغزالي قام بتكفير الفلاسفة ومنهم ابن رشد في كتابه ‘تهافت الفلاسفة’..”.
الغريب أن تحميل المثقفين مسؤولية الحيلولة دون انتشار الفكر التنويري في العالم العربي، والعلمانية تحديدا، يقدم في الحوار مشفوعا بتبرئة الحاكم، ومعللا على النحو التالي: “ربما يمكن القول إن المثقف هو الأساس وليس الحاكم
هذه التبرئة المدهشة للحاكم المتمثل في طاغية أو مستبد عادل، لا تدع لنا مجالا للشك في أن الدكتور وهبة يتجاهل حقيقة العلاقة بين الحاكم والمثقف على مر العصور.
إن العلاقة بين طرفي هذه المعادلة يمكن أن توصف بأنها علاقة سجالية مراوغة. وقد رسم ابن خلدون في نهاية القرن الرابع عشر صورة واقعية لدور المثقف بعيدة عن شطحات البلاغة الثقافية غير الواقعية، عندما تحدث عن أرباب الأقلام الذين دعاهم بـ”آلة السلطان التي يستظهر بها على تحصيل ثمرات ملكه والنظر إلى أعطافه وتثقيف أطرافه والمباهاة بأحواله”. فالمثقف العربي، شأنه شأن المثقف الغربي، بحاجة إلى بلاط يرعاه، والبلاط كان بدوره بحاجة إلى المثقف. صورة ابن خلدون هذه هي في رأينا الأشد تعبيرا عن واقع المثقفين العرب في المرحلة الراهنة.
ومع نهاية عصر النهضة العربي بإحيائيته التوفيقية التي تمكّن المثقفون خلالها من أن يكونوا من آن إلى آخر حاملين للأفكار أكثر منهم أدوات للسلطان صار من الممكن الحديث عن إشكالية مراوغة للعلاقة بين الثقافة والسلطة. ما هي حدود هذه العلاقة السجالية؟ ولماذا لم يتحوّل أحد طرفي هذه الإشكالية، ونعني به ثقافة السلطة، إلى سلطة الثقافة؟ هذا في رأينها هو السؤال.
يقول مراد وهبة إن الدكتور زكي نجيب محمود كان من أشد المعارضين لفكرة نزول الفلسفة إلى رجل الشارع العادي، وإنه عارض بشدّة مؤتمر الفلسفة ورجل الشارع، وقال له “أنت ذبحت الفلسفة في هذا المؤتمر”. وعندما قابله بعدها بعشر سنوات سأله: هل مازلت على رأيك؟ انفعل جدا وقال بل أعنف. ويصف وهبة هذا الموقف بقوله: “إنه قصور عن إدراك العلاقة بين الفلسفة والتغيير”.
هل هذا نابع حقا عن قصور في إدراك العلاقة بين الفلسفة والتغيير أم أنه نابع عن إدراك عميق للسيطرة التي تتمتع بها الأيديولوجيا الدينية السائدة والتي يمكن التمثيل عليها بظاهرتي التدين الشعبي والأصولية غير المسيّسة والمشفوعة بحماية أجهزة السلطة الحريصة على إخضاع الجماهير وعدم إغضابها؟
في كتابه “مستقبل الثقافة في مصر” الصادر في عام 1921 كتب طه حسين يقول: إنه مادام لا كهنوت في الإسلام ولم تنشأ فيه طبقة ذات منفعة معينة في سيطرة الدين على المجتمع فإنه يتعذر إجراء فصل بين الدين والمدنية مماثل لذلك الذي أجري في أوروبا فحسب، بل إن ذلك سيكون أسهل على المسلمين منه على المسيحيين.”.
هذا التعليل المنطقي الصرف لإمكان الفصل بين الدين والدولة مازال معلّقا بلا حسم، مازال مجرد إمكان يعثر الباحث عليه ماثلا في أبحاث الفلسفة وعلم الاجتماع، ولكن تنفيذه ظل مؤجلا ينتظر الحاكم القادر على مواجهة الأيديولوجيا الدينية السائدة.
وعندما يرى الدكتور وهبة في جواب بائع البطاطا (ممثلا برجل الشارع المصري) عن سؤاله: من هو الفيلسوف “نقول عليه أبو العريف”، البرهان على العلم والدراية بمعنى الفلسفة، يصبح تعليق زكي نجيب محمود على هذه الواقعة واقعيا إلى حد كبير.
