تعدد الأسئلة وتعطل العقل
في الوقت الذي يكتسب فيه مجال الكتابة للأطفال حركة كبيرة على مستوى العالم الغربي، إلا أن الصورة في البلدان العربية لا تزال قاتمة، لا يمكن فصلها عن محصلة إخفاقات الواقع العربي في الكثير من تفاصيل الحياة المتمظهرة بالتحديث. بل إن الاهتمام بالطفل باعتباره جوهر المستقبل أمر يشوبه كثير من الشك، باستثناء جهود مشتتة هنا وهناك، سواء لأفراد أو مؤسسات تحاول رد الاعتبار لهذا الكائن المبدع الخلاق، صعب القياد والتهيئة لا سيما في عصر يتّسم بتعدد الوسائط، وهي النقطة التي يمكن الانطلاق منها لكي ندرك أن الكتابة للصغار ليست بالمسألة السهلة، فأن تكتب للطفل لا يعني الأمر مجرد ورقة وقلم، أو شاشة حاسوب مسطحة ودماغ يحاول حفز خيالاته لتعبئة المسطح. وهذا ما جعل كاتبا مثل الفرنسي ميشيل تورنييه الحائز على جائزة غونكور في 1970 يعتبر “القصص المرصودة للأطفال هي في القمة الأرقى من الأدب”، ولم يكن مستغربا أن تنال الكاتبة الروائية السويدية سِلمى لاغرلوف (1858-1940) جائزة نوبل في زمن مبكر (1909) بعد أن وضعت كتاب جغرافيا لليافعين يعرف ببلدها، يمكن تصنيفه بأنه في مقام أدب الطفل، كذلك تمكن الإشارة لرواية “عالم صوفي” التي تبسط تاريخ الفلسفة للصغار، وإن كانت الرواية تستهوي الكبار أيضا، كذلك سلسلة روايات “هاري بوتر” التي شغلت الناس وغزت السينما وصارت إحدى العلامات الجديدة على أن أدب الطفل إذا ما اشتغل عليه وفق رؤية قادرة على معرفة ما الذي يرغب فيه الطفل بالضبط، لأمكن التأثير به والتماهي معه، ليس للصغار فقط بل للكبار أيضا.
تحدي “الملتيميديا”
من المفارقات المدهشة أنه في الوقت الذي يروّج فيه إلى أن الوسائط الجديدة كالإنترنت والتلفزيون وألعاب الفيديو وغيرها… باتت تستهوي الجيل الجديد أكثر من الكتاب، كوسيط تقليدي، إلا أن حركة النشر والترجمة في مجال الكتابة للأطفال تشهد توسعا رقميا في العديد من البلدان المتقدمة، فألمانيا على سبيل المثال وخلال عام واحد (2005) شهدت بيع حقوق ترجمات 1800 كتاب طفل مقابل 569 رواية أدبية للكبار (المصدر: موقع دويتشه فيله)، ويكشف التفاوت الرقمي في هذه الإحصائية كيف أن أدب الطفل لا يزال له فاعليته وتأثيره في عالم اليوم، برقم “اكتساح” الوسائط الحديثة. لكن هذا لا يعني بشكل كبير أن الكتاب هو الوسيط الأكثر استقطابا لذهنية الطفل وسط طوفان “الملتيميديا”. ولعل الالتفات إلى قوة الوسائط الجديدة أدّى إلى توليد نوع من الاهتمام الأولي في العالم العربي بإمكانية التفكير في “تشكيل” الطفل عبر التكنولوجيا بعيدا عن وسيط الكتاب، كما نلحظ ذلك في كتاب “تكنولوجيا أدب الأطفال” للشاعر المصري أحمد فضل شبلول والذي حاول فيه الاقتراب من أثر التكنولوجيا في أدب الأطفال، برصده للعديد من مواقع الإنترنت التي خصصت مضمونها لمخاطبة للأطفال.
