اليوم حدثت معجزة!

اعتبرت دومًا المكسيكي “خوان رولفو” من قامات الأدب الأميركي اللاتيني ومعلّمًا للكبار الذين جاؤوا بعده .
نشر رواية ومجموعة قصص.. ثم صمت (كما رامبو وسعيد حورانية وقلائل ممّن تركوا أثرًا).
زار بابلو نيرودا في بيته التشيلي وكان من الشهود أنتونيو سكارميتا ومصوّر فوتوغرافي . روى سكارميتا أن رولفو الصموت خرج ليجلس في الشرفة فلحقه نيرودا ووضع يدًا على كتفه وقال له: “دع كتفك يشرّف يدي!”.
***
منذ وضعوا دميتهم تلك في الصوامع هربت مع الشيطان نبحث عن هواء العقل .
***
كثيرًا ما يحصل لي عندما أتذكّر أن ما من جدوى:
بالأمس رقدت متعبًا أبتغي النوم وقلت لنفسي: “يُستحسن ألاّ تستيقظ”.
لكنّ النفس أمّارة بالسوء!
***
سمعت بالأمس وضوحًا وحقيقة، كما أرى الآن في الثالثة فجرًا ضوء القمر، فرنسيًا ولد لسلف يهوديّ اسمه “جاكوب كوهين” وتحدّث عن حقيقة الكيان الصهيوني كما لا يجرؤ عربي على قوله! قال إن سكّان ما يسمّى إسرائيل اليوم هم برمّتهم فاشيون قتلة!.. “يطلقون النار ثم يتباكون لأنهم ضحايا”.
وهم كذلك.
الغريب أن أحدًا لم يسألني لمَ جعلت شروخًا في الجفنين السفليين لعيني المعرّي.
لحظتها ما كنت أعرف لماذا.. فيما بعد رأيتها شروخًا تركها الدمع.
***
أعمق لحظات النحت عندما تضع لمسات ولا تدري لماذا. فيما بعد، عندما يصمت ضجيج “المعركة” تكتشف السبب.
***
فنّ الثرثرة
فن الثرثرة في التشكيل رائج وله مسوّقوه. أقصد غالبية الاتجاهات التي ظهرت منذ ستينات القرن الماضي: مينيماليزم وكونسبتوايزم و.. إيزم.. و.. إيزم.. وهي اتجاهات لا تقول أعمالها شيئًا تشكيليًا بل توضع أو تُعرض ليتفذلك الناس و”النقاد” بكلام وكلام وعيونهم تحوم جذلى لعمق باعهم في قول ما لا يقول شيئًا!
من الذي قال إن لا إمبريالية في الثقافة؟
في دراسة نُشرت أخيرًا تبيّن أن أكثر الشخصيات تأثيرًا في المشهد التشكيلي ليسوا تشكيليين! بل مدراء متاحف (وهذه مناصب سياسية عادة) وأصحاب غاليريهات ومدراء أسواق التشكيل، ولا يخفى أن غالبيتهم حثالة طفيلية.
إزاء ظواهر كهذه يحلو لي تكرار ما قاله معلّمي خورخي أوتيثا: “لست مستعدًا لتلطيخ سيرتي كمُخفق بنجاح خرائي”!.
***
عندما زارني نصر حامد أبوزيد سألته: ألا تحنّ لشمس مصر؟ أجابني: أحملها في داخلي.
***
غالبية الناس لا تلحظ من المنحوتة سوى سطحها. تغيب عنهم الأعماق وجوهر الداخل. لذا لا أعجب من كثرة من ظنّوا أن إيران عدوة لإسرائيل، بينما هي، في العمق، حليفة.
***
كل حبّي وتضامني مع شعب فلسطين وليس مع سلطة موميائية أو تنظيمات دينية كـ”حماس”.
***
اعتدت محاورة شياطيني في عزلتي.
والشياطين لا تنافق.
***
المضحك – المبكي أن ترى اهتمام الكرة الأرضية بالهيئات “الدولية” من قبيل “محكمة الجنايات الدولية” و”محكمة العدل الدولية” والهيئة الأم “الأمم المتحدة”.
