كلماتُ هوميروس الأخيرة
وِشِاحٌ أُرْجُوَانِيٌّ
بِجُيُوبٍ مَلِيَئةٍ بِالْحَصَى
أَعُودُ مِنْ هُنَاكَ
بِالْخُضْرَةِ الَّتِي وَشَّحَتِ الْحِجَارةِ بالضَّوءِ،
بِالْأَسَى،
بِحُطَامِ صَرَخَاتٍ،
وبِالصَّمْت بَعْدَ الْأَنْفَاسِ مَبْهُورَةً وَهَارِبَةً،
بِالزَّبِد وَقَدْ تَلَاشَى،
وَبِاْلخَدَرِ الَّذِي طَافَ عَلَى نُعَاسِ الْمَاءِ،
وبِالْغُرُوبِ
أَعُودُ..
بِحُزْنِ الْعَاصَفِةِ
وَبِالْمَوجَةِ الَّتِي أَجْهَشَتْ.
الصَّرَخَاتُ الَّتِي أَرْسَلَهَا الْغَرْقَى وَصَلَتْ قَبْلَ مَلَابِسِهْم.
لَكِنَّ الْمَراكِبَ لَمْ تَصِلْ.
بِمُخَيِّلَةٍ أَدْمَاهَا حَجَرٌ قَدِيمٌ فِي قَاسيُونْ
أَعُودُ مِنْ تِلْكَ الْجَزِيرَةِ
وَبِقَلْبْ حَطَّمَتْهُ مَرْسَاةٌ ثَقِيلَةْ.
وَبِمَاذَا تُرِيدِينَ أَنْ أَعُودَ إِلَيكِ، يَا صَغِيرَتِي
مِنْ هَذِهِ الْجَزِيرةِ التَائِهَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا لِيسْبُوسْ،
بِحُلْيَةٍ مُزَيَّفَةٍ
أَمْ بِوُشَاحٍ أَفْلَتَ مِنْ كَتِفِ فَتَاةٍ طَفَتْ عَلَى الْمَاءْ؟
سَأَتْرُكُ مَرْكَبِيَ الْجَرِيحَ فِيْ عُهْدَةِ بَحَّارٍ مِنِ كرِيتْ
وَأَمْضِي مَعَ الْغُرُوبِ جِهَةَ الْغَربْ.
أثينا 2017
صَوتْ
خِلْتُنِي أَجْلِسُ فِيْ شَمْسٍ
عِنَد حَائِطٍ
فِيْ جَزِيرَةْ
وَمِنْ وَرَاءِ الْحَائطِ أَسْمَعُ ضَجَّةً أَشْبَهُ بِسُقوطِ أَجْنِحَةٍ
لِأَتَذَكَّرَ مَرَّةً أُخْرَى أَنْ أَقُولَ: لَعَلَّهُ الْخَبَّاُز الْيُوَنَانِيُّ، وَابْنَتُهُ الْكَبِيرَةُ يُزَيِّنَانِ الْكَعْكَةَ
وَيَسْتَغْفِرانْ..
- نِيكُولِيتَا.. نِيكُولِيتَا، مَتَى تُوُفِّيتْ أُمُّكِ؟
مَتَى قَبْلَ الْيَومِ سَمِعْتُ هَذَا الصَّوتْ؟
لندن 2017
كَلِمَاتُ هُومِيرُوسْ الْأَخِيرَةْ
لَا حَرْبَ فِي طُرْوَادَةَ
لَا بَحْرَ وَلَا مَرَاكَبَ وَلَا سَلَالِمَ عَلَى الْأَسْوَارْ،
لاَ حِصَانَ خَشَبِيَّاً، وَلَا جُنُودَاً يَخْتَبِئُون فِي خَشَبِ الْحِصَانْ
سَأَعْتَذِرُ لَكُمْ يَا أَبْطَالِيَ الصَّرْعَى؛
آخِيلُ بِكَعْبِهِ الْمُجَنَّحِ
هِكْتُورْ بِصَدْرِهِ الطُّرْوَادِيُّ الْعَرِيضْ
وَأَنْتَ يَا أَغَامِمْنُونْ بِلِحْيَتِكَ الْبَيْضَاءِ
وَسَيْفِكَ الْمُسْلَطِ عَلَى رِقَابِ الْبَحَّارَةِ الْهَارِبِينَ مِنَ الْمَعْرَكَةْ.
