"اجتماع الطيور" لجون كلود كاريار و"منطق الطير" لفريدالدين العطار

الجمعة 2021/02/19
“ابحثوا ولا تخافوا، يلزمكم الصبر”

تهب كثرة الحكايات الأدبية إلى الكاتب المسرحي اختيارا موسعا للمواضيع التي يمكنه إعادة إنشائها  لغايات مسرحية وهدفه صنع مشهد مسرحي. ويمكن أن نذكر في هذا المجال “اجتماع الطيور” العمل المسرحي للفرنسي جون كلود كاريار الذي رحل الشهر الماضي عن عالمنا والذي استوحاه من كتاب “منطق الطير” لفريدالدين العطار، وتمكن من استثمار الملامح المسرحية للأدب الفارسي القديم في مسرحيته المعاصرة.

حظي اقتباس أعمال التراث الأدبي القديم في ثقافات أخرى غير الثقافة الإيرانية، بنجاح، جعلها توحد الماضي البعيد بالراهن. وإلى حدود هذه الساعة لم ير النور أي اقتباس لروائع الأدب الفارسي في إيران. ومن المؤسف أنّ هذه الأعمال التي أنارت الآداب الغربية، أعيد نقلها في إيران دون أيّ تمشّ إبداعي لإعادة الخلق والاقتباس.

ويمكن اعتماد اقتباسين مثالا هما: “الخيميائي” وهو رواية فلسفية لباولو كويلو اقتبس من الحكاية العربية للمولوي، ومسرحية جون كلود كاريار “اجتماع الطير”.

ويضم المحور الأول من المسرحية خمسة حكايات، لم يخترها جون كلود كاريار حسب تنظيم “منطق الطير” ولكن وفق منطقه المسرحي واضعا الحكاية الأكثر درامية في المقدمة. ويجسّد دور الهدهد ممثل في بداية المسرحية يتقدم في بداية المشهد ويروي اجتماع الطير وسفرها.

ثم يتحاور الهدهد مع الطيور المجتمعة حول رغبتها في السفر إلى السيمرغ. وعندما قررت الطيور السفر ، فجأة سمع بينهم صوت العندليب. توقفت الطيور لتسمع هذا الصوت العذب. عبّر العندليب عن حبه للوردة حتى يبرر عزوفه عن السفر. فيحذّره الهدهد ويخبره أنه عاشق لجمال زائل وقتي.  وفي نهاية هذا الفصل ينصحهم الهدهد بترك أعذارهم والسفر نحو السيمرغ.

فنسمع عندئذ رقة حفيف أجنحة الطيور في حركة متناغمة مضيئة. ينفصل الهدهد عن سرب الطيور ويتقدّم مفسرا للمشاهدين أن الطيور مطالبة بأن تعبر صحراء جمر لا نهاية لها. وفي هذه المرحلة من السفر، يدرج كاريار شخصيات أخرى، ستعترض طريق الطيور منهم الشيوخ الروحانيون.

منذ ذلك الحين، لم يعد الهدهد فقط هو من يقدّم المغامرة، لكن شخصيات جديدة مأخوذة من حكاية منطق الطير، تدخل إلى المسرح وتتكلّم عن أنفسها وعن مغامراتها. وقد اختار كاريار في هذا الفصل ست حكايات بين أكثر حكايات “منطق الطير” غرابة والتباسا.

وتصل الطيور إلى الوادي الأول فيخاطبهم الهدهد قائلا “ابحثوا ولا تخافوا، يلزمكم الصبر”. ويظهر رجل يبكي ويغنّي يغربل الأرض، نظرت إليه الطيور بفضول، وسألته ماذا يفعل، أجابهم “أبحث عن سيدي”. ويفسر الهدهد للمشاهدين أنّ أغلبية الطيور تتوقف في هذا الوادي غير قادرة على المواصلة.

وفي نهاية هذا الفصل تدخل الطيور إلى وادي الفناء، ويذكر الهدهد غرائب الموت، وتطرح الطيور الأسئلة حول غرابة الموت والعدم. فيشير الهدهد إلى ركن من المسرح لتنظر إليه، وفي هذه اللحظة يظهر ممثل من مسرح الظل ومساعده يحملان شمعة وستارا وفراشات من ورق ويبدآن المشهد.

