حوار على حوار
جريا على ما انتهجته "الجديد" في نشرها لمحاورات المفكرين العرب وغيرهم مقرونة بنصوص فكرية تحاورهم في أفكارهم، ننشر هنا طائفة من المقالات التي حاورت هشام جعيط في نقاط أساسية أثارتها أفكاره التي طرحها في حوارنا معه، وعلقت على جوانب مما أفصح عنه المفكر، وأشارت إلى ما ظنت أنه سكت عنه، أو اقتضب في إبدائه حول مسائل ومفاهيم الحداثة، والتخلف، والشورى، والديمقراطية، والإسلام السياسي، والإرهاب الديني، ومعضلة المراوحة في منتصف الطريق بين السلطة الشمولية والدولة الحديثة، ومشكلات التحول الديمقراطي، وه الموضوعات التي لامسها الحوار.
في المداخلات المنشورة هنا ثمة اختلافات بينة في وجهات النظر، أولا نحو بنية الحوار، وثانيا حول الأفكار المطروحة.
وإذا كان البعض رأى أن هشام جعيط يبدو مقتضبا حيث ينبغي له أن يفصح ويفصل أكثر، فإن البعض الآخر رأى أن الإشارات التي رماها المفكر تكفي لالتقاط الخيط والذهاب به إلى المرامي البعيدة التي تشير إليها الأفكار.
من وجهة نظرنا في "الجديد" فإن هذا الحوار وأمثاله من الحوارات التي نشرنا وسننشر، بالصيغة نفسها أو بما يشبهها من صيغ، هي بمثابة أجراس نقرعها في فضاء ثقافي عربي آثر القعود إلى المونولوج على مشقة خوض الحوار ومصاعب استقبال الاختلاف والإقرار به، أو وعورة المغامرة في الوصول إلى عقل الآخر وفكره، على سبيل خلق مساحة من الجدل تضيء الأفكار، وتفكك الإشكاليات في الفكرة والمصطلح والنظرة والموقف والتطلع، وصولا إلى خلق مناخ معرفي وتواصل خلاق بين مكونات الفكر والإبداع في العالم العربي، في اللحظة العاصفة التي تشهدها الأمة ثقافة واجتماعا ووجوداً، وهو ما يقتضي من حملة الأقلام، أكثر من أي وقت مضى، أن يتقاطروا لإضاءة الطريق وقد أعتمت، وإحياء الآمال وقد أخذ اليأس يتفشى في النفوس. وما من سبيل لتحقيق الغايات الكبرى للأمم إلا بإعادة النظر أولا بمنظومة الأفكار المطروحة، وثانيا بواقع الحال، وثالثاً بسبل تحقيق الآمال.
قلم التحرير
