شعلة بروميثيوس وصخرة سيزيف

الجمعة 2016/04/01

أيّ كائن هذا الذي سيحمل على كتفيه صخرة سيزيف، ويصعد بها القمم؟!

أيّ كائن هذا الذي سيتحمّل أثقال تراجيديا العصر في القرن الواحد والعشرين، ويعبّر عنها في كلمات؟!

أيّ كلمات تلك التي يمكن لها الإحاطة بهذا العبث والخراب، وسيول الدّم التي طافت، وفاضت، وملأت البيوت والشوارع والأزقة، والمدن، والأرياف، وصفعت وجه العالم الصامت، الجامد، المتبلّد، المتواطئ. لنكتشف ويا للهول: أنه بمنظوماته، وقيمه، وغربه، وشرقه.. يختلّ، ويتزلزل، ويتصحّر، ويهتز، وهو ماض نحو انهياره.

لقد كشف الربيع العربي، وعلى وجه الخصوص الثورة السورية (الموءودة) عورات هذا العالم الزائف، وليس فقط فظاعة استبداد الأنظمة الحاكمة، ووحشية إرهاب الجماعات الإسلامية التكفيرية التي تناسلت من جوف الخراب العميم الذي عوّم على السطح أسوأ ما تختزنه مجتمعاتنا من: عصبيات دينية ومذهبية وطائفية وعشائرية، حيث بدا الانتماء إلى الطائفة والقبيلة والجماعات الإثنية أقوى من الانتماء إلى الوطن والهوية الوطنية.

لقد تحالف الاستبداد السّياسي للأنظمة مع إرهاب الجماعات الدّينية، ليقضي على حلم النهوض، والوجه المدني التعددي الديمقراطي لشعوبنا التوّاقة للحرية والكرامة، وتحقق الذات الفردية بوصفها الإرادة الحرة الفاعلة في بناء دولة “المواطنة” ومؤسساتها التي تحترم كل أبنائها دون تمييز على أساس عرقي أو ديني أو جنسي.

يبدو أن الوجه الجميل المشرق لبلاد الضوء والشمس الذي خرج من قمقمه، واشتعل في ساحات الحرية والكرامة في البدايات السلمية لثورات الربيع العربي قد أرعب كل شياطين الأرض في الداخل والخارج. الذين أجمعوا -بغض النظر عن الوسائل والآليات- على مواجهة هذا الجمال وإجهاضه بالقبح، والعنف، وتسعير الفتن، وصراع (الهويات القاتلة)، الأمر الذي فتح حدود الجسد والأوطان لعبث القاصي والداني من طغاة العالم الذين استباحوا أرواحنا وأشلاء ضحايانا دون رحمة.

على الرغم من كل ذلك، ستبقى شعلة بروميثيوس تضيء العقول والأفئدة. سيظل المبدع والفنان والموسيقيّ والرّوائيّ المنحاز لآلام شعبه مشرعًا نوافذ روحه للحب في زمن الأحقاد والكراهية والعنف. “الحب ديني” كما قال ابن عربي.

على الرّوائيّ في هذا الزمن الصعب الذي اختلطت فيه المعايير، وضاعت معه القيم، أن يشحذ أدواته ويغنّي الحب. هذا هو قدره وتحدّيه الأصعب!

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.