أنا أدلق… التاريخي (كما الصهاينة والولايات المجرمة الأميركية، الخ..) عليها وعلى غيرها من اختراعات تلك القوى المهيمنة لاستمرار هيمنتها واقتراف جرائمها بحقّ الشعوب.
لقد رأينا كيف عوقب بوش وبلير وأثنار على جرائم الحرب في العراق.. فما بالك بما “حاق” بأكبر دول الإجرام كبلاد (الشيت)؟!
***
عندما حاول “تيو” إقناع أخيه “فانسان فان غوغ” بضرورة نقله إلى المشفى لمعالجة الطلق الناري الذي أصاب صدره أجابه “فانسان” وهو يدخّن غليونه: “البؤس لن ينتهي”.
***
الفلسفة تعلّم الدقّة في اختيار الكلمة.
أنجبت أوروبا كثيرًا من الفلاسفة، لكن الأوروبيين من تلامذتهم الفاشلين.
نوّهت اليوم إلى هذا في حديث مع إسبان في بيتي، قلت “معاداة إسرائيل معاداة للسامية”، وافقوا جميعًا حسب العرف السائد، فأضفت “وأن تقتل إسرائيل الساميين الفلسطينيين ليس معاداة للسامية؟!”. أصابتهم الحيرة فأطلقت طلقة الرحمة “النازيون قرّروا قتل اليهود لإنقاذ الآريين، والآريون الوحيدون في أوروبا الشرقية كانوا اليهود القادمين من مملكة الخزر!”.
تركت أفواهًا فاغرة مستغربة وذهبت إلى مشغلي.
تعلّمي الفلسفة يا أوروبا!
***
لا أحد يسجّل حوارات الصمت.. وهي الأكثر بلاغة!
لي رأي في كلّ شيء، “على قدّ الحال”، تجدونه في تلافيف صمتي.. وأحيانًا في منحوتة ما.
وكأنما النحت لديّ ضرب من الصراخ!
المصيبة أن غالبية الناس لا تفهم لغة الصمت، تعتبره ضعفًا يؤكّد وجهة نظرهم.
المبصر في عالم العميان لا يستطيع إرشادهم جميعًا، بالكاد يستطيع تجنّب الاصطدام بهم.
***
العسكر ينسون مهمّتهم المفترضة الأولى: حماية أبناء بلدهم. وذلك من أجل حفنة من المصالح والمال.
عسكر السودان هجّروا حتى الآن مليون سوداني التجأوا إلى دول الجوع التي تعتمد على المساعدات!
يقلّدون العسكر السوري الذي هجّر أضعاف الأضعاف من أهل البلد.
ابصقوا على العسكر أينما كانوا!
***
رأيت جدّي لأمّي مرة وحيدة سنة 1958 يوم جاء إلى بوينس أيرس ليودّعنا قبل رحيلنا إلى سوريا. أذكره شبيهًا بالمارد وصوته آتٍ من كهف عميق. ودّعنا وعاد إلى بطاحه البعيدة والمجهولة في عمق بلاد شاسعة شاسعة.
جاءنا بعد أشهر خبر موته مسافرًا في قطار .
***
الخوازيق ستلاحقنا دومًا!
الاستمتاع بالصمت ضرورة للكائن الحيّ، ومع الموت نعود إلى العدم.. والعدم صامت، لكننا لن نستمتع به. أليس خازوقًا أبديًا ؟!
***
أعرف أن زملائي ، أصدقائي التشكيليين المقربين، يستمعون إلى الموسيقى الكلاسيكية ، وهذا واجب. لكنهم يتقاعسون بالقراءة .
لا يكتمل ويستقيم تشكيل كما يجب دون معاملة جميع الأنواع.
صلب التشكيل موسيقى توحي بكلمة تجعلك ترقص.
