كأنني أبدأ اليوم
في التاسعة خرجت في أول مظاهرة من أجل فلسطين، تبعتها مظاهرات عديدة وصفعات من رجال شرطة وتوقيفات قصيرة. في العاشرة بدأت أرسم وأكتب بعد أن اقتنعت بأحاديث سمعتها عن نظام يحقق العدالة والكرامة والإنسانية، وبقيت وفياً منذ تلك اللحظات لتلك الأفكار. في الرابعة عشرة نشرت قصيدتي الأولى في جريدة “الصرخة”، وفي الخامسة عشرة أصبحت من أوائل رسامي الكاريكاتير السياسي ومحرراً في صحيفة وصاحب زاوية شعرية أسبوعية. وهكذا، وفي أيام البراءة والحلم تلك، بدأ الوهم بالتكامل، وارتبط وهمي الخاص بالوهم العام. إننا مقبلون على تغيير العالم.
في السابعة عشرة، ذهبت لأدرس الإخراج السينمائي في تشيكوسلوفاكيا، وكانت مغامرة، إذ كنت أول من يدرس هذا الفرع في دولة اشتراكية وعلى نفقته الخاصة، أدرس مادة ليس لها أيّ أصول أو أسس أو صناعة في بلادي. وهنالك تعلمت أمرين، أولهما، كيف تملك الوسائل الحرفية الفنية للتعبير عن تفردك. وكان ذلك مجزياً للغاية، وثانيهما، كيف أن تكون متفرداً غير تابع لقطيع، وهذا ما دفعت ثمنه غالياً طوال عمري.
هذه الـ (لا) الأبدية، لم تدعني أنتظم في حزب أو تنظيم، ولم أضع نفسي في موقع أن أقبل أمراً من أحد، لذا لم أكن موظفاً أبدا، وكانت علاقتي بالمفهوم الضمني للسلطة تنمو وتأخذ بعداً أثّر على كل مسيرتي، فلقد ترسّخت لديّ القناعة بأن الفن في ديناميته واكتشافه وثورته على السائد والمألوف سيكون دائماً على نقيض مع الفن الرسمي، ومع قيم ومفاهيم وأخلاق وجماليات السلطة أياً كانت، لأن السلطة محافظة حتى في اكثر أشكالها تقدمية، وهذه القناعة جعلتني في حالة فصام مع المسؤولين، وبقيت مداناً من قبل السلطة على أنني يساري أدفع ثمن ذلك قتالاً يومياً من أجل الوجود، وكنت في الحين نفسه مداناً من قبل اليساريين لأنني لم أكن منتمياً. وهكذا استمرت هذه المسيرة المضحكة التي لم ترض أحداً.
لقد ارتبط مشروعي السينمائي (كما هو فيما أكتب وأرسم) بمشروع الوطن الذي أحلم به، دون ادعاء أو استعراض، فلقد كان ذلك قدري، وأعتز بأن هذا الارتباط لم يتعرض أبدا لأيّ تنازلات أو مساومات، ولكن ذلك كان يقودني للإصابة بنفس الخيبات التي يتعرض لها هذا الوطن.. إضافة إلى الرعب الذي كان متزامناً مع كل عمل أنجزه.. فلقد كنت أحرث في أرض بور، وعندما انضم سينمائيون آخرون في بداية السبعينات، كان عليهم أن يعيشوا نفس الأحاسيس والتجارب. لقد بدأت في البداية، ثم مع الآخرين سينما سورية أصيلة من نقطة الصفر.
بدأت مشاكلي عندما فاز فيلم التخرج (مشكلة عائلية) بجائزة هامة في أحد المهرجانات عام 1964م، وفجأة وجدت نفسي عضواً في لجنة تحكيم في مهرجان آخر. وهكذا بدأت من نقطة يصعب التراجع عنها.
