المسيح المنتظر في طائرة هيلكوبتر
في يوليو 1990 زرت العاصمة الليبية طرابلس. كنت وقتها أعمل في صحيفة عربية تصدر في لندن تلقت دعوة رسمية من ليبيا وكانت العلاقات بين ليبيا وبريطانيا مقطوعة منذ أن أطلق مسلح النار من داخل السفارة الليبية في لندن وقتل الشرطية البريطانية إيفون فليتشر في أبريل 1984. ولم يكن أحد غيري في تلك الصحيفة يمكنه الذهاب إلى ليبيا في ذلك الوقت، باعتباري من غير الضالعين في “السياسة” أو الكتابة السياسية. وكانت الدعوة إلى حضور الاحتفال بالعيد العشرين لرحيل القوات الأميركية عن قاعدة ويلس الجوية التي أطلق عليها القذافي بعد ذلك قاعدة “عقبة بن نافع″.
لم تكن الخطوط الليبية تعمل، ولم تكن الخطوط الجوية البريطانية تطير إلى طرابلس. لذلك سافرت أولا على متن الخطوط السويسرية إلى جنيف ومن هناك ركبت الطائرة الليبية إلى طرابلس. وكان معي على متن الطائرة صحافي ومصورة صحافية بريطانيين من النوع الأصلي وليسا مثلي من النوع المتجنس. عندما وصلنا إلى مطار طرابلس وجدنا أنه يتعين علينا أن نملأ بطاقات الدخول باللغة العربية، فقد كان القذافي قد فرض هذا الإجراء ظنا منه أنه بهذا يتساوى مع دول الغرب التي ترغمك على ملء بطاقات الدخول باللغات الأوروبية، أو ينتقم منها. والله أعلم طبعا، فليس من الممكن معرفة ما يدور في عقل القذافي وهو يتخذ قراراته. ولم تكن في ذلك أي مشقة بالنسبة لي، أما الزميلان البريطانيان فقد دفعا إلي بالبطاقتين لكي أملأهما لهما على أن أقوم بترجمة جميع البيانات الموجودة في جوازي سفرهما. وكان اسم الصحفي هو Angus وكان هو فيما يبدو، يعرف أن اسمه بالعربية يحمل معنى سيئا لدى أبناء يعرب، لذلك فقد همس في أذني راجيا أن أتصرف في الترجمة بحيث لا يبدو اسمه له علاقة بالنجاسة!
المهم أن رجال الأمن الذين كانوا منتشرين كالوباء في كافة أرجاء المطار، وقد سحبوا جوازات سفر جميع المدعوين الذين هبطوا معنا في المطار نفسه، وأمرونا بالجلوس والانتظار.
طال الانتظار ساعة وساعتين، ولم يأت أحد بجوازاتنا. نهضت من مقعدي واقتربت من مجموعة من الضباط كانوا يتحلقون في دائرة في ركن من أركان المطار يتناقشون ومعهم كومة من جوازات السفر. تجرأت وسألتهم عن جواز سفري. رمقني كبيرهم بنظرة عدائية ثم أخذ يبحث عن جوازي وأخذ يتطلع إلى صفحاته في ريبة وشك، وناوله لشخص آخر ثم أخذوا جميعا يتشاورون: هل هذا الشخص -أي حضرتي- يمكن أن يكون صحافيا حقا أم لا؟ كان المجتمعون يمثلون “اللجنة الشعبية” التي تتحكم في المطار. وكانت الدعوة قد جاءت باسمي شخصيا، ومع ذلك كانوا يتشككون ولا بد أن الاسم كان مسجلا لديهم أو هكذا كنت أتصور، ولكن المسألة كانت على ما يبدو، خاضعة للمساومة والإقناع، وبعد أن “صمدت” في الاختبار كنت أول من حصل على جواز سفره، ثم أخذت أنتظر ساعة أخرى إلى أن حصل زميلاي على الجوازين وختم الدخول. وكانا مثلي قد جاءا بدعوة رسمية، لذلك كان غريبا أن يعاملا بهذه الطريقة، لكن ليس هناك شيء غريب في ليبيا القذافي.
