عندما‭ ‬تنتظر‭ ‬الإجابات‭ ‬أسئلتها

الثلاثاء 2016/03/01
لوحة: فيصل لعيبي

ولكن ذلك‭ ‬الاستبشار‭ ‬بزمن‭ ‬جديد‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬بهيئته‭ ‬التي‭ ‬توخّيناها،‭ ‬إذ‭ ‬اكتشفنا‭ ‬أنه‭ ‬كالحمل‭ ‬الكاذب‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬حجم‭ ‬الفروقات‭ ‬الكبيرة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الوهمي‭ ‬والحقيقي‭. ‬فمنيت‭ ‬شوارع‭ ‬عربية‭ ‬بمزاج‭ ‬قمعي‭ ‬حاد،‭ ‬وأخرى‭ ‬بأياد‭ ‬دفعت‭ ‬بالمسار‭ ‬إلى‭ ‬جهات‭ ‬تركض‭ ‬نحو‭ ‬التهلكة،‭ ‬وعمّت‭ ‬الفوضى،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬مأمولاً،‭ ‬ليحيلنا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬إلى‭ ‬تساؤل‭ ‬حول‭ ‬فهمنا‭ ‬الحقيقي‭ ‬للثورة،‭ ‬وهل‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬حتمية‭ ‬لم‭ ‬نجتازها‭ ‬بعد،‭ ‬حتى‭ ‬يتسنّى‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتجاوز‭ ‬الأيادي‭ ‬التي‭ ‬حرفت‭ ‬مسارات‭ ‬الشعوب،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬كمّم‭ ‬الأفواه،‭ ‬ليعدنا‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬الجدوى‭ ‬فيما‭ ‬تمنّاه‭ ‬‮ ‬العربي‭ ‬ردحاً‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬لتأخذه‭ ‬درب‭ ‬الحداثة‭ ‬إلى‭ ‬وعي‭ ‬جديد‭.‬

فرغم‭ ‬أن‭ ‬الحداثة‭ ‬-برأيي-‮ ‬كانت‭ ‬خروجاً‭ ‬فوضوياً،‭ ‬على‭ ‬عالم‭ ‬‮ ‬مُني‭ ‬بالفوضى‭ ‬بسبب‭ ‬الحربين‭ ‬الكونيتين،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬الموت‭ ‬هو‭ ‬السيد‭ ‬الكبير‭ ‬للفوضى،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تعتبر‭ ‬خروجاً‭ ‬على‭ ‬السائد‭ ‬المتردي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يجنب‭ ‬العالم‭ ‬آنذاك،‮ ‬ذلك‭ ‬الانهيار‭ ‬في‭ ‬القيمة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وذهاباً‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬بالسفينة‭ ‬إلى‭ ‬برّ‭ ‬الأمان‭. ‬ذلك‭ ‬الخروج‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬انقلاباً‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المفاهيم،‭ ‬وأثار‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬حيال‭ ‬البناء‭ ‬الثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬والوجودي،‭ ‬فأحدثت‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬إزاحات‭ ‬مهمة‭ ‬أنتجت‭ ‬مجتمعات‭ ‬طالت‭ ‬حريتها‭ ‬كل‭ ‬الأركان‭ ‬الأساسية‭ ‬للمكون‭ ‬العام‭ ‬للعيش‭. ‬بحيث‭ ‬أصبحنا‭ ‬نرى‭ ‬بوضوح‭ ‬ذلك‭ ‬الفارق،‭ ‬ليس‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬والفكري‭ ‬فقط،‭ ‬إنما‭ ‬الإنساني‭ ‬أيضاً،‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬قطع‭ ‬مراحل‭ ‬في‭ ‬مضمار‭ ‬التقدم‭.‬

