الشاعر يصنع عالما جميلا
مع الأسف يعيش العالم اليوم حالة من الفوضى، في ظل الحروب والمكاسب التي يحققها تجار الأسلحة من ورائها، أدى ذلك إلى ضعف المنظومة الاقتصادية للدول المستوردة لتلك الأسلحة، مما أدى أيضا إلى انتشار الجهل والفقر، لعدم قدرة بعض الدول على تلبية طلبات واحتياجات شعوبها وتهيئة حياة كريمة لهم، ومع انهيار المنظومة الداخلية للدولة يضطر شبابها إلى الهجرة بحثا عن حياة كريمة، حيث انتشار الفساد والفقر وعدم قدرة الحكومات في الإمساك بزمام الأمور في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، وانتشار الفساد في منظومة الحكومة نفسها، وكانت النتيجة شباب يغرق في البحر، وشعب يموت تحت الأنقاض، وتشرد البعض، إضافة إلى انهيار منظومة القيم. فكيف يمكن إصلاح ذلك، وفي ظل كل هذا الخراب، وما هو دور الشاعر وماذا يكتب كي يعيد ما خربه الساسة وخرّبته الحروب، وخرّبه الفساد؟ إلى غير ذلك من ألوان الخراب المتعددة.
يحضرني قول للشاعر الجنوبي فتحي عبدالسميع معبرا عن دور الشعراء في وقتنا الحالي في قصيدة له حيث يقول:
نحن الشعراء.. أفراس خضراء
لكن الأفق أمام سنابكنا درقة
نحن الشعراء..
عشاق فقراء.. مسجدنا الليل
نتكئ على سلمه كل حنين.. ونسمر في قبته الحدقة
ننتظر مرور النجم الطيب
لنتمتم بالدعوات ونلقف من كفيه الصدقة
نحن الشعراء المنفيون جنوب الوقت
نلعن كل خراب
ونعيد صياغة هذا العالم فوق الورقة.
من هذا المنطلق أستطيع أن أقول: إنه ليس للشاعر سلطة، ولكنه يمتلك سيفا اسمه القلم، يعبّر به عن حالة تلك الفوضى، داعيا إلى التمسك بالقيم، ونبذ الفرقة، ومحاربة الفساد، وكشف الزيف، فالشعر إذ لم يكن له هدف، والشاعر إن لم يكن له قضية يدافع عنها، فلا داعي للكتابة.
فالكتابة هي السلاح القوي ضد أيّ تزييف أو ضد أيّ محاولة للعبث بمقدرات الوطن وبمنظومته المتكاملة فكريا وثقافيا وأخلاقيا وسياسيا واقتصاديا، ويشهد التاريخ أن كتابات عبدالله النديم كانت محركا للثورة العرابية، وكتابات الأفغاني ومحمد عبده في العروة الوثقى كان لها دور في مناهضة الاحتلال الإنكليزي لمصر، ومحاربة الفساد، فالشاعر له دور كبير في توصيل رسالة تحمل معاني جمالية عظيمة تدعو إلى العودة للقيم ونبذ كل ما يشوّه الوجود الذي خلقه الله تعالى لننعم به ونحافظ عليه ولا نخربه.