منظر سوريالي
إلى جوار جدار في منطقة من مناطق طرابلس حيث أخذونا بعد ذلك شاهدنا مجموعة من الجمال وعلى الجدران الشعار الشهير الذي ردده القذافي “طز طز في أميركا” وقد غافلت المرافق والتقطت صورة لهذا المنظر السوريالي المعبر. اصطحبنا مرافقونا إلى بيت القذافي الذي قصفته الطائرات الأميركية عام 1986 بأوامر من الرئيس الأميركي رونالد ريغان ردا على تفجير ملهى ليلي في برلين اتهمت به المخابرات الليبية وقتها. وهناك قمنا بجولة حرصوا على أن نرى خلالها الفراش الصغير لابنة القذافي الصغيرة التي قتلت في تلك الغارة. وكان هناك تعليق صوتي يشرح بالتفصيل وقائع تلك الغارة مع شريط صوتي كان يذكرنا بما وقع، والكثير من الشعارات المعادية لأميركا والغرب.
في الفندق المطل على البحر مباشرة أقمنا مع عدد كبير من المدعوين الذين جاؤوا من بلدان عربية مختلفة كانت من بينهم مجموعة من الشباب اللبناني من الواضح أنهم ينتمون إلى تنظيم قومي ناصري من تلك التنظيمات التي كان يمولها القذافي. وكنا عندما نتحرك يندس بين كل اثنين منا، مخبر من رجال الأمن من دون أن يحاول إخفاء هويته بل كان يتطلع في وجوهنا مباشرة وهو يبتسم ابتسامة كريهة تكشف عن أسنان مهشمة.
في ذلك الوقت كانت تقام مباريات كأس العالم 1990. وقد تعرفت على صحافي مغربي وأخذت أبحث معه من أجل مشاهدة مباراة مصر وهولندا، فقد منع القذافي بث مباريات الكرة التزاما بما جاء في كتابه الأخضر من أنه لا يجوز أن يمارس 11 فردا اللعب بينما تتفرج عليهم الجماهير، بل يجب أن تمارس الجماهير الرياضة مباشرة في الملاعب. وكان بعض الموجودين بالفندق يتحايلون حتى يعثروا على قناة تلفزيونية مصرية أو مالطية أو قبرصية تنقل المباريات التي كانت تشارك فيها مصر. وكانوا ينقلون جهاز تلفزيون صغيرا إلى حديقة الفندق ويحاولون ضبط القناة بصعوبة بالغة ولكن من دون جدوى في معظم الأحوال.
إلى القاعدة الجوية
حضر الحراس ذات يوم وطلبوا منا مغادرة غرفنا على وجه السرعة وركوب عدد من الحافلات التي تعاني من الكراسي المتآكلة، كانت نوافذها مفتوحة ولا توجد فيها أجهزة تكييف وكان الهواء الساخن يحرق جلودنا. لا تسأل إلى أين كنا ذاهبين فلم تكن هناك أي إجابات عن مثل هذا النوع من الأسئلة. مع تحرك الحافلات بدأ وفد الشباب اللبناني يردد الهتافات والشعارات بحياة وعزة الوحدة والعروبة، وغير ذلك.
بعد مسيرة نصف ساعة تقريبا في قيظ الظهيرة وجدنا أنفسنا في قاعدة جوية مؤكد أنها قاعدة عقبة بن نافع. وكانت تقبع على أرضية القاعدة عشرات الطائرات السوفييتية الصغيرة، بينما غصت مقاعد المدرج الخشبي المنصوب في القاعدة بمئات الأشخاص، أما أرض القاعدة بالقرب من الطائرات فقد امتلأت بعدد من الشيوخ الطاعنين في السن يسمونهم المنشدين الشعبيين، مع عدد كبير من تلاميذ المدارس الصغار، وكانوا جميعا يرددون الأناشيد والهتافات الحماسية التي تشيد بحياة القذافي، وكان يقف على رأس كل مجموعة منهم شاب شديد القوة والحماسة واضح أنه من رجال أمن النظام، مكلف بقيادة هذه المجموعة بصوته الأجش، يرغمهم على ترديد الهتافات وراءه. وكنت أشعر بالرثاء للشيوخ الكبار الذين لم يكونوا قادرين على الغناء أو الهتاف وقد وهنت أصواتهم، وكانوا يتصببون عرقا وهم يكافحون من أجل الصمود في هذا المناخ القاسي.
