المختصر

الأحد 2019/09/01
إصدارات جديدة

1- السعادة الموعودة

فيليب بيوي
فيليب بيوي

ما انفك دعاة التقدم بواسطة التقنية والعلم التطبيقي يَعِدون الناس طوال قرون بسعادة الغد، أو بعد الغد في أقصى الحالات، ثم عقبتها الثورة التكنولوجية الرقمية لتؤكد تلك الوعود بعالم أفضل ملؤه السعادة والرخاء للجميع، وغد يبشّر بالخلود وغزو الفضاء والقدرة على تصليح قارة منهكة. كل ذلك ينقضه المهندس الفرنسي فيليب بيوي في كتاب “كانت السعادة للغد”، بوصفه واقعا يجهل متطلبات العالم المادي وموارده المحدودة، ويقترح تغييرا يقوم على أنماط اقتصادية جديدة أكثر دائرية تعتمد على أعمال بسيطة يؤديها المستهلكون الناشطون للخروج من جمود المنظومة وتسلّط القوى المهيمنة. فالشرط عنده أن نبدأ بكنس الوعود الزائفة التي لم تتحقق لا ماضيا ولا حاضرا، لنضع أقدامنا على الأرض ونشرع في اتخاذ إجراءات بسيطة ولكنها عملية، على كل الأصعدة، لتحقيق ما نروم تحقيقه. بعد “كارثة المدرسة الرقمية، دفاعا عن مدرسة بلا شاشات”، يؤكد بيوي في كتابه الجديد على أن الأمل في إنقاذ كوكبنا لا يزال قائما، ولكن ذلك رهين تغيير السلوكيات.

2- الخطر الوشيك

 

ما يثار عن الاحتباس الحراري اليوم واضح منذ 1979، وربما بشكل أفضل، فقد وقع الحسم في أهم ملامح المشكل، وكان المتخصصون يعملون لتفادي الكارثة. في كتاب “تضييع الأرض” يؤكد الأميركي ناثانييل ريتش، الصحافي بجريدة نيويورك تايمز، أنه كان بإمكاننا إنقاذ الأرض قبل ثلاثين عاما، ولم نفعل، لأن كوكبنا أخلّ بموعده مع المناخ، رغم جهود كثير من “مطلقي الإنذار”، المتناقضة حينا، والمتطابقة حينا آخر، دون القيام بما من شأنه إيقاف التغير المناخي، حتى اعتاد الجميع على انتظار الدمار المحتوم. “تضييع الأرض” الذي صدرت ترجمته الفرنسية هذه الأيام، وثيقة للتاريخ، تاريخنا، سرد ممتع يدعو فيه الكاتب قارئه إلى مائدة المفاوضات ليُسمعه صيحات الإنذار، والسكوت المريب، والمماطلات، وقوة الجمود والتخلي، وصولا إلى وشك وقوع الكارثة. هي حكاية الفرص الضائعة والتقييم الدقيق والمفصل للطريقة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم، وما يمكن أن نفعله لتدارك ما جرى، قبل فوات الأوان.

3- الجسد المصنوع

جديد الفيلسوفة الفرنسية سيليان أغاسينسكي كتاب بعنوان “الإنسان المفصول الجسد: من الجسد الطبيعي إلى البدن المصنوع” تبين فيه كيف أن إنسان هذا العصر يريد السيطرة على الطبيعة، وتغيير طبيعته نفسها، والتخلص من الجسد والموت والجيل المجنَّس. فبفضل القوة العلمية والتقنية صار بعضهم يحلم بتغيير جسده وإنتاج خلفته في المختبرات. وتتساءل هل سيصبح إنسان الغد بلا جنس محدد، ويولد بلا أب وأم. تقول الكاتبة “جسدنا ملك لنا ولكننا لا نملكه كمتاع يمكن إعطاؤه أو بيعه، كما نفعل ببيت أو سيارة أو دراجة. هذا الخلط تغذيه عمدا أيديولوجيا ليبرالية متطرفة تريد إقناعنا بأننا يمكن أن نتنازل عن أجسادنا ما دامت ملكا لنا”. كتاب يحذر من مخاطر الليبرالية المتطرفة التي تعتبر كاليفورنيا مركزا لها، ومن انحرافات البيوتيقا.

