الإبداع لا حدود له
نعيش حالة من الفوضى عقب إطلاق أحد المنصات فيلم من إنتاجها وهو النسخة العربية من”perfect strangers”، في البداية كانت الأمنيات الكبيرة لفيلم يضم كوكبة من النجوم العرب مجتمعين لكن ما حدث كان على النقيض تماماً فقد انقلبت الأماني على ظهرها لوجود بعض المشاهد الجريئة، عدد من الألفاظ غير الدارجة بثقافة أفلامنا أو بالأحرى كانت غير مرخص لها رقابيا وطرح بعض القضايا الحساسة!
السينما تأريخ للعصر
الفن هو مرآة للمجتمع الذى نحيا فيه، هو خير دليل عما تمرّ به كل الفترات منذ بعض الأفلام بالخمسينات حيث أظهرت الطبقية وكيف انهارت الملكية على أيدي ضباط أغلبهم من طبقات دنيا، كانت خير شاهد على أحداث تلك الفترة ليظل بالذاكرة تاريخ لن ينسى مرورا بكل أفلام تلك الحقبة التي عبرت عن طبيعتنا المصرية بكل “شياكة” كما اعتاد أهلها لتحل بعد ذلك فترة الستينات التي اختلفت فيها نوعية الأفلام المقدمة متماشية مع السياسة بذات الوقت لتظهر الكوميديا بصورة جلية وعدد من الأفلام غير الجيدة وتبرز حال الكتابة بتلك الفترات عدا قليل من الأعمال الجيدة، لنمر بالفترة التالية ومنظور آخر وعهد سياسي جديد وانفتاح يضج بالعديد من المفارقات، حرب من أجل التطهير وتداخل بين الشعوب العربية أسفر عن كم وفير من الأعمال الجيدة وتضاعفها أعمال مخيبة لكل الأعراف والتقاليد لكنها لم تكن سوى مرآة لواقعها.
هو الواقع ما يرسم الروايات وطريقة الكتابة بكل الفترات لكن تبقى الأعراف والتقاليد التي تحول دون إتمام صفقة عمل جريء من الممكن جدا له الوصول إلى درجة الامتياز في حال جرى تناوله بطريقة مختلفة.
أفلام وقضايا
على مدار فترات سينمائية طويلة تكاد تقفز من نادي المئوية، تناوبت السيناريوهات وتبدلت لتخرج لنا أكثر ما في جعبتها ومنها على سبيل المثال: البريء، احنا بتوع الأتوبيس، الكرنك، زوجة رجل مهم، ضد الحكومة، ناجى العلى، الارهابي، شيء من الخوف،…. غيرها كثير من الأعمال التي تناولت قضيتها بكل جرأة دون المساس بذلك القابع أمام الشاشات، واضعا أمام عينه القصة بكل تفاصيلها وصولا إلى النهاية التي قد تكون واقعية، خيالية من وحى كاتبها أو مفتوحة كحال الحياة لكن في النهاية خرج وهو مقتنع ويحاول التفكير بما شاهد.
أين تكمن المشكلة؟
من المعروف أن الابداع ليس له حدود وأن صاحب الأفكار ينتزعها من براح خياله لكن ما أسباب ذلك التخبط، لم انتفض الكل عندما استفاق على خيبته جليه أمام ناظريه؟
هل لأننا لا نريد أن نواجه واقعنا؟ أم أننا فزعنا من هول ما نحيا فيه من مساوئ الزمن، حتى بتنا غير قادرين على مواصلة خرق المحظور، وتناول القضايا الشائكة والإخفاقات التي تواجهنا بصورة يومية، حالة من الهلع باتت رافضة لكل أنواع العنف الفكري الذى نحياه بمقابل هدنة صغيرة كي نستطيع تقبل الحياة والعدو السريع بها دون حدوث ما يمكننا توقع حدوثه.
عدد كبير من القضايا والأمور الهامة تتواجد على الساحة وأصبحت تفرض حالها بكل قوة، هل من الطبيعي أن نغض الطرف عن كل تلك المهام ونظل متشبثين بكل ما هو “ترند”؟ ألهذا الحد بات الاحتراف وجه واحد لتجسيد الانحرافات السلوكية الغريبة والشاذة عن مجتمع صار ما لا يدركه أكثر ما تربى عليه.
حالة من اليأس باتت تعتصر الجميع إثر ذلك التضارب بالآراء، اليوم ليس كل ما هو غير مستقيم خطأ فالأمر قد يحتمل الجوابين وكأن عصر الديمقراطية قد فتحت نوافذه فقط من أجل الحرية، للحرية كلفظة وليس للحرية كمعنى وممارسة.