جلسنا بدورنا، نتصبب عرقا ولم يكن ممكنا أن نتحرك في المدرج أو المقصورة التي وضعونا فيها، أو ننزل ونستنشق بعض الهواء، فممنوع عليك الحركة، وهم لم يأتوا لنا بأي مشروبات تطفئ من ظمأ العطش.
تلويحة المسيح المنتظر
كل تصرفاتك مراقبة من أول لحظة، والتفتيش قبل الدخول يتم بطريقة يدوية فظة. وقد طال انتظارنا، ورحت أتساءل: وماذا بعد، ماذا ننتظر، وما كل هذه الأناشيد والأغنيات التي لا أفهم منها حرفا، فالأصوات تتداخل والإيقاعات تصدع الرأس، ولا تعرف متى ينتهي هذا كله وماذا سيحدث؟ وفجأة تنشق السماء وتظهر طائرة مروحية تهبط تدريجيا إلى أرضية الملعب، أقصد القاعدة الجوية. وبينما هي تقترب من سطح الأرض إذا بجموع الشباب والأطفال والعجائز المتجمعين في قلب المكان يتحولون إلى كتلة واحدة مصمتة تصرخ كالقطيع، في نشوة وترتفع الأجساد وتمتد الأيدي تريد أن تلمس الطائرة قبل أن تهبط. فالمسيح المنتظر سيعود إلى الأرض، وكأنه أحد ملوك موسيقى الروك، في ملابسه المزركشة التي تعكس فساد الذوق، يسير في حراسة ما لا يقل عن 30 شخصا مدججين بالسلاح كانوا يحيطون به، وهو يتحرك كما لو كان أحد الكائنات الكارتونية في أفلام الرسوم بالتصوير البطيء، ويتجه نحو المقصورة حيث استقر به المقام على مسافة عشرة أمتار فقط من المكان الذي كنت أجلس فيه. لم يكن هذا “المسيح” سوى الزعيم الليبي نفسه بملامحه المعروفة ونظارته الشمسية السوداء وأوداجه المنتفخة ونظرته الاستعلائية التي كان يتصور أنها تضفي عليه الرهبة والقوة كأي دكتاتور نرجسي مصاب بعبادة الذات.
لم يلق القذافي خطابا في ذلك اليوم رغم الحمى التي أصابت أنصاره تستجديه بأن يخطب فيهم بينما اكتفى هو برفع يديه بين الحين والآخر، وضمهما، لتحية عشاقه في “الجماهيرية العظمى”. فليبيا كما كان يتصور العقيد باحتياطي البترول وتراكم الثروة، ليست أقل من “بريطانيا العظمى”.
متحف الزعيم
بعد هذه المغامرة المزعجة المرهقة، عادت بنا الحافلات إلى الفندق. وقد رتبوا لنا في اليوم التالي زيارة إلى المتحف الوطني الليبي المكون من أربعة طوابق على ما أتذكر: في الطابق الأرضي التاريخ القديم الذي يعود إلى العصر الروماني، وفي الطابق الأول ليبيا في زمن السيطرة العثمانية، وفي الطابق الثاني ليبيا زمن الاحتلال الإيطالي في العصر الحديث (ودور وتاريخ عمر المختار المصور كزعيم للثورة ضد الاحتلال) أما الطابق الرابع فكان مخصصا بالكامل للثورة الخضراء وعهد الزعيم معمر القذافي صاحب “الكتاب الأخضر”.
