زهرتك الوحشية وتفاح البحر
نشيد أوّل
لستُ الذي رتقَ الأشياءَ
مِنَ الجهةِ الخطأِ،
ولكنّهُ الذي قرفصَ
كالجنينِ
في أحشائي.
«لستُ أنا،
ولكنّها الرّيحُ
التي تعصفُ فِيَّ».
لستُ أنا،
ولكنّهُ الهباءُ
الذي
يلفظُ
اسمي ...
طريز بين السماء والأرض
وتعرفينَ كيفَ ترسمينَ بالحنّاءِ أشجارًا، وكيفَ تجعلينها عامرةً بالفصول. وتعرفينَ أيضًا: رقصةَ الأرنبِ البريِّ، ودورانَ المهرّجِ على نفسهِ. أوجاعَ المياهِ الفوّارةِ، والشّفةَ المرشوفةَ حُبًّا. ظلَّ المخبوءِ ندواةً، والعطرَ الذي على مهلهِ يسعى. وتعرفينَ كيفَ تخمشينَ التفّاحةَ، وكيفَ تدسّينَ السمَّ في العسلِ. وتعرفينَ كيفَ تصعدينَ بالأسماكِ في معارجها، وكيفَ تهبطينَ في وديانها. وتعرفينَ الصّحيحَ والمُعتلَّ والمبنيَّ للمجهولِ وما تكسّرَ في الجموعِ. وتعرفينَ اللّيالي الألفَ وما بعدها، وأربعاءَ الرّمادِ وخميسَ الحقول. وتعرفينَ كيفَ تسقطُ الظلالُ، وكيفَ تشهقُ في القميصِ وردةُ الصبّار، وكيفَ يقطفها عاشقٌ عجول.
ذهب الليل
ورفعتُ السّرجَ
مسحولًا مِن ذهبِ الليلِ
ومَلتوتًا
بالحيِّ المَيْتِ
وملتوتًا
بالميّتِ الحَيّْ.
لم أرتقْ ثوبَكِ الخلّاقَ
ولكنَّ يديّْ
كمنظرِ نارٍ
نازلةٍ في الريحِ
تعدُّ الأضلاعَ
وتضربُ بالأبواقِ عَليّْ . . .
غزليّة
أنامُ نومَ القتيلِ
أُراودُ نفسَكِ عنّي.
تليقُ بمريضكِ ضمّةُ الصّدرِ، هذهِ. نشقةُ العطرِ وشهقةُ الوجع. هاتانِ العينانِ الضيّقتانِ، ودبيبُ اسمكِ الرّاجفِ في جسدي. حيّتُكِ التي هيَ أدنى، ورهيفُ خلخالكِ. حلمةُ البنفسجِ المخاتلِ، وعبّادةُ الشمسِ التي تحني رأسها. فحمتُكِ التي تجذبُ الليلَ، ووحشُكِ الرّابضُ في السرّةِ.
يُبدِّدُ ليلَكِ الفاحمَ
يراعُكِ المنحوتُ،
ومِن ريشِ نومهِ
يقطفُ الذّكرى.
مياهُ ظهركِ تنثالُ،
وتروي وردةَ الحُمّى.
سِنّكِ العاجُ تدلّى،
وممّا تكوّمَ في الحلقِ زفرتُ طعمكِ واقتحمتُ لجّتكِ العاتية!
أيّهذا الغبارُ المتهالكُ حولي!
حينَ فاحتْ بينَ رموشكِ السّماءُ.
بشيءٍ مِنَ الخوفِ: يا إلهي! أنفاسُكِ التي تتماوجُ والحوائجُ منقادةٌ تحكُّ الأرضَ وتخطُّ حدودَ ممالكها.
القسوةُ باديةٌ على المُحيَّا
واللمعانُ الشفيفُ تبدّى!
تخطيط: إبراهيم الصلحي
لأجلكِ
أيّتها العمياءُ
يقتربُ الفتيلُ من نهايتهِ.
يقطفُ نومَهُ،
ثمّ يجمحُ
في أقصى النّداءِ
كبشُ الألم.
دخّانُكِ خلفَ الوشائعِ.