4- العبودية عبر التاريخ

 

آلان تيستار
آلان تيستار

“مؤسسة العبودية” مقاربة عالمية لتجارة العبيد نشره عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي ألان تيستار منذ أعوام وأعيد نشره مع تنقيح وإضافات لفاليري ليكريفان. في هذا الكتاب يبين تيستار أن مفهوم العبد ما انفك يتغير عبر العصور والأمصار لا يقرّ له قرار، ولكن يظل يحمل معنى الإقصاء، فهو مقصى من مدينة المجتمعات القديمة، ومقصى من القرابة في مجتمعات الأنساب، ومقصى بوصفه رعية في المجتمعات الملكية، فالإقصاء من إحدى العلاقات الاجتماعية التي يعتبرها المجتمع أساسية هو الذي يميز العبد عن بقية أشكال التبعية والاسترقاق. وتحت العبودية تكمن مسألة السلطة، إذ ثمة في نظر الكاتب صلة مباشرة بين العبودية وظهور الدولة، التي تسمح لنفسها باحتكار العبيد، أمام سلطات منافسة، أيا ما يكن نوعها، سواء كانت اقتصادية أم لا. ما قاده إلى التأكد، اعتمادا على وثائق مرجعية عديدة، من أن المجتمعات الأقل مركزية، والأقل تراتبية، التي يفترض أنها أقل اضطهادا، هي التي توجد فيها أبشع أنواع العبودية. بينما تكون ظروف الاستعباد أقل بشاعة في المجتمعات الأكثر استبدادا وتسلطا.

5- جنون الفلسفة   

 

من القضايا التي تشغل الوسط الجامعي اليوم الجندر والحيوان والبيوتيقا، ولكن عندما نقرأ النصوص المؤسسة للمتخصصين في هذه المواد أمثال جون موني، جوديث باتلر، بيتر سنغر، ودونّا هاراوي، نلاحظ أن وراء العواطف النبيلة المعلَنة عواقب عبثية إن لم تكن مرذولة. إذا كان الجندر غير مرتبط بالجنس فلماذا لا نغيره كل صباح؟ وإذا كان الجسد طوع وعينا، فلماذا لا نحوّره إلى ما لا نهاية؟ وإذا لم يكن ثمة فرق بين الحيوان والبشر فلماذا لا نجري التجارب العلمية على الذين هم في حالة غيبوبة بدل الحيوانات؟ وإذا كان ثمة حيوات جديرة بأن تعاش وأخرى غير جديرة فلماذا لا نتخلص من المعاقين بمن فيهم الأطفال “المعطوبين”؟ ولماذا لا نؤمم أعضاء من هم في عداد الموتى لفائدة بشر واعدين؟ في “الفلسفة إذ جُنّت، الجندر والحيوان والموت”، يتوقف جان فرنسوا براونشتاين أستاذ الفلسفة بالسوربون عند عدد من مشاهير المفكرين في الغرب، ليناقش أفكارهم ويفضح تناقضاتهم ويبيّن مسيرتهم الذاتية، فيحلل ويفكك، ليستخلص أن من الخطأ إزالة الحدود بين الجنسين، وبين الحيوان من جهة والبشر من جهة أخرى، وبين الأحياء والأموات، والصواب أن نواجه تلك الحدود التي تشكلنا، مؤكدا أن الفلسفة تصاب بالجنون حين تنسى الإنسان.

6-  الفردانية المعاصرة والفراغ

يعالج جيل ليبوفتسكي مسألة الفردانية في الديمقراطيات المعاصرة التي تميزت بضمور المشاريع المشتركة واندثارها، فآلت إلى ما أسماه “عهد الفراغ”، عنوان كتابه الأخير، إذ بات كل فرد يخصص حياته لذاته ويعيش عيشة انتقائية وكأنه في مطعم. والكاتب يحلل، دون إصدار أحكام، الأشكال الحالية للفردانية ويصف، دون جهل بالآثار المحرّفة لنزع القدسية عن القيم التقليدية في السياسة والأخلاق، ظهور شكل جديد من الهيدونية الخائبة، فالنرجسية وتقديس الطيش واللامبالاة وعدم أخذ الأمور مأخذ الجدّ تتبدى كلها في استشراء موضة التزحلق (سورف أو رولر) وممارسة السخرية الذاتية خضوعا هنا أيضا لمتطلبات الموضة والإشهار، وكذلك الميل إلى كل ما هو خفيف (لايت) من الزبادي إلى المعارف التي ينبغي تخفيفها ما أمكن لمزيد ترغيب الناس فيها. كتاب ممتع يجمع لذة القراءة إلى نظرة تأمل في مجتمعات ما بعد الحداثة.