كما أن في إشارته إلى أن سقراط كان ينزل إلى أسواق أثينا يدعو لأفكاره الفلسفية، ويحاور رجل الشارع عن المعتقدات والتقاليد المسلّم بها تدعيما منه لفكرة العلاقة بين الفلسفة والتعبير، في تلك الإشارة تجاهل محيّر يصعب فهمه، لدور الفجوة التاريخية الفاصلة، بين الماضي والحاضر. فقد عاش سقراط في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد ولا يعقل ألا يأخذ مراد وهبة كوننا في عصر آخر، عصر المعلوماتية بالقرن الحادي والعشرين، بعين الاعتبار. بل إن تعليله لأسباب انفصام العلاقة بين الفلسفة والتغيير، بالقول إنه منذ تأسيس أفلاطون لأول أكاديمية لم تخرج الفلسفة من وقتها وحتى اللحظة الحاضرة عن الفصول الدراسية، استخفاف شديد بدور الأكاديمية التي وضع أفلاطون أسسها في صناعة الفكر الفلسفي عبر العصور.
يقول الدكتور وهبة “لم أستسلم لمحاربتي بسبب محاولاتي التواصل مع رجل الشارع لكنني عزلت وظللت أمارس دوري من خلال التدريس ومن خلال منتدى ابن رشد الذي يحارب من قبل المثقفين الرافضين لانتشار العلمانية وليس من قبل السلطة، فأنا أعاني من المثقفين.. حتى عندما فصلني السادات كان يحامي للمثقفين”.
لا شك عندي أن الدكتور وهبة محق في شعوره بظلامة إزاء مواقف بعض المثقفين الرافضين لانتشار العلمانية من مشروعه التنويري. ولكني لا أجد أن من المقنع اعتبار كل المثقفين معادين لمحاولته إحياء مفهوم العلمانية المتمثل في فكر ابن رشد ولتبيئته واستنباته مجددا في فكرنا العربي المعاصر.
على هذا النحو تتكشف العلاقة الملتبسة بين مشروع منتدى ابن رشد والمثقفين لا على أنها علاقة توافق بين الطرفين بل على أنها علاقة رفض للعلمانية نفسها.
والحال أن ابن رشد ليس فيلسوف الحقيقة المزدوجة كما تخبرنا بعض أدبيات الفلسفة، بقدر ما هو فيلسوف الحقيقة الواحدة التي يمكن الوصول إليها عبر طريقين متمايزين. فهو يحاجج بالقول إنّ للحقيقة شكلين: شكل ديني وشكل فلسفي، وأنه ليس مهما إذا ما أشار كل منهما إلى وجهة تختلف عن الأخرى، فهما لا بد أن يوصلا في النهاية إلى حقيقة واحدة.
وهكذا تتحقق عملية التوفيق بين العقل والنقل، ويصير البرهان العقلي طريق الفيلسوف والإيمان طريق المتدين، وبعبارة أخرى فإن محاجة ابن رشد تعزز نوعين من الفاعلين الاجتماعيين: الفاعل المتمثل بالخاصة، والفاعل الإيماني المتمثل بالعامة. ولكن رؤية ابن رشد للدين تفصح عن رأيه في أن الدين أقل شأنا من الفلسفة كأداة لتحصيل المعرفة، وأن فهم الدين من قبل المؤمنين الذين يمثلون العامة يظل فهما قاصرا بالمقارنة مع فهمه من قبل الفيلسوف.
وعندما يناقش ابن رشد موضوع الفلسفة السياسية يطالب بدور رائد للفيلسوف الذي يمثل الخاصة. كما أنه يحط على نحو مواز من شأن رجال الدين الذين يرى أنهم لا يصلحون للقيام بدور سياسي.
مراد وهبة محق في شعوره بظلامة إزاء مواقف بعض المثقفين الرافضين لانتشار العلمانية من مشروعه التنويري. ولكني لا أجد أن من المقنع اعتبار كل المثقفين معادين لمحاولته إحياء مفهوم العلمانية المتمثل في فكر ابن رشد ولتبيئته واستنباته مجددا في فكرنا العربي المعاصر
آية ذلك كله أن ابن رشد يظل في علمانيته ممثلا للخاصة، ومن ثمة فإنه ليس مستعدا للتنازل عن عرش الفلاسفة للعامة. وهذا الفارق بين ما يمثله فكر ابن رشد وبين ما يدعو إليه الدكتور وهبة فارق حقيقي يتعذر تجاهله. بيد أن فيلسوفنا في تمثله لسقراط ولحوارية الطريقة السقراطية مازال يأمل في جعل الطرف المقابل في حواره مع العامة يدرك ما تنطوي عليه أفكاره ومعتقداته من خطأ وخطل. فهو يقول “في إطار الثورة العلمية والتكنولوجية ظهر مصطلح (mass) أي الجمهور والمجتمع الجماهيري، وكان لزاما على الفيلسوف أن يتلاحم مع الجمهور وإلا سيكون خارج العصر”.