في سوريا، بدأت بفيلم (إكليل الشوك couronne d`epine) عام 1968م (روائي 35د) عن نكبة (67) كان أول عمل عربي جاد، بتعبير سينمائي مبتكر عن فلسطين، وتساءل آنذاك الأديب المصري مجيد طوبيا: أليس (إكليل الشوك) هو نموذج السينما العربية البديلة التي نطلبها؟ ومنذ ذلك الحين مضى شعار (السينما العربية البديلة) ليصبح مطلباً وشعاراً للسينمائيين العرب.
كما كان (إكليل الشوك) التجربة اللغوية السينمائية الأولى من نوعها في السينما العربية، فإنه كان أيضا اللقاء الأول بحرفة (الصلب) التي يتعرض لها الفيلم والسينمائي من قبل بيروقراطية تافهة ونقد بدائي ورقابة مذعورة، وهو الأمر الذي سيبقى قدر السينمائيين لأكثر من ربع قرن، وبقي الفيلم في العلب لأكثر من عامين، ثم وبعد سنوات بدأ بعض الزملاء بتذوق نفس التجربة، فمنع فيلم (اليازرلي) لقيس الزبيدي، و(الحياة اليومية في قرية سورية) لعمر أميرالاي دون أيّ سبب شرعي أو معقول.
لم نكن آنذاك نتعلم كيفية صنع سينما جديدة وخاصة، وإنما كنا نتعلم الدروس الأولى في كيفية المرور عبر حقول الألغام.
عام 1969م كتبت سيناريو (الفهد le leopard) عن رواية لحيدر حيدر، وكان هذا هو مشروع الفيلم الروائي السوري الطويل الأول، إذ لم يسبقه سوى فيلم (سائق الشاحنة) لمخرج يوغسلافي. ولا يمكن اعتبار هذا الفيلم سورياً حقاً.
قبل أسبوع واحد من موعد انطلاقنا للتصوير، جاء الأمر من وزارة الداخلية، وبالتالي من وزارة الثقافة بمنع تصوير الفيلم، ولم تنفع الاحتجاجات، فالفيلم يتحدث عن ثائر فرد في مجابهة السلطة، وهذا ممنوع.
عدت مرة أخرى إلى الجرح القديم والنازف أبدا، فلسطين، واقترحت إنجاز ثلاثية (رجال تحت الشمس) التي أخرجت أول قصة فيها. صحيح أن الفيلم وبمنظور اليوم يمكن اعتباره ساذجاً، ولكنه كان حدثاً هاماً، إذ منح السينما السورية الوليدة شرعية وحضوراً، خاصة بعد نيل الفيلم التانيت الفضي في مهرجان قرطاج.
بعد الحركة التصحيحية، توفر مناخ أكثر انفتاحا وديمقراطية من السابق، فعدت وحصلت على الموافقة لإنجاز (الفهد).
أعتقد أن (الفهد) كان الفيلم الذي حقق عددا من الأمور في آن واحد، فلقد كان بحق الفيلم الروائي الطويل الأول السوري بالكامل لمؤسسة السينما، كما أنه الفيلم الأول الذي حقق هذا الحضور والتوزيع العالمي، وإلى جانب الجوائز العديدة التي حازها من مهرجانات مختلفة، فلقد كانت جائزته الحقيقية هي أنه شكّل ظاهرة ليست لها سابقة في السينما العربية، إذ بقي يعرض في الصالات منذ عام 1972م وحتى الآن، وكان على السينما السورية أن تنتظر أكثر من عشرين عاما لتصادف نجاحا جماهيريا مماثلا في فيلم (رسائل شفهية).
مائية بريشة نبيل المالح
في (الفهد) تمكّنت من وضع ملامح صياغات لغوية سينمائية ودرامية كانت مبتكرة بالنسبة للسينما العربية، وخاصة في خلق هذه العلاقة التناقضية المتكاملة بين العام والخاص، بين الـ(لا) الفردية والـ (لا) الجماعية.