يحكي أقصر فصل تجمّع الطيور في ساحة السيمرغ. وقد اختار كاريار في هذا الفصل أن يسلط الضوء فقط على الحكاية الأساسية لمنطق الطير، وهي لقاء الطيور بالسيمرغ.

في الواقع، يضع كاريار مثل العطار ذروة الحكاية في هذا الفصل، ويتلاعب العطار أيضا بالكلمات فكلمة سيمرغ تعني أيضا الثلاثين طائرا بالفارسية، لكن هذا التلاعب لا يمكن التعبير عنه في اللغة الفرنسية.

الاختلاف بين منطق الطير ومؤتمر الطيور لكاريار

جون كلود كاريار أثبت تمكّنه من تقنيات الرواية الشرقية
جون كلود كاريار أثبت تمكّنه من تقنيات الرواية الشرقية 

إنّ المشترك بين الأثرين هو قصة حكاية الطيور المسافرة نحو ملكها السيمرغ بقيادة الهدهد. لكن توجد اختلافات بينهما. منها نقاط البداية وطريقة تضمين الحكايات في ثنايا النص، والنهايات. وقد كانت المسرحية تفرض هذه الاختلافات.

الفارق بين البداية والنهاية، ففي حكاية العطار تتمثّل البنية العامّة للأثر في ما يلي:

– تقديم الطيور

– اجتماع الطيور.

– حكاية السيمرغ وأعذار الطيور.

– أسئلة الطيور للهدهد.

– حرج الطيور وأعذارها لتعدل عن السفر ثم إجابة الهدهد.

– عبور الأودية السبعة.

– قصر السيمرغ.

وفي مسرحية كاريار، وبعد تجمع الطيور يصف الهدهد السيمرغ. ثم يطرح كل طير سؤالا، أو يشرح أسباب اعتذاره عن السفر. فمن ناحية يكتشف المخاطب في هذه الحجج، شخصية كلّ طير، وفي جزء آخر يتّم ذكر الأعذار المتبقية للطيور وأجوبة الهدهد. وبعد هذا التبادل تبدأ الطيور سفرها في الصحراء اللامتناهية، وعندما قطعت الأودية السبعة ظهرت لها أرواحها كما في صورة المرآة.

وفي بداية منطق الطير يتّم تقديم الطيور وفق مقاربتين: مجموعة من خمس مقاطع ثنائية تصف خصائص الطير الظاهرة والخرافية. (ماعدا الصقر الذي كتب مديحه على حدة في عشرة أبيات) ورسم كل طير في شكل رمزي. كما تمّكن بعض النوادر، من العودة إلى ذكر كلّ طير وخصائصه الجسدية وأعذاره وتعلاّته. ففي “اجتماع الطير” يتّحد نوعا الوصف ويكتشف المتفرّج الخصائص والرغبة الدفينة لكلّ طير، من خلال الأسئلة التي طرحها الهدهد.

وهناك أيضا اختلاف آخر في نهاية مسرحية كاريار ميّزها عن منطق الطير وهو:

ففي الأثر الأصلي للعطار، ثلاثون طيرا فقط وصلت إلى السيمرغ، وفهمت أنّها هي نفسها صورة للسيمرغ الحقيقي.

وأما في اجتماع الطيور، فعدد الطيور الذي وصل غير محدد، وكل طير يلمح كيانه في المرآة ويفهم أنّه هو نفسه السيمرغ. كذلك وقع محو بعض المقاطع من المسرحية. فعند تبنّي أثر أدبي من الجائز أن تحذف بعض الأجزاء الأقلّ أهميّة، وهو الأمر الذي حدث في “اجتماع الطيور” لكاريار، ومن الأسباب ما يلي:

بعض حكايات منطق الطير هي خاصة بالمنطقة والثقافة وعصر الشاعر، حيث نجد بعض العناصر التي لا يمكن ترجمتها، كما هو الحال في الحكاية التالية: سأل مريد شيخه يوما “كلّمني عن الله وعن حضوره ووجوده”. فأجابه الشيخ “اغسل وجهك أوّلا، حينها يمكن أن أجيبك”.

