المختصر

الخميس 2021/07/01
لوحة عمار الشوا

فرنسا نحو الفاشية

حركة جماهيرية رجعية ضدّ المساواة في الحقوق، مهاجرون يُختطفون ويعنّفون حتى الموت من طرف ميليشيات في شمال فرنسا، سعة انتشار الثيمات الرجعية ومعاداة الأجانب والإسلام، تكثيف التمشيط العقابي للأحياء الشعبية وتصاعد العنف البوليسي دون محاسبة، منع المظاهرات والتجريم المتزايد لأيّ احتجاج، نتائج غير مسبوقة للجبهة الشعبية في كل الانتخابات منذ 2012، ذلك هو المشهد الطاغي اليوم في فرنسا. في كتاب “إمكانية الفاشية، فرنسا ومسار الكارثة” يبين الباحث أوغو باليتا أن الفاشية تزحف رويدا رويدا لتحتل المشهد السياسي، ويتساءل كيف للجمهورية الفرنسية، بلد حقوق الإنسان، أن تنجب الوحش الفاشي، لاسيما أن اليمين المتطرف لم يتخل عن مشروعه العرقي والشمولي. يحلل الكاتب الهجوم الثلاثي (النيوليبرالي – الشمولي – العنصري) الذي يريد العودة إلى فترة ما بين الحربين، التي شهدت صعود القوميات، ومعاداة الآخر المختلف إثنيا وثقافيا ودينيا، ويعتقد أن مواجهة هذا التيار لا تزال ممكنة.

عزلة الإنسان القادمةصورة

في رواية “الصمت” يتخيل الأميركي دونْ دوليلّو نهاية العالم نتيجة عطب تكنولوجي ضخم، وهو كعادته ينطلق من الراهن ليستشرف المستقبل استشرافا يكاد يكون كاشفا للغيب، ويعتقد جازما أن الإنسان يسير إلى الكارثة. وبعد أن حذّر من كل المخاطر التي تتهدد الإنسان الأميركي والإنسان المعاصر بصفة عامة، مثل الهيمنة الجشعة للإشهار التلفزيوني في رواية “أمريكانا” والنفايات النووية في “ما وراء العالم” والعنف في الولايات المتحدة والهذر الإعلامي في “ضجيج عميق” وحفظ الأثرياء بالتبريد في رواية “زيرو كا”، يحذر قارئه هذه المرة من الفايروس، فايروس لا يعطل كل شيء شأن كورونا، بل يقضي على الوجود الإنساني برمته، وقد بدأ منذ أعوام يتسرب إليه، عبر الإفراط في الإقبال على الشاشات والهواتف الجوالة، وقطع الصلة الملموسة بالواقع، لينتهي إلى عزلة لا تعادلها سوى عزلة موازية في كل بيت، وسائر أرجاء المعمورة.

فيلسوف أفريقي

في “وَبيلة ذاكرتي” يستعيد المفكر السنغالي سليمان بشير ديان، المحطات التي جللت مسيرته، منذ نشأته الأولى في بيئة تقليدية مسلمة متصوفة ومتعلمة، وتنقله من سان لوي بالسنغال إلى جامعة كولومبيا حيث يدرّس، مرورا بزيغنشور وداكار وباريس وشيكاغو ونيويورك، كأماكن ساهمت في تكوينه، حتى غدا فيلسوفا له حضور بارز في الأوساط الأكاديمية والثقافية عموما، أي أنه نهل من ثقافة قارات ثلاث ساهمت بقدر كبير في تكوينه، حتى صار متخصصا في مجالات عديدة كالفلسفة الإسلامية والأفريقية، وتاريخ المنطق الجبري. في هذا الكتاب يستحضر لقاءاته مع لويس ألتوستر وجاك دريدا، اللذين درّساه، وكذلك الفيلسوف الفرنسي الماركسي جان توسّان ديزانتي، والفيلسوف البيني بولان هونتونجي، والكاتب الكيني نغوجي وا تيونغو والرئيس الشاعر سنغور كأبرز من أثروا مسيرته، وفتحوا بصيرته على عوالم كثيرة. وفي الكتاب تأمل فكري حول إمكانية مد الجسور بين مختلف الثقافات ودعوة إلى ما يسمّيه إسلام الأنوار، أي إسلام متفتح غير منغلق على رؤية مخصوصة للعالم.