في (الفهد) خسر بطلي معركته مع التخلف والغباء وفقدان الحس الجماعي والتمزق والأنانية النفعية الفردية قصيرة النظر، خسر معركته أمام كل ذلك، ولكنه كان الفائز أخلاقيا وإنسانيا، وها أنذا أكتشف أن مصير جميع أبطالي في كل أفلامي كان متماثلا، في (بقايا صور fragments) و(السيد التقدمي le progressist) و(الكومبارس comparses) و(الصخر)، ترى هل كنت أتنبأ باحتمالات خسارتي الشخصية المماثلة أنا أيضا؟
بداية السبعينات كانت متخمة بالوعود والأحلام، فلقد نشطنا في محاولة صنع ثقافة سينمائية، وخلقنا بعض الأسس لنقد سينمائي تحليلي مختص، وأعدنا الحياة إلى النادي السينمائي الذي غدا منبرا لأفكار جريئة وتحليل واع، كما أصدرنا نشرة (فيلم) الصغيرة المتواضعة الحافلة بالأفكار، والأهم من ذلك أننا استطعنا فرض تقاليد الإنتاج السينمائي وبناه الحرفية والإدارية على المؤسسة العامة للسينما.
لم تكن السينما آنذاك إنجاز فيلم وحسب، وإنما في وضع الأسس لسينما وطنية ذات خصوصية. وجاء تنظيم مهرجان دمشق السينمائي الأول (1972) الذي حمل شعار (سينما عربية بديلة) كمنطلق لتحقيق حلم دفين لدى السينمائيين في حركة متكاملة من أجل سينما عربية مختلفة، فلقد تواجد عدد كبير من السينمائيين العرب الواعدين، مع أفلام لافتة للأنظار. وبدت مؤسسة السينما السورية آنذاك بمجملها كصيغة متقدمة عن أيّ مؤسسة عربية مماثلة، ولكن، كان لا بد للوهم من نهاية، واكتشفنا أن كل الآمال كان بالإمكان خنقها من قبل إدارة عاجزة قاصرة واحدة، أما السينمائيون الواعدون في مهرجان دمشق من أقطار عربية مختلفة، فلقد اختفت أسماؤهم في الغالب، ولم يبق منهم سوى ذكريات عن أفلام يتيمة. وفي منتصف السبعينات اقتصر دور المؤسسة على إرسال البيروقراطيين إلى مهرجانات دولية، دون أن تكون هنالك أفلام سورية مشاركة. لقد تمكن البيروقراطيون والمتسلقون المهرة من شلّ المؤسسة تماما.
في السبعينات، أوقفت عن العمل لحوالي أربع سنوات، وبالرغم من ذلك، تمكنت من إنجاز ثلاثة أفلام روائية طويلة، هي (الفهد 72) و(السيد التقدمي 75) و(بقايا صور 80) إلى جانب مجموعة من الأفلام القصيرة التي اعتبرها ويعتبرها الكثير من النقاد فريدة من نوعها في مجمل إنتاج الفيلم القصير العربي.
أعتقد أن لكل فيلم أنجزته مذاقه الخاص، فلقد كنت أبحث دائماً عن وسائل جديدة للتعبير السينمائي، ولا أملك فيلمين متشابهين، بالرغم من صرامتي وإصراري على وحدة الأسلوب الفني داخل كل فيلم على حدة، وهكذا قدمت أفلاما قصيرة أعتز بها، وحاز العديد منها جوائز دولية مثل: إكليل الشوك ، نابالم – إيقاع – النافذة – لعبة الأبدية – الصخر – الدائرة – المدرسة. ولكنّ عدداً منها لم ينج من الصلب أيضا، فإلى جانب منع الفيلم الطويل (السيد التقدمي) منع (المدرسة) و(الدائرة).
