غابة محروقة

الثلاثاء 2020/09/01
لوحة لحسين جمعان

القصيدة

الصّوتُ لم يكن صوتًا بل خُيّلَ إليه والماءُ، مرّةً أخرى، كان خدعةَ السّراب

انتهت القصيدةُ إلى مُسوّدة

– مؤكّد- ستمزّقها

مبرّرا ذلك لنفسك بأنك شاعر

يمحو أكثر ممّا يكتب

انتهت كرةُ القطن التي نسيها أطفال الحيّ القديم

لوحشة الزّقاق

إلى هذه الأشلاء العالقة

بمخالب قطّة سوداء

تقتربُ في توجّس

من طيفك النّائم على الرّصيف

تتشمّمُ ثيابك الباليةَ

وتموء..

انتهت الكلماتُ جميعا (حتى تلك التي

لم تتفوّه بها(

إلى صمت مطبق كفكّي أسد هرم

على غابة محروقة

وعليك الآن وحدك

أيها الشاعر الذي يمحو

أكثر مما يكتب

أن تضعَ حدّا لتقاطُرك في داخلك

تقاطرَ معطف مبلول يتدلّى

من شُرفة أخيرة

مات صاحبُها وحيدا في الفجر

في شقّته الصّغيرة العالية

(هذا ما يقوله الخبرُ في الجريدة)

ولم تتفطّن، في الحين، إلى موته

سوى الشّرفة

والمعطف المفروك ليلاً

بيديه.

ألوان

ما يدهشك الآن

خربشات الوقت في جدران بيت

يأوي غربتك بلا تكاليف

وتؤجل دوماً دهنه..

تتردد في اختيار اللون المناسب

الألوان دائماً تقترن في ذهنك

بمقلمة هادئة فوق طاولة المكتب

شبيهة بمزهرية فخارية

لكنها لا تعرف الأزهار

وبكراس خرائط بلا مفاتيح

تقلّبُ الريح أوراقه تحت شجرة يوكاليبتوس

في وقت استراحة بين رنّتيْ جرس مدرسة قديمة..

هذا ما يدهشك الآن

في فكرة تعبرك كما تعبر السماء سحابة صيف

هذه المسافة التي تقطعها الآن

مشياً على قلبك دون رأفة

من شمالك البارد

إلى جنوبك الحار

لتسجل بقلم ذلك المدرس العظيم

مدرس التاريخ والجغرافيا

في مدرسة قريتك النائية جداً

غياب ذلك التلميذ الذي كنته

عن الحصة الأخيرة

من ذلك الفصل.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.