الرسالة المثلى للرواية

الجمعة 2016/04/01

إزاء ما يحدث من عدم، يتشبث الرّوائيّ بتلابيب الوجودية، فالكتابة وسط برك الدّم واختناق أزقة المدينة بصيحات الفناء مسألة مقدسة فالرّوائيّ نبي منقذ لأولئك الناجين من شرك وجبة الموت التي يقدمها الساسة ورجال الدين معًا.

رفع درجة الوعي هي الرسالة المثلى للرواية، وفي ظلّ نزاع الوجود والعدم تسود العبثية وتخلو الحياة من رائحة الأحباب والخلاّن ومن الوطن بأسرة خلوًا من النفس الإنساني وحلول الكراهية التي لا تقيم للحياة وزنًا فتعجّل بموت من لم يمت فعلًا دافعه إيمان راسخ بأنه ذلك الطفل السوري الذي يكفكف دمعات والده، وتلك الأم التي تحتضن وليدها على قضبان القطار البارد، لا حاجة له بالخيال، فالواقع يرسم ألف حكاية سوداوية ما لها نهاية، كل تلك الشخوص بحاجه إلى متكلم إنساني يرسم لهم على جدران المنفى جوهر الوجود فعقول الناجين ملّت من طلاسم المستبدين وتحريفهم المقيت لسيرة الحياة. والرّوائيّ وسط المشهد يلمّ شتات قلقه ثلاثي الأبعاد “رجل الجمال” “رجل الأخلاق” “رجل الدين”، ففي اتساع دائرة العدم تمتد المشاعر حلمًا مبتور الجذور يعانق الغيم المبعثر.

يدلف قلعة العبثية ليرفع رايات التصالح مع الموت المؤجّل ومع الدنيا التي لا بد أن يعيشها الإنسان حرًا دون قيود ودون هواجس ودون أنماط مسبقة، لحظة الدّم، لحظة انهيار وسقوط مهيب للدموع ورجفة البدن. ينتحب الجميع إلا الرّوائيّ، يغمس ريشته في بركة الدّم ليرسم شهادته على جدار التاريخ “كن حرًا، فالموت يخشى الأحرار”.

وبقرطاسه يكتب على قارعة الطريق كنت ألعب مع عليّ وجوزيف ورباب لعبة الاستغمّاية “واحد طيش، اثنين طيش”، وعلى منضدة المقهى آباؤنا يتسامرون ويضحكون من براءتنا، وأمهاتنا على الشرفات ينثرن الضحكات ويتبادلن أطباق الحلوى “تأبريني ما أحلى الكنافة من إيدك” هكذا كان الوطن قبل أن يتسلط رجال الدين والسياسة ويغلقوا المقهى والشرفات والمدارس والحياة والوطن بالشمع الأحمر.

أنا وأنت والحياة ثلاثة.

والمستبدان اثنان ثالثهما الشيطان.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.