***
لَا حَرْبَ فِي طُرْوَادَةَ
لَا دَمَ وَلَا دُمُوعَ
لَا أَقْوَاسَ نَصْرٍ وَلَا أَطْوَاقَ غَارٍ فِي الرُّؤُوسْ
لَا جُرُوحَ فِي جَثَامِينِ الرِّجَالْ
لَا قَتْلَى
وَلَا قُبُورَ
لَا آسَ عَلَى الْأَسْمَاءِ وَلَا بَاكِيَاتٍ فِي شُرُفَاتِ الْبُكَاءْ.
***
لَا حَرْبَ فِي طُرْوَادَةَ
الْمُرَاهِقُ لَمْ يَقْطِفْ تُفَّاحَةً لِامْرَأَةٍ فِي شُرْفَةٍ
وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ زَوجٌ اسْمُهُ مِينِلَاوسْ
هِيلِنْ وَحْدَهَا، كَانَتْ تَتَشَمَّسُ فِي حَدِيقَةِ هُومِيرُوسْ
وَلِأَجْلِ وِشَاحِهَا الْقُرْمُزِيِّ وَخَدِّهَا الْأَسِيلِ
أَسْلَمَ خَيَالَهُ لِلرِّيحْ
وَأَصَابِعَهُ لِلْأَوتَارْ.
***
لَا حَرْبَ فِي طُرْوَادَةَ
لَا مَرَاكِبَ عَلَى السَّوَاحِلِ، وَلَا جُنُودَ فِي الْمَرَاكِبِ
الْقَمَرُ يَلْهُو فِي الْحُقُولِ، والشَّجَرَةُ تُؤْنِسُ الْحِصَانَ.
لَا حَرْبَ
فِي
طُرْوَادَةْ
الْمُنْشِدُ أَسْلَمَ قِيثَارَتَهُ لِلرِّيحِ
وَاسْتَرَدَّ أَصَابِعَهُ مِنَ الْأَوتَارْ
عُودُوا إِلَى بُيُوتِكُمْ
عَانِقُوا الزَّوجَاتِ الصَّغِيراتِ وَقَبِّلُوا الْأَطْفَالْ
وَتَلَهُّوا بِخَمْرَةِ الْعِيدْ.
لَا حَرْبَ فِي طُرْوَادَةْ.
لندن في 16-09-2017
خُرُوجُ لَيلِيٌّ
فَلْنَخْرُجْ إِذَنْ، المَرَّةَ تِلْوَ أُخْرَى، لِنُعَاكِسَ الْهَواءْ
نَتَمَرَّدُ عَلَى خَفَقَاتِ قُلُوبِنَا،
لِنَبْدُوَ قُسَاةً كَحِجَارَةِ الجبَلْ
وُلِدْنَا فِيْ ظِلالِ صُخُورِهِ الْحَمْرَاءْ
وَتَحَدَّرْنَا مِنْهُ كَشَقَائِقِ النُّعْمَانِ عَلَى حَوَافِّ الْخَطَرْ.
فَلْنَخْرُجْ فِي الْمَسَاءَاتِ الْكَابِيَةِ، لَمَّا تَتَشَقَّقُ الْقِثَاءُ فِيْ قَارِسْ،
وَيَهِيمُ الصَّقِيعُ عَلَى الْأَسْقُفِ وَالْجُدْرَانِ وَنَرَاهُ وَهُوَ يَضْرِبُ رَأْسَهُ بِالنَّوَافِذْ.
لَنْ يُغَرِّدَ طَاِئرٌ فِيْ مَخْبَأٍ،
وَلَنْ يَجْرُؤَ ثَعْلَبُ الْغَابَةِ عَلَى الْوُصولِ إِلَى الْأَبْوَابِ لِنَبْشِ الْأَكْيَاسِ السَّودَاءِ بِنَابِهِ الْمُرْتَجِفِ.
لَكِنَّ الْجَارَ الخَرِفَ الْجَاِلسَ فِيْ شِقِّ السِّتَارةِ
سَيَنْتَظِرُ أَطْوَلَ،
اللَّيلَةَ،
حَدَثَاً يُضِيفُهُ إِلَى ذَاكِرَتِهِ الْمُرْتَعِشَةِ
لِيُمْكِنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْوِيَ إِلَى النَّومْ.
فَلْنَخْرُجْ، إِذَنْ، هَذِهِ الْمَرَّةَ، أَيْضَاً،
وَلْنَمُرَّ بِالْمَدْرَسَةِ الابْتدائِيَّةِ،
هُنَاكَ عِنْدَ بَوَّابَتِهَا الْحَدِيدِيَّةِ الْعِمَلَاقَةِ الْأَشْبَهِ بِبَوَّابةِ سِجْنٍ أُضِيفَتْ إِلَيهَا زَخَارِفُ خَرْقَاءُ، مِرَارَاً انْتَظَرْتُ وَمِرَارَاً قَرَأْتُ الإعْلَانَ الْأُسْبُوعِيَّ عَنْ حَفْلٍ خَيْرِيِّ بِحُضُورِ الْأَهْلِ،
نَعَمْ،
بِحُضُورِ الْأَهْلِ..