***
الكيان الصهيوني من أكبر تجمّعات الفاشيين القتلة في تاريخ ما بعد الحرب الثانية، ويتميّزون بصفاقة البكاء وهم يقتلون الأبرياء ويردّدون أنهم ضحايا التاريخ !
***
أنتظر القدرة كما ينتظرون المهدي المنتظر.
وضعي أفضل.. احتمالاته ممكنة .
***
أحيانًا ، عندما يكثر الزحام ، يخطر بالبال أن تقول :
“أعطوني طينًا واتركوني وحدي”. لكنك لا تلفظ.. وتكتفي بممارسة الحضور الغائب الذي تعلّمته من أمّي .
***
اليوم حدثت معجزة! فبعد أكثر من 50 ألف من القتلى في غزّة (لا يحصون من هم تحت الركام) وبمناسبة التقائه وزير خارجية إسبانيا، رأيت شكل من يعتبرونه وزير خارجية السلطة الميتة الفلسطينية.
لا أشتري اليانصيب عادة.. وربما كان اليوم مناسبًا. وقد نخبر غدًا بحلول المهدي المنتظَر!
أولو يالّلا.
****
“تعايش الناس زماناً بالدين حتى ذهب الدين، وتعايشوا بالمروءة حتى ذهبت المروءة ، ثم تعايشوا بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم تعايشوا بالرغبة والرهبة، وسيتعايشون بالجهالة زماناً طويلا”.
عن أبي حيان التوحيدي في “البصائر والذخائر”.
***
ما من أسرار كبيرة في حسن صنع الأشياء. المواد تتجاوب مع بعضها عندما تشترك بشيء ما.
القرميد، أو البلوك الجافّين لا يتماسكان مع خليطة الإسمنت كما المرطّبين منهما. لا تحاول إلصاق صلصال عجنته لتوّك مع آخر ناشف .
تمامًا كما القبلة الرطبة على شفتين جافتين.
لا أسرار .
***
لا أدري من أين حصل والدي مرة على بذور الخشخاش (الأفيون). عندما أزهرت النباتات في الحديقة جاءنا جار والقلق يسبقه وقال لوالدي بإحدى اللهجات اليبرودية “يا أبو عِمور (عمر) هيدا الأفيوم ممنوع!”.
” هيدا أفيون ؟” سأل الوالد وعلّق “لكن زهره جميل الملعون ..”.
وظلّ يستمتع بأزهاره .
***
من آثار الهجرة وفوائدها :
عندما غارت المياه الجوفية في يبرود وأمحلت السماء وبارت الأرض.. التفت الأهالي للصناعة فباتت الأولى في سورية (بالنسبة إلى عدد سكّانها) إلى أن حلّ النظام الصهيوني وملالي إيران ..
ستعاود.. صخورها تعلّم الصمود.
***
أن أعتاد الخسارة لا يعني أنني أنسى التمرّد .
***
اليمين الفاشي هنا يعتبر أيّ تضامن مع فلسطين تأييدًا للإرهابية “حماس” (وهي كذلك بالنسبة إلى أهلنا في غزّة – لن تجد امرأة سفور وحرّة – ) . هذا كان دور داعش والنصرة وجيش الإسلام والإخوان المتأسلمين في تقويض ثورتنا .
***
صنفان من اليهود يغادران الكيان الصهيوني (مفرخة الأفاعي الفاشية): الذين خُدِعوا بالمشروع والدواب الكاسرة الجبانة .
أما غالبية من يتظاهرون لتحرير الرهائن فشعارهم “أعيدوهم ثم أتمّوا إبادة الفلسطينيين”.
كيان يشبه ألمانيا الثلاثينات: مبيضة النازية .
***
لماذا لا نتوقّف ونتساءل :
أيّ خير ممكن لهذا الكوكب المسكين ما دام أقوى بلدانه بالقدرة التدميرية: الولايات المجرمة الأميركية ، يتوجّب عليها أن تختار لإدارتها بين مومياء حمقاء اعتادت نسيان ما هي فيه وبلطجي جاهل ومدّع وعنصري ومجرم؟! ولا خيار آخر للتحكّم بقدرة التدمير تلك؟
استجيروا بالشياطين.. فالآلهة لا تنفع .
