كلّ المنازل تُشبهه
تبديلُ المنازل راحة، وتبديل كلّ شيء آخر، محاولة لتقليد المنازل؛ كلُّ مكان هو منزل الإنسان، وكلُّ منزلٍ لا تُفتح نوافذه على الشّمس، يُبدّل. يقولون أيضًا: لن تُبدّل صاحبك إلّا بمن هو أسوأ منه. لحثّنا على التمسّك بهم. لكنّهم منازلنا الحقيقية، وهم أجدرُ بالتّبديل، لنقصٍ في الهواء، والسّكينة والشمس؛ كلُّ شيء يمكن قبوله من الإنسان إلا الرّطوبة، أو الجفاف، أو ضيق النّفس والسّقف الواطئ.
الانسانُ مثل البيت، يجب أن يكون له ثلاثِ واجهات أو أربع، على الشمس، مع نوافذ في كلّ ركن؛ وأبوابٍ متينة. ولأنّه لم يوجد بعد؛ عليّ أن أبني بيتي بيديّ، على قطعة أرضٍ مثالية، وهُم لا يوفّرون هذه الخاصية؛ لا أرض نبني عليها، أو لا خرائط تقود إليها، ولا بنّائين يرتجلونها.
نُكدّس كلَّ شيء، وننتقلُ إلى أقرب المنازل، إلى المنزل، الذي في البال. ثم تكبُر عيوبه، وتختنق جدرانه بالرّوائح. حينها نجرُّ أثاثنا، الذي تُغطيه كدمات الانتقال المتكرّر، إلى منزل آخر..
وينتهي العمر قبل أن يحتوينا منزلنا، الذي نظنُّ أنه هناك في مكان ما؛ ويكفي أن نجد طريقنا إليه.
المنزلُ الأوّل
كان الدَّرجُ ضيقًا وعاليًا؛ وكنت أخشى النُّزول منه أكثر من الصُّعود.
مثل العمياء داخله؛ كنتُ أتوه: غرٌف بحجم العلب، وممرّاتٌ طويلة السّاقين؛ عليك أن تقفز لتصل.
مع ذلك لن تلحق الغرفة، التي تبغي، لأنّك عالق في أخرى.
المنزلُ الثاني
بيتُ رعبٍ، يصمتُ برهةً طويلة، ثم فجأة ينفجر بالصّراخ، ويقعُ قلبك.
تخافُ أن تنام فيه، لأنّ الكوابيس تملك البيت وأحلامه. تخشى أن تأكل، وتشعرُ كأنّ حنجرتك تعجُّ بالدود، كلما فتحت فمك، وأنت في زاوية منه.
المنزلُ الثالث
من الخارج يشبهُ الكوخ، من الداخل شقّة دافئة. تقتحمهُ الرّيح بيُسر، فترخي النّوافذ قبضتها. إنّه أشبهُ بالعراء؛ كلُّ شيء مفتوح، إلّا الأيدي.
قلبه بلا جدران، لا تعرف متى تكون داخله ومتى تكون خارجا.
المنزل الرابع
بلا سقف.
المنزلُ الخامس
بلا أبواب.
المنزلُ السّادس
بلا جدران.
المنزلُ السّابع
زواره مقيمون، ومقيموه زوار.
المنزلُ الثّامن
لا ينام.
المنزلُ التّاسع
كل المنازل بعده تشبهه، ولا أحد منها يصلح للسكن.