تجبير الشيخوخة بضلوع الشباب
هجومٌ ناضج
وسط عملية جراحية
أعرض مفاتن الحربِ على أكثرِ من قاتلٍ
للمستوحشين، أعلن أن اشتعالَ العمرِ بجرعةِ تابوتٍ جاف
أفتحُ طلباتَ المساكين وأحشو المخابزَ بها
أقلعُ
ابتلعُ
أواكبُ الركبَ
أذبحُ العقمَ من نسلِ الأورامِ ذات العرباتِ المتغنجة
تزعقُ المقابرُ من صالةِ العمليات
منسوجونَ برداءٍ يلتفُ على حفرةٍ تغرورقُ بالعصف
نجثمُ على سطحِ الجنازةِ ونورقُ الكفنَ بالدموع
نجلسُ وصهاريجٌ من العطفِ تنثالُ على رؤوسنا
هي الطيبةُ، لكنَّ الجرحَ مسمارٌ سكنَ هوادجَ الفؤادِ
مزاليجٌ في أبوابِ صدغي تغلقُ لسانَها الشائخَ
يتقرفصُ وجعُ الطفلِ المهزومِ بشرائحِ ذكراه
كلبٌ يشمُّ.. يتمسكُ بالسيارة، ينبحُ مولداً أرقاً جديداً في الشارع، يُدافع عنا ضد القتلِ.
يا أنت.. الأجدى بي أن أتخذك أخاً، مرةً أصابني الخوف، كانت عطسته تلثغُ إبط الموت، يغسلُ انتحارنا بالصوتِ.
أزرارُ الحرية تمسكُ رقاب المبتدئين، انتحاراتنا تُزفُّ، خلايانا إبرٌ تشكُ الضيم، يرشيني الهرسُ في أحشاءِ دوائر تبتاعُ القصف.
شرائحٌ
للمدافنِ شاشةٌ توشوشُ في أُذنِ الميت
أدلقُ حسرتي في إناء وأرتدي عُري الأقدامِ
جرّةً مهشمةً يصيّرُني الانفجار وبمقاساتٍ متباعدة
انتحاريٌ يعصرُ وجهي بخرائب ذابلةٍ متسلحةٍ بالقتلى
واجمةٌ تلك العيونُ اللامعةُ بشيخوخةِ الغبار
باكينَ بحجمِ الدمِ المتهدل من ثنايا السياراتِ المنفجرة
لمَ لا نطفئُ صوت العدوى لينتقل المهرولون عبر أثيرِ التحول؟
أمضغُ الورقَ المنزلق من شجرِ الأماكن
أهرولُ كسرّةِ الشمس اللاهثة بشخيرِ أطفالكم
تدحرجتُ على عتبةِ القصف وجسدي مركبة باردة
تسورُ الخفافيشُ فتزفَّ موتانا بضمادِ العتمة
أحملُ الموت في حقيبتي، أوزّعه بين جدائلي
أطلقهُ في فضاءٍ يلدُ الآفاق عتبة بابٍ تجوبُها الضحايا
تُهرَسُ الرؤوس بمساحيقَ تحتشدُ بفوهةِ القناص
تُخيطُني مُلابَساتُ الحادثِ إذ تتكلمُ بذراعي وقدمي المنزوعتين وتتركُ الجاني يتفرجُ على بدني المُقرم.
أوبّخ عيني أمنعها من التحرر
يدعسُ الموتُ أفواهنا بالكاتم
أرسلُ موجات رؤياها
أعشاشٌ بمشاجبَ تموءُ بصعقةِ عباءات توشوشُ فيَّ
أُجبرُ الشيخوخةَ بضلوعِ الشباب
تضمحلُ شظايا برادةَ الحديدِ الساقطة من تدهورها
وتلتئم في تذوّق أحبار أجسادنا.
أنا قاتلٌ لطيف
ضلوعي غاراتٌ ناشفةٌ من القذيفةِ.
أسلاكُ الكهرباءِ تطبخُنا
تفرغُ شحناتها
تفركُ
تقرعُ
تصيخُ الغضب، تكوّم قبعة الماء بأرجوحةِ المغسلِ.
في خنادقِ الحرب
لا تتكئُ المسالخُ عند أصيصِ التربة
لألاّ يتسخُ فتقُ الانتحاري.
