تُقاةٌ يقبّلون رُكبتي

الثلاثاء 2020/09/01
لوحة: حسين جمعان

تقاة يقبلون ركبتي

فزاعة

لو أنّني عَجوزٌ أكثر،

لَغيَّرتُ مقاساتِ أطرافي.

لَحفظتُ وجهي المُسطَّح، من الصَّدإ.

فمي المفتوح، من اليرقات.

ورأسي الصّلب،

من غربان تضع بيْضها،

وتدعو عليّ بالخرابِ.

* * *

لو أنّني عجوزٌ أقلَّ،

لَعشقتُ مُزارعًا بأنيابَ ذهبيّة،

يُهديني أمشاطًا تُعيدُ الحقولَ إلى شَعري.

وكلّما داهمهُ الجرادُ وحيدًا في تربتهِ القاحلة،

يأتيني راكضًا،

يدسُّ رأسهُ في جذعي الصامتِ،

يضمّني،

يهزّني غاضبًا،

ويبكي ملْء أنيابِهِ

يديَّ المفتوحتيْن كصليبٍ للريح.

* * *

في مواسمِ الحصاد والجنازات الكبرى

يُقسم مُزارعونَ يَروْن اللهَ في صلواتهم، أنهم شاهدوا فزّاعةً من قشٍّ

تضمّ يَديْها مغمَضتيْن إلى صدْرها،

وتَذروها الريح.

 

لم أكن مزارا

رأيتُ رجالاً يحملونَ نساء يتقاطرْنَ فوق ظهورهم.

رأيتُ نساء بظهور عاريةٍ ينفضْنَ شُعورهنَّ عند عتبتي.

رأيتُ صبايا يُخضّبْن أيديهنّ ويصفعْن بحنّاء أكفّهن جدران غرفتي الضيّقة.

رأيت أطفالا يتبوّلون عند رأسي ويرجمونني.

لم أكن مزارًا، لكنّني رأيتُ كلّ هذا.

رأيت ما يفعله الجنّ والإنسُ بالأجساد المسجّاة عند قدميّ.

ما تفعلهُ الشياطين الخبيثة بالرؤوس الحليقة التي تتمسّح بثوبي.

ما تفعله الأرامل والعوانس والعاقرات بشَعري وأظفاري.

ما يفعلُه تُقاةٌ يقبّلون رُكبتي.

رأيتُ وجوها وشفاها وعانات.

رأيت الأعمى ينظُرُ في عيْنيّ.

الأبكم والأصمّ والكسيحَ الذي يتسلّقُ جذعي.

لم أكن مَزارًا، لكنّني رأيتُ كلّ هذا.

ورأيتُه

يزورني كلّ ليلة

بعاهةِ الكتفيْن، يسحبُ عنّي الملاءة الخضراء،

يحذف وجوهَ المنامِ من حولي،

هلوسات الأدوية وخدر الأدعية

ويوقظني.

لا يقولُ: انْهضي!

يجمعُ أطرافي العاطلة، يحملني معه ويغادر.

ولم أكن مزارًا، لكنّني رأيتُ،

رأيتُ رجلا بعاهة الكتفيْن يحمل امرأة تتقاطرُ فوق ظهره ولا يراها.

رأيتُ امرأة تنفضُ عن كتفيْها، رجلاً يتقاطر كلّ ليلة فوق ظهرها.

وتنهضُ.

 

حلم نشاز

حين أكون نائمة

يَنزَعُ أَقراطي.

يضعُ كلّ آذان الجدران على الطاولة.

يَنسى صَوته عند الباب،

ويَصعدُ مع ظَهري.

* * *

ماذا يُريدُ أن يَقولَ،

الشاعرُ الذي يُشيرُ إلى جُثَّتهِ تصعدُ

مع النَّهر؟

* * *

صباحًا،

يستيقظُ الجميعُ بسراويلَ مبلولة،

يتفقّدونَ أصواتهم،

يمرّونَ بسرعةٍ،

ولا أحد يتوقَّفُ ليسأَل المرأةَ البكْماءَ،

النّائمة على بَطنها منذُ سنتيْن عندَ العتبة،

عنِ الرّجلُ الذي يَطوفُ ببيوتهم يسرقُ أصواتهم

ويُعلّقها عندَ بابِها

وينتظرُ منها

صيْحةً بحّاءَ واحدةً

لِيصْعدَ معَ النّهر.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.