7- كيف نصنع دكتاتورية

ميشيل أونفري
ميشيل أونفري

آخر إصدارات ميشيل أونفري كتاب بعنوان “نظرية الدكتاتورية” يشرح فيه كيفية إقامة نظام دكتاتوري من نوع جديد، يمر بالمراحل التالية: هي أولا: تحطيم الحرية عن طريق المراقبة الدائمة وتدمير الحياة الفردية وإلغاء العزلة والاحتفاء بالأعياد الإجبارية وتوحيد الآراء. ثانيا: تفقير اللغة بممارسة لغة جديدة، واستعمال لغة مزدوجة، وتدمير الكلمات، والتحدث بلغة وحيدة، وإلغاء الكلاسيكيين، وجعل اللغة شفوية. ثالثا: إبطال الحقيقة، بتدريس الأيديولوجيا، وتدجين الصحافة، ونشر أخبار زائفة، وإنتاج الواقع.  رابعا: إلغاء التاريخ، بمحو الماضي وإعادة كتابة التاريخ، وابتكار الذاكرة، وإتلاف الكتب، وتصنيع الأدب. خامسا: إنكار الطبيعة بتدمير غريزة الحياة، وتنظيم الحرمان الجنسي، والإنجاب طبيا، وتعقيم الحياة. سادسا: نشر الكراهية، باختلاق عدو، وتدبير حروب، وإخضاع الفكر للتحيل النفسي، والقضاء على آخر إنسان. سابعا وأخيرا، لإقامة امبراطورية ينبغي تأطير الأطفال، إدارة المعارضة، الحكم بواسطة النخب، إخضاع الناس بواسطة التقدم، إخفاء السلطة. أي أنه في النهاية يتحدث عن الواقع الحالي الذي تعيشه الديمقراطيات الغربية.

8-  التوتاليتارية الجديدة

 

حظر كل ما نقدر عليه، وإخضاع ما تبقى للضرائب الإيكولوجية، ذلك شعار المدافعين عن البيئة في السياسة. إذا كان ثاني أكسيد الكربون البشري هو المشكل، فمن الواجب كبح الإنسان، ومراقبته وتوبيخه على أنشطته التي تطلق ذلك الغاز، أي كل نشاطه. في “الإيكولوجية، توتاليتاريا جديدة؟” يدقق دريو غودفريدي البحث في الإيكولوجيا من جذر إيثيقاها المناهض للأنسنة إلى ذروة مطالبها الملموسة كإلغاء السيارة والطائرة واللحم والنووي، والحياة في الريف واقتصاد السوق والفلاحة العصرية، باختصار الحداثة منذ 1750، ليبين أن النزعة الإيكولوجية تحدد أيديولوجيا أكثر راديكالية في دعواتها القامعة للحريات والمناهضة للاقتصاد والرامية إلى قتل الإنسان من أيّ توتاليتاريا من توتاليتاريات القرون الماضية. فمثلها الأعلى في اعتقاده هو قسمة البشرية على عشرة. ويستشهد بإتيان دولابويسي صاحب “الرق الإرادي” في قوله “الشعب هو الذي يُخضع نفسه، ويقطع رقبته”.

9- الأفكار المزعجة

 

“إنها نهاية العالم. الأرض تموت. نحن نعيش فوق طاقتنا. لنغير أنماط عيشنا قبل فوات الأوان” ذلك ما نسمعه كل يوم. كلام يصاغ في شكل تهم يأمرنا بالتكفير عن ذنوبنا. الحياة صارت أكثر صعوبة، وأصحاب السترات الصفراء ينزلون إلى الشارع. كل ذلك جعل الإيكولوجيا عبارة سلبية ينبغي استبعادها، والحال أنها كان يمكن أن توحّد الصفوف، وتحشد الهمم. ولكن ماذا يحدث لو يتضح أن من يشعروننا بالذنب ويريدون أن يفرضوا علينا عدة تضحيات مخطئون؟ وأن أوامرهم والتضحيات التي يبررونها تستند إلى معطيات خاطئة؟ صحيح أن العالم يتغير، ولكنه ليس أسوأ من ذي قبل. بالعكس، الأشياء تتطور خلافا للخطب المتهمة لدعاة القيامة، علم الانهيار المعلن والذي يحمل مصطلح “collapsologie” أي سقوط المجتمعات والحضارات دفعة واحدة. في كتاب “كل هذه الأفكار التي تفسد علينا حياتنا: التغذية، المناخ، الصحة، التقدم، الإيكولوجيا…” تؤكد سيلفي برونيل أن الحلول كي نعيش على هذه الأرض بسلام موجودة، ولكن شرط أن نكف عن نشر معلومات مغلوطة.