لَا دَاعِيَ لِرَبْطَاتِ الْعُنِقِ، سَتُشَارِكُونَ فِي تَنْظِيفِ الْمَكَانْ.
لَنْ أَكُونَ هُنَاكْ. فَكًّرْتُ. أَحَدٌ مَا يَنُوبُ عَنِّيْ.
سَأُضِيفُ أَرْبَعَةَ سُطُورِ إِلَى قَصِيدَتِيَ الْمُسْتَعْصِيَةِ.
لَكِنَّ طِفْلَةً صَغِيرَةً وَصَوْتَهَا يَسْبِقُهَا، قَفْزَاً سَتَهْتِفُ: بَابَا..
مَنْ؟ أَنَا!
نَعَمْ أَنْتَ، أَوَلَسْتَ مَنْ حَمَلَهَا مِنَ الْمِيزَانِ، وَأَعْطَاهَا اسْمَاً،
ثُمَّ نَاوَلَهَا لِلْمُمَرِّضَةِ وَخَرَجَ يَبْحَثُ عَنْ بَارٍ فِيْ صَحْرَاءَ
لِأَجْلِ جُرْعَةٍ قَوِيَّةْ..
- بَابَا،
بَابَا
هَذِهِ لَكْ.
- آه، زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ صَغِيرَةٌ.
أَمَّا أَنْتِ يَا صَغِيرَتِي فَأَنْتِ زَهْرَتِيَ الَّتِي لَنْ تَذْبُلَ أَبَدَاً.
تَذَكَّرتُ يَدِي وَهِيَ تَطُوفُ عَلَى شَقَائِقِ النُّعْمَانِ فِي قَاسْيُون، وَتَحْمِلُهَا إِلَى الصَّيْدَلِيِّ
لِقَاءَ فرَنْكَاتٍ رَائِعَةٍ.
***
كَمِ السَّاعَةُ الْآنَ، كَمْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ الْآنَ؟
سَأَعُودُ مِنَ الطَّرِيقِ نَفْسِهَا، مِنْ وَرَاءِ بُيُوتٍ جَثَمَتْ كَكِلابٍ ضَخْمَةٍ تَحْرُسُ بِنُومِهَا الْفَرَاغَ فِي جِوَارِ أَشْجَارٍ لَفَحَهَا هَوَاءٌ صَامِتٌ.
لندن في 01-10-2017
خَواتِيم
عِنْدَمَا يَخْجَلُ بِكَ الَّذِينَ ابْتَهَجُوا بِكَ فِي أَيَّامِ الضَّوءْ
عِنْدَمَا لَا يَقْوَى أَحَدٌ عَلَى حَمْلِكَ
كَمَا لَو كُنْتَ طِفْلاً كَسِيحَاً
ولا أَحَدَ يُرِيدُهُ،
سأَهْرَعُ إِلَيكَ
وأتلمَّسكُ بيديَّ
كَمَا لَوْ كُنْتُ أَعْمَى ويُرِيدُ أَنْ يُبْصِرَ.
أَيُّهَا البَيْرَقُ المُبَلَّلُ بِدَمِ الْحُرِّيَةْ.
لندن 2017
أنشودة آية
أَعُودُ مِنْ رِحْلَتِي عَلَى طَرِيقٍ أَخَذَتْنِي، الطَّرِيقُ الأَشْوَاكُ
لَكِنَّنِي مُنْتَصِرٌ
وَفِي رَاحَتِي
حَبُّةُ الرَّمْلِ تَتَلَأْلَأُ
صَدْرِي فَرَاغٌ خَافِقٌ؛ أَبَدٌ شَجِيٌّ مَاهِرٌ.
الْأَحْمقُ يَتَلَقَّفُ الْعِظَةَ.
وَأَنَا أَعُودُ مِنْ مَسَائِيَ إِلَى الشَّمْسِ فِي نَافِذَتِيْ
وصَبَاحٍ تَرَكْتُهُ يَتَقَلَّبُ فِي سَرِيرِ لَيَلةٍ مَضَتْ..