المرهَقون في الأرضصورة

جديد رومان هويت، الأستاذ المحاضر في علوم الاتصال، والمتخصص في العنف الموجّه للذات وللعالم، كتاب بعنوان “متاعب بالغة العنف” خصصه لصورة المرهق المعاصر، أو الذات المرهقة، البائسة، بمعنى أولئك الرجال والنساء الذين يعانون صعوبات في مواجهة المعيش اليومي. انطلاقا من إثنوغرافيا أنجِزت داخل إحدى جمعيات الوقاية من الانتحار، غاص في الحيوات المهزومة ليعرف كيف يعبّر آلاف البشر عن إنكارهم للحياة وأسباب معاناتهم. هذا العمل التوصيفي يفضي إلى أفق ثان أكثر طموحا: ما هو المصير السياسي للمعاناة؟ ما دام الأشقياء لا يهتمّون بما يجري حولهم، فإن فهمَ انتظاراتهم وغضبهم واستنكارهم وإرهاقهم المعنوي وأحيانا أفكارهم الانتحارية، هي كلها مصادر لمساعدة المجتمع على التفكير في عنفه الكامن والآثار التي يخلفها.

الفينومينولوجيا لتأمّل الوجود

“اليوميّات الفينومينولوجية” كتاب هام لفهم الفينومينولوجيا، التي أسسها هوسرل في بداية القرن العشرين، ثمّ طورها في فرنسا بعد 1945 موريس ميرلو بونتي وبول ريكور، مثلما طورها في إيطاليا المفكر إنزو باشي (1911 – 1976)، مؤلف هذا الكتاب الذي صدرت ترجمته إلى الفرنسية مؤخرا، لا يقدمها في شكل خطاب تجريدي، بل يشفعها بملاحظات وتأملات فلسفية. والكتاب هو يوميات فرد كسائر الأفراد يبحث عن معنى يسيّر وجوده، ويُسلِم نفسه إلى نسق الأيام لإدراك ذلك المعنى، ويعي في الوقت ذاته أن عليه توخّي كتابة مغايرة، قادرة على اقتحام المعيش اليومي بقوة الوصف والشرح التي ورثها عن فلسفة هوسرل كي يسمو بنفسه إلى مستوى الحياة. وجدّة المشروع تتمثل في استحضار دروس الفينومينولوجيا العسيرة في المثال الآني الملموس لحياة معيشة، كي يتخذها مدخلا إلى هذه المدرسة، ولكنه قبل كل شيء نص تقاس فيه خصوبة تقليدَين مدعوَّين إلى الالتقاء، الفينومينوجيا واليوميات، يوميات وجود يتأسس ويتأمل مروره ذاتَه.

في الكون ما يفوق فلسفتناصورة

هل توجد كواكب شبيهة بالأرض، وهل توجد فيها حياة؟ إن تعدد العوالم يفتن العلماء منذ آلاف السنين، من ديمقريطس إلى كارل ساغان، مرورا بجوردانو برونو وكميل فلاماريون. واليوم، ولأول مرة في تاريخ الجنس البشري، يملك الإنسان العلم والتكنولوجيا المطلوبة لإضاءة هذه المسألة، ولاسيما بعد اكتشاف آلاف المجرات البعيدة ووفرة “الأراضي”، والسعي لمعرفة ما إذا كانت في الكون ذكاءات أخرى، وكيف السبيل إلى التواصل معها، وحتى الالتحاق بها. في هذا الكتاب “عوالم من أماكن أخرى” بحث أجراه ترينه شوان توان عالم الفيزياء الفلكية والأستاذ بجامعة فرجينيا الأميركية، كي يكسر صمت الكوسموس، حيث يقدّم مناهج البحث التي بحوزتنا ونتائجها، مع تأمل حول القوى المتضاربة التي تنظم ظهور الحياة والإدراك، ويتصوّر بل يتمنى الثورة العارمة التي ستحدث حين لا نكون وحدنا أسياد الكون، ويستحضر ما قاله هاملت لصديقه هوراسيا “في السماء والأرض أشياء تفوق ما تحلم به فلسفتنا”.