لكن الاتجاه نحو الوسائط الجديدة لا يعني أن الكتاب سوف يفقد مكانته المركزية في تشكيل ثقافة الطفل، على الأقل على مدى زمني قريب، وخصوصا في البلدان العربية التي تعيش مناطق واسعة منها في ظلال الماضي، والتي تعاني مؤسساتها التعليمية من غياب البنيات الأساسية من فصول وأدوات الدرس التقليدية، دعك عن الأدوات “الأكثر حداثة” كالحاسوب. بل إن المشكلة تصل إلى حد افتقار كثير من المؤسسات الجامعية إلى الوسائط التي تعمل على لغة العصر. وحتى في الغرب فثمة تأكيد من قبل الدوائر المهتمة على ألا تخصم “الملتيميديا” من جاذبية الكتب، التي تظل أكثر حميمية في علاقتها مع المتلقي وفي حفز الذهن وتشغيل الخيال الإنساني.
بهذه المقدمات فإن العناية بأدب الأطفال لا تعتبر ترفا أو لعبا في الزمن الضائع، بل مسألة جوهرية تتطلب المزيد من العناية، بحثا وتنقيبا من حيث دراسة وتحليل المشكلات التي تمر بها، سواء من قبل الممارسين لأدب الطفل والمهتمين بهذا المجال، أو الدوائر الأكاديمية التي يتطلب منها موقعها، الذي يفترض الحياد والرؤى الاستشرافية، أن تقوم بدور جاد في سبيل بحث المشكلة والخروج بأفق جديد يعمل على تجاوز المعوقات وبالتالي استبصار الحلول الصالحة للتطبيق على الواقع الفعلي.
“الأزمة”.. تعدد الأسئلة
ثمة شبه إجماع عربي على أن “أدب الأطفال في البلدان العربية، يرزح تحت وطأة التنظير والدعوات الخجولة” كما يؤكد الكاتب السوري غازي حسن العلي (صحيفة الثورة:6 أبريل 2004). ومن نظرة مبدئية تبدو “الأزمة” بسيطة، لكن بمجرد البحث في ثناياها بتتبع حركة النشر للأطفال في العالم العربي إضافة إلى الجهود العلمية في محاولة فهم المُشكل، وأيضا المؤتمرات والندوات التي عقدت في هذا الإطار في العديد من العواصم العربية في السنوات الأخيرة، سوف نصل إلى أن “الأزمة” أكثر تعقيدا وذات تشعب مربك من حيث الأسئلة المفترض الإجابة عليها بهدف الخروج بأدب أطفال فاعل. ولعل الجائزة التي أعلنتها دولة قطر عبر المجلس الأعلى لشؤون الأسرة والذي تترأسه الشيخة موزة بنت ناصر المسند، والتي أنجزت دورتها الأولى هذه السنة، تصبّ في إطار الخلوص إلى رؤى جديدة في ترقية أدب الطفل، لا سيما أن الجائزة جاءت في أكثر من محور ولم تكتف بالقصّ، حيث شملت المسرح والشعر، وكان التأكيد الأوضح لمصداقية الطرح في جانب البحوث المخصصة لدراسة أدب الطفل، والتي يلاحظ ندرتها (شاركت أربعة بحوث فقط في المسابقة).
تعدد الأسئلة يعني مباشرة تشعب المشكلة الأساسية إلى أكثر من مشكلة تحتاج إلى تأسيس “تراث تنظيري” حولها، يمكن الانطلاق منه إلى بناء قواعد لأدب جديد من ناحية المضمون/الطرح والكمّ. ومن هذه المشكلات الفرعية على سبيل المثال لا الحصر: هل الكتابة للأطفال مجدية في مواجهة الوسائط الجديدة؟ كيف يمكن توسيع دائرة النشر في المجال؟ ما هي إشكالات المطروح في السوق من حيث المضامين والأسلوب واللغة وطرائق السرد الخ… أيّ مستوى وصل إليه إخراج كتاب الطفل في البلدان العربية؟ وهي عملية أصعب عندما يتعلق الأمر بالطفل بخلاف الكتب المخصصة للكبار؟ كيف نفهم عقل الطفل ونوجد نصوصا لها القدرة على التماهي معه؟… الخ.