يتهالكُ ثوركِ الأعمى،
وبلا جناحينِ يضطّربُ.
بينَ عُلوٍّ يندُّ عن بخوركِ
المحروقِ في الأماسي
وطاسِ رجفتكِ.
بدأبِ حصّادٍ،
يمضغُ،
والليلُ يرفُّ الحيّةَ بأجراسها،
برماحها التي كأسنانِ الذهبِ.
تهزّينَ
كلّما رفَّ
جفنُكِ الرابضُ في الأقاصي،
وطارَ انتباهي
مِن فوقِ السياجِ.
مَن يضعُ البيضَ أوّلًا؟
سأمُكِ الذي يتوهّجُ في أرخبيلاتِ الدمِ،
أمْ باشقُ عتمتكِ:
حطَّ على سياجِ أرملةٍ،
فلا نسمعُ إلّا قرعَ طبولٍ في الدّاخلِ.
أَإِلى هذا الحدّ؟
في عزلتكِ يستيقظُ طائرُ النومِ
جناحاهُ المهيضانِ
يتقوّسانِ
من وطأةِ النّدم.
ثَمَّ حمُرٌ وحشيّةٌ
ترعى سماءَ النّيون،
والذينَ بخلاخيلِ أمّهاتهم:
يحفّونَ من حولِ البهجةِ.
في عزلتكِ
تتدفّقُ عينُ النومِ
لا شيءَ يحرسها.
تندفُ الأبيضَ
وترشُّ الساهمَ
في خافقينِ
وبلا دخانٍ تعبرُ الدّهليز.
لا تقومي بكلِّ أساوركِ
التي تخطفُ البصرَ
ولا بكلِّ خَرَزِك
الذي ينعمي.
إنّهُ الجنونُ
الذي يفلقُ الجمجمةَ
إنّها أسنانُهُ
التي تطحنُ
ويداهُ اللّتانِ
تعصرانِ القلبَ
اقتربي،
يا عينَ الموتِ،
الانَ تحلَّل
يا شَبَهَ النّسيجِ
وانسرِبْ.
إنّه اللّحمُ الذي يشقّقُ
والرّغوةُ
الّتي على المفتاحِ.
هيّا يا وَشَلَ الأعماقِ
طائرُكِ الآنَ يخبطُ
في القفصِ الصّدرِ
وأحشاؤُكِ الّتي تتقطّعُ
قُرطاكِ ضجّةُ هذا اليمِّ
وركبتاكِ ضفافُهُ.
انبثقي،
من حيثُ لا ريحَ
الآنَ
على المساندِ،
ولا فيءَ
على الرّيحِ
إنّهُ الرّيشُ طريًّا
في العتباتِ
وإنّها السّاعاتُ بلا وقتٍ
على الجدرانِ
تقودُ الموتى
في دهليزِ هذا اللّيلِ
قُمْ واحرِقْ ختمَ الفمِ
قُمْ يا عتمَ الأعماقِ
ترفرفُ الأرضُ
من حولكَ
وفي هاويةٍ
تسّاقطُ
قُمْ وارشمِ الظلَّ
أفعى
في رمادها الباردِ
إنّها جهنّمُ ما بينَ الكعبينِ
وفي الصّراطِ حنيني
دُرْ في نِجَافِ النّورِ
وفِضْ
دُرْ معصوبَ العينينِ
يا نجّاشَ السّنا
ويا سديرَ الأعالي
سُدَفُ الغيمِ
هُنَّ
يقطرنَ دمًا
رأسُ الطّريدةِ
في الشّجرِ
السّاجدِ
سأفتحُ اللّيلةَ صندوقَ الدّنيا
كي تمرّ الأصابعُ وحدها
عاريةً وحدها
يا سَدِينَ دُخّانيَ
يا علَقَ البدنِ
كُنْ رحيمًا أكثرَ ممّا ينبغي
عنيفًا
كالشّهوةِ
اضطّرِبْ
مزّق حجابَ الرّوحِ
وافلقْ، بالمشيئةِ،
رأسَ هذا العدمِ
سأزيّنُ اللّيلةَ أحلامكِ
كي تظلّي مثلما الآنَ،
أيّتها اللّعنةُ،
بهيّةً
تُرجفينْ
سيكونُ لحجرِ النّدى أن يدورَ مشروخًا على مهلهِ
ويكونُ لهذي الظّلالِ أن تنتقي الظّلالَ على مهلها
آنَ لهذا الغاسقِ أنْ يَرخَّ في غواربكِ
ويستطيلَ 58
يا رُحاقُ
آنَ لجنيّةِ اللّيلِ أن تفردَ
أجنحةَ اللّيلِ
وتبتهلَ
آنَ لريقكِ
أن يُبلّلَ ريقي
مُدّي صريعَ الظّلالِ
فقد غِيْنَ على قلبهِ
مُدّي السريرَ
وزيّنيهِ
سيكونُ لهذا الرّعاشِ
أن يتجافي
ولهذي الرّوامسِ
أنْ تعصفَ فيهِ . . .
