صرخة‭ ‬الشاعر

الخميس 2015/10/01
تخطيط لـ ساي سرحان

لم تكن الأمور محسومة وواضحة بقدر ما هي عليه الآن‭.‬ البشاعة كشّرت عن أنيابها ولم تعد الأقنعة قادرة على إخفاء الوحش اللابد داخل الإنسان‭.‬ انفلات الكاسر الذي حاولت البشرية منذ تشكّلها أن تروّضه وتؤنسنه، ها هو ينطلق من حبسه وينزل راكضا من كهفه الأول بغرائز لها أنياب ومخالب‭.‬

يعيش العالم الآن في لحظة مفصلية، ليس تبسيطا بوصفها بين الوحش والإنسان في جوف واحد للكائن‭.‬ له أن يختار‭.‬ عليه أن يقرر أين يقف وأيّ طريق يسلك‭.‬

المحكوم بوجوده في هذه الرقعة العربية من الكون، عليه أن يصرخ؛ لم يعد للصمت من قيمة سوى أنه بقعة ظلام في ظلام أشد‭.‬ وكما أن ما يحدث الآن من تفاقم القتل والتدمير؛ ليس إلا نتائج لفعل التسلط والطغيان والظلم المتراكم لأنظمة سياسية استبدت وكرّست البشاعة في مجتمعاتها، نفت الجمال والحب في داخلها، بحيث قدمت الكراهية وقمعت ما سواها، ليس أمام الشاعر، وهو أحد الوجوه المنفية من المشهد العام، إلا أن يستعيد صرخته ويطلقها ويصرّ على صحة قوله الجمالي في وجه القبح ومن صيّره سيّدا في الحياة‭.‬

على الشاعر أن يصنع نجاته بكل طاقته فهو أحوج لها الآن من ذي قبل‭.‬ في ساحة ملأى بالقتلة على الشاعر أن ينحاز إلى القتلى والمشردين والمكلومين، ويمد يدا للحياة‭.‬ له أن يسخر، له أن يرفض، له أن يشتم بنزق، وله ما شاء من طرائق القول‭.‬ على أن لا يصمت أبداً‭.‬ صرخة واحدة طويلة، ناره في وجه الذئاب‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.