بمناسبة الكتاب الأخضر، وضعوا لنا في الغرف هذا الكتاب ذا الغلاف الأخضر فعلا، وهو كتاب صغير الحجم، مصمم بحيث يشبه الكتاب الأحمر الذي كان يحمله ويلوح به الشباب الصيني في زمن الثورة الثقافية في الستينات، لكن المشكلة أنهم وضعوا مع “الأخضر” مجموعة من المجلدات الضخمة، تتضمن “شروح وتفاسير الكتاب الأخضر”. وكنت أفكر طيلة الوقت في كيفية التخلص من هذه الكتب فلا أريد أن أضطر لحملها معي إلى لندن، فأنا عادة لا أحمل معي سوى ما أعتزم قراءته، وكان وزن هذه الكتب ثقيلا. كنت أخشى من فكرة أن يرغموننا على حمل تلك الكتب التي يعتبرونها “مقدسة” ويفرضونها على جميع الضيوف الذين يزورون الجماهيرية.
صندوق التقارير
في المرة الوحيدة التي أقوم بتشغيل جهاز التلفزيون الموجود في غرفتي للتغلب على الشعور بالملل، وجدت نفسي أمام مشهد سوريالي آخر يصلح أن يكون ضمن أحد أفلام المخرج الإسباني لويس بونويل.
كان التلفزيون الليبي يعرض مناظر مسجلة، يظهر فيها القذافي وهو يطل من نافذة في الطابق الثالث من إحدى البنايات في وسط طرابلس. وكان يتجمع في الشارع أسفل المبنى، حشد كبير من البشر. وكان هناك موظف يتناول ورقة من صندوق أو درج من أدراج مكتب، ثم يناولها للقذافي الذي يقرأ منها بصوت مرتفع اسما معينا لشخص ما، وبعض التفاصيل الأخرى، ثم يمزق الورقة ويلقي بها إلى القطيع الهائج في الأسفل وهو يردد “خلاص.. هذا انتهى خلاص. لم يعد عندنا منه”، ثم يتكرر الأمر مرارا. كان الواضح أنه يستعرض أمام المتجمعين في الأسفل، كيف أنه قام بإلغاء المراقبة وكتابة التقارير عن الأفراد على طريقة الرئيس السادات الاستعراضية عندما أخذ يشعل النار بنفسه أمام كاميرات التلفزيون، في شرائط تسجيل المكالمات الهاتفية التي كانت تقوم بتسجيلها أجهزة المخابرات في مصر للكثير من الشخصيات العامة في عهد عبدالناصر (وهي مستمرة بالطبع حتى يومنا هذا، لكنه موضوع آخر).. وبعد تكرار تمزيق القذافي وإلقائه التقارير الأمنية من النافذة، يبدو أنه قد شعر بالملل والإرهاق من العملية بأسرها، فتناول الصندوق من الموظف المسكين وألقى به فوق رؤوس الحشد في الشارع وهو يقول “إليكم جميع التقارير. هذا الموضوع انتهى تماما”.
كان أكثر ما لفت نظري في هذا الاستعراض السقيم، الصيحات التي كان يمكن سماعها من جانب القطيع البشري كلما ألقى إليهم القذافي ورقة بعد أخرى، فقد كانت أياديهم ترتفع في الهواء، تريد أن تطال الورقة وتمزقها في نشوة هستيرية مدهشة، وعندما أخذت القذافي الحماسة أخيرا وألقى إليهم بالصندوق بكل ما فيه، ارتفعت الأيدي وتصارعت معا، كل يحاول أن يصل إلى الصندوق وينال قطعة منه على نحو ذكرني بقطيع الشباب الذين كانوا يستمعون في نشوة إلى مغني الروك في فيلم “تكبير الصورة” (أو “انفجار”) للمخرج الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني. وعندما أوشك أن ينهي أغنيته أخذ المغني يحطم آلة القيثارة التي كان يمسك بها ويلقي بها قطعة قطعة إليهم، فارتموا بأجسادهم، كل يحاول أن يقبض على قطعة منها.
السبعة فوق!