كرسيّ وحيد
لم تكُنِ الصورةُ إلّا باهتةً.
كأنّه ألبومُ حياةٍ قديم.
كانت قد تكدّست خلفَهُ
أشلاءُ كراسٍ،
على بعضها
في الزاوية.
ولكنّهُ—
في تجاويفهِ،
وحضنهِ الواسعِ،
وأقدامهِ التي في كلّ اتّجاهٍ،
طيفُ ذكرايَ
أنا
الذي
يتّكئُ
على طرفِ الصورةِ،
وحيدًا،
كألبومٍ قديم. 4
طبيعة صامتة
لوحة: أسامة دياب
الذينَ رحلوا صوبَ التّلالِ
يعرفونَ جيدًا
أنّ الموتَ في انتظارهم.
وضعوا أطفالهم
في العرباتِ
ثمّ نحروا ثيرانهم.
السلمون الأحمر
يطيرُ السّلمونُ الأحمرُ.
يطيرُ،
ثمّ يزحفُ
على رغوةِ الماء.
عائدًا
إلى حضنِ أُمّهِ.
ويطيرُ،
رغمَ أنفِ الجاذبيّةِ،
والدبِّ الذي يتربّصُ.
الحوت الأحدب
بعد صومهِ الكبيرِ،
في الشّمال،
يرقص الحوتُ الأحدبُ.
لا شيءَ على الماءِ
غيرُ ذيلهِ السّندانِ.
يرقصُ، ثمّ يلتّفُ
على نفسهِ،
وحيداً،
في الفقاعة الكبيرةِ،
بين أسماكِ الرّنجةِ
التي تتهاوى
في جوفهِ العظيم.
السّمكة السيف
السمكةُ السّيفُ.
على المنضدة.
وحدهُ، البحرُ،
يهدرُ في خياشمِ
صيّادها السكّير.
القاطور الصغير
يُخفي في الماءِ المُوحلِ
خَطْمَهُ.
عميقًا تخوّضُ
قدمُ الصيّادِ
في الطّحالبِ
التي تصعدُ
حتّى الرّكبتين.
ذباب أزرق
عندَ منحدراتِ نهرِ الصّحراء
غيمةٌ من ذبابٍ أزرق.
مرّةً تلوَ أخرى
تتقافزُ
السّحالي المسطّحةُ
كأنّ الشمسَ
في بطونها.
ذو القلنسوة البيضاء
الكاسرُ
ذو القلنسوةِ البيضاء،
يجثمُ على شجرةٍ ميّتة.
ذو القدمينِ المُرقّطتين،
نسرُ مدينةِ هوميروس،
يعرفُ جيّدًا
أنَّ الموتَ في انتظارهِ
عندَ مقالعِ الرُّماة.
عصفور
عصفورٌ تعرّى من ظلّهِ
وطارْ
عاليًا
في الجدارْ.
عصفورٌ أبلَهْ
لم يُدركْ أنّ الظلَّ يموتُ
وأنَّهْ
يحفرُ في العتمةِ
قبرَهْ.
لوحة في الجدار
يصيخُ السَّمْعَ
إلى أساورَ
تتجندلُ في العتمة.
الرّيحُ في الزجاجةِ
والثّعلبُ في القفص.
السلمندر
السّلمندرُ
موشومٌ
تحتَ السرّةِ.