هُنَا ذَاتَ صَيفٍ
رَأَيتُ يَدَ الطِّفْلةِ فِي يَدِيْ
وَبِبَابِ الْمَدْرَسَةِ، سَمِعْتُ صَيْحَاتٍ
تَتَرَجَّعُ فِي شَمْسٍ
خَفِيَفةِ الْوَطْء
وَرَأَيْتُ السُّورَ مُهْتَاجَاً يَتَلَقَّى الدَّرَّاجَةَ الصَّغِيرَةْ..
يَا لِي مِنْ مُوِسرٍ، وثَرَائِيَ فَاحِشٌ.
الْخِرَافُ الَّتِي رَسَمْتُ لهَا وصَوَّرْتُ،
وَثَغَوتُ
حَتَّى تَقَبَّلَتْنِيْ،
اْلخِرَافُ، بِقُرُونِهَا اللَّبَنِيَّةِ، وَأَسْنَانِهَا الطَّاقَّةِ كَقَبَاقِيبَ دِمَشْقِيَّةٍ،
أَكَلَهَا الذِّئْبُ.
قُلْتُ لَهَا، تَلْعَبِينَ بِاْلمَعْجُونِ، وَأَلْعَبُ بِالْكَلِمَاتِ،
وَفِي أَعْلَى السُّلَّمِ نَنْعَسُ وَنَنَامْ.
لندن في 13-05-2007
زِقَاقٌ فِي الْبُنْدُقِيَّةْ
أَخْرُجُ مِنْ صُورَةٍ وأَتَوَارَى فِي صُورَةٍ
وَمِنْ زُقَاقٍ إِلَى زُقَاقٍ
أَهْرَعُ
بِظِلِّي..
وَفِي النُّورِ الْبَاهِتِ
فِي سَدِيمٍ رُخَامِيٍّ فِي آخِرِ الْمَرْأَى
أَرَى ظِلِّيَ مُسَجَّىً
يَتَرَجَّفُ
عَلَى بَلَاطَاتٍ قَدِيمَةٍ
وَوَجْهِيَ يَومَ كُنْتُ صَبِيَّاً
أَرَاهْ.
لَكِنَّنِي الآنَ
هُنَا
فِي الْبُنْدُقِيَّةِ
سَرَابٌ فِي زُقَاقِ
وَهَجٍ مُشْتَعِلْ.
فينيسيا، يوليو 2017
السَّائِحُ فِي اللَّيلِ
مَنْ عَمَّرَ هَذِهِ الْأَقْوَاسَ،
وَالظِّلَالَ
وشادَ الْمَتَاهَةَ
أَيُّ لُعْبَةٍ
وَأَيُّ مَصِيرٍ!
وَفِي الْمَسَاءِ
لَمَّا أَعُودُ
مَرِحَاً وَحَزِينَاً
إِلَى غُرْفَةٍ صَغِيرَةٍ
عَلَى نَهْرٍ صَامِتٍ،
كَيفَ لِمَصِيري أنْ يُسْعِفَنِي
أَنَا السَّائِحُ فِي الْأَرْضِ.
لَعَلْي فِي هَذِهِ الْحُلْكَةِ
هَبَّةُ هَوَاءٍ فِي مَتَاهَةٍ عَمْيَاءْ.
فينيسيا 2017
كَأْسُ الْمُوسِيقَى
(آيَةُ وَأَنَا وَالبَوَّابَاتُ السَّبْعُ)
ضَجَّةٌ فِي الْحَدِيقَةِ،
فِي مُخَيِّلِةِ السَّامِعِ، رَآنِي وَتَبَسَّمَ
وَرَآنِي
وَظَنَّ أَنِّي...
بَلَغْتُ الْبَابَ السَّابِعَ
وَوَطَأْتُ الْعَتَبَةَ
وَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ
هَلْ أُشْبِه نَفْسِيْ؟
هَلْ أُشْبِهُ مَنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ أَكُونْ
لَوْ
لَمْ
أَتَجَرَّعْ
تِلْكَ الْكَأسْ
وَلَوْ أطَلَّتِ امْرَأَةٌ
بَعْدَ بُرْهَةٍ
هَلْ أَقُولُ إِنَّنِي شَخْصٌ آخَرَ
وَصَلَ لِلتَّوِ،
وَهَا هُوَ يَطْرُقُ الْبَابْ؟
***
مِنْ غَيرِ مَا مَوعِدٍ، طَلَعَتْ هَذِهِ الزُّهَيرَةِ
فِي تُرابِ نَافِذَتِيْ،
الْبَنَفْسَجِيَّةِ، كَأَنَّهَا أُخْتُ الْمَوتِ
وَمَرَّاتٍ حَبِيبَتُهُ..