قلت للمرا :
أشعر بالخجل من كلّ جانب. مسقط رأسي (بوينس آيرس) يحكمه مهرّج مجرم يهوى المنشار الآلي وتجويع الشعب، وسوريا يحكمها مجرمون لا يجيدون حتى الهرج فيقتلون أهلها بكلّ الوسائل، والأنكى أنها تنتمي لما يسمّونه عالم عربيّ مسلم غدا نموذجًا للتخلّف والجهل والخيانة، ولم تكتفي الظروف بهذا وجعلتني أقطن في بلد يطعم عائلة من الطفيليات يسمّونها عائلة مالكة ولم يبق على المتوسط سواها والمغرب. وأسكن في كوكب جعلوا فيه يومًا للاحتفاء بالمرحاض الفرنجي ولا يرون ملايين الأطفال الذين يقضون من الجوع .
صار من المخجل أن يُدفن المرء في زبالة كوكب كهذا .
***
في كلّ الأديان دعوات دائمة للحماقة والنفاق .
***
اعتاد كثير من الأطبّاء هنا على محادثة المريض مستغرقين بالنظر إلى شاشة الحاسوب وقد يلتفتون إليه عندما يقوم ليغادر. أما طبيب الأمس فكان “لقطة”! ، بادرني سائلاً: “ما رأيك بالعيش بساق واحدة؟!”. صفنت وأجبته: “بعض المنحوتات يمكن صنعها على كرسي مدَولَب”. كان كافيًا ليستعرض حياته الخاصة وروى لي قصّة حماه الذي عانى مثلي من آثار التدخين (لم أحدّثه عن “حماتياتي” !) ثم تحوّل الحديث إلى الثقافة العامة فأكّد لي أن الشعوب اللاتينية هي تلك التي سيطرت فيها الإمبراطورية الرومانية (!) فعلّقت: “صرنا قرايب إذًا لأنني من سوريا!” ثمّ دار الحديث عن شؤون ثقافية أخرى ليشرح في النهاية ضرورة المشي وكيفية تجنّب الآلام .
حكم عليّ بالمشي يوميًا وزيادة المسافة يومًا بعد يوم .
إذا مدّ العدم من عمري قد أصل إلى سورية مشيًا !
***
عندما يقال لي ” الله معك” أفهمها ” ليرافقك العدم”.
وهم صائبون، لأن العدم يرافقنا إلى أن يأتي يوم فيزيحنا .
*********
“يحزنني من يؤمن بقوميّة.. أراه يعيش بـ”غمّايات” كتلك التي يضعونها على جانبيّ عينيّ البغال .
ارتفاع غرناطة عن سطح البحر مماثل لارتفاع دمشق (حوالي السبعمئة مترًا) ، أمّا يبرود فألف واربعمئة مترًا .
مشغلي في “عين العصافير كان يرتفع عن هذا أو ينخفض، حسب حال النفس” .
تذكّرت هذا لأن ابننا فادي جاءنا بالأمس برفقة درّاجته بغية التدرّب ثلاثة أيام استعدادًا لسباق يصل غرناطة بـ”وادي آش” (مسقط رأس ابن طفيل) ثم صعودًا إلى إحدى قمم جبل “شُلَّير” (سييرّا نيفادا) قرابة الثلاثة آلاف متر ولمسافة مئة كيلومتر.
يفعلها هواية .
عمره 47 سنة يا جماعة !
لترافقه الشياطين.
***
أكاد أُنهي صنع طاولة صغيرة. تصلح كنصب تذكاري لأبي فهد (أشهر مدمن في يبرود)… بعد وضع زجاجة عرق فوقها.
(لا تنقصنا الطاولات في البيت ، لكن المواد قالت لي ” نصلح لطاولة).
***
أعرف أنني أخطئ، لأنني لا أميل للقواعد .
لعلّها تفيد الذكاء الاصطناعي… وأنا ما زلت طبيعيًا .