عن‭ ‬أي‭ ‬شاعر‭ ‬نتحدث؟

الخميس 2015/10/01

ثمة من يكتب اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي فيصبح شاعراً بإجماع أصدقاء صفحته‭.‬ ثمة من اعتمد على علاقاته العامة ونشر مواد في الصفحات الثقافية لصحف معروفة فأصبح شاعراً‭.‬ ثمة “شاعرات” ينشر لهن “الذكر الهادر” الذي يدير صفحة ثقافية في منبر صحفي فأصبحن شاعرات‭.‬ وخلال المحنة السورية المؤرقة ثمة من صفّ شتائمَ على الورق فتمّ تنصيبه شاعراً وطباعة رداءته تالياً كنوع من الاحتفاء به‭.‬

أعتقد أن ملف الجديد يتحدث عن “الشاعر الحق”، لا “الشاعر المُغتصِب”‭.‬ أعتقد أنه ليس مطلوباً من الشاعر حمل رسالة أو قضية كبرى في منجزه الكتابي ونصوصه، ولكي لا نعمم أو نتعامل ببروكستية، فإن غالبية الذين فعلوا ذلك -لا سيما منهم شعراء الالتزام وشعراء البدلة الكاكية- قد قدموا سقط متاع تحت يافطة الشعر، إذ أن الشاعر -في المحصلة- ليس مُخلَّصاً، وليس الشعر سفينة نوح، حتى لو أراد الشاعر ذلك لن يستطيعه‭.‬ فليست مفاتيح العالم والأشياء بيد الشاعر‭.‬ لن يتحول إلى مظلة معدنية واقية من البراميل، أو حائطاً أمام فوهات الرشاشات والدبابات، ولن يتمكن من منع “بوسيدون” من ابتلاع المزيد من البؤساء الذين فقدوا منذ أزل بعيد أيّ خط أفق‭.‬ هذا لا يمنع أن يكون لديه موقف تجاه العالم في لحظة الجريمة‭.‬

مؤكد أنه في سوريا مثلاً لن يكرّر صنيع خليل حاوي، ولن يسيل دمه حبراً آخر، لكن عليه أن يكذب ويقول الحقيقة، عليه أن يجعل الشعر هو اللغة الأمّ لا الصمت، عبر التعبير الخلاق المبدع عن سفر المحنة اليومي لا تزيين كتابته بمفردات من قاموس الحرب، عليه ألا يكون شريكاً في الصمت، أو شريكاً للقاتل‭.‬

في بلدي سوريا كان يمكن للبعض الشاعر أن يكون إنساناً عابراً للحدود بين المكونات، وأن ينحاز للإنسان السوري، إلى مشاريع الضحايا في الشارع، وفي مراكز الاعتقال وفي القوارب المطاطية، وفي الغابات على تخوم أوروبا، لا أن ينحاز إلى الإنسان الطائفي‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.