هَلٍ سَمَعَ اللَّيلُ خُطْوَتِيْ
بِالْبَابْ
وَالظِّلُ الْحَائِرُ،
هَلْ تَكَسَّرَ وَرَائِيَ،
وَانْتَشَرْ،
هَلْ تَكَسَّرَ فِي وَرَاءٍ، وارْتَجَّ، هَلْ تَخَطَّفَ، هَلْ تَمَدَّدَ، هَلْ صَارَ أَطْوَلْ؟
الْمُفْتَاحُ الَّذِي سَقَطَ
وَلَمَعَ
فِي
ضَوْءٍ غِرِيبٍ،
سَقَطَ
وَشَوَّشَ الْهَوَاءَ
الزَّهْرةُ،
فِي الرُّخَامِ
أَبْصَرَتِ
الظِّلَّ.
لندن 2007
الْمُسْتَلْقِي فِي أَرِيْكَةِ نَهَارٍ بَارِدْ
I
أَفْتَحُ بَابَاً وَأَجْمَعُ حُطَامِيَ فِي كِيسٍ مُلَوَّنْ،
وَأَتْرُكُهُ
وَرَاءَ
بَابٍ..
هُنَا كُنْتُ أَتَلَهَّى قَبْلَ أَنْ أَدْفَعَ النَّافِذَةَ
وَأُعِيدُ إِلَى الْهَوَاءِ
نَسْمَتَهُ
الْجَانِحَةُ.
فِي
أَصِيلْ
قَبْلَ أَنْ أًوصِدَ النَّافِذَةَ، وَأَتَمَدَّدَ فِي صَيفٍ مَضَى..
وَفِي غَفْلَةٍ مِنْ نَومِي
أَفْتَحُ
نَافِذَةً
عَلَى صِيفٍ أَقْدَمَ
وَأَهِبُ الْجَالِسَ مَا خبَّأتْ نَظْرَتِي فِي تُرَابِ الْحَدِيقَةْ.
لَا صَبْرَ يُنْقِذُنِي
مِمَّا
خَطَر
هُنَا
وَلَا مِمَّا خَطَرَ هُنَاكَ فِي أَنْحَاءٍ هَامَتْ عَلَى لَيلٍ أَطْوَلَ.
II
لَمَسْتُ يَدَ النَّهَارِ مَلْسَاءَ بَارِدَةً،
الدُّمْيَةُ الْمَعْدَنِيَّةُ،
يَدُهُ،
لَكِنَّ عَينَيهُ نَظَرَتَانِي بِأَسَى،
وَخِلْتُ أَنِّي رِأَيْتُ
نَفْسِيْ،
وَمَرَّاتٍ تَخَطَّفْتُ فِي وَهْمِي خَفِيفَاً كَفَرَاشَةٍ سَودَاءْ.
وَفِي الْمِرْآة، مَرَّاتٍ، لَمَّا نَزَلْتُ عَلَى دَرَجٍ فَارِهٍ، عَيْنَاهُ نَظَرَتَانِيَ بِمَرَحٍ حَجَرِيٍّ
فِكْرَةٌ مُضِيئَةٌ ثَقَبَتْ رَاحَتِيْ.
وَالآنَ أَصْحُو أَبْكَرَ وأَسْمَعُ خُطُوَاتِيَ
وَرَاءَ بَابِ
نُزْهَةِ مَنْ يُزَجِّيَ وَقْتَاً
رَيْثَمَا
تَصِلُ عَرَبَةٌ بِحِصَانٍ
وَتَعُودُ بِهِ.
III
رِيفٌ فِي قِيَامَةٍ
رَيْثَمَا يَتَّفِقُ لِمَنْ كَانَ هُنَا وَظَلَّ هُنَا طَوِيلَاً،
أَنْ لَا شَيءَ أَمْتَعُ،
مِنْ هَذَا الْبَقاءِ،
بِلَا أَيِّ خَبَرٍ،
عَنْكَ
عَنْ أَيِّ شَيءٍ.
يَدِي فِي يَدِكِ شَمْسٌ وَحَدِيقَةْ.
حديقةُ الأَصواتْ
أَسْمَعُ الْأَجْرَاسَ
تَضُجُّ
فِي أَشْجَارِكَ
النَّبَاتَاتُ الصَّغِيرةُ تَرْتَعِشُ
وَالْهَوَاءُ الْبَارِدُ
يَهُبُّ
عَلَى الْأَزْهَارِ
وَيُوَشِّحُهَا بِالرَّمَادْ.
