حتى تنتهي اللعبَة
I
غير بعيد
غير بعيد من السرير المكسو بالوجع الفاخر
أزوّر الحنين الذي يتأرجح
في الغرفة،
حنين يختطف اللذة،
(دون أن يرفّ له جفن)
حنين ليس في انتظاره أحد،
يميل إلى الرياء حين يعبر منطقة الوجع،
حنين مثل مرتزق مأجور،
يعمل بأجر شهري.
في الساعة التي عثرتُ عليه
مسجّىً كان (لقد أكّدوا موته)
وروحه لم تكن طاهرة
فيما قافيته صعدتْ
كرايةٍ محترقة.
II
رائحة دائرية
بكثير من جمر الباطل
يغلي في رأسك إناء المجاز، ويسدّ الجرح
الأعمى الواقف في نهاية الطريق برباطة جأش.
ها هي الأوقات تدوّن فراديس الموت
فيما إيقاعها يرسم رائحة دائرية.
يا لسريرك المفتون بالنكبة
بالخشوع الذي يترعرع في مياه الندم.
قلْ لهم: أن يغمضوا أبصارهم حتى
تنتهي اللعبة، ويهدأ صرير الأبواب
لتكنْ خزائنك ثريّة بالكناية، والسأم اللقيط
لا تقاسمهم الخبز المضرّج بالعزّة الآثمة
الخبز المتواطئ مع البرد اللئيم
العامر بالمنّ والقسوة
الخبز الذي يتلصص على حياتك آخر النهار.
أتذكّر أنّ امرأة أخفتْك في جلباب الغيم،
في سرّها المكنون
خلف عتمات الضواحي
امرأة، كنت ذهابها وإيابها
وترها المشدود بين القصيدة والشغف المبكّر
هي نخلتك الناحلة التي تبيع
التعاويذ والسجائر الرديئة
تفاحتك المزخرفة بالغبن
سماؤك المفتوحة على عقد التاريخ
هواجسك الحبلى بالمعاني، والعبث.
في طرف إزارك المشجّر، كانت
تتعاظم كالمتاهة، وتجلب النار التي
لم يعد لك بها حاجة.
III
يمسك جيّدا بالغيم
أضاف صفة
(من المحتمل أنها ليست حسنة)
إلى يقينه المرتبك،
يقينه المغمور بالفحم،
والصدف غير المحتشمة
يقينه المشنوق على رصيف الغفلة،
المرضوض بحجر الأخطاء
لم يفكر في نهاية
تجفّف فواصل الرياح
أو تمسح الرمل عن فمه.
هو الذي لا يصدّق أحداً
يمسك جيّداً بالغيم
غيم فوق ما تتحمّل مراهنته
ولفرط ما كانت نهايته متوقعة
لم يطلْ مكوثه عالياً.
VI
جسد واحد ورماد كثير
أريد أن أستردّكِ..
لا أسعى إلى تقديم طقس شعري، لا يمتلك الكثير من الصبر،
طقس ينوي الحضور نيابة عنك. ليس باستطاعتي ارتجال
كلمات تتخذ شكل حمائم بلاستيكية يمكن التفاوض على سعرها.
ببساطة، لأنني لا أرتجف من مداهمة ملامح تشبهني، وأنا أوقد
بخور المودّة.
سأنتظرك بمفردي
قبالة الشارع الذي ترفّق بك في الشتاء، الشارع الذي تعاطف
بشكل شخصي، مع شهيقك المتقطّع.
لم أزل واقفا
جسد واحد ورماد كثير
أنا المصاب بداء الخيبة
المتهالك في فيالق الصبابة والانكسار، ألهجُ باسمك
آناء الشبق، وأطراف الحنين
مُدان بالتصالح مع الهزائم العظمى، هزائم أقرأ عليها ما تيسّر
من معجم الحريق، أعزف لها نشيد النسيان بثياب السهرة.
قايضتها بسعر زهيد، بما تبقّى من السنوات الكسيحة في عمري،
بغاية تكتب نهايتها بمداد فاسق.
باختصار؛ هذا أنا،
أقاصيك النائية وهي تتستّر على الخيانات،
ظلالك التي لا تعبرها القيلولة، أقدَسُ ما فيك من محرّمات،
سحاباتك التي تمتص اللوعة من دمي، سحابات تمطر بعض
الرذاذ الأليم، تمطر إجلالا للقسوة، للهفة منسيّة في قاع الروح.
كل يوم، أرفو نواياي الممزّقة بسببك، وأعيد تعليقها
على مشجب اللوعة.
V
ما تساقط في الأعالي
يتذكّر العزاء جيّداً،
ما تساقط من روحه الخفيّة في الأعالي،
النوافذ الأكثر ظلاًّ،
أولئك الرفاق، من لا يطالهم الشك أبدا،
الواجهات الزجاجية في المدن العمياء،
شعاع العاشقين إذْ يتسرّب خلسة إليه،
قلبه الذي تربّى على الظمأ، ولم يعبأ بتوسلاته
ما اعتُبر في حكم الموتى.
فلتكنْ الجذع الذي يترقّب قسوة الحطّاب
ويتهيّأ دائماً لاستقباله.
IV
جمال مأجور
الأناشيد النائمة على تلال العزلة
لها هلع يليق بنا،
لها جلبة شهيّة،
وحساسية غير شرعية
-حساسية طالما أثارت هاجس الأقليّات -
الأناشيد الماجنة تبلل أطرافها بشبق سخيّ
شبق يغتصب وصاياها المتطفّلة
شبق ماكث في أنوثتها
شبق يبارك مسالكها إذا ما صعدتْ
إلى جهة زرقاء
أو انتبذتْ أفقا قديما
أفقا على نافذته تطل الرذيلة
والقلق المعلّب
قلق يتأبط بهجتها (رغم مراوغتها التي عادة ما تنتهي بالتوتر)
الأناشيد التي اصطحبتك إلى جحيم مذهّب
أناشيد ذات جمال مأجور
أناشيد تغرّر بك،
وتقودك إلى نزال خاسر
في برّية التأويل.