ابن‭ ‬اللحظة

الخميس 2015/10/01
لوحة: حسين جمعان

الشاعر لا ينفصلُ عن المشهد المحلي والإقليمي والدولي، فهو دائم التنقل بين ما يتغير في هذه المحاور الثلاثة بما تحويه من تحولات وصراعات، وعليه أن يأخذ موقفاً جريئاً تجاه الانتهاكات التي ترتكب بحق الإنسانية ليل نهار، ويجب أيضاً عليه استخدام كلمته كسلاح حر لا يخشى الملاحقة ويأبى أن تقمعه القوى الرجعية‭.‬

ومهمة الشاعر لا تنحصر فقط في نسج قصيدة تعالج موقفا ما بل تتسع هذه المهمة لتشمل التوعية وتشكيل جبهة من الشعراء والمثقفين للتصدي والوقوف في وجه الآلة الغاشمة التي تسيطر على مقدرات الشعوب سياسيا وفكريا واقتصاديا، فلطالما كان للشعراء موقف منذ العصور القديمة، ويتمثل ذلك على سبيل المثال في ظاهرة الشعراء الصعاليك الذين تكرر موقفهم في العديد من الشعوب والثقافات، ولا ننسى كمثال آخر الشاعر الإنكليزي لورد بايرون المتوفى عام 1824 الذي يعتبر بطلاً قومياً يونانيا لوقوفه في الدفاع عن استقلال اليونان عن تركيا، وكثير من الشعراء في التراث العربي الذين قتلوا بسبب مواقفهم السياسية‭.‬

ومن المهام المنوطة بالشاعر توحيد النفس الإنساني في القصيدة، وجعله متنفسا لكل التحرريين والتقدميين في شتى الأماكن التي تعاني من المآسي والويلات، وما أكثرها في العصر الحديث بسبب الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية لبعض الدول التي لا يهمها سوى بسط نفوذها الاستعماري الذي يتخذ شكلاً جديداً‭.‬

وعلى الشاعر أن يكون شعره لغاية الدفاع والتصدي من أجل الحرية والعدالة وليس من أجل التكسب وتحقيق أهداف شخصية‭.‬ وفي الآونة الأخيرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط أصبح لزاماً على الشاعر أن يظهرَ حقيقة ما يجري وطبيعة المؤامرة التي تجري هناك ضد الشعوب المسالمة التي تدفع ثمن الأجندات السياسية والإقليمية المختلفة والتجاذبات الدولية وتحقيق المنافع المادية‭.‬ وعليه صار لزاما على الشاعر الآن أن يكون ابن اللحظة وحامل لواء الصدق والتحرر‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.