***
يَا لهَا مِنْ غُيُومٍ
لِمَا يُعْتِمُ الْقَلْبَ
وَيَتَوَحَّشُ
وَلَا يُبْقِى فِي الصُّورةِ
سِوَى حُطَامِ أَلْوَانٍ؛
إِطَارٍ فَارِغٍ يَلْهُو فِيهِ نَهَارٌ مَجْنُونْ.
***
وَفِي ضَجِيجُ الدُّكْنَةِ، وَحَيْثُمَا تَخَطَّفَ هَوَاءٌ بِصَيْحَةِ طَاِئرٍ
وَتَلَاشَى كُلُّ صَوْتٍ،
هُوَ ذَا تُرَابٌ أَسْوَدُ طَرِيٌّ يَتَلَقَّى رَعْشَةَ الْوَرَقَةِ الصَّفْرَاءْ.
***
أَهُوَ ظِلٌّ ذَاكَ الَّذِي تَخَطَّفَ فِي غَبَشٍ
وَتَوَارَى بِكْ.
يَا لَهَا مِنْ بَهْجَةٍ غَائِمَةٍ
فِي نَهَارٍ غَائِمْ.
***
شَجَرَةٌ صَغِيرةٌ خَائِفَةٌ
فِي حَديقَةٍ صَامِتَةْ.
لندن في 30-8-2017
ترنيمة
كُنْ وَحِيْدَاً
لِيَكُونَ الْبَحْرُ خَالِقَكَ الْوَحِيدْ
وَيَتِيمَاً كُنْ،
فَأَنْتَ الْبَحْرُ
وَالْمَرْكَبُ
وَالرُّبّانُ
وَالْأُفُقُ الْبَعِيدْ.
كُنْ وَحِيْدَاً
مِثْلَمَا كُنْتَ وَحِيْداً فِي تُرابِ الْمَهدِ
أَوْ فِي صَرْخَةِ الزَّمَنِ الْجَديدْ.
لندن 2017
النُّزُولُ مِنْ قَلْعَةٍ فِي مَالَقَةْ
إِلَى عَاصِمْ
كَانِتِ الْأَرْضُ شَارِدَةً
مَعِ الرِّيحِ
وَمُقْبِلَةً
مِثْلَ غَيْمَةٍ عَلَى حِصَانْ..
عِنْدَمَا نَزَلْنَا وَرَأَيْنَا الْغُرُوبَ يَمْرَحُ فِي السَّهْلْ..
وَبَيْنَ حَفِيفِ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ،
وَبُكَاءِ الْحَصَى فِي النَّهرِ
كَانَ الشُّعَاعُ يَنْتَفِضُ
وَشَظَايَا الضَّوْءِ تَتَسَاقَطْ.
الْحِصَانُ أَشْعَلَ بِقَوَائِمِهِ نُجُومَ النَّهْرِ
وَالْمَوتُ يَحْرُسُ الْمَغِيبْ.
كُنْتَ رَاجِعَاً مِنْ طَلَلٍ فِي مَدِينَةٍ
وَكُنْتُ فِي أَمْسِ الطَّرِيقِ إِلَى دِمَشْق
وَفِي الْمَسَافَةِ بَيْنَ سَرَابَيْنِ
تَرَكْنَا الْمَسَاءَ يَلْهُو فِي أُرْجُوحَةٍ
وَنَزَلْنَا مِنْ قَلْعَةٍ يَحْرُسُهَا هَواءٌ طَائِشُ
وَفِتْيَانٌ بِابْتِسَامَات فَاتِنَةٍ؛
أَنْدَلُسِيُّونَ
قَلَّبَهُمُ الزَّمَنَ فِي التُّرَابِ مَعَ الَّلآلِئ.
وَفِي وَاقِعَةٍ أُخْرَى
كَانَتِ الشَّمْسُ تَتَمَرَّغُ فِي خُضْرَةِ الْحَصَى
والنَّهْرُ يَهِيمُ بِعُرْفِ الْحِصَانْ.
غرناطة-لندن 2017
مُحَمَّد
كَمْ عَامٍ مَرَّ وَأَنَا، وَحِيْداً، أَقِفُ فِي الْمِرْآةِ
وَأَرَاكَ مَعِي
فِي أَرِيْكَةٍ
وَفِي جِوَارِنَا الصَّامِتِ صِحَافٌ مِنْ فِضَّةٍ.
يَدُكَ مَضْمُومَةٌ عَلَى خَاتَمٍ
وَالضَّوْءُ
يَثْقُبُ غَيْبَ يَدِكْ.