يا لذيلهِ
معقوفًا
صوبَ المنحدَر.
ستائر
في الرّذاذِ
الذي يشقُّ الممرَّ
تنامُ يداكِ على بعضهما.
آنَ مرّتْ عيني عليكِ
أَسدلتِ الستائرُ
نفسَها.
آثار أقدام
آثارُ أقدامٍ
موشومةٍ بالحنّاءِ
مِن أسفلِ الظَّهرِ
حتّى معارجِ الكتفينْ.
ما زالَ محجوبًا
في الغلالةِ
ذيلُ القطِ
الذي يحجبُ النّهدينْ.
بحركِ الذي لا يكفُّ، نومكِ الذي لا ينتهي
رائحةُ السّمَكِ تدلُّ عليهِ، عشبةُ المياهِ الضحلةِ، والرضّةُ الزرقاءُ، أسفلَ العنقِ، وفي زَرَدِ الظهرِ. في ليلِ الظامئِ، لا غبشٌ يحرسُهُ. وفي أطرافِ ظلالهِ الرّيحُ التي تُؤنّبُ الحجرَ. لم يكُن شالَكِ المرخيَّ على الوسادةِ، أو عطرَكِ الذي بينَ الشراشفِ يسعى. لستِ من زبدٍ فيذكُرُ الحصى أوّلَ ماءٍ نامَ بهِ، ولا مِن ملحِ الذينَ بأجراسهمْ تصعدُ الأسماكُ. كنتِ من خشبِ السّفنِ التي جرتْ مرّةً على الرملِ. بريّةً، كما الليلُ في ثيابِ الذي شقَّ لوزَ السياجِ بعينهِ. طاعنةً في الماءِ، ترتجُّ السماءُ تحتَ عباءتكِ، ومِن أجداثهم، إلى ممالكِ فيئكِ، راحَ ينسلُّ الميّتون. كانَ رملُ الشواطئِ هادئًا على غيرِ عادتهِ، وفي السريرِ رأسُ الحصانِ الذي فجأةَ دقَّ جدرانَ النوم.
في قميصِ نومِ، في العتمةِ
رأيتُ كَرَزًا يهوي على الثلجِ. سبعًا عجافًا، وما شقَّ الليلُ في هدأةِ هذا الليل. قميصَ دمٍ على وجهِ أبي. ولكنّهُ أعمى، يَهيلُ غيمًا على كتفِ المستوحشِ فوقَ الصّليبِ؛ شجرًا في علبِ الكبريتِ، ونبيذَ مسرّاتٍ في عينِ نحاسٍ في عشِّ الطائرِ؛ طائرِ عتمةٍ تناوَشَهُ طائرانِ أعميانِ فَهَوَى عن وحمةٍ ليلٍ قَدَّ بالعتمةِ عُرفَ الدّيك.
رأسُ التمثال
لم أكُن أكثرَ حكمةً من طائركِ الذي بريشةٍ زرقاءَ يَعْرِشُ على كتفِ التمثال. مِن أسلاكٍ شائكةٍ جناحُ الريحِ التي تعصفُ في أحشاءِ الطائرِ، ومِن خَرَزِ العابرينَ، ساكنةً في العمى، تلتمعُ العينان.
أمسِ، سالَ على الرّخاخِ نومُ كثيرٌ. وحينَ فتحتِ القميصَ، رفعتُ سراجكِ. كانَ أغوى الفراشةَ لهيبُ اللّسانِ وقطنُ الوسائدِ الذي، مبلولًا، يقلبُ رأس التمثال.
في ماءِ الليل المُجنّح
لا تكادُ تَبِينُ ظلاليَ، في ماءِ الليلِ المُجنَّحِ. هِيَ عزلتي، في وحشةِ الظلِّ: لا باطلٌ مِن بينِ يديها، ولا جنّةٌ على نقرِ خطاها. بأصدافِ ثوبها المقصَّبِ يعبرُ الميّتون. متوّجةً بأزهارِ منتصفِ الليلِ، حافيةً، تقودُ موكبَ أُمِّها. ابنةُ الريحِ التي تغزلُ الهباءَ وتسمحُ جِلدَ الذي مِن سنينَ عليها. تحتَ سِنِّ عاجها، أيتامي. وفي النهرِ، كما وجهُ البسيطةِ، يدُ الشمعِ التي لا خواتمَ فيها.
