الكلمات‭ ‬والرصاص

الخميس 2015/10/01
تخطيط لـ حسين جمعان

ليست هناك مهمة للشاعر برأيي غير الكتابة بالمطلق‭..‬ الكتابة بغض النظر عن الهدف أو الموضوع ‭..‬ إنه الإحساس باللحظة كلحظة‭..‬ ما يحصل من جرائم باسم الحرية أو التواطؤ مع الطغاة، أو الذبح باسم الدين، الموت على اليابسة أو في البحار البعيدة ليست فقط من باب سقوط القيم، فالحرية أبعد من كلمات والشاعر ضعيف عند خسارة وطنه‭..‬ فما يملكه كلمات مقابل الرصاص الحي وهدير الطائرات‭..‬ لا مفر من الحرب والشاعر غالبا ما يفقد عبثيته في الشوارع المزدحمة بالقنابل‭.‬ مشهد الموت يحيله ساهما بأفكاره‭..‬ الصراع على الأرض لا يشبهه‭..‬ كوابيسه تتكرر وهو ينأى بنفسه عن مفارق الطرق‭.‬ الشاعر المختلف يكتب عن الحياة كهباء شامل‭..‬ عن الفراغ الذي يحيل الأرض جرداء‭..‬ وباء قد نسميه قصيدة أو عواء أو راية بيضاء في زمن العقول الخفيفة والطائفية التي جزّأت النفوس قبل الأوطان‭..‬ القصيدة الحقيقية هي التي لا تشبه كلماتها المكان بل الزمن حتى بأرشيفه الأبيض والأسود‭..‬ الزمن بدلالاته المتداخلة مع المرايا والتي تعكس كيف تورط الإنسان بالحروب سواء أكانت نفسية أو مادية‭..‬ الشاعر هنا يتجاوز هو الذي يتجاوز الوعي الجماعي‭..‬ إنه المتفرّد في دخول المتاهة والخروج منها بقدر واف من الفوضى والتشوش والاتجاهات المتعارضة‭.‬ سأخبرك المزيد‭..‬ فقدان الوطن يكون أسهل أحيانا من تلك القصائد الرديئة التي يرددها بعض الشعراء في المناسبات الرسمية والتي تخلو من صورة شعرية واحدة تدل على الموهبة‭..‬ إما أن تكون القصيدة حاسمة ومنحرفة بالمعنى النفسي والفلسفي للكلمة وإلا فلا جدوى من تركيب جمل لمجرد الموسيقى أو التعبير بطريقة مباشرة قد تشبه الموضة التي تتبدل حسب أمزجة المصممين‭..‬ ولكي نتجاوز المرحلة علينا أن نخلع رؤوسنا بما فيها من كلمات متشابكة وننتعل نقيضها في محاولة لترك علامة على الأبواب تدل الهاربين على السفن المناسبة‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.