إذا أخذنا أحد المشكلات الفرعية المذكورة سنجد أنها تتفرع هي الأخرى لمجموعة من الأسئلة التشعبية، فمثلا فيما يختص بسؤال النشر فإن كتاب الأطفال أكثر تكلفة وبالتالي أعلى سعرا، وهنا تتعقد “تفرعات الأزمة” لأكثر من مستوى، الأمر الذي يتطلب مشاركة من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في دعم صناعة كتب الأطفال، أيضا الترويج لثقافة الطفل عبر مجال الأدب، دعم المؤسسات البحثية في بحث المشكلة، تشجيع ممارسي الكتابة للأطفال والراغبين في هذا المجال، تنظيم المؤتمرات والندوات. وإذ كانت المشكلة لا تنتهي باقتراح الحلول النظرية، فسوف أكتفي بطرح هذه الأمثلة، لأن المحك الأساسي يقف عند التطبيق العارف.
“الأزمة” من الداخل.. الممارسون
تنطلق واحدة من الإشكالات المباشرة في مجال أدب الأطفال عربيا من ممارسي الكتابة للطفل أنفسهم، وإذا كان من الصعب إطلاق حكم عام يوصّفهم بقصور الوعي بماهية “الكتابة للطفل”، فإن الواقع يعكس ظلالا لهذا “القصور” الحادث فعليا تبدأ بغياب رؤى تأسيسية ذات معرفة عميقة بالشروط العلمية لمخاطبة الطفل عبر السرد، الشعر، أو المسرح.. فالمبدأ الذي يتأسس عليه الوعي يقوم في الغالب على تحييد الطفل والنظر عليه على أنه “ساذج”، لا يفهم، عليه أن يتعلم، الكبير هو الأعلم والأعرف والأكثر وعيا. هذه الإشكالات ناتجة عن بنية العقل العربي في نظرة الكبير للصغير والذي يتعامل مع الطفل على أنه “طينة” يسهل تشكيلها. وهي نظرية متوارثة تتسم بالتقليد والركاكة والضعف في إثباتها إلى مدى بعيد، خاصة أننا نعيش في عصر من أبرز سماته تعدد وسائط التأثير على الطفل.
فإذا كان طفل الأمس يولد وليس في البيت سوى الجدران الأربعة وبعض الأثاث ففي الراهن فإن الرضيع يجد نفسه أمام عالم معقد من حيث الأدوات والتفاصيل: تلفزيون، جوال، شاشة حاسوب، ساعة إلكترونية.. الخ، الأمر الذي يجعل الطفل ومنذ سن مبكرة أمام أكثر من عنصر جذب بخلاف والديه أو الجدة التي لعبت دورا تاريخيا في مرحلة من المراحل بوصفها أسست لفترة ما قبل “التدوين” في أدب الأطفال، وكانت لها فاعلية أكثر من أدباء اليوم. أبعد من ذلك فإن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن الجنين في رحم أمّه يبدأ في تشكيل علاقته بالعالم الخارجي من خلال التفاعل مع المسموعات وأبرزها الموسيقى.