في بابِ زهرتكِ الوحشيّة
لم أحرثِ الذي قُدَّ من غيمِ التلالِ، ولا الذي نَبَتَ مِن ماءِ العينين. إنّهُ يعسوبُ غربتكِ! ابْتَنَى دارةً من قَشِّ السلالِ، ثُمَّ كَزِرِّ القميصِ الذي فُضَّ على عَجَلٍ، راحَ يومضُ في أنحائها.
في بابِ زهرتكِ الوحشيّةِ حطّابُ أشجارٍ ليّنةٍ، وحصّادُ بيادرَ شمسكِ عندَ الغروب.
لم تكُن مِن تِبْرٍ أصفادُ مَرَدَتِي المُسخَّرينَ، بل ثمارُ الجنّةِ التي يُسقطونها بين القدمين.
لا خاتمُ المُلكِ ولا صولجانَهُ،
بل فيضُكِ الذي يتقصّفُ الآنَ في فمِ الشجرةِ. شجرةِ مشّائينَ سكنتِ الريحُ ظلالهمُ . . . فنرى لأنفاسكِ، حينَ يورقُ الليلُ، أجنحةً شفّافةً ووجوهًا تخطفُ الأبصارَ، كلّما عَلَتْها غمامةُ الرمادِ، وسِيقتْ إلى الدّاخلِ.
لم ينتظروا طويلًا في برجِ الجرسِ! أيقظوا الفتيلَ حتّى أضاءَ القرصُ، ثمّ دارتْ، كنحلٍ مُطوَّقٍ، عقاربُ الساعةِ.
لم ينتظروا كثيرًا!
ظلّوا يرتعشونَ مِن بردِ السؤالِ حتّى سالتْ في الشّعابِ مياهُهم.
كحبّةِ خردلٍ أو شبكةٍ طُرحتْ في البحرِ
وإذِ امتلأتِ، أخرجتِ الأرضُ زخرفَها وازَّيَّنَتْ. رأيتُ أسماكًا ذاتَ جناحٍ، تصعدُ في البحرِ العميقِ، وأفراسَ نبيٍّ تعدو في الممرِّ الضيّقِ. كانتِ الريحُ عاتيةً تهبُّ من ريشِ الوسائدِ. وفي البياضِ، مبهورًا كنتُ أقاومُ لسعةَ الكهرباء.
كلما تململتُ اتّسعْ
هُنَّ أضلعي، تئنُّ في التّابوتِ. كانتْ أرجلٌ بخلاخيلَ وأعينٌ مرشومةٌ حواجبُهَا. ماءٌ يتقافزُ من خطمِ الطائرِ، وحوضٌ كلّما تململتُ اتّسعْ.
كانَ ليلُ الحديقةِ أكثر ظلمةً ممّا ينبغي. كانَ كلّما حَكَّ سقفَ التابوتِ، هزَّ هواءَ المُعرِّشِ وضاقتْ بما فيها عينُ الحجر.
تفّاح البحر الميّت
مُذِ انشقَّتِ الأرضِ بهِ: هذا المنذورُ للمسرّاتِ، وما تبقّى من سنينَ بيضاءَ في الخوابي.
خلفَ حجرِ القلاعِ الكبيرةِ، بناتُ آوى.
بحليبهِ، هسيسُ العتمةِ، يفتحُ أبوابًا ويغلقُ أخرى.
ظلُّ المرأة
كانتِ الشمسُ ساطعةً في اللوحةِ. كانتْ قد حلّتْ شعرها ثُمَّ رَذَّتْ. كانَ عبّادُ شمسٍ ينوسُ في تطريزِ الملاءةِ. وكانَ، كلّما اهتزّتْ، يرفعُ رأسَهُ، ثُمَّ يميلُ جهةَ الرّيح.
فجأةً، عَمَّ الغرفةَ ليلُ شتاءٍ باردٍ، فتحسّسَ أضلاعَهُ، ثُمَّ غضَّ، بالنواجذِ، على ظلّها الذي يكسرُ آنيةَ الزهور.