الوعي واليقظة والحسّ

يقترح الكتاب الجديد “المعرفة والحس” لأحد مشاهير المتخصصين في الأمراض العصبية البرتغالي أنطونيو داماسيو تحليلا جديدا لظاهرة الوعي ودورها في الكائن الحيّ. وخلافا لما سبق أن أكده عدة علماء وفلاسفة بأن الوعي مشكلة لا حل لها، يعتقد داماسيو أن ذلك ممكن باستعمال علم النفس وعلم الأعصاب والذكاء الاصطناعي. وهو هنا يسلط الضوء على كل أوجه الوعي، ثم يستكشف آفاقا جديدة وآلياتها ليطبقها على التجارب الحميمة، فيشرح العلاقات بين الوعي والذهن، والفرق بين حال الوعي واليقظة والحس، والدور الأساس للمشاعر والكيفية التي يحدد بها المخ نموّ الوعي. والكاتب يوفّق في مسعاه بين الاكتشافات العلمية الأخيرة وعناصر من فلسفة الوعي، ويطرح بحوثه التي غيرت فهمنا للمخ والسلوك الإنساني.

مصادر فوكو في الجنونصورة

مثّل اكتشاف فوكو لفكر السويسري لودفيغ بينسفانغر (1881 – 1966) الذي يقع بين التحليل النفسي والفينومينولوجيا مرحلة هامة في مسيرته وتحولا في مقاربته للأمراض العقلية، تجلى في كتابه “تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي” الصادر عام 1961، واعترف بأنه وجد في مخطوط المفكر السويسري شيئا يختلف عن شبكات القراءة التقليدية، وصفه بكونه ثورة مذهلة، لأنه استعان بتحليل الدزاين لإحداث تجاوز جوهري في مقاربة التحليل النفسي بتأثير من هايدغر، يقوم على استعادة الوحدة التي يتحدث داخلها المريض، والتي فصلها فرويد إلى وعي ولاوعي. تلك الوحدة هي التي تؤسس حضور الإنسان في العالم وجذر كيانه، ولا بدّ على ضوئها ألا ننظر إلى التجربة الباتولوجية كفقدان لعالم موجود، بل كنمط وجود مستقل. وفوكو كان قد وعد بنشر المخطوط ولكنه لم يظهر إلا مؤخرا تحت عنوان “بينسفانغر والتحليل الوجودي”.

الإنسان كائن مدمن

في كتاب “دوخة الإدمان” تلاحظ المفكرة الفرنسية نتالي سارتو لاجوس أننا ولدنا في حالة إدمان، وقد نجد إدمانا آخر في نهاية حياتنا، وأن الإدمان علامة وضعنا البشري، ومع ذلك يخيفنا. وفي رأيها أن الإدمان تزايد في المجتمعات المعاصرة، فهل يعكس ذلك هشاشة ما؟ وأيّ دوار جهنمي ينتج عنه؟ وكيف يمكن أن يكون الشيء المسموم عامل تلطيف للألم؟ تقدم الكاتبة رؤية فلسفية عن الإدمان والمرض، وتتأمل وضع التداين الجوهري لمن يستسلم للإدمان، ولكن أليس من المفيد أيضا أن نميز في كل وضعيات الإدمان بين ما هو سامّ وما هو خصب، بين ما يسجننا وبين ما يحرّرنا ويفتح لنا الباب نحو الآخر؟ إذ يوجد في رأيها إدمان سعيد، وهو ذلك الذي يربطنا بعضنا ببعض، ذلك الذي يمكن أن تستعيده مرحلتنا لاسيما في علاقته بالرعاية والعناية، وليس أمامنا إلا أن نضع شروطه.