في منتصف السبعينات بدأت معالم سقوط هرم الأحلام الذي بناه السينمائيون، على يد البيروقراطيين، وتبعثر المثقفون في صراعات أيديولوجية صغيرة، وبعد أن كانوا دعاة منهجية ديمقراطية، غدوا يمارسون حيال بعضهم أشرس أنواع الإرهاب الفكري، وغفلوا عن تلاحم الرجعية والسلفية التي كانت تستعد لممارسة إرهابها الحقيقي القاتل في بداية الثمانينات. وقد استطاعت السلطة إيقاف هذا المد الرجعي في حينه، منقذة البلاد مما تعاني منه الآن أقطار عربية أخرى، ولكن المثقفين كانوا قد خسروا مصداقيتهم منذ زمن طويل لانهم لم يستطيعوا، لسبب أو لآخر، أن يشكلوا كتلة متراصة متفقة على عدد من المبدئيات.
في بداية الثمانينات، هاجرت من جديد، أولا كأستاذ زائر في جامعتي (أوستن – تكساس ولوس أنجلوس) إلى جانب محاضرات في جامعات أميركية مختلفة وعرض لعدد من أفلامي، ثم عدت لأقيم في جنيف، وبعد عام هناك، وجدت نفسي مع عائلتي الصغيرة مهاجراً مع أمتعتي في سيارة كغجري أجوب أوروبا باحثاً عن وطن مؤقت، حتى وصلت أثينا، والإقامة المؤقتة المقررة استمرت لأكثر من تسع سنوات.
في فترة الهجرة الجديدة هذه، أنجزت برامج تلفزيونية، وفيلماً روائياً – تسجيلياً طويلاً باسم (تاريخ حلم) حاولت أن أقرأ فيه تطور مفهوم الحرية عبر المجتمعات الإنسانية منذ القديم وحتى عصرنا هذا.
في السنوات الثلاث الأخيرة، حاولت العمل على إنشاء محطة فضائية عربية مركزها أثينا، وكان حلمي أن تكون مركزاً للطاقات الإبداعية العربية في وجه تيار التخلف والسلفية والأصولية والتمزق العربي الذي بدأ يغزو المنطقة بشكل حثيث مدروس ومبرمج، ولكنّ مشروعي الذي استهلك ثلاث سنوات من العمل والعمر، كان محكوماً أن يكون واحداً من شهداء كثيرين في المعركة مع البترودولار وكل ما يمثله من تخلف وتمزق وانكفاء.
في مطلع 1992م، أنهيت هجرتي القسرية، وعدت إلى الوطن، لأخرج فيلم (الكومبارس) الطويل الذي كتبته.
في الثمانينات تم ظهور عدد قليل من الأفلام السورية الهامة، ولكنّ عددها يبدو مضحكاً، أربعة أو خمسة أفلام في عشر سنوات، ولكن ذلك لم يمنع أصحابها من تجيير السينما السورية بتاريخها كله لصالحهم، بالرغم من قناعتي بأنه لم تكن هنالك إضافة بارزة إلى ما تم تأسيسه في السبعينيات، بل إن البحث في السبعينات كان أكثر جرأة وشجاعة، ولكن ذلك متروك حتماً لناقد أو مؤرخ محايد يستطيع أن يرى الأمور بموضوعية تتجاوز التزييف المبرمج.
نظرة سريعة إلى هذا الطريق الذي امتد لحوالي ثلاثين عاماً.
أتذكر عندما كنت في براغ وصفا للفنان كتبه أديب تشيكي (لا أتذكر اسمه حالياً) يشبّه فيه الفنان بالطائر الذي يحمله معهم عمال المناجم إلى أعماق المنجم. وهذا الطائر هو جهاز الإنذار الحي، فهو إذ يختنق أولا، فإنّه ينبه العمال إلى وجود غاز سام.