لندن 2016
جَالِسٌ فِي جِوَارِ ابْنَتِي
كُلَّمَا سَقَطَ عَابِرٌ عِنْدَ شَارَةٍ
أَوْ فِي جِوَارِ مَحَطَّةٍ
سَقَطَتْ وَرَقَةٌ خَضْرَاءَ مِنْ شَجَرَةٍ فِي غَابَةٍ بَعِيدةٍ،
تِلْكَ حِكَايَةٌ رُوِيَتْ لِي
يَومَ كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْمَدْرَسَةِ
فِي صَقِيعِ دِمِشْقَ
بِحَقِيبَةٍ بَارِدَةٍ
وَقَلَمِ رَصَاصٍ
وَدَفْتَرٍ
فِي غِلَافِهِ مُسْتَطِيلٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَلْوَانٍ؛
خِرْقَةٌ حَمْرَاءُ يِتَكَدَّسُ تَحْتَهَا، الْآنَ، آلَافُ الْقَتْلَى.
***
أُفَكِّرُ بِالزَّهْرَةِ الَّتِي جَفَّتْ
وَلَمْ تَسْقُطْ.
بِأَشْوَاكِ الْعَطَشِ فِي حَلْقِ الصَّبِيِّ
قَبْلَ كَأْسِ الْمَاءْ.
وَأُفَكِّرُ
بِالْمُرَاهِقَةِ ابْنَتِي
تَجْلِسُ فِي جِوَارِي وَوَجْهُهَا الْفَتِيُّ يَمْلأُ شَاشَةَ الْكُمبْيُوتر
يَفَاعَتها أَقْوَى مِنِ حِكْمَتِي.
وَعِنْدَمَا نَتَسَابَقُ فِي أَيَّامِ الثَّلْجِ
لِي جُثْمَانُ رَجُل أَخْطَأَهُ سَهْمُ الْمَوتِ، وَنَبْرَةُ صَبِيٍّ تَرَكْتُ فِي دِمَشقْ.
لندن 2018-05
فِي تَذَكُّر شَاعِرٍ
مَا أَبْعَدَ الطَّرِيقُ إِلَى دِمَشْق.
أَعْمَالُ الْمَسُوخْ
مَا مِنْ مَخْلُوقٍ رَأَى حُزْنَ الشَّجَرَةِ
إلَّا وَحَمَلَ النَّارَ بِعِيْدَاً عَنِ الْغَابَةِ.
لَكِنَّ أَشْبَاحَاً
وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ فِي جِرَارٍ قاتِمَةٍ
نَزَلُوا إِلَى الْمُدِنِ
وَأَضْرَمُوا النَّارَ فِي الْأَسِرَّةِ.
مُسُوخٌ بِعُيُونٍ ابْيَضَّتْ
كَانُوا حَطَّابِينَ فِي جِبَالٍ عَالِيَةٍ
مَلَأُوا الحَاوِيَاتِ بِنُشَارَةِ الْحَدِيدِ وَكُسُورِ الزُّجَاجِ
وَدَحْرَجُوهَا
مِنْ قِمَمٍ جَرْدَاءَ.
وفِي الْأَعْصَارٍ، فِي أَوْقَاتِ الْقَيْلُولَةِ
لَمَّا تَسْتَرْخِيَ الْأَرْضُ وَتَمْرَحُ النَّسَائِمُ فِي جَنَبَاتِ الْحُقُولْ
يَطُوفُونَ بَأَحْذِيَتِهِمِ الْمُوحِلَةِ جَنَبَاتِ السَّمَاءِ
وَيَجُزُّونَ الْغُيُومَ بِالْمَنَاجِلِ
ثُمَّ يَجْمَعُونَهَا، هِيَ وَالْجَمَاجِمَ، تَحْتَ الْمَطَارِقِ فِي قُبُورٍ تَرْتَجِفُ.
مَا مِنْ مَخْلُوقٍ مَرَّ مِنْ هُنَا إِلَّا وَسَمِعَ بُكَاءَ الْأَسِرَّةِ،
وَنَشِيجَ الْمَلَابِسِ،
وَهَمْسَ الْأَشْبَاحْ.