***
بعد أن تقيأتنا الحروبُ متنفرزة
جاءت المفخخات تعيد أمجادها
على خصر الرماد.
***
تنامُ الرصاصة مبلطةٌ رأسي بمعجونِ البارود
باتت البطانياتُ كيساً تستعمل لحمل الجثث.
***
في خندقِ الحرب النسّاجون للدخان
تترقرق في عيونهم التجاعيدُ.
***
بائتٌ سروالي على سلسلة جبالٍ
تلمع جسدي التائه،
جسدي ورقة يتكسرُ بالماء.
***
تبصق البيوتُ تفخيخها
بعد رفسها ببسطال يتزحلقُ في حنجرة الأرض.
***
بلاعيم الوقت تتصارعُ تروّجُ ازدراءها
تتأكسدُ متمطيةً
تنفجرُ كسكينٍ بيد النهار.
***
يطمرُ الجنديُّ ما تبقى من هروبه المبقع برسائل حبيبته
يستلذ الغاطسُ بتخمة دمي المتدفق في البركة
يسيرُ بقذائفه
عودنا على لملمة أجزائنا بمجرف منفانا.
***
حبلى المدافعُ ببشائرِ أطفالٍ مخضبة بهمجية السقوط.
نخافُ خدشَ العطش
نرقبُ مشاعرهُ
وهو يدكُّ أجوافنا ببراءة طفلٍ
نبشَ القذائف المبللة من عيون أمه.
***
غير مكترثٍ لذراعي النازفة كنتُ بين القتلى أبحث عن مكعبات لحم أخي.
لا سبيلَ للصراخِ
جلُّ ما أرغب به موتٌ بلا شظية.
***
سلالمُ السراديب رثةٌ تعجُ بعفن الموتى وطنينُ جذامِ الأقبية.
العظامُ تستغيثُ انكشاط قوتها،
الميتُ يا ولدي
رقبة طائر يطقطقُ في مستودع الصيد.
***
أولدنا مسوخاً؟
في مقبرةِ الغرباءِ الجثثُ لها طعمٌ آخر
بثورُها وطنٌ يهرشُ هلوسته في ظفائرِ الحرب
لهبُ دمائِها يثغو بعلبٍ أفريزية
ماعت حلوقهم
جراء وضعها على أثاف تكرعُ أنفاسَ الجلاد.
أفريزٌ للأجسادِ المتقطعة
شريطُ الفيديو يسدلُ كآبتي
جثةً عبر شاحناتٍ
تشدُ ذخيرة الامتعاضِ
أحرثُ عيني بمياهٍ تدخّنُ
أشلاءَ الرصاص
أسحبُ نعاسي وأتأمل
أوداجاً تعربدُ مخاضاتها.
أغرفُ بفصّيَّ دماء
القتلى، أرفعُ قبّعاتهم المدبوغةَ بالقناصِ
هكذا أخبرني الجنديُ وهو يخلعُ جزمتَهُ المتمرغلةَ بالأنين.
برادُ قتلى
وملاعبٌ خماسيةٌ في رأسي
في الثلاجةِ، عتمة المقابر/ رائحة العواء/ المشرحة/ السكاكين/ لحوم متناثرة
فيها كلُ المساكين المنكبين على نافذتين من ملاهي الأطفال
لم تترك لنا بذاراً ننهلُ منه
كل أجنحتها دموع بلاستيكية تنكسر على ضفتينِ من العبوات
لم تترك ربّاً إلا وغازلته بأنفاسها ورائحة عرقها المتخثرة
في الثلاجة، ملابس أخي/ شرشفُ المستشفى/ سديةٌ عتيقة/ لعبٌ على أيدي الموتى
حيث الغبارُ المتطيّرُ من الدمِ.
فيها أركانٌ مسيجةٌ/ قسمٌ متخصصٌ بالانفجاراتِ/ قاعاتٌ تنحرُ شفرات البارحةِ، هي أفكارٌ جامحةٌ هي قطارٌ باردٌ أشعثٌ يتواردُ كنارٍ أنامُ بصلافة في أحداقها.
جسدي زلقٌ ينفلتُ من قبضةِ حائطٍ ملتهبٍ، يهرعُ راكضاً نحو خلاصةِ/ يسحبُني القاتلُ بحزامةِ بعبوتيهِ الناسفتينِ بسياراته المفخخة نحو برجينِ منصهرين من الحياة.