‮ ‬ولهذا‭ ‬-وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الهزات‭ ‬الكبرى‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تخلق‭ ‬حداثات‭ ‬كبيرة-‭ ‬تواجهني‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التساؤلات،‭ ‬خاصة‭ ‬حينما‭ ‬تلح‭ ‬أسئلة‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬العربيين،‭ ‬أهمها،‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لنا‭ ‬حداثتنا‭ ‬العربية‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬67‭ ‬وسقوط‭ ‬بغداد‭. ‬مع‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬الحداثة‭ ‬مفهوم‭ ‬شامل‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬والأدب،‭ ‬بل‭ ‬يصيب‭ ‬بنزقه‭ ‬كل‭ ‬المنظومات‭ ‬الحضارية‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفرز‭ ‬أشكالاً‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬والتقدم‭. ‬وهل‭ ‬هنالك‭ ‬شروط‭ ‬أكثر‭ ‬قسوة‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تتوفر‭ ‬حتى‭ ‬تتحقق‭ ‬تلك‭ ‬الحداثة‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬العربيين؟‭ ‬إذ‭ ‬تبدو‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الأهمية،‭ ‬والإنسان‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬يتحرى‭ ‬التجديدات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬إلا‭ ‬بمساءلة‭ ‬بنيتي‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬العربيين،‭ ‬بوعي‭ ‬من‭ ‬يرنو‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬مختلف‭. ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬هو‭ ‬متى‭ ‬تتم‭ ‬المسائلة‭ ‬الحقيقية؟‭ ‬أيّ‭ ‬العناصر‭ ‬يجب‭ ‬استبعادها،‭ ‬وأي‭ ‬العناصر‭ ‬يجب‭ ‬استلهامها‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬المساءلة‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬شروطها‭ ‬هي‭ ‬الأخرى؟‭ ‬والمساءلة‭ ‬بالطبع،‭ ‬هي‭ ‬مساءلة‭ ‬نقدية،‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تستهدف‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬تتجاذبه‭ ‬أربعة‭ ‬تيارات،‭ ‬قومية‭ ‬وماركسية‭ ‬وسلفية‭ ‬وليبرالية‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أيّ‭ ‬محاولة‭ ‬نقد‭ ‬لأيّ‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التيارات،‭ ‬ستشهد‭ ‬معارضة‭ ‬شديدة،‭ ‬فكل‭ ‬تيار‭ ‬يرى‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تعصبه‭ ‬لآرائه‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يملك‭ ‬الحقيقة‭ ‬بعينها‭.‬

لهذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بإمكاني‭ ‬تحرّي‭ ‬أسئلة‭ ‬الشارع‭ ‬العربي،‭ ‬وانتفاضاته،‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬أسئلة‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر‭ ‬العربيين،‭ ‬دون‭ ‬التسليم‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬الانتفاضات‭ ‬هي‮ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬السائد،‭ ‬ولها‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حداثة‭ ‬جديدة‭. ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬الانتفاضات‭ ‬برأيي‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬شروطها‭ ‬الكاملة‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬خطوة‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار،‭ ‬فتفاوت‭ ‬نضجها‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬وتفاوتت‭ ‬استقلاليتها‭ ‬بين‭ ‬شارع‭ ‬وشارع،‭ ‬وكأن‭ ‬هنالك‭ ‬ذهاباً‭ ‬متعمداً‭ ‬لاختراقها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬شروطها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تجني‭ ‬ما‭ ‬جناه‭ ‬العالم‭ ‬إثر‭ ‬الحربين‭ ‬الكونيتين‭ ‬من‭ ‬فوضى،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬حداثة‭ ‬حادة،‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬عربي‭ ‬جديد‭.‬

حرف‭ ‬ذلك‭ ‬الحراك‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينشد‭ ‬في‭ ‬بداياته‭ ‬التغيير‭ ‬الحقيقي،‭ ‬وسرقت‭ ‬مضامينه،‭ ‬فعمت‭ ‬الفوضى‭. ‬فمنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬تلك‭ ‬الانتفاضات‭ ‬والسجال‭ ‬قائم‭ ‬حول‭ ‬تحديد‭ ‬ماهيتها‭ ‬ومراميها،‭ ‬والنظر‭ ‬إليها‭ ‬دون‭ ‬الخروج‭ ‬بفهم‭ ‬موضوعي‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬ويحدث،‭ ‬وكأن‭ ‬الكائن‭ ‬العربي‭ ‬أمضى‭ ‬عمره‭ ‬بمعزل‭ ‬عمّا‭ ‬يدفعه‭ ‬للخروج‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭. ‬دون‭ ‬إنكار‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬أياد‭ ‬تسللت‭ ‬خفية‭ ‬إلى‭ ‬المشهد،‭ ‬وحولت‭ ‬-كما‭ ‬أشرت-‭ ‬بوصلته‭ ‬إلى‭ ‬جهاتها‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬ازدهار‭ ‬مصالحها،‭ ‬فتنامى‭ ‬الخطاب‭ ‬الطائفي،‭ ‬بشكل‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬خطورة‭ ‬عظمى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها،‭ ‬بحيث‭ ‬انقسم‭ ‬الشارع‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬ذهب‭ ‬لانتفاضاته‭ ‬وعلى‭ ‬جبينه‭ ‬مبتغى‭ ‬حرية‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عيش‭ ‬إنساني‭ ‬مشترك،‭ ‬لا‭ ‬مرجعية‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومضامينها‭. ‬إذ‭ ‬يقتادنا‭ ‬هذا،‭ ‬ونحن‭ ‬نصاب‭ ‬بالذهول‭ ‬أمام‭ ‬ملفات‭ ‬تعوم‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬تداولها،‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬ساءلنا‭ ‬فكرنا‭ ‬العربي،‭ ‬فقد‭ ‬ساءلناه‭ ‬ضمن‭ ‬الحدود‭ ‬النظرية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬قناة‭ ‬مع‭ ‬الأفق‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يجسر‭ ‬الهوة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النخبوي‭ ‬والشعبي،‭ ‬وساءلناه‭ ‬بوعي‭ ‬كلاسيكي‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬السلفية‭ ‬الماركسية‭ ‬والقومية‭ ‬والليبرالية‭ ‬والدينية‭.‬