كنت كلما أردت أن أتحدث في أمر من أمور السياسة وما يحدث في ليبيا ينصحني زميلي الصحافي المغربي أن أتوقف عن الحديث على أن يصحبني إلى حديقة الفندق لكي نتحدث من دون مراقبة، وكان يقول لي إن غرف الفندق جميعها مراقبة بالصوت والصورة. ولم أكن أستبعد هذا الأمر خاصة بعد أن أخذونا إلى مسرح كبير حيث كانوا يحتفلون هناك بإعلان جائزة القذافي للسلام أو شيء من هذا القبيل، وأبقونا لساعات ونحن نستمع إلى خطب عصماء يلقيها بعض المسؤولين والضيوف، بينما كان يجلس بين كل منا والآخر مخبر من الأمن وكان من بينهم مصريون أيضا ممن استقدمهم القذافي تحت شعار “على طريق عبدالناصر”. كان المناخ كله خانقا.
شعرت بالملل بعد مرور ثلاثة أيام على وجودي في طرابلس. ورغبت في العودة من حيث أتيت. لكنهم كانوا يحتفظون بجواز سفري في الفندق بدعوى أنه لا بد من إرساله للمراجعة من جانب الأمن. وكان الفندق يعج بعدد كبير من الشباب العربي من بلدان مختلفة. وعندما أبديت رغبتي في الرحيل أمام البعض منهم على مائدة الإفطار، أخذ أحدهم يحثني على البقاء.. وقد أدهشني حقا عندما قال إنه وزملاءه موجودون منذ أكثر من أسبوعين، ولا أحد في ليبيا يمكن أن يطلب منهم أبدا الرحيل. وقال “إنني أستطيع أن أبقى معهم كما أشاء”. ولماذا تريد أن تسافر يا أخي؟ هنا تتوفر كل أنواع الفواكه والأطعمة التي لا نجدها في بلادنا؟
لم يكن يعنيني أمر الطعام أو الشراب. وكنا قد اعتدنا على تناول الشراب المعروف بـ”السيفن أب” الذي كانوا يطلقون عليه في ليبيا (بعد التعريب الإجباري الذي فرضه القذافي) “السبعة فوق”. وكنت أضحك كلما هب أحدهم ليطلب ممن يوزعون المشروبات إحدى معلبات “السبعة فوق”!
رغم كل غرابته وفكاهاته وما كنا نسمعه عنه من دموية في التعامل مع خصومه السياسيين وكان الكثيرون منهم قد اتخذوا من العاصمة البريطانية مقرا لهم أو منفى اختياريا، لم أكن أكره القذافي أو أحمل له الضغينة. فقد كنت أعتبره ظاهرة عربية بامتياز. لقد كان دون شك أحمق من النوع النادر ولكنه كان بحماقته يكشف عقم النظام السياسي العربي وهشاشته. وكانت تروى من نوادره الكثير والكثير. كما كتب ونشر بعض معارضيه السياسيين كتبا كثيرة أهدوها لي في لندن كانوا يتهمونه فيها بإدمان المخدرات، والإصابة بمرض الهوس والجنون ونوبات الاكتئاب الحاد. وكنت أشعر بأنه رغم جنوحه الشديد ونرجسيته وسلطويته، لم يكن يختلف عن غيره سوى في كونه الأكثر حماقة أي أكثرهم تعبيرا عن الجنون والسادية.
نهاية الرحلة
عندما قلت لنفسي “كفى ما كفى” وأنه يتعين أن أرحل مهما كلفني الأمر عدت للمرة الثالثة إلى مكتب الاستقبال في الفندق وطلبت جواز سفري لكنهم أخذوا أيضا يماطلونني ويحاولون إقناعي بالبقاء بضعة أيام أخرى لكنني أصررت على أن لدي عملا مهما في لندن وأنني يجب أن أعود في الغد. أجروا بعض الاتصالات الهاتفية ثم قالوا لي إنهم سيرتبون مغادرتي غدا وسوف أحصل على جواز سفري قبيل مغادرتي الفندق في الصباح.
عندما جاء الموعد حزمت حقيبتي ووضعت فيها الكتاب الأخضر تحسبا لأن يتم تفتيشي للتأكيد على حملي هذا الكتاب “المقدس″ وألقيت بباقي الكتب الضخمة التي تشبه علب الأحذية في سلة القمامة. ولحسن الحظ تمكنت من الإفلات من الفندق ثم من المطار بأعجوبة. وهكذا انتهت رحلتي إلى ليبيا- القذافي بأقل خسائر ممكنة.