دوافع الشباب في حالي الحرب والسلمصورة

ما هي المنطلقات النفسية للانخراط في الجهاد؟ ما الذي يحرّك مثل هذا القرار؟ هل هي مسارات الحياة المضطربة، أم الظروف الاجتماعية البائسة، أم اختلال المدارك العقلية، أم الأيديولوجيا الأصولية؟ لا أحد من تلك العناصر يمكن أن يشكل عاملا محدّدا، ولو أخذنا بها لجاز القول إن ملايين البشر ينبغي أن ينخرطوا في الجهاد. في كتابه الجديد “القفزة الملحمية” ينفي فتحي بنسلامة، عالم التحليل النفسي المتخصص في التيارات الإسلامية وانحرافاتها، كل المقاربات المبسطة، ويؤكد على وجود تشابك مشترك لدى من يخوضون مثل هذا الصراع، نمط من الانقلاب يكون كجهاز دفع ذاتي يطلق عليه القفزة الملحمية، ويبين في الوقت نفسه أن مفهوم “المرور إلى الفعل” لا يفي بالغرض، وأن العلاقات السببية التي غالبا ما تُذكر لوصف الهياج القاتل لدى الشباب غير ملائمة. وفي رأيه أن القفزة الملحمية يمكن أن نجدها أيضا في معارك من نوع آخر، غايتها نضال لأجل التحرر والانفتاح.

في انتظار الروبوت الفاضل

لنفرض أن سيارة يقودها ذكاء اصطناعي وجدت نفسها أمام خيار تراجيدي: كي تتجنب طفلا يعبر الطريق، ينبغي عليها أن تدعس عجوزا على الرصيف. ما العمل؟ هذه قرينة ذات حدّين تذكّر بفرضية التراموي الشهيرة، وتوضح الرهانات الأخلاقية للذكاء الاصطناعي. فهل يمكن أن يتحلى الروبوت بأخلاق البشر، فيكون طيبا أو شريرا؟ في كتاب “تعليم الروبوتات الأخلاق” يعالج البلجيكي مارتن جيلبر الباحث في إيتيقا الذكاء الاصطناعي، هذه المسألة، ويبين أن الروبوتات لا تحركها العواطف، بل لوغاريتمات يضعها رجال بيض ويبرمجونها على صورتهم، لاتخاذ ما يعتبرونه القرارات الصائبة. ولذلك فهو يدعو إلى الانتصار للروبوت الفاضل، فيضع في صميم التساؤلات الإيتيقية المعاصرة مبدأ الفرونيزيس الأرسطي (الحكمة العملية) ويقدّم اقتراحا طموحا “ما يلزمنا هو اختيار أمثلة جيدة لصنع روبوتات جيدة”.

سيرة الأخطبوط الذاتية

هل سمعتم بشعر العناكب المتذبذب؟ والمعمار المقدس لحيوان الومبت؟ والحِكم العابرة للأخطبوط؟ هي عناصر من “الألسنية الحيوانية” المادة العلمية الحديثة التي تهتم بدراسة تاريخ ما انفكت الحيوانات ترويه وتدوّنه، ولكنها في الواقع من وحي خيال الكاتبة فنسيان ديبري التي أرادت بأسلوب سردي جميل أن تخوض في جدالات علمية متحمسة تنزّلها في مستقبل غير محدد، فقدمت حكايات تجمع بين العلم والخيال لتخلق نوعا من الإرباك المذهل: افرض أن العناكب تخاطب الإنسان كي يكفّ عن إزعاجها بآلاته، وأن بناءات الومبت الأسترالية تشهد عن كوسمولوجيةِ ضيافةٍ تقدم درسا رائعا في التقارب الاجتماعي، وأن الأخطبوطات التي تهوى التقمص تعبّر عن يأسها من إمكانية التناسخ يسبب تلويث البحار والمحيطات. “سيرة ذاتية لأخطبوط وحكايات استباقية أخرى” كتاب طريف يدعو إلى أنماط جديدة من إقامة الإنسان على الأرض.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.