ثمة شبه إجماع عربي على أن “أدب الأطفال في البلدان العربية، يرزح تحت وطأة التنظير والدعوات الخجولة” كما يؤكد الكاتب السوري غازي حسن العلي (صحيفة الثورة:6 أبريل 2004)
تذهب الكاتبة تغريد النجار إلى أن بعض الكتّاب “يخاطبون الأطفال من فوقية معينة وكأنهم يعطونهم دروسا وهذا خطأ” (استطلاع – عمان نت).. وهي بهذا تكشف عن هشاشة الوعي لدى هؤلاء الكتّاب الذين غيّبوا مركزيات مهمة في سبيل تطوير عملهم. كما تكشف أيضا أن الكتابة للطفل ليست درسا تعليميا أو ذات مغزى “رسالي”، فهي عملية أكثر تعقيدا من مجرد الاقتراحات المباشرة التي تصل حدّ السذاجة في كثير من القصص المخصصة للأطفال والتي تنتشر في الأسواق والتي يظن ناشروها أن مجرد الألوان والرسومات والورق المقوى لها القدرة على جذب الطفل والتعايش مع خياله. فالكتابة للطفل كما يراها الكاتب الفلسطيني جميل السلحوت “هي أصعب فنون الكتابة”. فإذا كانت كتابة رواية الكبار تترك لكاتبها حرية التحرك والتجريب والتلاعب باللغة والسرد، فإن الكتابة للطفل لا تتطلب مجرد التركيز في الحبكة أو توليد قصة يظن كاتبها أنها مدهشة، إنما تغوص إلى ما هو أعمق غورا في استنطاق لامرئيات وعي الطفل، كما أن هذا الفعل يتأسس عبر مراحل حياة الكاتب وتشكّل وعيه لا سيما في سنوات الطفولة التي تلعب دورا في إيجاد كاتب المستقبل، كما في نموذج “السلحوت” نفسه الذي لعبت تجربة حياته كطفل فلسطيني عاش ويلات ومرارة الحروب والشتات، دورا في فهمه لإمكانية رؤية الطفل الذي ظل يسكنه -من خلال الكتابة للأطفال- حتى بعد أن كبر في السن. فما لم تكن لدى الكاتب المقومات الشخصية والنفسية ومنذ سن مبكرة، فإن مجرد الرغبة وأيضا التدريب لن يصنعا كاتبا ناجحا في مجال الأطفال.
“الأزمة” من الخارج.. المنظرون
إذا كانت للممارسين/الكتّاب إشكالاتهم التي تعرضنا لها دون استفاضة، فإن بعض المنظرين لأدب الأطفال، يمثلون جزءا من “الأزمة” بترويجهم لمفاهيم خاطئة عن ماهية أدب الأطفال، دوره، طريقته التي يشتغل عليها.. الخ، وهي إشكالات ناتجة أيضا عن منظومة اجتماعية/ثقافية لا تنفك عن دائرة مشكلات واقع الإنسان العربي في أزماته اللامتناهية في الحياة وتجاه مشروع تحديث عالمه. فالكثير من المنظرين -باستثناء متنورين غير مؤثرين في الغالب- ينطلقون في وعي الكتابة للطفل من المدخل التربوي، وهو مدخل يعكس مشكلة أكبر اتساعا في الوعي الجمعي تتعلق بالتقاليد والقيم التي تتصارع مع مظاهر وآليات التغيير والتحديث في المجتمع العربي، كذلك يعكس المدخل نفسه جهل بعض هؤلاء المنظرين بالنظريات “الأكثر حداثة” وتأثيرا في مفهوم التربية الإنسانية للأطفال، ومن افتراض آخر لا يتعلق الأمر بالجهل وإنّما بنفي الجديد اعتمادا على القديم في التراث المتوارث حول نموذج التربية الذي ينطلق من المبادئ الدينية في تقاطعها مع شروط البيئة الثقافية والاجتماعية من محيط محليّ إلى آخر على امتداد البلدان العربية، فكثير من القيم يتم تعريفها في أكثر من مكان على أنها “إسلامية” في حين يتجلى من خلال الكشف العميق لها أنها لا تغادر الشروط المحلية المتوارثة في مكان معين ومنذ قرون بعيدة.