كيف لمسرحي فرنسي من ثقافة مختلفة، أن يترجم ويكون وفيا للنص وإشارات خاصة بالتصوف الفارسي يعود إلى قرون عديدة. ففي المثال المذكور، نجد فكرة “الحضور” بالمعنى الصوفي و”الطهارة” بالمعنى الإسلامي الشرعي. ويوضح هذا المثال أنّ كاريار لا يستطيع ترجمة كلّ حكايات منطق الطير في مسرحيته.

كما حذفت عناصر أخرى من المسرحية  لخلوّها من العناصر الدرامية (شخصيات – مواضيع- حوار) وهي عادة مقاطع قصيرة وعميقة ومغنّاة ليتّم الإلحاح على مضمونها ولنا المثال التالي:

“في إحدى الليالي كان عاشق طوس الذي يعرف كلّ الأسرار، يخاطب أحد مريديه فيقول له: تحرّر! احترق! استهلك جسدك وقلبك حتى لا يبقى منك سوى شعرة سيزرعك الصديق عندئذ  في شعره اللامتناهي هكذا يفعل بمن يسلمون أرواحهم لجنون الحبّ المطلق”.

يفتقر هذا المقطع إلى الإلماحات السردية، فهدف العطار كان العودة إلى مفهوم صوفي عالجه في شكل حكمة في فم زاهد.

نقاط ضعف.. مسرحية مؤتمر الطيور

لدى مسرحية كاريار القدرة على جذب المشاهدين في عدة بلدان. ومع ذلك فإنّ هذا الأثر يحتوي نقاط ضعف مقارنة بالنص الأصلي. وبعض نقاط الضعف ليست نتيجة إهمال من كاريار، لكنّها مقتضيات اللغة والاختلاف الثقافي ومتطلبات العمل المسرحي. ونقدّم أمثلة على ذلك. فمن أروع حكايات منطق الطير حكاية الشيخ صنعان. ورغم أنّ هذه الحكاية لم تكن مبتكرة من العطار، فقد تمكّن بطريقة فنّية من استثمار كلّ الحكايات السابقة وأدمجها في حكايته. إنّ الشيخ صنعان، متصوّف ناسك زاهد لأربعمئة مريد:

“كان في قديم الزمان في صنعاء شيخ

يعتبره الجميع معلّما مثاليا

قضى خمسين عاما في الزهد – ليل نهار –

مع مريديه الأربعمئة في حضن الله

حلم الشيخ صنعان يوما أنّه سافر إلى الشرق المسيحي

“حلم أنّه سافر حتى اليونان ونزل في مدينة يجهل عنها كلّ شيء وعشق فتاة حدّ الافتتان

فقال ذلك المعلّم في نفسه: وا خجلي!”.

وفي النهاية تحقّق الحلم إذ عشق فتاة مسيحية.

“وعندما أزاحت الخمار عن وجهها، ووجد الشيخ نفسه مقيّدا من الرأس إلى القدم بنيران عشقه”، يترجّاها، لكنّها تشترط عليه أربعة شروط فتقول “إذا أردت أن تصير معشوقي إليك شروطي:  اعبد الصنم ثم احرق القرآن واشرب الخمر، أريد أن أراك ثملا. وفي النهاية  احرق إيمانك في النار”.

وافق الشيخ العاشق، وحقّق  شروط معشوقته. ثم تخبره الفتاة المسيحية أنّها تريد مهرا غاليا، فتقول “أيها الشيخ العاشق مهري ثمين، لتملكني يجب أن تدفع الثمن ذهبا، فهل تملكه؟ يجيب الشيخ “لا”. فتقول “إذن ارجع من حيث أتيت”.

انزوى مريدو الشيخ مدة أربعين يوما يدعون لشيخهم. حينها ظهر الرسول في منام أحد أشدّ أتباع الشيخ طاعة وأخبره أنّه سينجو من فخ الفتاة المسيحية، وقال له “أنت الذي ناديتني يا رجل العلم الغزير، اذهب دون خوف، فأنت الآن حرّ، قد حرّرتك رغبتك وقوة عشقك شيخك من قيده”.

وتحرّرت الفتاة المسيحية في نهاية الحكاية، واعتنقت الإسلام وانتهت الحكاية بموتها حبّا في الله، حيث قالت للشيخ “حبيبي نفد صبري، لا أتحمل البعد عنه، أفارق هذا العالم الذي لا يطاق، الموت ينتظرني وما بيدي حيلة، معشوقتك تفارقك، سامحها ودعها تلاقي مصيرها”.

