قصائدُ صيفٍ آخَرَ

الاثنين 2018/10/01
لوحة: داؤود حسن داؤود

ساعةٌ في الصَّباحِ

ساعةٌ في المَساءِ

1

الأرضُ، جسدُ الريح.

نهضتُ، وكانت كفّكَ تصعدُ تلَّ الظلامِ

ثمَّ تهبّ

لتجرحَ القميصَ في نومٍ

وتجرحَ الضوءَ على القَميص

وكان الجرحُ يعود إلى فردوسِهِ

والريحُ إلى روحِها في الطريق.

2

سفرٌ في الشتاء:

ركبتَ الزورقَ

 وأشرتَ إلى الماءِ،

فَكان.

والظهيرةُ، فراتُ قصصٍ نائيةٍ

ونباتٍ أحمر

وفراتُ سفرٍ في الشتاءِ

وهاويةٍ للصُّعود.

3

وقبلَ ذلكَ

حينَ تمدّدتَ بعدَ حبٍّ

نظرتُ إلى النَّومِ

ليكونَ نَجمتَكَ

 ونظرتُ إلى نومِكَ

وكان يبابَ العُمرِ

وغابتَه.

ودخلتْ شمسٌ من النافذةِ

لتشُمَّ السرَّ

فنهضْنا

وكان الوقوفُ هناك

ظلّاً

في حياةِ الشَّمس.

 

اللحظةُ التاليةُ

قبلَ أن تسقُطَ الذِّكرى في الغدِ

وتكونَ فخَّ النَّهارِ في مدينةٍ باردةٍ

ونجاتَه،

صَعدْتَ الأدراجَ ودخلتَ

وكان السرابُ يمسحُ دروبَه

ويبلغُ السكينةَ.. كالجسدِ

وحين التفتُّ

لأصفَ لكَ اللَّحظةَ

كنتَ جلستَ في الرّكنِ.. تطلبُ الماءَ

وكان مسافراً ومقيماً

أبداً

وجهُك الكَهلُ كالنَّهرِ

وكاللَّحظةِ التاليةِ.

 

مصير

على اللَّيلِ يقَعُ الغِيابُ

في العتمةِ تسكُنُ الرائحةُ.

بالجسدِ يلصُقُ الحلمُ

بالرّوحِ، ما لمْ يكُنْ فيهِ.

بِكلمةٍ تبزُغُ الشَّمسُ

إلى شَجرةٍ من صَمتٍ، تَستنِد.

إلى الوداعِ تنظرُ التَّحيَّةُ

إلى الطّريقِ ينظُرُ ظِلُّها

ويسيرُ.

 

منتصفُ اللَّيلِ

وهو ينالُ طريقَهُ

آخِرُ ما يَفعلُه القَمرُ

أن يلْمَسَ المَمرّاتِ.

وهي تسيرُ خلفَهُ

آخِرُ ما تَفعَلُه الممرّاتُ

نظرةٌ للوراءِ:

ثوبٌ واقفٌ عند عتبةٍ،

ومرآتُه الراغِبةُ،

قوسُ الشَّفةِ،

قوسُ الكلمةِ الخافِتةِ،

قوسُ اليدِ على الصَّدرِ والكَتفِ،

سقوطُ ليلٍ في ظلِّهِ

ولذّتُهُ بعدَ ليلٍ

في ممرٍّ.

 

بعدَ عاميْنِ

للضَّوءِ، أعمدةٌ مظلمةٌ كالبِشارةِ

وحالِمةٌ كالجُرحِ

للشَّجرةِ، صحراءُ حارقةٌ،

كالأَملِ.

للطَّريقِ، بيتٌ

يُفكّرُ أن يسكُنَه ذاتَ يومٍ

ويكونَ الشاهدَ على

نومٍ

هابطٍ

فوق الأريكةِ،

مثلَ ريحٍ في السَّحرِ.

وحينَ يستيقظُ العالَمُ

يحمِلُ ما تبقّى من رؤياه

وَيَسير.

تدنو

بيدِكَ الهمسُ، وحياتُه خلف بابٍ أزرقَ في اللَّيلِ

بيدِكَ الأُخرى، ظِلُّ أعوامٍ لاحقةٍ

بعد أن مرّ عامانِ على الجُرحِ

وعلى السرِّ، أشهُرُ، ويقظَتُها ذاتَ صَيفٍ.

 

أقمارٌ نائمةٌ

سِرتُ، ورأتْني خطوَتي

دنوتُ، ونظرتْني الحَوافُّ

والكلمةُ اقتربتْ قبلَ أن أقول

وتركتْ نبتتَها نائمةً في يدي

وحلَّ اللَّيلُ: نجمةً لِلصَّيفِ

لَوحاً لِقصّةٍ

وَلَوحاً لمرآتِها الخاطئةِ مثلَ ريحٍ.

سرٌّ سالَ على سيرِكَ تحتَ القَمرِ اللَّاهثِ

ودمي على يقظَتِك.

دَمي على قَمرِكَ وهو يَنامُ في غابِتِه

رعشةُ الأملِ

وسُطوعُ الشَّمسِ على نَفسِها.

وفي الغدِ،

نهاري أكثرُ من غيابٍ

وسفري، ظلٌّ أقلّ.

 

قبلَ العودةِ

لو كان للرِّيحِ جَناحٌ أكبرُ

لاقتربتْ

وقالتْ لِيومِها: كُن مدينةً تنامُ في سفَرِها

وتحلمُ به

وابقَ هناك.

لو كان لِلمَصيرِ أبوابٌ أقلُّ

وأناسٌ أقلُّ

لرَفَعَ اللَّحظةَ نحوَ قوسِهِ

ضاحكةً في جَحيمِها

مثلَ جرحٍ وَمثلَ قمرٍ

وباحَ بها.

لو كانَ له يومٌ أخيرٌ

لشابهَ يومَهُما

وصارَ صيفَ الحافلاتِ والشَّرقِ والشَّمالِ.

***

أريكتانِ في منتصَفِ اللَّيلِ في المطارِ

أريكتانِ للزّمنِ

وانهيارِهِ

قبلَ العودةِ إلى كلِّ شيء.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.