لندن 2017
احْتِفَالٌ بَهِيمِيٌّ فِي سُوقٍ دِمَشْقِيٍّ
(مَقْطَعْ مِنْ قَصِيدَةْ)
فَلْنَمْضِ، إِذَنْ، أَنَا وَأَنْتَ فِي هَذَا الْمَسَاءِ الدِّمَشْقِيِّ
شَبَحَانِ غَرِيبَانِ،
يَهْبِطَانِ الْجَبَلَ؛
يَدَاً بِيَدٍ
وَيَهِيمَانِ فِي الْمَدِينَةِ؛
هَابِيلٌ الَّذَي قُتِلَ وقَابِيلٌ الَّذِي قَتَلَ،
وَفِي سُوقِ الْحَمِيدِيَّةِ
حَيْثُ يَتَدَلَّى الضَّوءُ مَعَ الْمَلَابِسِ بِأَبْوابِ حَوانِيتَ كَئِيبَةٍ،
وتَفِرُّ الْحَمَائِمُ بِأَجْنِحَتِهَا الْمُلَطَّخَةِ بِالسُّخَامِ،
وَتَغِلُ
فِي الضَّوءِ الْكَابِي،
فَلْنَقِفْ هُنَاكَ وَنَتَفَرَّجُ، كَمَا لَوْ كُنَّا سُيَّاحَاً عَاِبرِينَ
وَلَمْ نَكُنْ يَوْمَاً أَطْفَالَ هَذِهِ الْمَدِيْنَةِ
وَلَا أَبْنَاءً لِآَبَاءٍ دُفِنُوا فِي تُرَابِهَا الْأَسِيرْ.
وَفِي مَدَاخِلِ الْحَوُانِيتِ، عِنْدَ الْأَغْلَاقِ الَّتِي ضَجَّتْ،
وَالْأَقْفَالِ الَّتِي رَمَتْهَا الْأَيْدِي، سَرِيعَاً، عَلَى الْأَغْلَاقِ
قَبْلَ أَنْ يَلُوذَ أَصْحَابُهَا بِالظِّلَالْ..
جُنُودٌ، بِأَسْلِحَةٍ أُتُومَاتِيكِيَّةٍ، سَيَصِلُونَ فِي عَرَبَاتٍ مُرَقَّطَةٍ تَغُصُّ بِالْأَعْلَامِ؛
وَعَلَى أَذْرُعِهِمْ شَارَاتُ الْحَرَسِ الْجُمْهُورِيِّ..
يَتَرَجَّلُونَ بِأَقْدَامٍ مُلَطَّخَةٍ بِالدَّمِ وَالْوَحْلِ
وَيَتَقَدَّمُهُم فَتىً بِرَأْسٍ مَقْطُوعٍ،
وَمِنْ وَرَائِهِ فَقِيهٌ بِعَمَامَةٍ سَوْدَاءَ
قَالَ إِنَّهُ مَازَالَ يَمِشِي إِلَى دِمِشْقَ مُنْذُ 1500 عَامٍ
نَازِلاً
مِنْ كَرْبَلَاءْ،
وَفِي يَدَيْهِ هَذَا الرَّأْسُ النَّازِفْ.
وَفِي الْمَوْكِبِ،
مِنَ الْوَرَاءِ،
عُصَبٌ بِصُدُورٍ مُبْهَمَةٍ
لَهُمْ رُؤُوسُ أَبْقَارٍ
وَيَنَابِيعُ الدَّمِ تَفُورُ فِي رُؤُوسِهِمُ الْمُجَرَّحَةِ بِالسَّكَاكِينِ
عَلَى مَرْأَى مِنْ دِمَشْقِييِّنَ مَبْهُوتِينَ لَهُمْ عُيُونٌ زَاغَتْ فِي جَمَاجِمَ هَرَبَ مِنْ مَحَاجِرِهَا الضَّوْءُ
وَتَقَهْقَرَتْ فِي ظُلُمَاتِهَا صُوَرٌ وَذِكْرَيَاتٌ عَنْ أَيَّامٍ أُخَرْ..
مَنْ هَؤُلَاءِ يَلْطُمُونَ صُدُورَهُمُ بِالْأَكُفِّ،
وَيَجْلِدُونَ ظُهُورَهُمُ بِالسَّلَاسِلِ،
قَالَ صَبِيٌّ،
...
وَهَلْ نَحْنُ فِي مَنَامٍ حَالِكٍ،
أَمْ فِي مَدِينَةٍ خَرَجَتْ مِنْ كِتَابٍ مُمَزِّقٍ؟
فَلْنَمْضِ، إِذَنْ، أَنَا وَأنْتَ.. أَنَا وَأَنْتَ، كَمَا يَمْضِي تَابُوتٌ عَلَى صَفْحَةِ نَهْرٍ،
عَلَى ضِفَافٍ اقْتُلِعَتْ مِنَ الْمَجْرَى،
وَطَافَ بِهَا الْهَشِيمْ.
لندن 2018