ويضيف “ولكن المسؤول عن الانفصال بين الفلسفة والمجتمع هو السلطة الدينية التي خضع لها كوبرنيكوس عندما قال إن الأرض تدور حول الشمس، وبعد ذلك حاكموا جاليليو عندما روّج للفكرة ذاتها، لكن في النهاية انتصر فكرهم”.
تكمن المفارقة هنا في أننا مازلنا نتحدث عن ثورة كوبرنيكية، بل إن الخطاب العربي الحديث والمعاصر يحيلنا إلى زمن مَيِّت حركته على حدّ قول محمد عابد الجابري “حركة اعتماد لا حركة نقلة”، أي إنه يكرّس تموضع الحركة في نفس الموضع. وهذا المصطلح “حركة الاعتماد” يستعيره الجابري من إبراهيم بن سيار النظام، المتكلم المعتزلي المشهور تلميذ أبي الهذيل العلاف. ولكن جورج طرابيشي يفضل، وهو محقّ في ذلك، مصطلح “النكوص” أي الارتداد إلى الموضع المطفور عنه. فنحن على ما يبدو في زمن نكوص يحتاج للارتداد إلى فكر ابن رشد (1126- 1197).
ومن المعروف أن الاهتمام بابن رشد وفلسفته يعود إلى إرنست رينان. ففي عام 1852 أصدر كتاب “ابن رشد والرشدية”، الذي غطى جميع المواضيع التي تناولها ابن رشد فضلا عن استقبال العبرية واللاتينية لمؤلفاته وتعليقاته في القرن الثالث عشر وما بعده. ومنذ ذلك التاريخ شُغل به عدد من الباحثين الأوروبيين الذين عملوا على تحقيق نتاجه وترجمته والتعليق عليه.
وفي العالم العربي نشر فرح أنطون عام 1904 كتابا بعنوان “ابن رشد وفلسفته” أهداه كما جاء في مقدمته إلى الجيل الجديد من العقلانيين الذين أدركوا أن جذور الأمراض في الشرق هي نتيجة من نتائج الخلط بين الدين والدنيا. وأما علاج هذه الأمراض على حد قوله فيكمن في “الاحترام المطلق لحرية الفكر والتعبير” الذي لا يتحقق إلا في الفصل بين الدين والسياسة.
ويشير ماجد فخري في كتاب “ابن رشد: حياته وأعماله وتأثيره” الموضوع بالإنكليزية إلى أن فرح أنطون خاض بعد صدور كتابه سجالات دافع فيها عن العلمانية التي ربط بينها وبين العقلانية الرشدية كما فعل دانتي قبل قرون.
وقد حاول الشيخ محمد عبده تفنيد هذه الفكرة بالقول إن الدين الإسلامي لا يناهض العقلانية التي يعتبرها جوهر الإسلام. وأما العلمانية فقد رأى أنها تناقض نظرة الإسلام الشمولية للحياة.
وبالمقابل ظهرت مؤلفات لمثقفين عرباً من أمثال طيب تيزيني وحسين مروة ومحمد عمارة الذين رأوا في فكر ابن رشد أمثلة مبكرة على الفكر الماركسي والمادية الديالكتيكية والعلمانية.
كما كان لكتابات محمد عابد الجابري وعثمان أمين والأهواني وجورج أنواتي وجورج طرابيشي فضل تجديد الاهتمام به والإسهام في بلورة صورة نقدية إيجابية لصنيعه الفلسفي.
ومن المؤسف أن حوار مراد وهبة مع “الجديد”، حوار تحرير العقل، خلا من ذكر هؤلاء الباحثين والانطلاق من النقاط التي وصلوا إليها في دراساتهم.
لقد كان حوارا تعريفيا محضا، حوارا غير سجالي، يذكّر المرء بمونولوغ درامي يناجي الممثل فيه نفسه على خشبة المسرح. ولعل هذا هو الغرض منه على أيّ حال.