هذه الحكاية التي تحتلّ مساحة كبيرة من منظومة “منطق الطير”، لم يستعدها كاريار لأنّه لم يكن بالإمكان اقتباسها في مسرحيته .وهذا الحذف هو متواتر في الاقتباس الأدبي في الثقافات المختلفة. وهذه بعض الأسباب التي جعلت كاريار يتجاهل هذه الحكاية:

خصائص لغوية

بعض حكايات منطق الطير هي خاصة بالمنطقة والثقافة وعصر الشاعر
بعض حكايات منطق الطير هي خاصة بالمنطقة والثقافة وعصر الشاعر

أسلوبيا يكمن أحد مواطن الجمال في “منطق الطير” في الوصف الواقعي والشعري في آن والذي ينتهجه العطار في كامل المنظومة مثل وصفه لجمال الفتاة المسيحية “إلهي هي فجر صباح جميل، تحت هدبها المقوّس كهلال القمر كانت نظرتها تأسر الروح دون رجعة. وكلّ من يتأمّلها يتوه ممزقا من عشقه ويفوح شعرها بالمسك المعطر فيعطّر الريح الزرقاء.

منعت الإكراهات اللغوية كاريار من تضمين هذه الحكاية في مسرحيته. فهذه الأوصاف مفهومة لدى الفارسي الذي يعرف الثقافة ومرجعيّاتها الجمالية والشعرية التي طرحها العطار. فالعطار مثلا جعل ريح سبأ تثمل من عطر المسك الذي يفوح من شعر الفتاة المسيحية. فترجمة هذا البيت لا يمكن أن تتحقّق ولا يمكن للكاتب أن ينقل هذا النفس الشعري العاشق والمعنى الحقيقي لريح سبأ بالفارسية.

أحد أجمل مقاطع حكاية الشيخ صنعان هي حواره مع مريديه يرويها العطار بشكل مذهل:

قال له أحدهم: توضأ يا شيخي فسيذهب عنك هذا الوسواس.

قال الشيخ: اخرس توضأت مئات المرات بدمعي ودمي منذ أن طلع القمر.

فقال له آخر: سبّح سيساعدك التسبيح.

فأجابه: لقد رميتها ووضعت الزنار المسيحي بدلا منها.

إذا ما أردنا ترجمة هذه المحاورة بين الشيخ ومريديه سنكون مجبرين على قلب الأشكال ونخسر بذلك جمال الأبيات الشعرية. مع ذلك فمحاورات حكاية الشيخ صنعان لها ميزة مسرحية. وحتى إن ترجمناها مجزّأة فيمكن أن تحافظ على روحها من وراء شكلها البسيط.

الخصائص الثقافية واللاهوتية

تختلف العناصر الثقافية والنماذج اللاهوتية للمجتمعات البشرية، فحضورها في آثار بلد ما يؤسس عائقا يمنع من اقتباسها في ثقافات أخرى، لأنّها تحمل خصائص مرجعيات بيئتها الثقافية. هذه الحقيقة منعت كاريار من استعمال بعض حكايات منطق الطير مثل حكاية الشيخ صنعان، خاصة عندما وضعت الفتاة المسيحية أربعة شروط للشيخ ليصبح معشوقها. فلو أنّ كاريار استعمل هذه الحكاية هل كانت ستفهم من قبل المسيحي باعتبار أنّ بعض تلك الشروط ستكون بلا معنى لديه؟

كان بإمكان كاريار أن يجد مرادفات ثقافية فرنسية مسيحية مثل تعويض حرق القرآن بحرق الإنجيل، أو إبراز تحريم النساء على كاهن مسيحي.. إلخ.

لكن لعلّه أراد نشر نصّ العطار بعيدا عن الظاهرة الدينية والثقافية وعن الخاصية اللغوية.

لغة المسرح عالمية ويمكنها أن تقيم علاقات بين الشر في كلّ الثقافات. فيمكن أن تسافر أغلب الأعمال الثقافية من خلال المسرح، وهو أكثر قدرة على الاقتباس من الكتب. فضلا عن ذلك هناك تأثير متبادل بين الحضارات والآداب الغربية والشرقية واضح جلّي. ففي مؤتمر الطير يحدث كاريار خليطا من القيم الدرامية للأدب الفارسي القديم والمسرح المعاصر.