فمُنينا‭ ‬بالدهشة‭ ‬الموجعة‭ ‬ونحن‭ ‬نعاين‭ ‬الشارع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬اشتعالاته‭ ‬إذ‭ ‬نخلص‭ ‬لنتيجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صوت‭ ‬ذلك‭ ‬الشارع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يزحف‭ ‬نحو‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬يؤيد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬الخطاب‭ ‬والفعل‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬بحيث‭ ‬نكتشف‭ ‬-بعيداً‭ ‬عن‭ ‬نظرية‭ ‬المؤامرة-‮ ‬أن‭ ‬جانباً‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬العربي‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنين‭ ‬التي‭ ‬مضت‭ ‬وهو‭ ‬يرنو‭ ‬للحرية،‭ ‬يلقي‭ ‬بنفسه‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬سلفي‭ ‬مبتكر،‭ ‬لا‭ ‬مهمة‭ ‬له‭ ‬إلا‭ ‬إعادة‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬وإشاعة‭ ‬الفوضى‭ ‬الهدامة‭.‬

‮ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنين‭ ‬مما‭ ‬فعله‭ ‬(البوعزيزي)‭ ‬تؤثث‭ ‬المشهد‭ ‬العربي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الأشد‭ ‬خطورة‭ ‬مما‭ ‬كنا‭ ‬نعتقد،‭ ‬إذ‭ ‬انفجر‭ ‬الخطاب‭ ‬الإرهابي‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬فوجد‭ ‬له‭ ‬مؤيدين‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العربي،‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬النحر‭ ‬والسبي‭ ‬والحرق‭ ‬له‭ ‬مسوّغات‭ ‬دينية،‭ ‬ويحلمون‭ ‬بصياغة‭ ‬نظام‭ ‬يتكئ‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬سلفية‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬لا‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬ولا‭ ‬بالآخر‭ ‬ولا‭ ‬بما‭ ‬خرج‭ ‬الشارع‭ ‬العربي‭ ‬لأجله‭ ‬مطالباً‭ ‬بالتغيير‭. ‬وتكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬تلك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الكثير‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ظاهرا‭ ‬للعيان،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لحقبة‭ ‬من‭ ‬القمع‭ ‬وغياب‭ ‬العدالة‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬العربي‭. ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬وخطير‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬نفي‭ ‬تمدده،‭ ‬ولو‭ ‬سلمنا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬شاعت‭ ‬مؤخراً،‭ ‬هي‭ ‬صنيعة‭ ‬جهات‭ ‬ارتأت‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬مصالحها‭ ‬عبر‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التكنيك‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬الزعزعات‭ ‬الخطيرة‭.‬

وطفت‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬العربي‭ ‬النزعة‭ ‬الطائفية‭ ‬الدينية‭ ‬الخطيرة‭ ‬بمرحلتها‭ ‬الثانية،‭ ‬والتي‭ ‬بقيت‭ ‬مخبوءة‭ ‬لزمن‭ ‬دون‭ ‬رؤية‭ ‬حقيقية‭ ‬لاستشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬وتلافي‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إليه،‭ ‬فانقسم‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬لأطياف‭ ‬متناحرة‭ ‬-تضاف‭ ‬إلى‭ ‬انقسام‭ ‬طائفي‭ ‬سابق-‮ ‬وضربت‭ ‬الفرقة‭ ‬جذورها‭ ‬في‭ ‬تربة‭ ‬عميقة‭.‬

في‭ ‬اللحظة‭ ‬العربية‭ ‬الراهنة‭ ‬يتصدر‭ ‬الدم‭ ‬والموت‭ ‬واللجوء‭ ‬والتشرد‭ ‬والبارود،‭ ‬المشهد‭. ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬الذي‭ ‬يجني‭ ‬أشد‭ ‬خسارات‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي،‭ ‬الذي‭ ‬حلم‭ ‬بزمن‭ ‬جديد‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬فيه‭ ‬أسئلة‭ ‬الشارع‭ ‬العربي،‭ ‬بمساءلة‭ ‬أسئلة‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬العربيين،‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬حلم‭ ‬به‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.