يُعرِّف عبد المجيد إبراهيم قاسم أدب الأطفال على “أنه من الوسائل التربوية التي تعتمد على أشكال معينة وتهدف لغايات محددة”. وبتحليل هذا “التنظير” سنجد أنه لا يكتفي بمشكل تكريس “وعي الكتابة للطفل من المدخل التربوي”، والذي ينبغي تجاوزه. بل يتعدى ذلك إلى قراءة خاطئة تعمل على تنميط الكتابة للأطفال، بوضعها في “أشكال معينة” في إطار “غايات محددة”، وهي مشكلة تعكس -أيضا- جانبا من أزمة العقل العربي الذي يسعى بطريقة شائعة إلى ترسيخ “سلطة” أو “مركز″ داخل أيّ نظام معين بهدف الهيمنة. فإذا ما تعاملنا مع أدب الأطفال على أنه نظام متكامل له منتجه ومستقبله وروافده من دور نشر ومؤسسات بحثية وهيئات مدنية.. الخ، فسوف نصل إلى نتيجة مفادها أن المقترح في (الاقتباس أعلاه) يقدم طرحا لو أنه نفّذ واقعيا ولو بدرجة نسبية، سيؤدي إلى تقهقر أدب الأطفال أكثر مما هو عليه الآن من تقهقر. ذلك لأن “الأشكال المعينة والغايات المحددة” التي يفترضها المُنظِّر سوف تشكّل سلطتها المشفوعة بآليات الدفاع عنها وحمايتها وهو ما سيفرض تيارا أحاديا في أدب الأطفال يقوم على “أيديولوجية” معينة دون سواها، وهو أمر مرفوض بفهم جمالية التنوع والتضاد في تشكيل المعرفة وأدوارها.
الخروج من “الأزمة”
بالتالي فالمخرج من الأزمة -تقريبا- يقوم على مفهوم قال به الدكتور حسام الخطيب أن “الطفل ليس مشروع رجل”، بل هو كائن له ذاتيته الخاصة وعالمه الذي ينبغي ردّ الاعتبار له، كما أن الأفق المستقبلي يتطلب نوعا من تحرير الخيال العربي بالنسبة إلى الممارسين والمنظّرين على حدّ سواء، أن يعاد التفكير في وعي الطفل، ما الذي يريده (هو) بالضبط؟ وليس ما الذي نريده (نحن) منه؟ بيد أن أيّ محاولة للخروج سوف تواجه بالتقاطعات العامة في الحياة العربية، تلك الأنساق الثقافية والاجتماعية التي تثقل ذاتها بالكثير من الأسئلة المربكة والدوران في جدليات متأزمة، تُلخَّص في سؤال مشروع النهضة العربية؛ التحديث، ذلك السؤال الذي ما أنفك يعاد اجتراره منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، والذي عقدّته وقائع القرن العشرين بتضييق دائرة الوعي الجمعي للعقل العربي، الأمر الذي عزز الاغتيال القائم فعليا للذهن، قمعه ومنعه من القفز إلى مساحات جديدة من الابتكار والتماهي مع المعنى الجوهري لفكرة أن تكون إنسانيا فاعلا.
بدرجة ثانية من تحرير الخيال والوعي، فإن أيّ “أزمة” لا يمكن التخارج منها بشكل نهائي، حيث أنها تُوجِد مشكلاتها وأزماتها المتفرعة باستمرار، بيد أن المطلوب في الراهن يتعلق بفتح ثقب في جدار “الصمت” العربي تجاه الطفل. ثقب لا يعني الضجيج المرتفع ولا فرض السيطرة أو الوصاية. وإنما تعليم الأطفال الاقتراب من الخطوط الرئيسية لكيفية بناء الذات الإنسانية، تحرير وعيهم، تنمية قدراتهم الذهنية على التفكير اللاخطي، تحريرهم من أيّ قيود مثقلة توجه مساراتهم بتقعر. وإذا ما تحقق هذا ولو على مستوى بدائي فالمحصلة وبدرجة أولية ستنعكس في توليد أجيال ذات قدرات على رؤية مشكلات الحياة بطرق غير مألوفة، تبحث عن حلّ للمشكلة بشكل غير المكتسب والمتوارث. وهو “هدف” لا يعني الوصاية أو فرض “أشكال معينة” من الوعي، إذا ما تعزز لدى القائمين على نظم أدب الأطفال الإيمان بما يقومون به وفي سبيل ذلك يعكفون بجدية على التحرر من وطأة الأمس وتلك الدعوات الخجولة القائمة في الراهن.