لقد آمنت دائماً بأن السينمائي هو نبيّ مجتمعه وعصره، وفي بلاد مثل بلادنا، عليه أن ينصّب نفسه مسؤولاً في وطنه مهما كانت الظروف، ولكنني نسيت حقيقة أساسية، وهي أن التبرع بمهمة طائر المنجم يجب أن يحمل معه واقع أنه سيكون أول من يدفع آخر أنفاسه.
أتساءل اليوم، ماذا كان مشروعي السينمائي، وأين أصبح؟
إن أيّ مراقب لأيّ عمل أنجزته يعلم أنني كنت أبحث دون توقف في هذه اللغة السينمائية التي مازلنا، في أيّ مكان من العالم، في أبجدياتها الأولى، فأنا لا أملك فيلمين متشابهين كلغة سينمائية وكتعبير عام، وبالرغم من ذلك فإن لديّ القناعة بأنني لم أبدأ الحديث بعد، فهنالك الكثير الذي لم نكتشفه بعد. وهنالك الرغبة الحقيقية في البحث عن هوية سينمائية عربية ذات خصوصية.
ثلاثون عاماً من تجربة السينما في سوريا، ومازال السينمائي يقاتل من أجل أن يعيش بكرامته (إذا لم يكن موظفاً). ثلاثون عاماً ولا يدري الإنسان فيما إذا كانت ستتاح له فرصة عمل تالية. ثلاثون عاماً ومازال البيروقراطيون وعباقرة التسلق يملكون القرار ومفاتيح الأمور.
إنني أبحث الآن من جديد، وكأنني أبدا اليوم، ولكنني أعلم أن المحيط قد غدا أصغر وأضيق بكثير، وبعد أن كنا نبحث عن صنع قارّة نضع فيها أحلام منطقتنا، غدونا كسينمائيين جزراً مبعثرة بدون تاريخ، وحتماً بدون همّ جماعي.
لقد نجح العفن الخارجي الذي يهيمن على المنطقة العربية في الدخول إلى ما بيننا.
إنني أشك في أن أيّ سينمائي قد اقترب ولو قليلاً من تحقيق معالم مشروعه السينمائي فلقد تداخل الآن البحث عن هوية أو شخصية أو لغة أو حلم مع البحث باستجداء عن تمويل من الخارج أو اقتناص فرصة من الداخل.
تاريخي يحمل تسعة أفلام طويلة، عشرات الأفلام القصيرة، برامج تلفزيونية، كتابات على الرفوف، عشرات الجوائز وأكداس من المقالات النقدية، والمرآة تقول إنني قادر على الإبداع لأربعين سنة أخرى، ولكن كل ذلك يبدو وكأنه ورد على نعش حلم فلقد فاز الآخرون. فاز التخلف الذي يستشري عبر عالمنا العربي. سقطت أفكار العدالة والمساواة وأصبح قانون الغاب أكثر شرعية من أيّ وقت مضى، سقط الجمال الذي كنا نحاول تكريسه وظهر إلى السطح جمال السلع. سقط عمودنا الفقري فغدونا كالحيوانات الهلامية التي تتقولب حول أيّ شيء. سقطت عظمة البحث والجدل والاكتشاف وسادت ثقافة التبعية، فازت النصب المحنطة والأفكار السلفية وخسرت الأرواح.
صحيح أنني واحد من كثيرين سيتابعون، وأنا متفائل، ولكنه تفاؤل من أجل إنقاذ روحي وليس من أجل تغيير العالم. لقد عملت في السابق مقاتلاً من أجل وهم. أما الآن، فأنا أعلم أنه وهم ولكنني لن أتراجع.
ويحضرني هنا بابلو نيرودا:
مثل كلّ حياة عابرة
لعل حياتي قد اختلطت بوهم
سفاكو الدماء قتلوا حلمي
وبمثابة ميراث أخلف جراحي.
كتب نبيل المالح هذه الشهادة في تجربته السينمائية بطلب من الكاتب السوري تيسير خلف، وتنشر هنا للمرة الأولى.