10- عودة الأصنام

 

أمام عودة المعتقدات والأيديولوجيات والأخبار الزائفة من كل نوع، يستدعي بيير بنتاتا في كتابه “فجر الأصنام” نيشته وفرويد وريمون آرون وكليمان روسّي إلى رحلة مشوقة بحثا عن العقل المفقود. ألا تشعرون أن العقل غادرنا؟ يقول الكاتب. حيثما ولّينا وجوهنا ألفينا المذاهب السياسية والنظريات العلمية وكل أشكال التحليل تركت مكانها لمعتقدات دينية تتبدى في تبسيط أفكار صارت شعارات، ونسبية الفكر، ونفي الواقع لفائدة الفيك نيوز. وأيا ما تكن الظاهرة فكل واحد يرى فيها تأكيدا لأيديولوجيته إلى حد يجعل النقاش مستحيلا. في كل مكان، عادت الأصنام إلى الظهور، وصدّعت أسس مجتمعاتنا، تلك الأسس التي تقوم على البحث عن الحقيقة وتقاسم سردية مشتركة. وبعد أن يتساءل “كيف انحدرنا، نحن ورثة الأنوار، الذين يعيشون تحت حكم العلم والتقدم التقني، إلى الدغمائية؟” يميط اللثام عما يدفع الغرب اليوم، ومنذ أصوله الأولى، إلى ابتداع أوهام يخضع لها.

11- المرضى الذين حَكمونا

باتريك لموموان
باتريك لوموان

 

“الصحة النفسية لمن صنعوا العالم” كتاب طريف لعالم التحليل النفسي باتريك لوموان ينطلق فيه من استقراء الوثائق والسير والأخبار والطرائف ليشخص الصحة النفسية لكبار العالم، قدامى ومحدثين، ويصل إلى السؤال التالي: لماذا رضيت الشعوب أن تقودها شخصياتٌ إن لم تكن مختلة، فهي على الأقل هشة؟ ألأن أولئك القادة، رجالا ونساء كانوا قادرين على السيطرة على هشاشتهم وربما استغلالها للوصول إلى سدة الحكم وتسيير شعوبهم؟ هي جولة طبية في تاريخ أعلام بارزين، من كاترين الثانية أو الكبرى إمبراطورة روسيا وألكسندر الأكبر وجان دارك إلى ونستون تشرشل وشارل ديغول وآخرين كشف عنهم هذا الطبيب المتخصص من خلال مآثرهم وأقوالهم أو رسائلهم، ومن خلال ما كتب عنهم معاصروهم، وعرض لسيرتهم في شيء من الطرافة، دون استنقاص لمكانتهم، أو تشكيك في دورهم. ومن وراء ذلك هو كتاب يسلط الضوء على نفسية رجل الدولة.

12 – رهانات جيوسياسية

 

في كتاب “فزع العالم” يلاحظ المؤرخ ومدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية تومس غومار أنه لم يعد ثمة ما يعدّل حسن سير كوكبا، فما نشهده اتفاقيات تُلغى، وتحالفات تزداد هشاشة، وديمقراطيات ليبرالية تتردى، وتحول جيو-اقتصادي يميل ناحية آسيا، وتهديدات قومية، ومخاطر إيكولوجية، وسياسة متهافتة تدار بالتغريدات… فهل صار العالم خارجا عن التحكم؟ بفضل خبرته كمؤرخ، وتخصصه في العلاقات الدولية يوضح توماس غومار التحول غير المسبوق في موازين القوى العالمية -مع صعود الصين، وأحادية الولايات المتحدة، وتشظي أوروبا، وعودة روسيا- إلى جانب المواضيع الأخرى كالطاقة والمناخ، وتغير الحروب، والعقوبات الاقتصادية، والإنترنت والفضاء والضغط السكاني والهجرة. والخلاصة أن العولمة إذا كانت قد غيرت توزيع الثروة العالمية وسهلت إقامة الشبكات، فإنها لم تمح علاقات القوة، بالعكس هي زادت في آثارها. وأن الأوروبيين يعيشون في عالم تتقلص صورتهم فيه، وعليهم أن يستعدوا لذلك.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.