قصائد
تادرارت
I
أُنصتُ بعناية
ليلٌ دامسٌ موحشٌ
كلٌّ أقفلَ عليه بابه
حمحماتُ الخيل خافتةٌ ومحيّرةٌ
كماءٍ يتساقط على عود قشّ
ليتني قلتُ شيئاً
وما كان فمي فارغاً
فمي فارغ.
II
لم تخدعني الريحُ أبداً
ولا أصابعي
كان عليّ أن أموت واقفاً
صعبٌ هذ الحنين.
III
صفيرُ رملي
حفيفُ ثوبي
طيّةٌ فوق طيّةٍ
هواءٌ فوق هواء.
IV
ها قد وصلوا
وراءهم تلمع سنانُ الحراب
بقوةٍ يدقّون على سرجَ الأرض.
V
عند باب الكهف
حصىً منتشرٌ، مليءٌ بالكلمات
بحثتُ كثيراً عن سرّة القدح
لم أجد غير آهةٍ تصعدُ
وماء يغمر كلّ شيء.
VI
بلا توقف
الشمس والظلّ
يعودان.
VII
هنا طريقٌ
وهنا طريقٌ
أجلسُ على صخرة وحيداً.
VIII
تدرارت تتسرّبُ
نسمةً جنوبية
شبقَ غيمةٍ
مَن قال إن الصخور لا تحدّتُ بأحلامها؟
مَن اكتشف خديعة الرمل
أو
لماذا السماءُ الكبيرةُ تبعثرُ كوابيسها؟
بيت في الريح
ما بعد ظهيرةٍ هشّةٍ
بحرٌ شاسعٌ
أشجارٌ فارغةٌ
فراشةٌ وقبرٌ
أنا هنا
القرويّون هنا
حكايات بلغات غريبةٍ هنا
ألسنةٌ مكسورةٌ هنا
ليتني عرفتُ أنّي اتّكأتُ على وسادةٍ غياب
ليتني عرفتُ أنّ الجدجد أخاف اليرقة الصغيرة
ليتني عرفتُ أن الكلمات هائمةٌ والقهوة خفيفةٌ
ليتني عرفتُ أن العيون محجّبةٌ والجَرس ملعونٌ
القوارب الفقيرة رفعت وجوه اللاجئين أشرعة لها
وحدهم الخائفون قادرون على بناء بيتٍ في الريح
لكنّ الريح خدعتْ الوقتَ
كي ينصت لقصيدة الفراغ العظيم
كي يكنس جهل الكون.
الحدود
خطوتان فقط، من الساحة العامّة
لثلاثين عاماً، لم أستطع عبور هاتين الخطوتين
أو أشارك المنبوذين رقصة الوداع
لثلاثين عاماً، لم أفهم شهقة الله!
أملأ كفّي بثلجِ ليلةٍ تحتضر
رجال الشرطة هتكوا السرّ
أشاروا ببنادقهم إلى وجوهٍ تتلاشى ببطء
ليس لأن اللغة عبرت عتبة القطار الكئيب
ليس لأن الأحلام غنّتْ أغنية القنديل القديمة
لا، لا، ليس ذلك!
عند الظهيرة تماماً
الظلالُ نزلت المنحدر ورحلت
الرجال رحلوا
النساء والأطفال رحلوا
عند الظهيرة تماماً
جاء موتٌ
وجاء موتٌ آخرُ
وموتٌ آخرُ.
* تدرارت جبل من جبال أكاكوس في صحراء ليبيا التي يقطنها التوارق