وقد مثّلت مقطوعات من منطق الطير في عدة مسارح سابقا، لكنّ كاريار أوّل من استخدم القيم الدرامية في منطق الطير وأدرك الإكراهات الثقافية واللغوية ليخرج لنا عملا متفردا بالاشتراك مع المخرج المسرحي بيتر بروك. إنّ الأسلوب الجامع للمسرحية ولمنطق الطير متقارب، فعن طريق خلق لعبة الحكايات المرتبطة بالحكاية الأصلية، وجد كاريار طريقة لإدماج أثر العطار في المسرح. وهناك حكايات قصيرة مجردة من القيم الدرامية وقع حذفها أو إعادة هيكلتها. فجون كلود كاريار أثبت أيضا تمكّنه من تقنيات الرواية الشرقية وتضمين الحكايات بضمها لمسرحيته في شكل المسرح داخل المسرح.

تعليق

بعد أن أنهينا ترجمة هذه الدراسة المقارنة يحق لنا قراء وباحثين أن ننظر نظرة نقدية في فحوى الدراسة ونباشرها بنظرة نقدية عربية بوصفها شكلا من الكتابة عن الترجمة. ولعلّ أوّل ما يطالعنا في هذه الدراسة هو العامل الأجناسي، فنحن أمام دراسة مقارنة بين منظومة شعرية رائدها العطار ومسرحية معاصرة رائدها جون كلود كاريار. فنحن إذن إزاء اختلاف أجناسي. ومن خصائص المسرحية أن تكون “عالما مستقلا قائما بذاته” [1]. وبذلك لا يمكن أن تحمل المسرحية خصائص المنظومة الشعرية لأنّ المسرح “فن خالص لا يقنع بغير الإيحاء. ومن هنا كانت الكتابة للمسرح عملية خلق لا عملية تعبير فالتعبير عملية نقل لما هو موجود بالفعل، أمّا الخلق فعملية تحويل ما هو موجود الى كائن جديد” [2].

العامل الثاني أنّ أصحاب المقال اعتمدوا على أثر مترجم عن الترجمة الفرنسية لمنطق الطير وهذا بدوره كان ترجمة عن الترجمة الفرنسية، أي كأن ترجمة من الدرجة الثانية. فهناك ترجمة أولى لمنطق الطير بالفرنسية لصاحبها. وقد تكون أخذت من الترجمة الفرنسية الأولى لمنطق الطير للكاتب الفرنسي قارسان تاسي بعنوان le language des” oiseaux ” وقد اقتبست مسرحية كاريار من كتاب “اجتماع الطير لهنري قوقو «la conference des oiseaux» وهو عمل متبن لمنظومة منطق الطير وقد اعتمد عليه المقال في بيان أوجه الاختلاف بين مسرحية اجتماع الطيور ومنظومة منطق الطير. فنحن إذن إزاء دراسة مقارنة لترجمة من الدرجة الثالثة وهذا ما يفتح المجال واسعا نحو دراسة مقارنة بين الترجمة العربية لمنطق الطير والتّرجمات الفرنسية التي كان آخرها مع الكاتبة ليلى أنفار حتى نتبيّن معالم الثبات والتحول بين هذه الآثار .

أما حكاية الشيخ صنعان التي تناولها المقال وبين أنّ كاريار لم يقتبسها في مسرحيته فهو ما نراه غير ممكن التحقق في المسرحية، لأنّ هذه الحكايات كانت ضمن ما يسمى بتقنية التضمين في الأدب، وهو أمر مرفوض في المسرح لأنّه سيشتت اهتمام المتفرج عن الحكاية الأصل.

المقال ترجمة من الفرنسية لـ”دراسة مقارنة لمنطق الطير لفريدالدين العطار النيسابوري واجتماع الطير لجون كلود كاريار” لمحمد بن مفار ومحسن زمانيان وسمية خالدي.

 [1]  -رشدي رشاد “فن كتابة المسرحية”- الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1998- مصر- ص23.

[2] المرجع نفسه – ص 23.

http://www.teheran.ir/spip.php?article2054#gsc.tab=0 « Etude comparée du Manteq-ol-Teyr

de Farideddin Attâr Neyshâbouri et de La Conférence des oiseaux de Jean-Claude Carrière », revue TEHERAN ,N° 113, avril 2015

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.